يجب تعديل القوانين التي تعرقل مكافحة الفساد من قبل مجلس النواب
مكافحة الفساد.. ضرورة وطنية ومسؤولية مجتمعية
وقوع البلاد تحت وطأة العدوان ليس مبرراً لعرقلة مساعي الدولة لمكافحة قواعد الفساد والمفسدين
دشن الرئيس مهدي محمد المشاط المرحلة الأولى لمحاربة الفساد ومكافحة مظاهر الرشوة والابتزاز التي يتعرض لها المواطن اليمني المغلوب على أمره من قبل بعض ضعفاء النفوس، في بعض مؤسسات الدولة. وذلك من خلال كلمته الهامة التي القاها نهاية أكتوبر الماضي معلنا انطلاق المرحلة الأولى ضد الفساد والمفسدين بأجهزة الدولة، مؤكدا أن المهمة الأولى والرئيسية للدولة هي خدمة المواطن وليس ابتزازه.. وهنا يرى مراقبون أهمية تكاتف كل الجهود المجتمعية لمحاربة مظاهر الفساد في كافة هياكل ومؤسسات الدولة انطلاقهاً من المسؤولية الدينية والضرورة الوطنية..
الثورة /أسماء البزاز
وهنا أوضحت الكاتبة سعاد الشامي أن الفساد ليس مجرد سرقة أموال وعبث بممتلكات دولة ومعاملات سرية تحت الطاولة بل هو انفلات أخلاقي وآفة خطيرة تنخر جسد القيم الإنسانية والاجتماعية قبل أن تنخر الموارد والإمكانيات الاقتصادية للشعوب ، ومؤشر خطير يدل على انحراف المعايير السليمة داخل النفوس البشرية وداخل الأنظمة الإدارية وهذا ما يفسد الحياة بأكملها ويحد من تنمية البلدان والنهوض بها والالتفات إلى مصائر الشعوب واحتياجاتهم الضرورية. وهنا وجب علينا التساؤل.. من أين امتلك هذا الفاسد حق الإفساد وكيف صرح لنفسه بمشروعية الفساد ؟!
هل يعقل بأن هذا الفاسد قد خلق فاسدا منذ تواجده على ظهر هذه الأرض ؟! أم أن هذا الفاسد قد وجد نفسه يمشي في طريق منحرف قد سبق إليه الكثير من أقرانه فسار بنفس السياق وهو يعتقد بأن هذا من مستلزمات المسؤولية ؟!
التشخيص قبل العلاج
وأضافت بالقول : من الطبيعي جدا تشخيص المرض قبل كتابة العلاج وتناول الجرعات وبما أن هذا الفساد من أخطر الأمراض الاجتماعية فدعونا نبحث عن مسبباته ونعود إلى الماضي ونبحث في جوانب النظام السابق وسياسته المعتمدة في العمل المؤسسي والإداري فما الذي سنراه هناك ؟! تشبث واحتكار للسلطة ونظرة مادية استحقاقية ذاتية تطغى على النظرة الخدمية والمجتمعية ، وظائف الدولة بمختلف أشكالها عشوائية وخالية من معايير الكفاءة والمهنية في انتقاء الكوادر والشخصيات القيادية والمخلصة ، النظام صفقة تجارية ومؤسسات الدولة غنيمة تتقسم على أصحاب النفوذ ، مقدرات الدولة تعطى استحقاقات حزبية وفئوية ومنح مادية للمشايخ والأعيان من أجل شراء ولائهم ومواقفهم ، إهدار فرص الأعمار والتقدم والنهوض الحضاري للوطن ، المسؤول لا يجوز له أن يكون كبقية أفراد الشعب بل المتوجب عليه أن يكون غنيا وأن يتغير بمجرد استوائه على كرسي السلطة.
قواعد متوارثة
ومضت بالقول : فإذا كان النظام السابق قد جعل من الفساد منظومة قائمة وثقافة راسخة وقواعد متوارثة فهل من المعقول بأنك ستنجح بمحاربة الفساد بمجرد محاسبة هذا الفاسد أو ذاك.قد تحاسب هذا الفاسد وينال عقوبته ولكن قد يأتي فاسد غيره ليؤدي دوره وبكل سهولة والرغبة بمحاربة الفساد وحدها لا تكفي والمحاسبة الجزئية لن تجدي نفعا في استئصال جذور الفساد مالم تحول الرغبات إلى خطوات ملموسة وتكون هناك حكمة في طرح رؤى تصحيحية للوضع العام قبل الوضع الخاص.
خطى الصماد
من ناحيته يقول الكاتب والمحلل السياسي منير اسماعيل الشامي : دشن فخامة الأخ مهدي محمد المشاط المرحلة الأولى لمحاربة الفساد ومكافحة مظاهر الرشوة والابتزاز التي يتعرض لها المواطن اليمني المغلوب على أمره من قبل بعض ضعفاء النفوس، أثناء متابعته على معاملة في بعض مؤسسات الدولة. وقد ألقى فخامة الرئيس المشاط كلمة في حفل التدشين معلنا انطلاق المرحلة الأولى ضد الفساد والمفسدين بأجهزة الدولة، مؤكدا أن المهمة الأولى والرئيسية للدولة هي خدمة المواطن وليس ابتزازه، مشيرا إلى أن هذه المرحلة تأتي في طريق تنفيذ مشروع الرئيس الشهيد والمجاهد البطل صالح الصماد «يد تحمي ويد تبني» ومحددا هدف هذه المرحلة بالقضاء على كل مظاهر الرشوة والابتزاز في جميع مؤسسات الدولة ومكاتب وزاراتها بمختلف مستوياتها، مؤكدا انحيازه المطلق للسواد الأعظم من ابناء اليمن وأنه يؤلمه ما يؤلمهم، ولن يتغاضى عن هموم المواطنين من أصغرها إلى أكبرها.
موضحا أن هذا الإعلان الرسمي لهذه المرحلة من رئيس المجلس السياسي الأعلى هو إعلان لمرحلة جديدة من مراحل ثورة الـ 21 من سبتمبر الخالدة، وحلقة من حلقاتها نحو استكمال تحقيق كافة أهدافها.
مراحل سابقة
وقال إنه على الرغم من أن هناك مراحل سابقة في محاربة الفساد تم تنفيذها وتم النجاح في تحقيق أهداف تلك المراحل في الفترة الماضية، وخاصة المرحلة التالية لإعلان الثورة والتي قامت بها اللجنة الثورية العليا ونجحت بها في تجفيف منابع الفساد التي أسسها النظام السابق وظلت لعقود طويلة أبوابا مخصصة للخاصة من أركانه و المقربين إليه وكانت بشكل اعتمادات غير قانونية بمئات الملايين وحسابات بنكية مقصورة على عصابة قوى النفوذ في ذلك النظام الفاسد، إضافة إلى توقيف الصرف من ابواب موازنة الدولة التي كانت تستهلك ما يقارب 60 % من موازنة الدولة تحت بنود مشاريع تنموية لا تنفذ، إلا أن رئيس الجمهورية اعتبر هذه المرحلة هي الأولى، وهذا يعكس عزم قيادتنا السياسية الصادق والقوي على المضي في عملية الإصلاح المالي والإداري وأن الوقت قد حان وصار مناسبا لتنفيذ كافة توجيهات قائد ثورة الـ21 من سبتمبر السيد العلم عبدالملك حفظه الله ورعاه بهذا الخصوص.
خطوات تنفيذية
ويرى أن فخامة الرئيس اعتبر هذه هي المرحلة الأولى لأن غايتها رفع المعاناة عن المواطن اليمني، وتحريره من كافة أشكال المساومة والابتزاز من قبل اي موظف عام في أي مستوى إداري أياً كان موقعه بالهرم الإداري للدولة من أعلاه إلى أدناه. وقد حدد رئيس الجمهورية الآلية التنفيذية لهذه المرحلة معتبرا تدشين هذه المرحلة إيذاناً بالدخول بعزم صارم وجدية في معركة مفتوحة مع الفساد المالي والإداري، وفي طريق بناء مؤسسات الدولة البناء السليم الذي ينسجم مع هويتنا الإيمانية والحضارية التاريخية، وفقاً لآلية منظمة لهذه المعركة يخوضها الشعب واجهزة الدولة على حدٍ سواء وأن هذه المعركة لن تتوقف حتى تتحقق كافة أهدافها في بناء أجهزة الدولة ، واختفاء كافة أشكال الفساد المالي والإداري منها وتتلاشى كافة السلبيات المرافقة لأداء هذه المؤسسات في مختلف مستوياتها الإدارية، من خلال الخطوات التنفيذية التالية:-
1 – توجيه مؤسسات الدولة بتفعيل إدارات خدمات الجمهور فيها وتمكينها من تنفيذ دورها في خدمة الجمهور وحمايته.
2 – تخصيص أرقام مجانية لاستقبال شكاوى المواطنين واستماع آهاتهم، وتظلمات كل مواطن يتعرض للابتزاز.
3 -التوجيه بتعليق لافتة في كل مؤسسة حكومية تقدم خدمة للمواطنين توضح الخدمات التي تقدمها والرسوم القانونية لكل خدمة، والمدة الزمنية التي تستغرق انجازها
4 – تم تخصيص إدارة برئاسة الجمهورية بأرقام مجانية وطاقم مختص يتم لجوء المواطن إليها في حال عدم استجابة الجهة المختصة مع شكوى المواطن وستحظى باهتمام ومتابعة مباشرة من رئيس الجمهورية.
5 – أي مسؤول لا يستجيب لشكوى محقة من مواطن سيتم محاسبته بجدية وعزم وصرامة
6 – أي موظف تثبت صحة الشكوى ضده سيتم محاسبته كائنا من كان.
الرقابة والتفتيش
نائب عميد أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل معين المتوكل يرى بأن هناك تفعيلاً كبيراً للرقابة والتفتيش في معظم المؤسسات والهيئات والوزارات من خلال الاستجابة والإعلان عن تفعيل خدمة الشكاوى وكذلك مناقشة ما يمكن تحديثه في إجراءات وانظمة القضاء في تفعيل محاربة الفساد دون استثناء أيّ منصب.
تجاوب كبير
الإعلامية فردوس الوادعي – إذاعة سام تقول من ناحيتها في الحقيقة لم يكن متوقعا ذلك التجاوب الكبير من أغلب المؤسسات والوزارات مع دعوة الرئيس المشاط لمحاربة الفساد.وهذا يدل على أن مكافحة الفساد هو حاجة ماسة أصبح ينشدها كل مواطن يمني ؛ لذا سيكون التفاعل العملي معها مثمراً بإذن الله.
تعديل القوانين
وأما المحلل السياسي زيد أحمد الغرسي قال إن وضع الوطن في ظل العدوان ليس مبررا لعدم مكافحة الفساد كما يروج لذلك البعض تبرير فسادهم وللايحاء بأن أنصار الله ساكتون عن الفاسدين بذريعة العدوان وهذا غير صحيح تماما فالعدوان ليس مبرراً للفساد ولا يعني أننا في عدوان أن نسكت على الفساد هذا أولاً.وبالمقابل حجة البعض أننا في ظل عدوان مخالف لتوجهات القيادة الثورية التي تحدثت بوضوح أنها ضد الفساد ولن تكون مظلة لأي فاسد وخاطبت الجميع في عدة خطابات بضرورة مكافحة الفساد وتحركت في الميدان لمكافحته وهناك إنجازات في هذا المجال في عدة مؤسسات فمثلا الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة حقق انجازات ملموسة سواء في تقديم فاسدين للمحاكمة أو في إغلاق بعض منافذ الفساد أو في تصحيح أعمال بعض المؤسسات من خلال تقاريره الميدانية بالرغم من القيود القانونية التي تكبل عمله ولا زالت من عهد عفاش ورفض مجلس النواب الحالي تعديلها لكن الرئيس الصماد ومن بعده الرئيس المشاط كانوا ولا زالوا داعمين بقوة للجهاز في عمله.
وقال الغرسي صحيح ان هناك بطئاً في محاربة الفساد وهذا يعود لأسباب عدة منها وجود بعض القوانين التي تعرقل مكافحة الفساد ورفض مجلس النواب تعديلها وفي نفس الوقت فساد اربعين سنة لن يتم القضاء عليه خلال سنة أوسنتينِ.