
, بامشموس: جمعنا التبرعات من التجار في اريتريا لدعم الثورة وساهمنا في الاقتصاد الوليد
, العودي: أموال التجار ساهمت في إنشاء الحرس الوطني ومعسكرات الدفاع عن الثورة
القرشي: وضع منزله في الشيخ عثمان تحت تصرف الثوار
> مثل رأس المال الوطني المدماك الرئيسي الذي اعتمدت عليه الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر في دعم مسارها النضالي خلال فترتي الإعداد والتخطيط لها سراٍ في الشمال والجنوب مروراٍ بمرحلة الكفاح المسلح ضد النظام الإمامي بشمال الوطن والاستعمار البريطاني بجنوبه وصولاٍ إلى مرحلة البناء والتشييد بحكومات الثورة المتعاقبة والتي توجت بإعادة الوحدة اليمنية كحقيقة ماثلة أمامنا بعد أن كانت حلم ثوار 26 سبتمبر و14 أكتوبر.
وحول الدور الذي لعبته رؤوس الأموال الوطنية في الداخل وفي بلدان الاغتراب لنصرة الثورة اليمنية الواحدة وبناء الاقتصاد اليمني تجدونه في سياق الاستطلاع التالي:
الأخ محمد عمر بامشموس رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بعدن ونائب رئىس الاتحاد العام للغرف التجارة يحدثنا قائلاٍ: هناك اسهامات كبيرة للقطاع الخاص اليمني وبصمات واضحة لا يستطيع أحد انكارها فقد كنت من ضمن تجار اليمن في المهجر وعندما سمعنا بالحركة الثورية في اليمن كنت ضمن الجالية اليمنية في اريتريا وقوامها 84 ألف مغترب يمني وذلك في عام 1948م.
رفدنا الثورة
وحينها وجهنا دعوة للتجار اليمنيين لنصرة ثورتهم داخل الوطن وقد حظيت دعوتنا باستجابة كافة أبناء الجالية اليمنية وقمنا بجمع الأموال وإرسالها لقيادة الثورة كما قمنا بتأسيس مدرسة في أسمرة لأبناء الجالية اليمنية وتخرج منها الكثير من الكوادر المتخصصين في شتى المجالات رفدنا بها قيادة الثورة أثناء الكفاح المسلح لثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين ثم رفدنا حكومات الثورة المتعاقبة بكوادر شغلوا مناصب قيادية عديدة.
مؤتمر المغتربين
ويقول بامشموس: هنا يمكن الإشارة إلى دور رجال الاعمال اليمنيين في دعم الاقتصاد اليمني منذ الوهلة الأولى لقيام الثورة ويتمثل ذلك في عقد المؤتمر الأول للمغتربين بصنعاء سنة 1970م والذي شارك فيه عدد كبير من المغتربين اليمنيين في شتى بقاع الأرض العربية والاجنبية وأذكر أن هذا المؤتمر كان بإشراف المرحوم أحمد البشاري.
وبالتالي فإن المؤتمر الأول للمغتربين مثل اللبنة الأولى لمساعدة حكومة الثورة على بناء الاقتصاد اليمني حيث قدم رجال الأعمال اليمنيون أموالهم وخبراتهم حتى لا يعاني أبناء الشعب من جيل الثورة ما تعرضنا له في الداخل والخارج قبل الثورة ونحن هنا لا نريد أن نمدح أنفسنا بما قدمناه لنصرة الثورة اليمنية لأن بصماتنا موجودة وموثقة على الواقع اليمني.
خمسة عقود
وعلى الرغم من تلك الجهود الملموسة على الواقع لرجال الأعمال اليمنيين خلال فترتي ما قبل الثورة وبعدها إلا أنه لم يعطى أصحاب رؤوس الأموال اليمنية حقهم بمقدار ما قدموه لهذا الوطن العزيز على الجميع في أجندة حكومات الثورة المتعاقبة على خمسة عقود الأمر الذي نفر أصحاب رؤوس الأموال إلى دول الجوار بسبب التعقيدات وغياب البيئة الاستثمارية الجاذبة.
وأضاف: لهذا نحن رجال الأعمال ندعو الحكومة اليمنية الحالية إلى ضرورة العمل على خلق بيئة استثمارية وتقديم التسهيلات اللازمة لضمان عودة رؤوس الأموال المهاجرة وتشجيع الموجودين في الداخل من خلال تطبيق النافذة الواحدة والعمل على استتباب الأمن والاستقرار الذي يضمن بدوره إقامة المشاريع الصناعية والتنموية والخدمية والتجارية ووضع مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية الضيقة وصولاٍ إلى بناء اقتصاد وطني قوي قادر على منافسة اقتصاديات دول الجوار.
خيار استراتيجي
أما الأخ أحمد محمد العبادي من تجار صنعاء القديمة فيقول: لقد استمد القطاع التجاري اليمني تجارته عبر نافذة واحدة قبل الثورة وهي عبر عدن فقط وهناك توحدت مصالحهم وشكلت النواة الأولى لوحدتهم الوطنية التي عززتها دماء الشهداء ونضالات الحركة الوطنية في كل ارجاء الوطن اليمني الممثلة بواحدية الثورة اليمنية الهادفة إلى الخلاص من النظام الإمامي من شمال الوطن والاستعمار البريطاني في جنوبه.
ويضيف: وبالتالي فإن وحدة التجار اليمنيين وسعيهم للخلاص من سياسة العزلة عن العالم الخارجي هيأت الأجواء لقيام الثورة اليمنية وصولاٍ إلى قيام الكفاح المسلح كخيار استراتيجي لخلاص اليمن من التخلف والفقر الذي كان سائداٍ على مستوى الساحة اليمنية شمالاٍ وجنوباٍ وأجمع الشعب اليمني على ضرورة القيام بثورته للخلاص من النظام الإمامي والاستعمار.
منشورات
ويشير العبادي: لقد كان والدي الوكيل الوحيد بتجارة الادوات المكتبية ومستلزمات الطباعة بالمملكة المتوكلية حينها حيث كان يقوم باستيرادها من عدن وتوزيعها في صنعاء وتعز وتمثلت اسهاماته في دعم الثورة اليمنية في تسريب المنشورات بتوجيه من قيادات الثورة بمدينة عدن إلى الضباط الاحرار بصنعاء داخل البضائع نفسها وتضع عليها اشارات بسيطة حتى لا يتم اكتشافها من قبل الجنود البريطانيين قبل خروجها من المناطق الجنوبية الخاضعة للاستعمار البريطاني وعند دخولها إلى حدود المملكة المتوكلية من قبل جنود النظام الإمامي.
المتطوعون
كما كانت بقية البيوت التجارية بصنعاء تقوم بإدخال المنشورات وبعض المؤن والمعدات الخاصة بتدريب المتطوعين في معسكرات التدريب من الضباط الأحرار المنشقين من جيش الإمام البدر وكذلك المقاومين من عدن.
بالإضافة إلى احتضان تجار صنعاء القديمة للاجتماعات السرية للضباط الأحرار في التخطيط لقيام الثورة اليمنية السبتمبرية التي شارك فيها كافة أبناء الوطن اليمني شمالاٍ وجنوباٍ.
ملاحم بطولية
أما الأدوار النضالية للتجار اليمنيين سواء في صنعاء أو عدن فقد تمثلت في عقد اجتماعات واسعة ومناقشة كيفية دعم الثوار وتذليل الصعوبات لهم من خلال إعداد كشوفات بأسماء التجار الراغبين في التبرع بمبالغ مالية كل بحسب مركزه المالي بالإضافة إلى عملية التواصل مع التجار اليمنيين المغتربين في مختلف مواطن الاغتراب وجمع التبرعات لنصرة الثورة اليمنية 26 سبتمبر عام 1962م والإعداد لثورة 14 أكتوبر 1963م وهكذا صنع التجار ملاحم بطولية بأموالهم وخاطروا بأرواحهم إلى جانب إخوانهم الثوار في المعارك ضد الإمامة في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب.
وبعد انتصار ثورة 26 سبتمبر 1962م واصل التجار دورهم الريادي في دعم ثورة 14 أكتوبر في الجنوب حيث كانوا يشاركون قيادة الثورة بصنعاء في التخطيط وإقامة معسكرات التدريب في تعز لإرسال الثوار إلى عدن للقيام بالكفاح المسلح حتى تحقيق النصر في طرد الاحتلال البريطاني في 30 نوفمبر سنة 1967م.
بناء المصانع
ولم يقتصر دور التجار على دعم الثورة خلال فترة الحرب لتحرير الوطن من النظام الاستبدادي بالشمال والاستعمار الأجنبي بالجنوب بل توحد التجار تحت مظلة الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية للإسهام في بناء الاقتصاد الوطني من خلال بناء المصانع وإقامة المشاريع الاستثمارية والتنموية والخدمية والتجارية على مستوى الساحة اليمنية على الرغم من الصعوبات والعراقيل التي واجهت أصحاب رؤوس الأموال لعدم وجود استقرار سياسي وأمني يضمن لرجال الأعمال ديمومة مشاريعهم.
التخطيط
أما الأخ محمد محمد يحيى العودي – رجل أعمال فيقول: لقد حالفني الحظ وعاصرت عهد النظام الإمامي بشمال الوطن وكنت حينها طالباٍ بمدرسة الأيتام بصنعاء واطلعنا على دور البيوت التجارية والتجار الذين كان عددهم قليلاٍ جداٍ لا يتجاوز عدد أصابع اليد لكن دورهم كان كبيراٍ جداٍ حيث قاموا باحتضان الثوار والضباط الأحرار وتقديم يد العون لهم من خلال عقد الاجتماعات بشكل سري للثوار والتخطيط لعملياتهم الفدائية ضد النظام الإمامي في الشمال أولاٍ ثم مواصلة الثورة في الجنوب المحتل من قبل بريطانيا والأنظمة السلاطينية الوراثية المحتمية بالاستعمار البريطاني.
إدارة التوحيد
ويضيف العودي.. لقد أسهم القطاع الخاس إسهاماٍ كبيراٍ في الدفاع عن الثورة عبر تقديم كافة أنواع الدعم للثورة اليمنية إلى جانب الحركة الوطنية في ارجاء الوطن اليمني والتي شكلت القاسم المشترك في مجرى الدفاع عن الثورة السبتمبرية في الشمال والكفاح المسلح في الجنوب باعتبارها أداة التوحيد والوحدة اليمنية التي كان ينشدها أبناء الشعب اليمني على مستوى الساحة اليمنية.
امتداد للثورة
وخير دليل على ذلك ما حدث في اليوم الثالث لانطلاق الثورة السبتمبرية سنة 1962م بصنعاء لتصنع بداية الامتداد للثورة باتجاه الجنوب عندما أعلن نداء الثورة للدفاع عنها حتى تدفق من عدن في الأسبوع الأول نحو خمسة آلاف متطوع وفي غضون أيام وصل العدد إلى عشرين ألف متطوع الأمر الذي دفع قيادة الثورة بصنعاء إلى فتح معسكرات تدريب في تعز للمتطوعين وأطلقت عليهم اسم الحرس الوطني وقد كان للتجار دور عظيم في تلك الفترة في كل من عدن وتعز في عمليات نقل وتموين وتجهيز الحرس الوطني في معسكرات التدريب وإرسالهم إلى ساحة القتال للدفاع عن الثورة اليمنية الوليدة لتصبح ساحة الشمال خلفية لانطلاقة الكفاح المسلح في جنوب الوطن المحتل.
مسار الثورة
وبالتالي لقد كان للتجار دور لايستهان به في الدفاع عن الثورة اليمنية بأموالهم وأرواحهم في كثير من الأحيان عند اكتشاف أنشطتهم الموالية للثورة سواءٍ في الجنوب أو في الشمال وكما هو معلوم في تاريخ الثورات العربية والعالمية باعتمادها بشكل كبير على أصحاب رؤوس الأموال إلى جانب تضحيات المناضلين وصولاٍ إلى تحقيق الانتصار الحقيقي لثوراتهم ومع ذلك تظل إسهامات التجار مجهولة نظراٍ لحساسيتها عندما يعرفها عامة الناس أثناء الكفاح المسلح والتي قد تؤثر سلباٍ على استمرار مسار الثورة في حال انقطاع الدعم المادي والمعنوي للثوار.
سباقون
وبعد قيام الثورة السبتمبرية الوليدة ظهر العديد من التجار اليمنيين في العلن وقدموا تبرعات مالية كبيرة لدعم حكومة الثورة سواء في الداخل أو في المهجر حيث قدم التجار المغتربون سواءٍ في الحبشة أو غيرها من دول الاغتراب مئات الآلاف بالعملة الصعبة.
أما عن دور التجار في عدن فقد كانوا سباقين في احتضان الثوار القادمين من الشمال الذين خططوا لقيام ثورة 26 سبتمبر بالتنسيق والتعاون مع نظرائهم من الأحرار في مدينة عدن حيث كان التجار يقدمون لهم كافة أنواع الدعم المادي وتسهيل تنقلاتهم وعقد اجتماعات الثوار من الشمال والجنوب بشكل سري حتى لا يعرف البريطانيون والسلاطيين الموالون لهم.
وأذكر أن من أبرز التجار الذين وهبوا أموالهم وحياتهم للدفاع عن الثورة اليمنية الوليدة سبتمبر وبعد اكتوبر هو رجل الأعمال المعروف المناضل محمد عبدالرحمن القرشي الذي كان يعيش في حارة القريشة بالشيخ عثمان الذي خصص منزله دار ضيافة للثوار القادمين من الشمال كما اسهم في بناء مسجد ومدرسة النور بالشيخ عثمان وكذلك كلية بلقيس بعدن وبعد قيام ثورة 26 سبتمبر سنة 1962م انتقل إلى صنعاء وأسس شركة التبغ والكبريت ثم انتقل للعمل بحكومة الثورة في الجانب الاقتصادي وعمل مفتشاٍ عاماٍ لمكتب الاقتصاد بمحافظتي الحديد وتعز بدرجة وزير حتى وافته المنية في 1986م بحادث مروري.
