عبدالله العولقي
ما حدث ويحدث في مدينة عدن بعد ما يسمى بـ “التحرير” خطورته أعمق، فتدمير اليوم شمل جوانب مختلفة، وتعددت صوره القبيحة، فقد مس القيم الناصعة والتاريخية والتراثية لعدن، ليس هذا فحسب بل أثر على جيل الشباب من أبناء عدن وعمد إلى تغيير الأفكار والأخلاق السليمة لضعاف النفوس منهم، لتحل محلها افكار خاطئة تتنافى مع القيم الاخلاقية والدينية، والتي دفعت ببعض الشباب إلى مسرح الجريمة، وارتكاب جرائم بشعة كان آخرها جريمة قتل بشعة تعرض لها الشاب جلال خالد من قبل شباب صغار السن، تحت تأثير الحبوب المخدرة، والتي وجدت عدن سوقاً رائجاً لها في الأونة الأخيرة.
لقد استقطبت الأجهزة الأمنية أعداداً كبيرة من شباب عدن والمحافظات الجنوبية في تشكيلاتها العسكرية المختلفة، وفاقت تلك القوات الأمنية ما كانت عليه القوى الأمنية قبل الحرب بأضعاف مضاعفة، ومع ذلك لم تقم بدورها المطلوب في حفظ الأمن وتثبيت الاستقرار في عدن، فلا زالت الاضطرابات الأمنية سائدة والمظاهر المسلحة حاضرة في جميع الاسواق والشوارع، واطلاق الاعيرة النارية تمثل السمة الرئيسية التي تميز سماء عدن، فقد قصّرت الأجهزة الأمنية بواجباتها ولم تقم بالحماية الكافية لعقارات الدولة، وصون المواقع الأثرية والتاريخية من عبث العابثين، ومنع البسط على أراضي الدولة وبعض الأراضي الخاصة، ذلك البسط والبناء العشوائي، الذي جرى ويجري على قدم وساق في جميع مناطق محافظة عدن والذي تسبب بنشوب بعض المواجهات المسلحة وخلف بعض الضحايا، وشوه التخطيط الحضري للمدن والاحياء السكنية وخدش القيمة الجمالية لمدينة عدن، فاستبدل إنشاء شوارع وطرقات واسعة ومنتظمة، بإنشاء أزقة ضيقة كثيرة المنعطفات!.
كما أن التراخي الأمني شجع ضعاف النفوس على التطاول الوقح على معالم عدن الأثرية والتاريخية ومحاولة طمسها وتشويهها، إما بالبناء في محيطها وداخل حرمها، أو بالبسط عليها وتحويلها إلى ملكية خاصة، حتى بلغ الأمر أقصى ما يمكن أن يتصوره العقل حين استولى البعض على أشهر متاحف عدن، المتحف الحربي في كريتر، يا له من تصرف قبيح ومقزز يثير السخط من جرأة التفكير المريض الذي وصل إليه البعض، وتجاوز الحدّ الذي لا يطاق تخيله.
مما لا شك فيه أن عدن باتت تشهد فراغاً أمنياً بل هو شرخ أمني عميق أفرزه الانقسام الحاصل بين تلك القوى الأمنية والذي أنتج ازدواجية في أداء المهام، وعدم تنسيق فيما بينها، بل خلق ايضاً تعارضاً ومشاحنات بين القوى الأمنية المتعددة الاتجاهات والألوان.
قد يعجبك ايضا