مشاهد الدمار والدماء وتأثيرها على الأطفال

صور الحرب والدماء والدمار التي يشاهدها الأطفال أو يتعرضون لها ويشاهدونها في حياتهم اليومية باتت تنذر بكارثة كبيرة على شريحة الأطفال وتنتج جيلا عنيفا يحمل في جوهره الكثير من الأفكار المظلمة التي سقتهم إياها الأيام في ثنايا الحروب والصراعات ..
أطباء نفسيون وعلماء أفنوا الكثير من أعمارهم في تقديم البحوث حول العنف عند الأطفال وما هي مشاكله وحلوله .. كتب وأبحاث .. دراسات وصحف عدة ندوات ومحاضرات وتوعيات للأسر والأمهات كثير من الأعمال التي اجتهدوا فيها لكنها سرعان ما انهارت مع مشاهد الحرب والقتل والدمار في كل أرجاء الوطن العربي وتلاشت كل وسائل التربية والتعليم التي كرست الأمهات والأسر والأهل والمجتمع أعمارهم في تقديمها للطفل وترك الطفل كل شيء ورائه وبات العنف والحرب والدمار هو الثقافة التي يستمد منها الطفل مستقبله ولم تستطع الأمهات والأطباء الهروب بالأطفال من الواقع الأليم الذي يعيشونه بل تبدد كل ذلك تحت وطأة الحرب وأدوات القتل الدمار ..
الاسرة / خاص

إنها الحرب التي قضت على حاضر الأطفال ومستقبلهم ولم تترك شيئاً إلا وأتت عليه ولكن الأخطر هو ثقافة الطفل التي يستمدها مما يتعرض له يوميا من الخوف والرعب في زمن الحرب.
تقول أم محمد أنها قضت سنين حياتها تربي وتغرس في أطفالها القيم والرحمة والإخاء والأخلاق الحسنة وأنها ما زالت مستمرة في ذلك لكن سرعان ما تبدد حلمها في جعل أطفالها مثاليين فهم يميلون إلى العراك والصياح مع كل من اعترضهم وأنها غالبا ما تجدهم يخبئون الأدوات الحادة والسكاكين والسلاسل التي يستخدمونها أثناء العراك مع أقرانهم في الشارع.
وتتحدث أم رياض عن طفلها الوحيد “رياض” والذي يبلغ الثانية عشر من العمر بألم وحرقة عن ما آل إليه رياض في هذه السنوات حيث يمتلئ خده بالخدوش والجروح ولا يمر يوم إلا واشتكى منه الكثير من الناس وتضيف أنها لم تعد تستطيع السيطرة عليه فهو يواجه كل شيء أمامه بالعنف والضرب وترجح وصول ابنها لهذه الحالة بسبب الحرب والعدوان الذي حول حياة الأطفال جميعا في اليمن وحياة ابنها إلى عنف وتشرد .
آثار جلية
وقد أثبتت الدراسات أن الطفل الذي عاش في حرب أو حدثت أمامه مشاهد عنيفة مثل سفك الدماء يعيش حالة نفسية غير سوية ومنها الاكتئاب والرهاب والخوف وضيق في التنفس وعدم رغبه في الدراسة أو التحصيل العلمي وكثير من المشاكل الخطيرة التي تظل حبيسة نفس الطفل وتسبب له العديد من المشاكل مستقبلا إذا لم تتم معالجتها بشكل مبكر حيث أن الأطفال يكتمون مشاعرهم ومخاوفهم عن الحرب إلا أن الآثار قد تبدو جلية في سلوك هؤلاء الأطفال مثلا القلق والكوابيس المستمرة وحالات العصبية الدائمة بالإضافة إلى تغير في شخصيته مع الأيام والإصابة بالعديد من الأمراض العضوية بالإضافة إلى النفسية.
كما أن الآثار الناجمة عن الحرب العدوان تأخذ أشكالاً متعددة ودرجات مختلفة من الشدة وبحسب أخصائيين فان تلك الآثار تبدأ من الإحساس بالإحباط والقلق إلى الاكتئاب وأشكال أخرى من الأعصاب وقد يصاب بعض الأشخاص بخلل في الوظائف العقلية كالذاكرة أو ضعف التركيز أو الإدراك فالأطفال هم الشريحة الأكثر الذين تأثروا ويتأثرون يوميا بالحروب من موت وجوع وتشرد ويتم ونزوح وحرمان من التعليم ومن أبسط الحقوق.
الطفل اليوم
تقول الباحثة في أدب الأطفال عبير محمد الوصابي :عندما نخاطب الطفل او ننصحه للطفل في العصر الراهن علينا الأخذ في عين الاعتبار بأن طفل اليوم ليس كطفل الأمس وان النصيحة والتعليم لم تعد الوسيلة الأكثر أهمية في تشكيل وعيه فمساحة إدراكهم قد توسعت وتنوعت مكونات ثقافتهم التي استمدوها من الحرب والصراعات ومن خلال الانترنت الذي أصبح له الدور الكبير في التأثير على ثقافة الطفل العربي اليوم فجاذبيتها وتعددها وقدرتها على التطور جذبت الطفل ببراعة ومن هنا يتعاظم دور الأم أو المعلم أو الطبيب النفسي للطفل الالكتروني الذي أصبح يقضي معظم وقته على الشبكة العنكبوتية أمام أصدقاء لا يعرفهم .
وتضيف الباحثة عبير إن الحروب تترك آثارها المدمرة على حياة الناس عامة وعلى حياة الطفل بشكل خاص وحين يتعرض الطفل لها بشكل مباشر أو يصاب فإن تأثيرها عليه يكون بالغا وكبيرا وتصبح جزءاً من ثقافته مع مرور الأيام وأنه يحتاج لزمن طويل للتأهيل النفسي ونسيان ما تعرض له وإن لم تتوقف الحروب فإن النتائج ستكون وخيمة وستدمر مستقبل وثقافة الطفل وسيصبح الصراع والدمار جزءاً من حياته وثقافته.

قد يعجبك ايضا