
■ خيارنا بين تعزيز الاستقلال في الجنوب أو فك حصار صنعاء فتوجهنا من القاهرة إلى الحديدة
لـو حـقـنـا مـن الاسـتـعـمـار فـي عـدن فـاحتـضـنـتـنـا تـعـز
• يتحدث المناضل هادي عامر عن فترة النضال الوطني قبل نحو نصف قرن متذكراٍ بعض المواقف البطولية الرائعة التي قام بها هو وعدد من رفاق الكفاح الوطني
وتطرق في حديث لـ«الثورة» إلى العمليات الفدائية التي شارك فيها وهروبه إلى تعز بعد ملاحقة السلطات البريطانية للمناضلين:
أولاٍ اسمح لي أن أتوجه بالشكر لصحيفة الثورة على اهتمامها بالمناضلين والبحث عنهم لتسجيل ذكرياتهم وهذا عرفان من القائمين عليها بإسهامات هذه الشريحة من الناس في صنع التحولات الوطنية وفي البد اسمح لي ان اعرف بنفسي اسمي هادي محمد عامر من موليد1944م جبل العيد روس مدينة عدن انتمي إلى أسرة فلاحية فقيرة تعود أصولها إلى مديرية مودية محافظة أبين أعمل حالياٍ مديراٍ لقطاع الأثاث والتجهيزات المدرسية بالموئسة الاقتصادية اليمنية أما بدايتي في العمل الوطني فكانت في الستينيات من القرن الماضي عندما كنت طالبا في مدرسة مودية وكان معنا عدد من الزملاء الذين سبقونا بسنوات منهم على سيبل المثال المناضل الفقيد محمد علي هيثم وعلي ناصر محمد الرئيس السابق ومحمد عبدالله البطاني وكنا نسمع بأن سلطات الاحتلال البريطاني وعملائها يلاحقون المناضلين والذين كانوا يطلقون عليهم “شيوعيين” وكنا نريد أن نعرف ماذا تعني الشيوعية ¿ثم لماذا أولئك المناضلين يلاحقون مثل آل امجعلي وعلى رأسهم المناضل حسين عبدالله امجعلي عاقل آل حسن وكان الوالد عبدالله علي ناصر أحد هؤلاء “المتمردين” وهو خالي فبدأنا نتساءل بجدية عن الذي يحصل وهكذا بدأت تتفتح أعيننا على صوت عبدالناصر . صوت ثورة 23يوليو فبدأ الحماس العاطفي والثوري يزداد في أنفسنا لأننا كنا في عز شبابنا . وبعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة بدأنا نرى صور الفقيد المناضل – رحمه الله عبدا لله السلال وسمعنا تأييد مصر لثورة سبتمبر ازداد الحماس في أنفسنا وكنت ضمن مجموعة من الشباب غادرنا إلى البيضاء وفي البيضاء التقيت حسين عبدا لله العاقل عاقل آل حسن فطلب منا العودة إلى قرانا بحكم أننا صغار في السن ونجهل حقيقة مايجري وفعلا عدنا.
الالتحاق بالتنظيم الشعبي
ويواصل المناضل هادي حديثه بالقول
بعدها قامت ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة في14 أكتوبر1963م تعرفنا على بعض المناضلين في قيادة العمل الفدائي منهم الشهيد محمد ناصر مختار والمناضل شيخ الحمزة ” عمر”ثم انخرطنا في التنظيم الشعبي للقوى الثورية الجناح العسكري لجبهة التحرير وكان التنظيم الشعبي يتكون من عدة فرق منها : فرقة المجد في مدينة كريتر وفرقة الوليد في مدينة المعلا والتواهي وفرقة النصر في الشيخ عثمان وفرقة صلاح الدين دار سعد وفرقة سند والرسول في البريقة وفرقة النجدة في القاهرة والمنصورة وبعد استشهاد المناضل عبدالله محمد امجعلي سميت فرقة باسم امجعلي وفرقة الفتح في لحج والصبيحة وفرقة الوحدة في الضالع وردفان وانا كنت ضمن فرقة النصر وكان قائد الفرقة المناضل خالد مفلحي .
من تعز إلى القاهرة
*وعن العمليات الفدائية التي شارك في تنفيذها يقول المناضل هادي عامر : اشتركنا في عدد من العمليات الفدائية وكنت قائدا لإحدى الفرق الفدائية وفي بداية عام 1966م كنا ملاحقين من قبل السلطات البريطانية وأعوانهم فجاءت توجيهات من قيادة التنظيم بان الأمر يتطلب خروجنا إلى تعز وتوجهت إلى تعز برفقة عدد من المناضلين منهم احمد عوض الكوني ومحمد ناصر حسن وعبدا لرزاق عبدا لله وعبدا لكريم محمد أمشقي وعبدا لله مبارك ناصر وصالح ناصر هادي وآخرون وفي تعز التحقنا بمعسكر في صالة وتدربنا على أيدي خبراء مصريين وبعد اجتيازنا للتدريبات رشحنا ضمن مجاميع للتوجه للدراسة في مصر وفعلا وفقنا في الدخول إلى الكلية الحربية وقضينا حوالي سنة وستة أشهر تقريبا وكانت الدراسة مكثفة جدا وتخرجنا في 30 نوفمبر 1967م وسميت دفعتنا بدفعة الاستقلال وكان حينها المناضل عبدا لهادي باعوضه المسول السياسي لجبهة التحرير في جمهورية مصر العربية ومن زملائنا في الكلية الحربية في مصر احمد سالم عبيد ومحمد احمد الجيد ومحمد عيد روس العراشة وصالح يسلم عبدا لرسول وفضل حسن صالح ومحمد ناصر حسن وقاسم ثابت قطيبي وعلي عبدا لله حسين اليزيدي وآخرون .
اخترنا الدفاع عن سبتمبر
وعن الفترة التي اعقبت تخرجه من الكلية الحربية بمصر يقول هادي
تزامن تخرجنا مع استقلال جنوب الوطن في 30 نوفمبر 67م وجاء أيضا حصار صنعاء وكنا بين خيارين هل نعود للجنوب كي نعزز الاستقلال ونسهم في تثبيت الجمهورية الوليدة ¿ أم نذهب إلى الشمال وندافع عن الثورة إلام فكان القرار الحاسم بأن نتوجه للدفاع عن الثورة الأم من القوى الظلامية التي تكالبت على الثورة وحاصرت صنعاء فاتجهت دفعة الاستقلال إلى صنعاء .
فتح طريق مناخه
وصلنا إلى الحديدة واستقبلتنا القيادة اليمنية إلى جانب مندوب من جبهة التحرير وهو محمد احمد صالح شظيف ومن هناك تم انتقالنا إلى معسكر الاستقبال في تعز وتحملنا مسؤولية تدريب المتطوعين على الأسلحة التقليدية المتاحة في تلك الفترة وهي الشيكي والشميزر والقنابل اليدوية وتم ترتيبهم في سرايا وكتائب قتالية ثم توجهنا جميعا إلى الحديدة ومنها تم الزحف عبر مناخة مع قبائل المناضل الوطني الكبير الشهيد أحمد عبدربه العواضي وقمنا بهجوم مشترك لفتح طريق مناخة – صنعاء وفعلا تحقق ذلك بعد عدة هجمات حيث وان هذه الطريق يعد أحد أهم منفذين يعدان الشريان الرئيسي لإمداد صنعاء بالحياة, في تلك الفترة كانت القوات المرابطة في معبر بقيادة المناضل حسن الدفعي واذكر من الذين استشهدوا من جبهة التحرير في تلك المعارك المناضل سالم يسلم الهارش قائد فرقة النجدة والمناضل هاشم عمر من منطقة عدن الصغرى ونصر سيف من قيادة جبهة ردفان إلى جانب العديد من المناضلين ولم نشعر في أي لحظة من اللحظات باليأس أو التفكير بالاستسلام ولم نبال بالموت رغم سقوط الكثير من الشهداء من رفاقنا فقد كان شعار الجميع الجمهورية أو الموت .
لم ندرك قيمة ما حققناه
ويصف هادي لنا اللحظات التي استقبلو فيها أثناء فك الحصار عن صنعاء بالقول بعد أن توقف
عن الحديث لحظات يستعيد فيها أنفاسه ثم يجيب قائلا :-
عند فك الحصار عن صنعاء كانت المسألة عادية بالنسبة لنا لأننا كنا نعيش الموت لحظة بلحظة ولم ندرك قيمة النصر الذي حققناه إلا بعد فترة من الوقت وبعد ذلك عدنا إلى مناخه منتظمين من لواء الوحدة اليمني الأول وكان هناك أيضا لواء الثورة اليمنية الأول وكان لواء الوحدة يؤمن طريق الحديدة صنعاء وهو متمركز في منطقة متنة بني مطر وكان قائد لواء الوحدة حينذاك النقيب احمد صالح الصوفي .
صنعاء غير
* المناضل هادي عامر يتحدث عن ما تحقق للوطن منذ قيام الثورة حتى بالقول أن¿
- من أراد أن يعرف حجم المنجزات التي تحققت للوطن وعظمتها يجب أن يعرف كيف كان الوضع قبل الثورة فإذا أخذنا حال صنعاء أثناء فترة حصارها وحالها اليوم فلا يوجد وجه للمقارنة فعندما زرت صنعاء بداية أيام الوحدة ورايتها ذهلت وحينها عرفت قيمة وأهمية الدفاع عنها فما بالك الآن صنعاء أصبحت مدينة تضاهي الكثير من المدن في العالم لقد شهد الوطن بشكل عام نهضة تنموية شاملة ويمكن القول أن ما تحقق للوطن خلال السنوات الماضية من عمر الثورة يعد مفخرة حقيقية بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي كان يعيشها الوطن قبل الثورة .
ويختتم المناضل هادي حديثه بهذه المناسبة بالقول ونحن نحتفل بأعياد الثورة اليمنية الخالة سبتمبر وأكتوبر أود هنا أن أحيي كل شهداء الثورة اليمنية وكل المناضلين الذين استبسلوا في الدفاع عنها وحمايتها من الأعداء كما أحيي مصر عبدالناصر على ما قدمته من دعم ومساندة لثورة 26 سبتمبر منذ البدايات الأولى سواء كان ذلك الدعم ماديا أو معنويا كما لا ننسى أن نتقدم بتحية إجلال لشهداء مصر الذين رووا بدمائهم الطاهرة والذكية تربة الوطن اليمني كما نأمل من القيادة السياسية أن تولي مزيداٍ من الاهتمام والرعاية بأسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية .