ثورة 26سبتمبر أتاحت الفرصة للقوى الجادة في تنفيذ عمل عسكري منظم ضد قوات الاستعمار البريطاني في الجنوب

ثورة 14 أكتوبر حققت الاستقلال ووحدت الجنوب في دولة واحدة
بعد أن كان مقسماٍ إلى 23 سلطنة ومشيخة
قيادة الجبهة القومية كانت صادقة ولديها مشروع وطني تحرري ولذلك التف الناس حولها وأيدوها في تبني الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني
حاوره / صلاح سيف
المناضل فضل علي عبدالله أحد القيادات العمالية التي كان لها دور في تشكيل الحركات النقابية العمالية التي ساهمت في تكوين وعي سياسي رافض لتواجد الاستعمار البريطاني وسياسات الظلم والقهر الإذلال الذي مارستها قوى الاستعمار ضد أبناء الشعب اليمني في الجنوب وصادرت كل حقوقه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية خلال 139عاماٍ من احتلاله لمدينة عدن وأراضي الجنوب اليمني قبل أن تجبره ثورة 14أكتوبر المسلحة بقيادة الجبهة القومية على الرحيل في 30نوفمبر 1967م بعد أن احرقت الأرض تحت أقدام الانجليز وأجبرته على الرحيل صاغرا مذعورا بعد أربعة أعوام من الكفاح المسلح قدم فيه الشعب اليمني خيرة أبنائه الشجعان في طريق البحث عن حريته وكرامته واستقلاله .. صحيفة الثورة التقت المناضل فضل علي عبدالله وطرحت عليه العديد من الأسئلة الخاصة بالكفاح المسلح ودور النقابات العمالية في تشكيل الوعي السياسي عند الناس والتهيئة لانطلاق الشرارة الأولى لثورة 14 أكتوبر المجيدة.. فإلي تفاصيل الحوار.
* هل لك أن تحدثنا عن بداية تشكيل النقابات العمالية والاتحادات ودورها النضالي خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات ودورها في قيادة الاحتجاجات الرافضة للسياسة الاستعمارية والدور الذي لعبته في التهيئة لثورة 14 أكتوبر¿
– أنشئت النقابات العمالية في فترة مبكرة جداٍ وذلك في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي وتكون اتحاد النقابات أو مؤتمر عدن للنقابات في عام 1956م وضم حوالي عشر نقابات عمالية وكان لهذه النقابات دور كبير جداٍ في رفع الوعي بين الجماهير والعمال لمقاومة الظلم والقهر والإذلال الذي كان يمارسه الاستعمار وشركاته الأجنبية ضد العمال ولكن النقابات لعبت هذا الدور واستطاعت أن تخلق طبقة عاملة واعية تفهم وتدرك مصالحها وخاضت النقابات عدة إضرابات عمالية ونزاعات مع أصحاب العمل من الشركات الأجنبية مثل شركات الملاحة الأجنبية التي كانت تدير ميناء عدن , وكان عدد العمال في عدن في البداية قليلاٍ ثم ارتفع عددهم تدريجياٍ ليصل إلى عشرات الآلاف وأكثر العمالة كانت تعمل في شركات الملاحة التي كانت تشتغل في الميناء لأن ميناء عدن كان يستقبل مابين (20 -25) باخرة في اليوم و كانت تلك البواخر تحمل بضائع فتضطر الشركات لإنزال هذه البضائع من البواخر إلى أرصفتها بواسطة هؤلاء العمال ثم تعيد تصديرها إلى الموانئ المجاورة عبر بواخر صغيرة لأن كثيراٍ من الموانئ المجاورة لم تكن مؤهلة لاستقبال بواخر كبيراٍ وكان ميناء عدن يعتبر ثاني ميناء في العالم بعد ميناء نيويورك في تلك الفترة ولذلك كان عدد العمالة في الميناء كثير جداٍ.. ولكي نكون منصفين فمعظم هذه العمالة كانوا من أبناء المناطق الوسطى بنسبة 70-75% حيث كانت عدن حينها تعد مدينة المدائن وكانت تتوفر فيها بنية تحتية متكاملة من كهرباء ومياه وطرقات والتعليم والصحة إضافة إلى الميناء والمصافي و كل الخدمات الأخرى كانت متوفرة فيها ولذا كان الناس يأتون إليها بحثاٍ عن الرزق.
* لكن في فترة لاحقة سعى حزب الشعب الاشتراكي إلى احتواء هذه النقابات واستثمار حراكها من أجل تحقيق مكاسب سياسية ممكن تحدثنا عن مدى تأثير ذلك على حركة النقابات العمالية ¿
– حزب الشعب الاشتراكي تأسس في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات .. قيادة الحركة العمالية إنذاك فكرت أن تستفيد من زخم الحركة النقابية فأعلنت عن تأسيس حزب اسمه (حزب الشعب الاشتراكي) الذي كان يقوده عبدالله الأصنج وكان عبدالله الأصنج أمين عام المؤتمر العمالي إنذاك فاستفادت قيادة الحركة النقابية من العنفوان السياسي والوعي الذي بدأ يتكون عند العمال وخاصة بعد ثورة 23 يوليو 1952م في مصر وما أفرزته هذه الثورة وبروز القومية العربية بقيادة مصر عبدالناصر وبالتالي أنشئ هذا الحزب لكن قياداته لم تكن جميعها في الحركة النقابية ولكن بعضها وكان البعض الآخر من خارج الحركة النقابية أمثال محمد سالم علي صاحب جريدة البعث وهو صديق الأصنج وكان حينها عضواٍ مؤسساٍ لحزب الشعب الاشتراكي ولذلك كان الحزب واجهة سياسية لحركات نقابية برزت بشكل قوي وكان لها تأثير كبير في رفع مستوى وعي الإنسان وفي الحراك السياسي بعدن والجنوب بشكل عام .
* كان إنشاء النقابات العمالية تلبية لرغبة العمال في إيجاد كيان نقابي يدافع عن قضاياهم وحقوقهم فهل كان مستوى الوعي أثناء تشكيل النقابات يهدف إلى بلورة رؤى ثورية تسعى للتحرر من قبضة الاستعمار ¿
– بالتأكيد النقابات العمالية كانت عبارة عن مطالب عمالية في ظل غياب القوانين التي تحمي حقوق العمال ثم تطورت إلى وعي سياسي .. وكانت ثورة 23يوليو بقيادة جمال عبدالناصر قد أثرت تأثيراٍ كبيراٍ في حياة الناس وفي وعي الناس في كل مناطق العالم العربي وإفريقيا ولذلك تطورت المطالب من مطالب بالحقوق العمالية إلى مطالب سياسية وبدأت تتبلور كثير من الرؤى السياسية وظهرت الكثير من الحركات السياسية في بداية الستينيات وقبلها رابطة أبناء الجنوب في نهاية الخمسينيات ومعظم من كون فيما بعد أحزاباٍ سياسية كانوا أعضاء في حزب الرابطة. .
* حدثنا عن دور حركة القوميين العرب فرع اليمن ومحاولتها في استقطاب قيادات الحركة العمالية في إطار استعدادها لعملية التحضير للكفاح المسلح ¿
– حركة القوميين العرب الذي أسسها في اليمن هم الشهيد فيصل عبداللطيف وسلطان أحمد عمر وزملاؤه من المحافظات الوسطى وكان من صنعاء يحيى الارياني أحد المؤسسين للحركة وفعلاٍ بدأت الحركة في استقطاب مثقفين ونفس الشيء لحزب البعث الذي بدأ ينشط في وسط المثقفين وكان في حراك سياسي داخل المؤتمر العمالي وكنت أشاهد هذا الحراك السياسي عندما كنت أذهب وأنا مازلت طالباٍ كنت أشاهد حراكاٍ سياسياٍ داخل مقر المؤتمر العمالي لتيار حزب البعث وحركة القوميين العرب وكان في تسابق بين حزب البعث والحركة على استقطاب قيادات الحركة العمالية والعمال .
* المظاهرات العمالية والطلابية كانت في عدن يوم 24سبتمبر 1962م المعروفة بأحداث المجلس التشريعي بداية الحركة الثورية المنظمة ضد الوجود الاستعماري في عدن ممكن تحدثنا عن هذا اليوم ¿
– هذا يوم مشهود في تاريخ الحركة العمالية والوطنية رغم أني لم أشارك فيه فقد كنت طالباٍ حينها لكني اتذكر هذا اليوم فقد خرجت الجماهير في مظاهرة حاشدة جداٍ ضد المجلس التشريعي وكانت فرصة للقوى السياسية أن تبلور فكرتها وتسعى لخلق حركة سياسية معارضة لوجود الاستعمار وفعلاٍ في هذا اليوم المشهود تمكنت هذه المظاهرة أن تسجل حدثاٍ تاريخياٍ في حياة شعب الجنوب لأن هذا التاريخ يعد بمثابة مؤتمر أول أو بداية للعمل السياسي ضد الاحتلال البريطاني حيث تكونت بعد هذا اليوم مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية التي ناضلت ضد الاستعمار البريطاني على سبيل المثال بعد ثورة 26سبتمبر 1962م في الشمال التي جاءت بعد يومين من المظاهرات العمالية ضد المجلس التشريعي قد أتاحت الفرصة للقوى الجادة في أن تبدأ في تنفيذ عمل عسكري منظم ضد قوات الاستعمار البريطاني وهنا برزت الجبهة القومية في 1963م كحركة سياسية تبنت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني رغم معارضة الكثير من القوى السياسية الأخرى مثل حزب الشعب الاشتراكي والسلاطين الذين بدأوا يتخوفون من هذه القوى حيث نظروا إليها بأنها تابعة لمصر عبدالناصر وبالتالي تحالف السلاطين مع القوى الراديكالية الأخرى وشكلوا لوبي معارض للثورة المسلحة وبدأت هذه القوى تتواصل مع مصر عبدالناصر على أساس أن الجنوب لا يمكن أن تقوم فيه ثورة مسلحة لأن الخسائر ستكون كبيرة في الأرواح كون الاستعمار يسعى لاستخدام القوة ضد أي عمل ثوري ومع ذلك كانت الجبهة القومية قد بدأت نشاطها في الكفاح المسلح وأصرت على الاستمرار في كفاحها المسلح ضد الاستعمار البريطاني .>>>>>>>>
>>>>>>>>>>>>
>>>>
