آل سعود يخوضون حربا ضد المقدسات
فتوى شيطانية تستهدف قبر الرسول.. ودراسة حديثة توصي بنقل رفاته إلى مكان مجهول
الثورة /
منذ ظهورها وحتى اليوم تبنت الحركة الوهابية التي ولدت مرتبطة بولادة نظام آل سعود، فكرا تدميريا استهدف وما يزال يستهدف المقدسات والأماكن الدينية والمزارات والآثار الاسلامية التي تربط الأمة بماضيها وتاريخها وتراثها الديني بشكل عام.
وتحت مبررات شعارات خادعة قامت الدولة السعودية وتحت راية مرشدها محمد بن عبدالوهاب على تدمير الاماكن الدينية الأثرية ولم تسثني من ذلك منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والكثير من منازل وأضرحة أهل بيته وصحابته وسوت بيوتهم وقبورهم بالأرض، وما بقي من آثار تلك القبور وضعت عليه أحجار كعلامة على وجود قبر دون أية إشارة لصاحبه.
هنا ومن خلال كشف مثل هذه الحقائق وحتى لا ينظر إلى ما سنطرحه على انه نوع من الاستهداف السياسي لنظام آل سعود نؤكد أن ما ستتناوله “الثورة” اليوم يأتي من باب حرصها على كشف الحقائق لقرائها ونقل المعلومة المتعلقة بجريمة وفعل يعكس قبح الفاعل الذي تجرأ وأقدم عليه ويقابل برفض واستنكار الأمة الإسلامية بشكل عام.
فتوى شيطانية
تعتبر مكة المكرمة والمدينة المنورة، المدينتين الأقدس على وجه الأرض، أكثر المدن الإسلامية حضورا ورمزية في الذاكرة الإسلامية ووجهة الأمة قبلة ومزارا والأكثر امتلاكا للآثار الدينية، ورغم كل ذلك تحولت هاتين المدينتين إلى أكثر المدن الإسلامية استهدافا من قبل الفكر الوهابي الذي يعتنقه نظام آل سعود عقيدة ومذهبا ويرعاه وينفذ مبادئه وتوجهاته.
في العام 1924م وبعد أن استقرت سلطة الوهابيين وآل سعود في مكة والمدينة، بدأوا يفكرون في وسيلة ودليل يستندون إليه ويمنح مشروعهم المتمثل بهدم قبر النبي وقبور الصحابة تغطية وطابعا دينيا، وخوفاً من غضب المسلمين في البلاد الاسلامية وخشية الاصتطدام مع العلماء وخاصة في الحجاز والجزيرة العربية، قاموا بتوجيه فتوى للعلماء ” حول حرمة البناء على القبور” وحملوها قاضي قضاة الوهابيين “سليمان بن بليهد” الذي ذهب إلى علماء المدينة، وطرح عليهم تلك “الفتوى الشيطانية” التي أبدت في ظاهرها أمرا وأخفت في مضمونها جريمة تستهدف قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
اجتمع “بن فهيد” مع العلماء وتباحث معهم، وتحت التهديد والترهيب وقّع العلماء على جواب يفتي بحرمة البناء على القبور، تأييداً لرأي الحركة الوهابية، ونشرت جريدة أُمّ القرى في عددها رقم 69 الصادر في 17 / شوال 1344هـ نص الفتوى -التي اعدت لاستهداف القبور والأضرحة- وجواب العلماء عليها، وهو الجواب الذي استخدمته الوهابية والسلطات السعودية كغطاء لتنفيذ مشروعها التدميري واظهار نفسها على أنها سلطة تنفيذية ملزمة بتنفيذ الفتوى التي أقرها وأجمع عليها علماء المدينة.
وفي إبريل من العام 1924م واستناداً لهذه الفتوى بدأت سلطات آل سعود مشروعها رسميا في استهداف وهدم قبور الصحابة وأهل بيت رسول الله والتابعين، حيث قامت بهدّم كل القبور والقباب في منطقة “البقيع” وسوّت مقبرة “بقيع الغرقد” بالأرض، ولم تكتفي الوهابية ونظام آل سعود بذلك بل حاولوا مرارا الشروع في هدم قبر الرسول وقبته لكنهم تراجعوا بعد أن بلغت الاحتجاجات ذروتها وواجهوا ردود أفعال تحولت إلى غضب عارم في كل بلدان العالم الإسلامي.
مكة تدمير لا يتوقف
رغم أن فتوى الوهابيين الشيطانية كانت حول القبور إلا إنها اتسعت لتشمل كل شيء له علاقة برسول الله وأهل بيته وصحابته والتابعين حتى بدا ما تفعله الوهابية والسلطات السعودية وكأنها حرب ومعركة يسعى نظام آل سعود من خلالها للانتقام مما حدث في حرب ومعركة قبل 1400 عام، وهي الحقيقة التي تجلت من خلال ما شهدته مكة المكرمة من أحداث.
وبالتزامن مع ما شهدته المدينة المنورة من جرائم، قام النظام السعودي الوهابي بهدم المعالم النبوية التاريخية في مكة وأقدم على تدمير كل القباب والأضرحة والمقامات وكل ما وجدوه من آثار قرون من التعمير الإسلامي حول المسجد الحرام، كما قاموا بهدم القبة المنصوبة فوق دار الإمام التي ولد فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقبة فوق دار عليّ ابن أبي طالب كرم الله وجهه، وقبة كانت تشير إلى ضريح زوجة النبي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وقبة فوق دار أبوبكر.
إزالة بيت النبوة
سياسة التدمير والاستهداف التي انتهجتها الوهابية منذ ظهورها في القرن الثامن عشر الميلادي لم تتوقف عند حدود استهداف المعالم والآثار الإسلامية بل تجاوزه إلى ما قبل ظهور الإسلام، حيث قامت السلطات السعودية باستهداف بيت النبوة ومسقط رأس النبي محمد عليه الصلاة والسلام حيث قامت بتدميره وإزالته وبناء قصر ملكي ضخم في مكانه تحت مبرر توسعة الحرم المكي والتي أسفرت حتى الآن عن تدمير مئات المناطق الأثرية.
وكانت السلطات السعودية قد بدأت أول عملية لاستهداف البيت النبوي في العام 1951م حيث قامت بإخفائه عن الحجاج والزوار وأدخلته في اطار مكتبة قامت بإنشائها بحجة الحفاظ على البيت وصيانته، لكن الأيام أثبتت أن ما قامت به أنذاك لم يكن سوى خطوة أولى الهدف منها إزالة البيت من ذاكرة الحجاج ومن ثم إزالته من ذاكرة المكان كمزار ووجهة يقصدها الناس وهو ما تم فعليا.
كما قامت في السبعينيات بهدم قبر والد الرسول “عبدالله بن عبدالمطلب” ونقل رفاته إلى مكان مجهول بمقَبرة “البقيع” وبنفس الطريقة التي تعاملت فيها مع قبور ورفات أفراد الأسرة النبوية عام 1924، عندما تمت إزالة كلّ العلامات من على قبور أهل البيت، حتى لا يعرفها الحجاج وزائرو البقاع المقدسة.
استهداف الرسول ما يزال قائما
آخر استهداف لقبر النبي، جاء في تقرير كشفته عدة صحف بريطانية هي “الاندبدنيت” و “ديلي ميل” و”الغارديان”.
وتحدثت جريدة “الاندبندنت” البريطانية عن قرار السلطات السعودية الحالية بنقل قبر النبي إلى الصحراء تحت عنوان “توسعة المسجد النبوي” مستندة في تقريرها على دراسة صدرت عام 2013، أنجزها أكاديمي في “جامعة محمد بن سعود” السعودية، وتوصي هذه الدراسة بنقل قبر الرسول وحجراته من حرم المسجد النبوي إلى خارج المسجد.
طالبت الدراسة، التي نشرت في المجلة العلمية “المحكمة”، الصادرة عن “مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي”، التابع للرئاسة العامة لـ “شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي”، بهدم الجدار العثماني، وعدم تجديد اللون الأخضر على القبة، وطمس الأبيات الشعرية من قصائد المدح المكتوبة في محيط الحجرة، وذلك “درءًا لشر الشرك والتوسل والاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم في قبره وهو ميت”، حسب وصف الدراسة.
قامت “الاندبندنت” بترجمة أجزاء من هذه الدراسة، وإعادة نشرها في تقارير عام 2014 تحت عنوان “السعودية قد تخاطر بإحداث انشقاقات بين المسلمين بسبب خطط لنقل قبر الرسول”.
وكان أبرز التقارير ما كتبه الصحافي البريطاني أندرو جونسون، الذي كشف أن السعودية “تخطط لنقل قبر الرسول” ودفن رفاته في مقابر البقيع في “قبر مجهول”.
وجاء في التقرير الذي تصدّر الصفحة الاولى للجريدة البريطانية عام 2014 أن هذا المخطط يأتي ضمن مخططات توسعة وتجديد الأماكن المقدسة في السعودية، وقال جونسون في تقريره إن هذا الأمر قد يؤدي إلى “إحداث فتنة في العالم الاسلامي”، وكتب جونسون إن “الدعوة إلى نقل قبر النبي قد يؤدي إلى فتنة لا مفر منها”.
الدراسة التي استندت عليها “الاندبندت” تقع في 61 صفحة، توصي بنقل قبر الرسول إلى مكان مجهول بعيدا عن المدينة، وهو المكان الذي يزوره ملايين الحجاج سنويًّا كأقدس ثاني موقع في الإسلام.
وفي الوقت الذي سعت ورغم أن الصحف السعودية سارعت لنفي وتكذيب ما نشرته الصحف البريطانية وقالت أن ما تم تداوله من أخبار في الصحافة الغربية، عن نقل قبر الرسول، ما هي إلا مغالطات ومعلومات غير دقيقة، إلا أن نفيها حمل تأكيدا صريحا لما نشرته الصحافة الغربية عندما قالت: “إن الأمر لا يعدو كونه مقترحات وبحثاً أكاديمياً، وليس قرارا حكوميا، وأن قرار توسعة المسجد النبوي تم حسمه من هيئة كبار العلماء، الذين قرروا سابقا بأن تكون من الجهة الشمالية في حال التوسع أفقيا.
لم تكن هذه هي المحاولة الأولى من نوعها لتدمير آثار إسلامية في الأماكن المقدسة لدى المسلمين، فجراء عمليات ما تصفها حكومة العربية السعودية بـ “عمليات توسيع الحرم النبوي”، أقدمت السلطات السعودية على تدمير قرابة 95% من المباني القديمة في مكة، لإقامة فنادق فخمة وشقق سكنية ومراكز تسوق تجارية.
وبنفس الوسيلة والأسلوب الشيطاني الذي انتهجته الوهابية قديما دافع مفتي السعودية عبدالعزيز آل الشيخ عن عمليات هدم هذه المواقع قائلا إن عمليات الهدم كانت ضرورية، وعلى الأمة أن تشكر الحكومة السعودية لسعيها من أجل زيادة القدرة الاستيعابية للمسجد الحرام.