بـ”نصرٌ من الله”..قُلعت العين الثانية
عبدالرحمن الاهنومي
عرض المتحدث العسكري أمس مشاهد لعملية أبو الحسنين الزعرور ، وهي المرحلة الثانية للعمليات الكبرى “نصرٌ من الله” ، كشف العميد سريع في مؤتمره الصحفي عن التقدم الكبير الذي أحرزته قواتنا الباسلة، والخسائر الكبيرة التي لحقت بالجيش السعودي ومرتزقته من جنسيات مختلفة ، مشيراً إلى أن مائة وعشرين آلية عسكرية تم اغتنامها ، بالإضافة إلى كميات هائلة من الأسلحة والذخائر والمعدات المختلفة التي خلفتها الجيوش المنكسرة في الشبكة وقرب السديس والصوح والفرع ، مشاهد الإعلام الحربي وثقت فراراً وهروباً جماعياً لعناصر الجيش السعودي المُعزز بحشود من المرتزقة المحليين والأجانب الذين حشدوا إلى هذه المناطق ضمن خيارات النظام السعودي وبدائله لحماية الحدود بعد انهيار جيشه في المعارك السابقة.
انهيار كامل للجيش السعودي في الحدود ، هذه النهايات لها بدايات سابقة وإن بصورة مصغرة قليلا ، ما حدث في “نصرٌ من الله” ليس الانهيار الأول لخطوط الدفاع الأمامية ، الاختلاف الآن في المشهد والزمن والمساحات وحجم الصورة بتفوق عمّا حدث خلال العامين “2015و2016م” ، حين انهار الجيش السعودي بالكامل على طول الشريط الحدودي من ميدي غرباً وحتى منفذ الخضراء شرقاً ، وقتذاك كان الأداء القتالي لأبطالنا أداءً فاعلاً وقوياً ، ومن الوهلة الأولى كان الجيش السعودي يُخلي المواقع أمام أي هجوم يشنه المجاهدون ، إلى أن وصل العدوان السعودي في مرحلة من المراحل إلى استقدام جيش بديل للقتال بدلاً عن جيشه بعد انهيار كامل لكل مواقعه في الحدود ولكل الألوية والمعسكرات، جنَّد المرتزقة من مختلف البلدان ، واستجلبهم لتشكيل مساحة أمنية حشد إليها من المقاتلين المجمّعين من جنسيات مختلفة، مرتزقة محليين وسودانيين وحتى إرهابيين من سوريا ومن دول متعددة.
في سبتمبر العام 2016م وعقب معركة خالدة سطرها مجاهدون بقيادة الشهيد العميد حسن الملصي قائد جبهة نجران ، أظهرت مشاهد الإعلام الحربي تدافع الدبابات أثناء هروبها وتصادمها وفرار الجند ، ما اُعتبر وقتها فضيحة تعكس المستوى المتردي ، لحال النظام السعودي الذي اعتقد لحظة بدء العدوان أن حدوده محمية بأفخر تكنولوجيا السلاح والطيران بمختلف أنواعه ، كان صوت المقاتل اليمني يدوي حينها “سلم نفسك يا سعودي” ، كان الصوت العميق جداً تعبيراً عن اللحظة المهيبة للكرامة في حضرة المال ووفرة السلاح بدون قيمة ، والمعبرة عن اللحظة المريعة للسعوديين الذين فروا مع بداية شنِّ الهجوم وسلموا كل شيء بما في ذلك مواقعهم.
حين قرر قائد جبهة نجران الشهيد العميد حسن الملصي اجتياح المواقع المحاذية لمدينة نجران وفيها من التباب المتعرجة وشديدة الانحدار والوعورة ، وقتذاك كان الشهيد أبو حرب يستذكر وعداً وعده للشهيد أحمد العزي سلام الله عليهم أجمعين ، والأخير هو القائد الأسبق للجبهة ذاتها ، قيل بأن العزي سأل الملصي عمّا بوسعه أن يعمل حال ما إن حدث واستشهد؛ أجاب الملصي “سأشعل نجران على رؤسهم” ، استشهد العزي سلام الله عليه ، فأطلق الملصي أولى عملياته الهجومية باسم عملية الشهيد “أحمد العزي” ، أنجز مع رفاقه الأبطال وحال عودته صدح بصوته المجلجل “احنا قلعنا عين من عيون السعودية وماضيين نقلع العين الثانية”، على أن ما أظهرته مشاهد عملية أبو الحسنين الزعرور تكشف أن ما تبقى من عين قد فُقئت واُقتلعت وبشكل نهائي ، المساحات ذاتها التي دارت فيها المعارك الأخيرة لعملية “نصرٌ من الله” ، سبق وأن سجلت مشاهد مطاردات المجاهدين للقوات السعودية والدبابات والمدرعات التي ما كانت تصمد في موقع قط ، الفارق أن في عملية “نصرٌ من الله” الأخيرة مشهد أجلى وأوضح يكشف عورات وأزمات وهزائم وإخفاقات وانكسارات النظام السعودي المرتعد أمام العالم ، وذلك يعكس أزمة كبيرة يعانيها النظام العدواني بعد أن تفاقمت أزماته بفعل الانهيارات المتتالية والمريعة.
أقل قليلاً من خمسمائة كيلو متر مربع ممتدة من وادي آل أبو جبارة وصولاً إلى الشبكة داخل نجران ، مساحة عملية “نصرٌ من الله” بمرحلتيها الأولى والثانية ، في غضون عشرة أيام تمكن الأبطال من تطهير تلك المساحات ، الأعداد الكبيرة من المدرعات والدبابات والاطقم والجند ، كثافة الغارات والتي تجاوزت عدد 900 غارة لم تحمِ المواقع السعودية من السقوط بأيدي الرجال سلام الله عليهم ، كل القوة تحولت إلى غنائم بيد أبطال الجيش واللجان الشعبية ، ذلك الأمر يعكس هشاشة سلاح جو العدو ، وأن سلاح المدرعات قش لا يحمي حداً ولا موقعاً، وأن السلاح المتطور وهمٌ وخديعة ، وأن الحدود السعودية مفتوحة الأبواب، وأن خطة حماية الحدود بحاميات من جموع المرتزقة اليمنيين والسودانيين سقطت في غضون عشرة أيام ، فباتت مفتوحة واسعاً أمام كل شيء.
الدبابات والجند والمدرعات والأطقم وكثيف السلاح والإمداد كلها تحولت إلى غنائم، المشاهد تعبّر عن الضعة السعودية وهزيمتها السحيقة ، وهي تعكس ما وصل إليه الجيش واللجان الشعبية من تطورات تقنية ، ويقين وإيمان ومعنويات عالية.