
الرياضيون سباقون إلى الوحدة .. وفي ليبيا شاركت اليمن بوفد موحد
حاورها / خالد النواري
تأكيداٍ لواحدية الثورة اليمنية فقد انتقلت الثورة السبتمبرية التي أطاحت بالحكم الكهنوتي البغيض في الشطر الشمالي من الوطن لينتقل الطوفان الثوري إلى الجزء الجنوبي الذي كان يرزح تحت وطأة الاحتلال الأجنبي السلاطيني الغاشم حيث تمكنت الإرادة الشعبية من كسر حاجز الخوف وتهشيم الأسطورة التي كانت مرسومة عن الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس.
ومع توالي التضحيات الكبيرة وسقوط قوافل الشهداء في موكب الإباء والحرية تحولت مدينة عدن إلى بركان ثائر أحرقت حممه جنود المحتل الذين ارتعشت أقدامهم وتحطم تحت وطأته عرش القوى الاستعمارية التي جثمت على الجزء المحتل من الوطن (128) عاماٍ .
وبقيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر أشرقت شمس الحرية وتنفس الشعب اليمني نسمات الأمل واستشراف المستقبل ليكتمل وهج الثورة برحيل آخر جندي عن الأرض اليمنية .. وطوى الشعب اليمني حقبة زمنية مظلمة تركت ذكريات مؤلمة خلال الحكم الاستعماري الذي خسر رهانه في تحطيم الإرادة اليمنية الصلبة.
وأحدثت الثورة المباركة تفاعلاٍ شعبياٍ غير مسبوق حيث تم إنشاء العديد من التكوينات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وبدأت التكوينات الرياضية تتشكل على هيئة أطر رسمية بعدما نشأت بعض الأندية الرياضية بعدن وأقدمها نادي الاتحاد المحمدي عام 1905م والذي تغير اسمه بعد ذلك إلى نادي التلال كما برزت أندية أخرى مثل المحمدي القعيطي الحسيني الأحرار الأهالي الشباب الهلال الشبيبة (الواي) الجزيرة الروضة شباب التواهي الشعب شباب البريقة.
وفي إطار التفاعل الشبابي والرياضي عقب الاستقلال تم عقد أول مؤتمر رياضي في جنوب الوطن عام 1973م والذي تم خلاله وضع الضوابط والمعايير التي تنظم آلية العمل الرياضي مما أسهم في إيجاد انطلاقة قوية للحركة الشبابية والرياضية.
ولم تكن المرأة اليمنية بعيدة عن تلك الأحداث فقد كانت في مقدمة الصفوف ثائرة ومناضلة ومثقفة وناشطة شبابية ورياضية وتصدرت الشهيدة لطيفة علي شوذري قائمة طويلة من المناضلات اليمنيات والتي استشهدت برصاص المستعمر البريطاني خلال مظاهرة سلمية في مدينة كريتر عام 1965م.
وشكلت جمعية المرأة العربية بداية العمل المؤسسي للمرأة العدنية عام 1960م والتي انبثقت منها العديد من الجمعيات والتكوينات النسائية التي ساهمت في التحرر من الاستقلال وبدأت بتفريخ الكيانات النسوية التي اهتمت بالمبدعات في مختلف المجالات.
الدكتور فائزة عبدالرقيب سلام إحدى الرائدات اليمنيات اللاتي عاصرن مرحلة التحول الجذري في تاريخ الشطر الجنوبي من الوطن وعايشت فترة بداية التكوينات الشبابية والنسوية وعاصرت العديد من الكوادر الوطنية عقب ثورة 14 أكتوبر وقد استضفناها في حوار خاص كان حافلاٍ بالعديد من المحطات والشواهد التاريخية .. وفيما يلي الحصيلة:
* كيف بدأت الحركة الرياضية تتشكل بعد قيام ثورة 14 أكتوبر المجيدة¿
– بدأت الرياضة تزاول في المدارس وأتذكر حينما كان عمري 17 سنة في المدارس الابتدائية كنا نمارس الرياضة كجزء من النشاط المدرسي وكان يتم تشكيل الفرق الرياضية ويقام دوري مدرسي في ألعاب الطائرة والطاولة والشطرنج خلال فترة السبعينات وفي عام 1974م شاركت في أول دورة مدرسية في القاهرة حيث تم اختياري كإحدى الطالبات المتفوقات ضمن قائمة منتخب وطني للفتيات وشاركنا في الدورة المدرسية السادسة التي أقيمت في الإسكندرية بلعبة الكرة الطائرة وتلك كانت المقدمة لانطلاقة الرياضة حيث تم بعد ذلك انتعاش الرياضة بشكل كبير بعد إنشاء المجلس الأعلى للرياضة عام 1976م وكانت المسؤولة الأولى في تشكيل اتحاد الكرة الطائرة الأخت نوال سيف والتي كانت سكرتير اللجنة الأولمبية وسكرتير العلاقات الخارجية في المجلس الأعلى للرياضة وحينها كانت مكلفة بإعداد اتحاد الطائرة وكانت أول رئيس اتحاد الطائرة في اليمن وكانت ممثلة اليمن في الاتحاد العربي وأحد المؤسسين لاتحاد الطائرة العربي وفي تلك الفترة لم أكن أستوعب تلك الأشياء وكنت أعرف فقط أن نوال سيف المسؤولة على لعبة الكرة الطائرة فقط ولكن بحكم ارتباطي بالأخت نوال سيف وكوننا نعيش في نفس المنطقة عرفت بعد ذلك أنها مْؤسسة اللعبة.
* كيف كانت بداية مسيرتك في الحركة الشبابية والرياضية¿
– نحن كنا من الطلائع الأولى من الشباب الذين بدأنا مشوارنا الرياضي بعد نجاح ثورة 14أكتوبر المجيدة والاستقلال من الاستعمار وفي تلك الفترة كانت هناك إرادة سياسية حقيقة عند القيادة حول تبني الكثير من المشاريع التي تخدم الإنسان كون الرؤية السياسية في تلك الفترة ركزت على بناء الإنسان كجزء من النظام السياسي وهو الأمر الذي وفر الأرضية المناسبة لتفعيل الأنشطة الرياضية وكانت بدايتي في المدرسة وكنت كأي طالبة صغيرة سعيدة بمزاولة الرياضة وعلى وجه التحديد الكرة الطائرة مع فريق المدرسة للفتيات وبعد وجود النواة الأولى والمتمثلة باللاعبات اللاتي زاولن الأنشطة الرياضية في المدارس بدأت الأخت نوال شفيق بالتواصل مع الأندية الرياضية في عدن وطرحت فكرة تبني الرياضة النسوية وتشكيل فرق نسائية فكانت البداية تأسيس إتحاد الكرة الطائرة والذي كان السباق في تأسيسه رائد اللعبة علي أحمد عزاني الذي كان صاحب فكرة تشجيع التحاق الفتيات بالأندية الرياضية وحينها كنت في أول ثانوي وجاء عزاني إلى المدرسة الثانوية والتقى بإدارة المدرسة وأكد فتح أبواب الأندية للفتيات للتمرين وخاصة نادي الميناء حيث كانت فيه صالة مغلقة واختارت مدرسة ثانوية 14 أكتوبر للفتيات عدداٍ من المشرفات المدرسات كمساعدات للمدرب وكنا نتدرب في صالة النادي التي كانت أحد العوامل التي أسهمت في تطوير وصقل قدرات الفتيات كونها كانت شبه مغلقة وكانت تخصص أوقاتاٍ محددة لتدريب الفتيات ولا يسمح بدخول أحد للصالة أثناء التمارين بما ساعد الفتيات على التدرب بمفردهن وفق خصوصية معينة حتى تأقلمن مع الوضع وبدأ المدرب يكثف من التداريب ويشرك بعض اللاعبين المتميزين في تمارين الفتيات مثل فتحي مخضري وحسن محمد سعيد وغيرهم من النجوم الأمر الذي أسهم في استفادة وتطوير المستوى والتكنيك لدى فريق الفتيات للكرة الطائرة بنادي الميناء وعلى غرار ذلك تم نقل التجربة إلى أندية شمسان والتلال والوحدة والشعلة وكنا نلعب في بداية الأمر بين الأشواط أثناء الدوري الرسمي للشباب حيث نلعب مباراة من شوطين كبداية لتشجيع الفتيات حتى تعودنا على البطولات الجماعية وبعد ذلك أصبح ينظم دوري ثابت للفتيات ويقام بالتزامن مع دوري الشباب وكانت فرق الفتيات تحرز بطولة الدوري الخاص بها.
* كيف كان وضع الرياضة في عدن قبل وبعد الثورة¿
– قبل الثورة كان هناك نوع من ممارسة الرياضة بفعل طبيعة المجتمع نفسه وكانت هناك ألعاب البادمنسن وسباق الخيول وألعاب كثيرة وكانت الجمعيات الثقافية والانجليز والجاليات تنظم مثل تلك المسابقات وأتذكر في نادي الميناء كان الإنجليز من سياح وبحارة يأتون ويلعبون ويقيمون دوري أو بطولة رياضية بينهم وبين أبطال نادي الميناء الذي كان يحمل أسم نادي شباب التواهي وكان معروفاٍ عنه أنه من أقوى الأندية في عدن وكانت الأندية لها حضور في عدة ألعاب كما كان لنادي التلال حضوره القوي والفاعل وأقدم تاريخ لبداية الرياضة في عدن منذ عام 1905م ابتداءٍ بتأسيس نادي التلال وقبل ذلك كانت هناك أندية قد توحدت مثل نادي المحمدي ونادي الواي وغيرها وتكونت منها أندية الميناء وشمسان والتلال والوحدة وبالنسبة للفتيات فقد بدأت الرياضة من خلال تجمعات الجمعيات والجاليات والأندية وجمعية المرأة العدنية والمرأة العربية التي كانت تشجع تلك الأنشطة ولكن ممارسة الألعاب كان بشكل محدود في الشطرنج والطاولة.
أبرز الكوادر الرياضية التي أسهمت في وضع اللبنات الأولى للرياضة في عدن¿
* إذا كانت بمسمى النساء تعتبر نوال قاسم سيف أحد أبرز الكوادر الرياضية النسوية التي كْلفت بإنشاء اتحاد الكرة الطائرة وحققت نجاحات كبيرة في العمل الرياضي كما ظهرت نساء رائدات ومتميزات زاولن الرياضة قبلنا مثل خيرية عبدالواسع ومجيدة عبدالمجيد التي كانت تلعب كرة الطاولة وبشكل جماعي خلال الفترة التي عاصرتها ظهرت ومعي مجموعة من اللاعبات المتميزات لنشكل فريقاٍ موحداٍ وفي كثير من الألعاب مثل الطائرة والسلة وألعاب القوى وساهم ظهورنا كوننا كنا جيلاٍ واحداٍ له امتداد متواصل خاصة وأننا زاولنا الرياضة خلال فترة ظهور الرياضة في الأندية وبعد ذلك ظهرت فرق كثيرة ولاعبات متميزات مثل نادية أحمد يوسف التي كانت من أفضل اللاعبات وكان ارتقاؤها في الكرة الطائرة يوازي ارتقاء أفضل لاعب في المنتخب الوطني اليوم وذلك نتيجة الإعداد الجيد والمستوى المميز الذي وصلت إلى الفتيات والمهارة العالية التي أكسبتهن قدرة عالية من التكنيك والأداء الذي لا يمتلكه الشباب حالياٍ.
* كيف يمكن الربط بين قيام الثورة وبدء الحركة الرياضية¿
– ثورة 14 أكتوبر جاءت بعد عملية التحرر من الاستعمار وكانت تتواصل في بعض الأمور انطلاقاٍ من الرؤية والسياسية كونها تبنت مشروع بناء الإنسان وتعد من ضمن حركات التحرر الوطني التي جاءت على فكر ورؤى ذات طابع تحرري ديمقراطي فكان من ضمن رؤية الثورة العدالة الاجتماعية ومشاريع توفير العمل للجميع ومجانية العمل ومجانية الطب وكانت الرياضة جزءاٍ من بناء الإنسان ومعتمدة في إستراتيجية ورؤية التنشئة الاجتماعية للفرد ومن هذا المعتقد تم تبني خطوات منظمة في تطوير الرياضة وتوسيع دائرتها حيث بدأت الرياضة بلعبة ولعبتين وثلاث حتى وصلنا إلى مختلف الألعاب التي تمثلها اللجنة الأولمبية.
* كيف أسهم الشباب والرياضيون في قيام الثورة¿
– كان يوجد الاتحاد الوطني لجنوب اليمن الذي كان يلعب دوراٍ أساسياٍ في عملية التحرير وشارك بصورة فاعلة وقد استشهد كثير من الشباب ومن كوادر الاتحاد الوطني في ساحات التحرير وشاركوا في العمل المسلح وتوزيع المنشورات وفي كثير من الفعاليات واستمر هذا النضال بدون توقف وعقب التحرير والاستقلال تبنت الدولة مشروع الشباب وتأسس الاتحاد الوطني لطلاب اليمن الذي كان في الأساس جزءاٍ من مكون اتحاد الشباب اليمني الاشتراكي الذي تم تشكيله في السبعينيات.
* حدثينا عن المشاركات الخارجية عقب ثورة 14 أكتوبر¿
– كانت الرياضة منظمة وبدأت باتحاد الكرة الطائرة ثم لعبة الطاولة وكانت عملية الاختيار تتم عبر المدارس التي شكلت النواة الأولى للمواهب في مختلف الألعاب وكنت ألعب الكرة الطائرة كلعبة أساسية بالإضافة إلى أني كنت بطلة في ألعاب القوى لمسافات 100 و200 متر وبدأت تتشكل الألعاب الرياضية الأخرى في الاتحادات كما بدأ طرح مشروع وجود الفتاة في جميع الاتحادات وأصبحت المرأة تنتخب وتمثل في الاتحادات وتدار من قبلها الاتحادات وقد بدأ مشواري الرياضي من المدرسة خلال المرحلة الابتدائية ثم الإعدادية وفي عام 1974م بدأت أول مشاركة خارجية واستوعبنا حينها أهمية الرياضة والمشاركات الخارجية التي وسعت من آفاقنا وفي عام 1977م شاركت خارجياٍ في ليبيا وفي عام 1979م شاركت في الصومال .. وبعد ذلك لم أشارك في الدورات المدرسية لأنني التحقت بالجامعة وكان هناك نظام يحول دون المشاركة في مرحلة سابقة حتى وإن كان الأداء قوياٍ ومميزاٍ حيث كانت هناك آلية محددة تحدد المشاركات الخارجية بحسب المراحل الدراسية وخلال دراستي الجامعية شاركت عام 1979م في دورة جامعية أقيمت في ليبيا .. وعقب ذلك تخرجت من الجامعة وانتقلت للعمل الإداري كعضوه في الهيئة الإدارية لنادي الميناء الرياضي عام 1985م وبعدها حصلت أحداث 1986م التي كانت مؤسفة وأثرت بشكل كبير على العديد من المجالات ومنها قطاع الرياضة وفي عام 1990م جاءت الوحدة المباركة وانتقلت إلى صنعاء وعملت كمسؤولة إعلامية ثم سكرتيرة الاتحاد العام لألعاب القوى حتى عام 1995م حيث تأسس إتحاد جديد برئاسة الأخ فؤاد الكميم وكْلفت من الاتحاد بتفعيل اللعبة في محافظات عدن ولحج وأبين وتوقف مشواري مع اتحاد الطائرة وتوليت مهام أمين عام نادي الميناء وأشرفت على الألعاب بشكل عام.
* كيف يمكن تقييم وضع الرياضة النسوية بعد (50) عاماٍ من الثورة¿
– الرياضة النسوية حققت نجاحات طيبة لكنها تراجعت في الفترة الأخيرة نتيجة غياب المشاركات الفاعلة والحقيقية وقد طرحت رؤية في مؤتمر الرياضة حول موضوع الرياضة النسوية التي تزاول اليوم بشكل رياضة نخب وليس رياضة حقيقية حيث تشارك نفس الفتيات في ألعاب متعددة ولا يتم التقيد بالأعمار المحددة وهذا أمر غير مجدُ ولا يحقق الفائدة المطلوبة للرياضة بالإضافة إلى الواقع الاجتماعي المعارض للرياضة النسوية والذي لمسته حينما عملت مع اتحاد القوى مطلع التسعينيات حيث واجهتنا صعوبات كبيرة نتيجة معارضة ممارسة الرياضة النسوية بينما ذلك الأمر يتطلب جرأة معينة وتوقيتاٍ مناسباٍ وقد جاء ذلك التوقيت وبكل بساطة حينما تهيأت الظروف للانطلاق بعد أن خرجت النساء للاعتصام في الساحات والميادين وهو الأمر الذي كسر حاجز الخوف وأزاح أي معتقد يحول دون مشاركة المرأة إلا أنه رغم ذلك لم يتم استغلال تلك العوامل واستمر العمل برياضة النخب التي لن تؤتي ثمارها كون الرياضة الحقيقية يجب أن تبدأ من الأندية والاتحادات الرياضية حتى يكون لها تمثيل حقيقي ولكن الآن لا يوجد لاتحاد الرياضة النسائية وضع أولمبي حقيقي في الهيكل الأولمبي وأصبح اتحاد رياضة المرأة بمثابة لجنة أولمبية مصغرة يزاول كل الألعاب ويضم نفس النخب وهذا وضع غير صحيح.
* كيف أسهم الشباب والرياضيون في تعميق الوحدة قبل إعلانها سياسيا¿
– كان الشباب والرياضيون من المساهمين بشكل كبير في تعميق مفاهيم الوحدة المباركة وخلال مشاركتي في إحدى البطولات الرياضية الخارجية في ليبيا طالب الرئيس القذافي بمشاركة موحدة لليمن بدلاٍ عن المشاركة الشطرية وبالفعل كانت هناك مشاركة موحدة في لعبة كرة القدم باسم اليمن الموحد بينما شارك فريق الفتيات باسم الشطر الجنوبي كونه لم يكن هناك فريق نسائي للشطر الشمالي كما أتذكر العديد من المشاركات الرياضية الكثيرة بين الفرق الرياضية في الشطرين والزيارات المتبادلة لتلك الفرق في صنعاء وعدن .. وكان الرياضيون أول من توحد بين القوى الوطنية الأخرى كون الرياضة ليس لها وطن ولا تحكمها حدود باعتبارها عالمية وإنسانية وبالتالي دخلنا من هذه المعايير وساهم حبنا للرياضة في اقترابنا من بعض بشكل أكبر وقد أكد الرياضيون أنهم أكثر تلاحمنا وتوحداٍ رغم الصعوبات التي حدثت عقب الوحدة بسبب بعض الإجراءات التي طالت الرياضة في جنوب الوطن نتيجة اختزال الرياضة نادياٍ واحداٍ ممثلاٍ بنادي التلال الذي استحوذ على الدعم الرئيسي مما أثر على الرياضة في أندية أخرى مثل الوحدة وشمسان والميناء بينما كان وضع نادي الشعلة أفضل حالاٍ نتيجة حصوله على دعم خاص من مصافي عدن .. ولكن بشكل عام وكتفاعل وطني فقد أدرك الرياضيون أن الوحدة جزء من تركيبتهم النفسية.
* هل كانت توجد الكوادر التدريبية بداية ممارسة النشاط¿
– كانت لدينا تجربة خاصة وأتمنى أن يتم العمل وفق تلك الآلية الآن حيث تمت بداية الحركة الرياضية إرسال كوادر رياضية إلى ألمانيا وروسيا وتم إعداد كادر إداري وقيادي شارك في دورات مختلفة وأتذكر أن علي عزاني حصل على دورات في الكرة الطائرة وعاد بفائدة كبيرة وتم تأهيل كوادر أخرى بالجزائر في ألعاب القوى وهناك التقوا بكوادر من الشطر الشمالي ومنهم الأخ حسن الخولاني وكان الإخوة عبدالحميد السعيدي وخالد صالح من القيادات المميزة والذين امتلكوا قدرات عالية وشكلوا مرجعاٍ مهماٍ في مجال الرياضة ولكنه لا يمكن الاستفادة من تلك الخبرات في ظل وجود قيود معينة لا تساعد على التطوير وفي مقدمتها شحة الامكانات التي لا توازي تغطية نفقات لعبة واحدة في الوقت الذي تزاول في الأندية العديد من الألعاب الرياضية وفي المقابل منح الاتحاد الرياضي ميزانية تفوق ما يتحصل عليه النادي وهي معادلة مختلة وغير صحيحة.
* ما أوجه الدعم الذي كانت الدولة تقدمه للمبدعين¿
– العمل التطوعي في الأندية كان مختلفاٍ حيث كانت الدولة تضمن للمتطوع في الرياضة راتباٍ محترماٍ وكانت الهواية تدفعنا لمزاولة الألعاب ولا زالت الرياضة اليمنية مقيدة في إطار الهواة حتى الآن ولكن المدرب كان يحصل من وظيفته المهنية على راتب يؤمن له حياته المعيشية ولكن اليوم تجد الذي يتفرغ للعمل الرياضي يتأثر في معيشته ويتراجع دخله المادي فيضطر للبحث عن مصدر دخل آخر وكانت الأندية خلية عمل تعمل على مدار الساعة وخلال الفترة المسائية تقام الأنشطة الثقافي والتعبوية للرياضيين والشباب وتقام مشاركات فكرية وثقافية بين الأندية وكانت الأندية تعج بالشباب بينما أصبحت الآن فارغة في ظل انعدام الأنشطة المطلوبة وأصبح النشاط الرياضي عشوائياٍ ويفتقد للكوادر المؤهلة وبالتالي فإن فاقد الشيء لا يعطيه نتيجة تفريغ وزارة الشباب والرياضة من الرياضيين الحقيقيين القادرين على العطاء لأنه لا يمكن لأي رياضي أن يعطي كون الرياضة والقيادة فناٍ والقائد الحكيم ليس بالضرورة أن يكون رياضياٍ ولكن يجب أن تكون لديه رؤية في مفهوم الرياضة.
* كانت هناك نجوم بارزة في السابق فلماذا توارت الآن¿
– لقد عانيت من هذه المشكلة حينما عملت كأمين عام لنادي الميناء حيث وجدت اللاعب يشكو من المعاناة وهو في الجامعة لأنه يفكر في مستقبله وأحيانا تجد اللاعب لا يستطيع توفير الوجبة الغذائية الكافية له والتي يجب أن تكون مهيأة له كرياضي وبالتالي تجد أن الجانب المادي وعوامل الفقر والمعاناة هي التي أثرت في انحسار وجود النجوم البارزة الذين يصابون بخيبة أمل بسبب اللامبالاة وعدم الاهتمام بينما كان الأبطال في الماضي يحظون بالرعاية والاهتمام وكان اللاعب الذي يصل إلى مستوى من التألق والعطاء كانت الدولة تتبناه وتدعمه وفي بعض الأوقات تتبنى المشاريع الرياضية مثل منح المنازل والسيارات وغيرها من المكافآت التحفيزية للأبطال .. وأتذكر أني واجهت مشكلة سقوط سطح منزلي وحينها كانت وزارة الإسكان هي المعنية بترميم أي منزل ويتم التقسيط من الراتب وذهبت للمتابعة من أجل ترميم المنزل وكنت محتارة حول إيجاد الكفيل في دفع الأقساط وبالصدفة التقيت الأخ أحمد القعطبي الذي كان وزيراٍ للإسكان وحينما علم بمشكلتي وجه بترميم المنزل على نفقة وزارة الإسكان وذلك مثال حي لمدى الاهتمام بالرياضيين والخصوصية التي كان يعاملون بها.
* كيف جمعت بين مزاولة الألعاب الرياضية والموهبة الإعلامية¿
– يأتي ذلك ثمرة البناء المتبعة في الاتحاد الوطني واتحاد الشباب وكنت عضواٍ في أحد التيارات الرئيسية المكونة للحزب الاشتراكي وهو حزب إتحاد الشعب الذي كان معروفاٍ عنه بالاهتمام بكوادره وخاصة في مجال البناء الفكري وكانت تقام حلقات تثقيف داخل منظمة الشبيبة وكنا نقرأ العديد من الكتب ويتم تكليفنا بتلخيص الكتب التي نقرأها ونحاضر فيها بهدف تعويد الكوادر على امتلاك الثقة في استيعاب المعلومات وإعادة إنتاجها .. وتطورت العملية معي حتى أصبحت عادة فبدأت أحب القراءة والتعبير عن أفكاري كما بدأت تجربة إعداد البرامج في إذاعة وتلفزيون عدن واستمرت تجربتي الإعلامية حتى قيام الوحدة حيث توقفت عن الإعداد بسبب انتقالي إلى صنعاء ودخلت تجربة جديدة مع اتحاد ألعاب القوى ثم العمل الإداري في نادي الميناء.
* ما الفائدة التي خرجت بها خلال مشوارك الشبابي والرياضي¿
– المشاركات الخارجية أعطتني انطلاقة جديدة في الحياة حيث لم أكن أعرف العالم الخارجي وغير ملمة بالمشاركات الخارجية والتي أعطتني الثقة بنفسي كرياضية كما استفدت من الغربة خارج الوطن وكيفية تقبل الآخر من خلال لتعايش مع الآخرين خلال التجمعات الرياضية وشكلت تلك المشاركات محطة هامة ساعدتني في صقل تكوين شخصيتي وبعد ذلك خضت تجربة الإدارة سواء في النادي أو اتحاد القوى والتي جعلتني أكثر مرونة وطورت من قدراتي في استيعاب مفهوم الرياضة ومكوناتها وشاركت كرئيسة وفد مع اتحاد القوى في أكثر من مشاركة وقدمت اليمن بشكل جميل وفي بطولة أسبانيا حصلنا على المركز السابع في العالم في سباق اختراق الضاحية وكان ذلك الانجاز محل افتخار العرب والأجانب الموجودين خاصة وأن رئيسة الوفد اليمني كانت مرأة.
* حدثينا عن أبرز اللاعبات اللاتي شاركت معهن¿
– هناك أسماء كثيرة من اللاعبات فمن نادي الميناء أتذكر خيرية عبدالواسع ونادية يوسف التي كانت قائدة المنتخب ونجمة كبيرة وهي الآن مدرسة ولا زالت تدعم الرياضة ومن نادي شمسان نبيلة الجندي التي كانت من أفضل اللاعبات في المنتخب الوطني للكرة الطائرة النسوية وبالنسبة للكوادر الرياضية فكانت الأخت نوال قاسم بمثابة رمز الرياضة وأحييها بمناسبة ثورتي سبتمبر وأكتوبر وكذلك الأخت أسماء مبارك التي باتت تعمل في المجال الدبلوماسي في سفارة بلادنا في فرنسا وأتذكر أنها كانت مشرفة على الأنشطة المدرسية كما أتذكر بعض المدرسات مثل شفيقة مرشد وأتذكر عادل وادي وأحمد قطعبي وكان الأخ محسن أحمد صالح أحد الشخصيات القيادية في اتحاد الطائرة وأصبح خلفاٍ للأخ عادل وادي في رئاسة اتحاد الطائرة وقد وجدت منه الكثير من الدعم خلال فترة عملي أميناٍ عاماٍ لنادي الميناء.
* ما أهم المخرجات التي لمستها من مؤتمر الرياضة¿
– أود الإشارة هنا إلى أن المؤتمر الرياضي الذي عقد في تعز ليس المؤتمر الأول وإنما هو المؤتمر الخامس على اعتبار أنه عقدت أربعة مؤتمرات رياضية قبل الوحدة وذلك في الشطر الجنوبي وبالنسبة لأهم المخرجات فهي تشكيل لجنة بعضويتي لإعادة صياغة وبلورة وتقديم رؤية حول الرياضة ولجنة مصغرة لإعداد مشروع قانون الرياضة في اليمن كما وردت في المخرجات توصيات تشير إلى أن الرياضي لا يحصل على الرعاية الكاملة ومنها عدم وجود التأمين الصحي وغياب حقوق الرياضي وكان ذلك أحد المنطلقات لإيجاد قانون يضمن حقوق مكتسبة للبطل الرياضي.
* ماذا عن فائزة عبدالرقيب الإنسانة والأكاديمية¿
– أنا من مواليد أكتوبر 1956م وتلقيت تعليمي الابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعي بمدينة عدن وحصلت على رسالة الماجستير وشهادة الدكتوراة عام 2007م من أكاديمية العلوم البلغارية تخصص تكنولوجيا معلومات وقد ساعدني في الدراسة الرياضيون وهم الدكتور يحيى الشعيبي الذي كان وزيراٍ للتعليم العالي والبحث العلمي والأخ فؤاد الكميم ولدي عدة أنشطة إنسانية وتربطني بطلابي في الجامعة علاقة طيبة وتواصل مستمر وعملت معهم على بلورة مفاهيم الثورة وعارضت كثيراٍ من الأفكار الفوضوية كما طرحت لهم المطالب الشبابية التي تقتضيها الفترة الحالية وتربطني بالمحيط الاجتماعي علاقة إنسانية وأحرص على التواصل مع الرياضيين لا سيما من الذين عاصرتهم باستمرار.
* كلمة أخيرة¿
– ثورة سبتمبر وأكتوبر جاءت لصالح الإنسان وضمانة حقوقه وتطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة واحترام حقوق الإنسان ولكن للأسف هناك بعض الممارسات السلبية التي تتناقض مع تلك المبادئ ومع روح الثورة التي تبني ولا تهدم حيث أعاني منذ فترة من مشكلة جعلتني بدون مصدر للدخل بعدما كنت أشغل منصب مدير عام مركز المعلومات في المنطقة الحرة بعدن وبعد حصولي على شهادة الدكتوراه عام 2007م انتقلت للعمل الأكاديمي في جامعة عدن بنظام الانتداب حتى عام 2011م حيث صدرت توجيهات من رئيس مجلس الوزراء السابق الدكتور علي محمد مجور بإجراء خفض وإضافة لعدد من الكوادر في الجامعة وكنت ضمن تلك الكوادر البالغ عددها (9) دكاترة وبدأت في استلام مرتباتي من الجامعة لفترة خمسة شهور لكنه بعد ذلك توقفت الإجراءات في وزارة المالية وتم إيقاف راتبي وأصبحت الآن بدون مرتب لمدة عام بسبب الشخص الذي تم إحلالي بدلاٍ عنه والذي تم فصله من الجامعة بعد أن انقطع عن العمل وسافر للخارج وحتى الآن لا زلت أتابع في وزارة المالية ورئاسة الوزراء وأتمنى أن ألقى التعاون في تلك الجهات وأن لا تكون المعاناة هي المكافأة التي أحصل عليها كرياضية.
