من قبر النبي هود إلى جامع الامام الهادي: أربعة سيناريوهات للحرب التي تستهدف الآثار التاريخية والمعالم الإسلامية في اليمن
الثورة / تقرير خاص
لم تتوقف الحرب التي تشنها الوهابية على الأضرحة والمزارات الدينية والآثار الإسلامية على استهداف مدينة رسول الله ومكة المكرمة وما جاورهما، بل تجاوزت كل ذلك وتحولت إلى حرب عابرة للحدود تستهدف الآثار الإسلامية في العديد من البلدان العربية وفي مقدمتها اليمن التي لم تسلم آثارها من الاستهداف والتدمير طوال قرنين كاملين.
وإذا ما قمنا بمراجعة سريعة واستعراض للجرائم التي ارتكبتها الوهابية في حق اليمن واليمنيين فسنجد أن حرب الوهابية ضد اليمن أرضا وإنسانا وتاريخا وهوية تم ويتم تنفيذها بأساليب وأشكال متعددة، يمكننا التعرف عليها من خلال أربعة سيناريوهات مختلفة من حيث الشكل لكنها تظل موحدة الهدف والغاية والتي تتمثل في تدمير الآثار الدينية والهوية الاسلامية وإزالة كل ما يربط اليمنيين ويذكرهم بماضيهم وتاريخهم بشكل عام.
أربعة سيناريوهات
السيناريو الأول للوهابية في اليمن بدأ قبل قرنين من الزمن وتحديدا في العام 1224هجرية اجتاح جيش آل سعود الوهابي حضرموت وقام بقتل الأبرياء وحبس العلماء وتدمير المساجد والقباب والمزارات الدينية والأضرحة وتكسير شواهدها ومنع الأذكار والحضرات والطقوس الدينية وإحراق الكتب، والكثير من الجرائم التي لم يتورع الوهابيون في ارتكابها ولم يسلم من الاستهداف أي أثر ديني أو مزار بما في ذلك قبر النبي هود عليه السلام الذي هدموا قبته وارتكبوا فيه مجزرة قتلوا فيها الكثير من الأبرياء الذين كانوا متواجدين في المكان.
وهذا السيناريو لم يتوقف عند حدود اجتياح حضرموت شرق اليمن وإنما تكرر في غربها عندما اجتاح جيش آل سعود الوهابي الساحل اليمني على البحر الأحمر من القنفذة الى بيت الفقيه وصنع فيه ما صنعه في حضرموت.
السيناريو الثاني للوهابية لاستهداف اليمن بدأ بعد توقيع اتفاقية الطائف منتصف ثلاثينيات القرن الماضي وازداد اتساعا وانتشارا في عقد السبعينيات وما تلاه من عقود، وتمثل هذا السيناريو بالغزو الفكري للوهابية الذي استهدف الشعب اليمني وانتشر في الكثير من المناطق والمحافظات، وتم من خلاله استهداف العقول وطمس الذاكرة الدينية وغرس مفاهيم ومبادئ متطرفة وتمزيق النسيج الاجتماعي وبناء جيل مؤدلج ومشوه الفكر يدين للوهابية بالولاء والطاعة العمياء ويخدم أجنداتها، وتستخدمه كأداة وسلاح لاستهداف اليمن واليمنيين بشكل عام، وهو السيناريو الذي أنتج جيل الخونة والمرتزقة الذين تعاني منهم اليمن اليوم.
أما السيناريو الثالث فيعد ثمرة لنجاح السيناريو الثاني وتمثل في قيام الوهابية التكفيرية بتوجيه جنودها وأدواتها لتنفيذ واستكمال مخططاتها في استهداف الذاكرة المكانية التي يرتبط بها الشعب اليمني ثقافيا من خلال استهداف وتدمير المساجد والشواهد والآثار والمزارات الدينية وتسويتها بالأرض، وقد شهدت اليمن من خلال هذا السيناريو الكثير من الجرائم وعمليات التدمير والتفجير التي استهدفت المساجد والقباب التاريخية والأضرحة والمقامات لعدد من العلماء الأجلاء والفقهاء الصالحين والعارفين الأعلام في كل مدن ومحافظات الجمهورية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.
سيناريو العدوان
من خلال تأمل ما حاولنا ايجازه لما شهدته اليمن من أحداث على مدى قرنين كاملين أصبح بإمكاننا اليوم التعرف على حقيقة العدوان الذي تشنه الوهابية ويقوده نظام آل سعود، والذي يثمل رابع السيناريوهات التي يتم من خلالها استهداف اليمن واليمنين وتستهدف من خلالها هويتنا وثقافتنا وتراثنا الديني والتاريخي وتؤكد أن العدوان الذي تشنه لم يكن وليد اللحظة بقدر ما هو امتداد لعدوان وحرب ومعركة بدأت قبل مئتي سنة ضد الشعب اليمني وتاريخه وتراثه ولم تتوقف وما تزال مستمرة حتى اليوم.
وتشير الاحصائيات التي قامت الهيئة العامة للآثار والمتاحف بتوثيقها منذ بدء العدوان في الـ26 مارس 2015م وحتى اليوم إلى أن المئات من المواقع الأثرية والتاريخية تعرضت للاستهداف المباشر من قبل العدوان.
وبحسب الاحصائيات فإن أكثر من 65 % من المواقع الأثرية اليمنية دمرت وتضررت جراء تعرضها للعدوان البربري الغاشم، وبلغت نسبة المواقع والمعالم الأثرية التي دمرت وتضررت بفعل التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالعدوان (٢٥٪) وهنا ومن خلال هذا الاستعراض السريع تتجلى أهداف الوهابية ونظام آل سعود وسيناريوهاتها في استهداف الهوية والتاريخ الإسلامي والتي وإن كانت قد بدأت حربها ضد المقدسات باستهداف قبر النبي محمد وقبور الصحابة وأهل البيت في المدينة ومكة المكرمة لن تتوقف على اليمن عند حدود استهداف قبر نبي الله هود وجامع الإمام الهادي وآثار اليمن الدينية والتاريخية.