الخليج المتخم بالغباء

عبدالملك سام
لا شيء يتغير في الموقف العربي المزري، إسرائيل مستمرة في انتشارها السرطاني في فلسطين، إسرائيل مستمرة في تطوير أسلحتها وقبتها الحديدية، إسرائيل مستمرة في التآمر والسخرية من العرب والمسلمين، بينما يظل الموقف كما هو بالنسبة للعرب الذين يزدادون ضعفا وبلادة.
وحده محور المقاومة خرج عن هذا الإطار الذي وضع العرب أنفسهم فيه، ووفق المثل “إذا أردت السلام فاحمل السلاح” اتجه هؤلاء القلة نحو تقوية أنفسهم لحماية أنفسهم من الانهزام العربي أمام البلطجة الأمريكية والإسرائيلية، وبدلاً من أن يقف العرب موقف المتفرج من باب “واحنا مالنا” اتخذوا خطوات تنم عن الغباء القاتل وانخرطوا في مواجهة هذه القوى التحررية والتي في حال انتصرت كانت ستوفر عليهم عناء مواجهة أكبر خطر يتهدد وجودهم.
ماذا كان سيحدث للدول الأخرى لو أنها قالت لأمريكا إنها لن تتدخل ولتواجه أمريكا من أرادت؟، ألم تكن قد وفرت على نفسها مئات المليارات من التي دفعتها من خزينتها والتي أثقلت كاهل اقتصادها والذي بات في وضع صعب للغاية؟، ألم يكن من الممكن ان يقولوا للإيرانيين أنه لا دخل لهم بإسرائيل وأنها حرة لتفعل بها ما تشاء ويجلسون على كراسيهم ويكتفون بالمشاهدة؟، لماذا رفضوا على الأقل أن يكونوا جبناء وقبلوا أن يكونوا خونة؟، كانوا سيوفرون على أنفسهم تلك الأموال الطائلة التي أنفقوها وذلك المجهود الكبير الذي بذلوه مكرهين ولما أصبحت سمعتهم تصل إلى الحضيض كما هم اليوم عليه، وكانت نتيجة الصراع بين محور (المغامرين) كما يسمونهم وإسرائيل ستكون في مصلحتهم بالتأكيد لأن كليهما سينهك نفسه مع الآخر فيأتون بعدها ليفرضوا ما شاءوا من شروط على الطرفين.
إنه الغباء الذي رافقه سخط الله وعباده، فأصبحوا مثل فقير اليهود لا دنيا ولا آخرة، كان من الممكن ان يتخلصوا من جميع مشاكلهم بموقف السكوت الذي أجادوه لفترة طويلة، وكانوا سيجنون موقع الرئاسة وتنعم بلادهم بثرواتها ويتخلصون من كل المناوئين لهم بموقف السكوت فقط، كان بإمكانهم أن يعتذروا لأمريكا بأنهم جبناء وضعاف ولن يتدخلوا في أيّ صراع ويتركوها لتتجرع أزمتها الاقتصادية وصراعها المرير مع القوى الأخرى التي بدأت تزيح أمريكا شيئا فشيئا كقطب أوحد في العالم، كان بإمكانهم أن يتفرجوا فقط على محور المقاومة وإسرائيل وهما ينهكان نفسيهما بالصراع بينما هم يزدادون مالاً ونفوذاً على حساب جميع الأطراف.. إنه الغباء، اليوم ماذا يحدث نتيجة سياسة الغباء التي انتهجها هؤلاء؟.
إنهم واقعون بين مطرقة الضغط الأمريكي عليهم وسندان سخط شعوبهم وأبناء جلدتهم، اسأل أي إنسان في العالم ما رأيه في حكام الخليج؟، العالم كله كان يراهم كيساً من المال، أما اليوم فإنهم أصبحوا قتلة وحمقى وحقراء وكيساً من المال بالإضافة إلى أن العالم كله بات يطالب برؤوسهم، ماذا جنى هؤلاء المغفلون؟، هل ازدادوا ثراء؟ بالطبع لا.. هل استقرت الأوضاع في بلدانهم؟ من الواضح لا.. هل ازدادوا نفوذا وسلطة؟ مؤكد لا.. إذاً ما الفائدة التي جنوها؟، ولماذا يصرون على الاستمرار في طريق لن تكون نهايته بالتأكيد لمصلحتهم؟.
في الواقع إن من يحكمون في هذه البلدان لا فرق بينهم وبين الدواب، فرغم الإمكانات الضخمة التي يمتلكونها إلا أنهم يعانون من خلل عقلي كبير أصبح يمثل خطرا عليهم هم.. لقد باتوا كمن أحرق بيته بنفسه وهو الآن يقف ليتفرج بغباء حتى ينتهي كل شيء، أضاعوا أنفسهم بأيديهم.. محور المقاومة يزداد قوة وبات من المؤكد أنه لن يتوقف حتى يقطع اليد الأمريكية في المنطقة، وبالتأكيد سيلتفت بعد ذلك لمن طعنوه في الظهر ولن يكون لأحد منهم مبرر لما ارتكبه من جرائم في حق الشعوب العربية والإسلامية، سترحل أمريكا لتتركهم يواجهون مصيرهم المخزي والعادل.. وإن غداً لناظره قريب.

قد يعجبك ايضا