واشنطن/وكالات
كتبت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن الناشط السعودي “عمر عبدالعزيز” هو واحد من قرابة 10 ملايين سعودي على تويتر، يضعهم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، نصب عينيه، لقمع أي معارضة، وترويج دعاية مضادة تلمع صورة المملكة.
وأشار عبدالعزيز للصحيفة إلى أن قرابة 30 سعوديا ناشطا على منصة تويتر للتواصل الاجتماعي تواصلوا معه، وأخبروه بأنهم تعرضوا لابتزاز عبر مواد مسربة من أجهزتهم الخلوية، تماما مثل ما حدث معه عبر برمجية إسرائيلية طورتها مجموعة “NSO”.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التصرف يأتي عقابا على انتقادهم السلطات في السعودية، وعلى تويتر خصوصا.
وهدف الابتزاز بحسب الصحيفة هو التغريد بالدعاية للمملكة، أو نشر البيانات الخاصة المسربة من الهواتف على الشبكة، وهو ما يفعله تماما جيش المستشار في الديوان الملكي، سعود القحطاني، المعروف بـ”وزير الذباب الإلكتروني”.
وتساءلت الصحيفة حول تحول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إلى أدوات بأيدي الأنظمة القمعية، ضد الإيغور في الصين، والروهينغيا في ميانمار، والسعودية بطبيعة الحال.
وكان الناشط السعودي المقيم في مونتريال في كندا، عمر عبد العزيز، قال إن الجواسيس السعوديين اخترقوا هاتفه المحمول، وحاولوا إيقافه عن النشاط، لكنه لن يتوقف عن القتال.
ويقول عبد العزيز في مقاله :”في القتال ضد حملة استهداف المواطنين السعوديين، كان لدي حليف وصديق قوي، وهو جمال خاشقجي، الذي كان يفهم قوة (تويتر) في تشكيل الرأي العام في السعودية وبقية العالم العربي، وقتل جمال لأنه كان مستعدا لمقاومة الذباب الإلكتروني والدعاية بالحقيقة والأفكار، لكننا لا نزال نكتشف المدى الذي ذهبت فيه السعودية وولي العهد محمد بن سلمان لمراقبة الناقدين على الإنترنت وإسكاتهم”.
ويشير الناشط إلى قرار وزارة العدل الأمريكية في الأسبوع الماضي توجيه الاتهامات لموظفين سابقين في شركة “تويتر”، بتهم التجسس لصالح السعودية، والحصول على معلومات عن المعارضين الناشطين في منصة التواصل الاجتماعي، قائلا: “كنت واحدا من الأهداف، وكنت جزءا من عملية منسقة للتحرش، واستخدمت السعودية برمجية خبيثة أنتجتها الشركة الإسرائيلية (أن أس أو غروب) لاختراق هاتفي وقراءة رسائلي إلى جمال، الذي كنت أعمل معه على تحديد ومواجهة الذباب الإلكتروني على (تويتر) في مشروع أطلقنا عليه (النحل الإلكتروني)، وكنا نعمل معا لتجنيد جيش من المتطوعين لمواجهتهم”.
ويتهم عبد العزيز الحكومة السعودية باستخدام الطرق كلها لدفعه للتخلي عن المشروع، فقد اعتقلوا أقاربه وأصدقاءه للضغط عليه وسجنوا شقيقيه، وطلبوا منهما إقناعه بالتوقف عن العمل أو التطوع في الحملة و”صدم جمال لمعرفتهم بالحملة، وطلب مني عدم مناقشتها أبدا”.
ويقول الكاتب: “من أجل فهم السبب الذي اهتم فيه السعوديون بحماية ذبابهم على (تويتر)، علينا أن نفهم شعبية وأهمية (تويتر) للسعوديين، فلعدم وجود أي خيارات للترفيه في المملكة، تعاملنا مع الظرف من خلال عيش واقع مختلف على الهواتف الذكية، وأصبحت (تويتر) المجال الحيوي لممارسة الشخص حريته الفردية: حرية التعبير، وأدت شعبية هذه المنصة بين السعوديين للانتشار الواسع بين ليلة وضحاها، وعاش الناس الديمقراطية على (تويتر) ونشروا بحرية”.
ويلفت عبد العزيز إلى أن “(تويتر) سمحت للناس بالتواصل مع المعارضين في المنفى، وهو أمر لم يكن متاحا في الماضي، بالإضافة إلى أنها سمحت للحكومة بمتابعة الرأي العام، وفي البداية ردت الحكومة وتعاملت مع (تويتر)، حيث نشرت المراسيم الملكية عبرها، ونشرت الشائعات ثم تم نفيها، وشعر المسؤولون بالحاجة للرد والتصرف بشفافية، إلا أن هذا كان يمثل تحديا لمحمد بن سلمان، حيث تحولت (تويتر) بشكل تدريجي إلى أداة للدعاية، انتشرت عليها الأصوات المدافعة كلها التي ضخمت من رسالته”.
وينوه عبد العزيز إلى أن شركة العلاقات العامة “ماكينزي أند كومباني” أعدت تقريرا لمحمد بن سلمان عن الطريقة التي تقوم بها “تويتر” بتشكيل الرأي العام، وحددت عبد العزيز بصفته واحدا من ثلاثة سعوديين مؤثرين على “تويتر”: “أنا في المنفى، واعتقل آخر، أما الثالث فقد اختفى وحذفت تغريداته كلها”.
ويذكر الناشط أن السلطات السعودية اعتقلت في سبتمبر 2017 أكثر من 100 شخص مؤثر على “تويتر”، ولم يتم الكشف عن الاتهامات التي وجهت إليهم، وفي ديسمبر 2017 نشر جمال تغريدة، قال فيها: “ذباب الحكومة ترك أثره على الرأي العام الوطني”، وعبر عن خوفه من تقسيم الدعاية للبلد، ويعلق عبد العزيز قائلا: “وكان محقا، فقد قامت حسابات مزيفة وكتاب مأجورون بنشر الكراهية بين السعوديين بهجمات عشائرية وعنصرية”.
ويرى عبد العزيز ان الهجمة لم تمنعه من القتال من أجل الحفاظ على “تويتر”؛ لأنها المنصة الحرة الوحيدة المتوفرة للكثير من السعوديين.
ويفيد الناشط بأنه وفريقه حاولوا بعد مقتل جمال العمل ولأشهر على مواجهة الذباب الإلكتروني والهاشتاغات، و”من المحزن معرفة أن (تويتر) كانت أحد العوامل التي تقف وراء الجريمة البشعة لقتل لجمال، وهذا تطور يحطم القلب؛ لأننا بنينا الآمال على هذه المنصة”.
ويختم عبدالعزيز مقاله بالإشارة إلى أن “خاشقجي نشر في عام 2013 تغريدة، قال فيها: (في يوم ما ستفوز (تويتر) بجائزة نوبل)، لكننا نراها اليوم تبحر في الظلام، فهل ستقوم بحماية ساحتنا العامة؟ لكنني قلق الآن، وسأواصل القتال من أجل حرية التعبير، على الأقل في الإنترنت”.