سعيد عمر العكبري‮:‬ ‬أنشأنا جيش التحرير لإسقاط المناطق بدءا◌ٍ‮ ‬من الضالع ومرورا بحضرموت وانتهاء◌ٍ بالمهرة



‬سيطرة الجبهة القومية على حضرموت في‮ ‬17‮ ‬سبتمبر‮ ‬1967م بعد أن قمنا بالسيطرة على القطاعات العسكرية الأربع التابعة للسلطنة القعيطية

‬ ‬في‮ ‬9‮ ‬يونيو‮ ‬1967م اقتحمنا مقر المستشارية البريطانية بالمكلا وأحرقنا ست سيارات تابعة للمستعمر

تم تعييني‮ ‬وزيراٍ للإدارة المحلية ووزيراٍ للزراعة والإصلاح الزراعي‮ ‬في‮ ‬أول تشكيل وزاري‮ ‬بعد الاستقلال

حاوره‮/ ‬سالم‮ ‬غالب بن بريك

‬قبل أيام مرت علينا الذكرى‮ »‬46‮« ‬لاستيلاء ثوار الجبهة القومية على السلطة في‮ ‬حضرموت في‮ ‬17‮ ‬سبتمبر‮ ‬67م‮ ‬هذا اليوم الذي‮ ‬ولد من رحم الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر مثل بداية عهد جديد في‮ ‬حضرموت ومبشرا ببزوغ‮ ‬فجر جديد في‮ ‬جنوب اليمن المحتل في‮ ‬الثلاثين من نوفمبر‮ ‬1967م برحيل آخر جندي‮ ‬بريطاني‮ ‬وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية‮ ‬وحول هذه المرحلة المهمة في‮ ‬تاريخ شعبنا اليمني‮ ‬تقدم‮ »‬الثورة‮« ‬شهادة مناضل كان له شرف المشاركة في‮ ‬صنع‮ ‬يوم تاريخي‮ ‬شهدته المكلا عام‮ ‬1967م في‮ ‬صبيحة‮ ‬17‮ ‬سبتمبر كما كان لدوره النضالي‮ ‬ولدور أبناء محافظة حضرموت نتائج بارزة في‮ ‬انتصار ثورة‮ ‬14‮ ‬أكتوبر وفي‮ ‬استقلال جنوب الوطن‮ ‬كان من بين أربعة من وزراء من حضرموت في‮ ‬أول تشكيل وزاري‮ ‬لحكومة الاستقلال‮ ‬حيث أسندت إليه حقيبتان وزاريتان‮ »‬وزيرا للإدارة المحلية ووزيرا للزراعة والاصلاح الزراعي‮«‬‮ ‬في‮ ‬الحوار التالي‮ ‬الذي‮ ‬أجريناه مع المناضل سعيد عمر العكبري‮ ‬عضو الشعبية التنظيمية للجبهة القومية في‮ ‬حضرموت قبل الاستقلال‮ ‬يروي‮ ‬للقارئ ذكرياته عن‮ ‬يوم‮ ‬17‮ ‬سبتمبر والأحداث التي‮ ‬سبقت هذا التاريخ خاصة اللحظات الأخيرة الفاصلة بين‮ ‬يوم‮ ‬17‮ ‬سبتمبر وما قبله‮.‬

‮> ‬في‮ ‬البداية تحدث المناضل سعيد عمر العبكري‮ ‬عن خطة الجبهة القومية لإسقاط السلطنة القعيطية قائلا‮: ‬لقد كان هنالك مخطط ليس لإسقاط حضرموت فحسب بل وإسقاط كل مناطق الجنوب المحتل وهذا ما تقرر في‮ ‬المؤتمر الثالث للجبهة القومية أواخر العام‮ ‬66م والذي‮ ‬عقد في‮ ‬قرية‮ »‬جمر‮« ‬إحدى قرى لواء إب حينذاك خاصة بعد الخلاف الذي‮ ‬نجم مع القوى الداعمة للجبهة القومية‮ ‬وتقرر في‮ ‬هذا المؤتمر الثالث عودة كل قواعد وقيادات الجبهة القومية إلى الداخل‮ »‬جنوب اليمن‮« ‬ولا‮ ‬يستثنى من هذا القرار أحد سوى قحطان الشعبي‮ ‬الذي‮ ‬كان متواجداٍ‮ ‬في‮ ‬مصر وتكثيف العمل الفدائي‮ ‬في‮ ‬عدن والاعتماد على النفس بعد توقف التمويل عنها‮ ‬وفعلا هاجمنا أكثر من ثلاثة بنوك في‮ ‬عدن وكذا إنشاء جيش التحرير لإسقاط المناطق بدءا من الضالع وردفان وحالمين والواحدي‮ ‬وحضرموت حتى المهرة‮ ‬فهذا الكلام وبالنص ورد في‮ ‬قرارات المؤتمر الثالث وأنا حضرت هذا المؤتمر كما حضره خالد باراس وعلي‮ ‬البيض من حضرموت وحتى نهاية شهر اغسطس كانت قد سقطت‮ ‬غالبية المناطق ولم تتبق سوى حضرموت وأرض الواحدي‮ ‬والمهرة‮.‬
استقطاب القطاعين المدني‮ ‬والقبلي
‮> ‬وعن أسباب تأخر إسقاط حضرموت قال‮: ‬حضرموت ليست منطقة جغرافية صغيرة‮ ‬فحضرموت مساحتها شاسعة وفيها سلطنتان الأولى عمرها ألف عام‮ »‬السلطنة الكثيرية‮« ‬والثانية عمرها أكثر من مئة عام‮ »‬السلطنة القعيطية‮«‬‮ ‬وكان التواجد العسكري‮ ‬البريطاني‮ ‬فيها محدود حتى أن العمليات الفدائية التي‮ ‬تمت فيها ضد القوات البريطانية محدودة جدا‮ ‬كما أن إسقاط حضرموت احتاج للتمهيد له من خلال استقطاب القطاعين المدني‮ ‬والقبلي‮ ‬ومن خلال التركيز على النشاط الجماهيري‮ ‬وكان لدينا عمل تنظيمي‮ ‬رائع في‮ ‬القطاعات الطلابية والعمالية والمنظمات المهنية‮.. ‬إلخ وقد تم سقوط حضرموت بأيدي‮ ‬الجبهة القومية بطريقة علمية لأننا كنا نريد أن نجنب حضرموت مشاكل هي‮ ‬في‮ ‬غنى عنها وكنا نرى أن الاستقلال قادم إما مع جبهة التحرير وإما مع الجبهة القومية وأمام تحالف وطني‮ ‬يضم الجبهتن أو تحالف وطني‮ ‬ثلاثي‮ »‬جبهة التحرير والجبهة القومية وحزب الرابطة‮«‬‮ ‬وكان هذا النقاش‮ ‬يدور على اتساع الساحة الوطنية حينها وحقيقة كنا مسيطرين على الاتحاد العام لعمال حضرموت واتحاد الطلبة الحضارم والقطاعات الأخرى النسائية والمهنية والأحزاب العلنية كالحزب الاشتراكي‮ ‬العربي‮ ‬والجبهة الشعبية الديمقراطية كما أننا كنا نسيطر على القوات المسلحة من خلال تواجد خلايانا في‮ ‬القطاعات العسكرية الأربع‮ »‬جيش البادية وجيش النظام والشرطة المسلحة والشرطة المدنية‮«.‬
وفي‮ ‬عامي‮ ‬66‮-‬67م بالذات كان الموقف في‮ ‬عدن وبعض المناطق صدامياٍ‮ ‬ودامياٍ‮ ‬بين الأشقاء من المناضلين في‮ ‬الجبهتين‮ »‬التحرير والقومية‮« ‬ومن هنا في‮ ‬حضرموت‮ ‬فكان الوضع هادئا وبدأنا أولى خطوات التواصل مع إخواننا البعثيين والإسلاميين لاتخاذ موقف واحد بضرورة تجنيب حضرموت الصراع والعنف‮.‬
فكرة التفاوض مع السلطان
‮> ‬وأضاف المناضل العكبري‮: ‬ولكي‮ ‬أكون صادقا لا أذكر من بدأ بطرح فكرة التفاوض مع أركان السلطة المكلفة بإدارة شئون السلطنة القعيطية أثناء‮ ‬غياب السلطان عن البلاد‮ ‬حقيقة لست أدري‮ ‬هل جاءت الفكرة من عندي‮ ‬أو من خالد عبدالعزيز وما أتذكره جيدا أننا في‮ ‬الشعبية القيادية ناقشنا مخططاٍ‮ ‬كنا قد رسمناه لإسقاط المنطقة طالما نحن مسيطرين على نسبة‮ »‬75٪‮« ‬من القوات المسلحة وكان النقاش هل نستلم السلطة بالقوة أو من خلال التفاوض وكانت أغلب القيادات من أعضاء الشعبة للجبهة القومية خارج المكلا واستقر الرأي‮ ‬على الأخذ بالرأيين‮.‬
الرأي‮ ‬الأول‮ ‬يقضي‮ ‬بخروج خالد باراس على رأس قوة من الفدائيين إلى‮ »‬حجر‮« ‬لإسقاطها عسكريا وكنا نأمل من هذه الخطوة استخدامها كورقة ضغط أثناء إجراء المفاوضات مع لجنة الطوارئ التي‮ ‬تدير شئون السلطنة‮ ‬وفي‮ ‬حال فشل المفاوضات‮ ‬يقوم خالد باراس بعد استيلائه على لواء حجر بالزحف إلى المكلا لإجبار لجنة الطوارئ على تسليم السلطة للجبهة القومية وقبل أن أتحدث عن‮ ‬يوم‮ ‬17‮ ‬سبتمبر والمفاوضات التي‮ ‬سبقت هذا اليوم أود أن أشير إلى نقطة هامة هي‮ ‬أننا قبل هذا اليوم بدأنا بتنفيذ مقررات المؤتمر العام الثالث للجبهة القومية من خلال المواجهة علنيا في‮ ‬12‮ ‬يونيو‮ ‬67م في‮ ‬المسيرة الكبرى التي‮ ‬شهدتها المكلا رفضا لهزيمة‮ ‬5‮ ‬يونيو ومطالبة الرئيس جمال عبدالناصر بالعدول عن قرار تنحيه في‮ ‬9‮ ‬يونيو‮ ‬ورسمنا خطة لتكون بداية المعركة من هذا اليوم وهذه المظاهرة وفي‮ ‬هذا اليوم اقتحمنا مقر المستشارية البريطانية في‮ ‬المكلا وتبادلنا إطلاق النار مع جنود حراستها وأحرقنا‮ »‬6‮« ‬سيارات فألقت السلطات القبض على خالد عبدالعزيز وعبدالله بن زقر أما أنا فظللت مختبئا في‮ ‬المكلا ولم أظهر إلى العلن حتى‮ ‬17‮ ‬سبتمبر‮ ‬67م‮ ‬وخلال فترة التخفي‮ ‬بدأت من أوائل سبتمبر أجري‮ ‬الاتصالات السرية مع قادة الوحدات العسكرية الأربع لجس النبض للتأكد من وقوفهم معنا‮ ‬وكان وفد التفاوض الرسمي‮ ‬من الشعبة مكوناٍ‮ ‬من سعيد عمر العكبري‮ ‬وخالد محمد عبدالعزيز وسالم علي‮ ‬الكندي‮ ‬وعباس حسين العيدروس وصالح سالم الصيعري‮ ‬وكنا نجري‮ ‬التفاوض مع صالح‮ ‬يسلم بن سميع‮ – ‬السكرتير الحربي‮ ‬وبدر أحمد الكادي‮ – ‬نائب لواء المكلا أمين العاصمة القعيطية وعيسى مسلم بلعلا السكرتير الإداري‮ ‬للسلطنة‮ ‬وناصر عوض البطاطي‮ ‬قائد الشرطة المسلحة‮ ‬وأحمد عبدالله اليزيدي‮ ‬قائد جيش النظام‮ ‬ومحمد صالح بن منيف قائد الشرطة المدنية‮.‬
وكان موقفهم في‮ ‬الاجتماع الأول متأرجحا بين القبول والرفض‮ ‬وفي‮ ‬الاجتماع الثاني‮ ‬تحسن موقفهم وأبدوا رغبة في‮ ‬التعاون‮ ‬أما في‮ ‬الاجتماع الثالث فتغير موقفهم بعد وصول برقية من السلطان وهو في‮ ‬عرض البحر‮ ‬يخبرهم بقدومه‮ ‬وهذه البرقية وصلت‮ ‬يوم‮ ‬16‮ ‬سبتمبر وكنا قبل هذا اليوم قد اتفقنا معهم على خطوات تسليم السلطة فتغيب عن حضور الاجتماع الثالث السكرتير الحربي‮ ‬والسكرتير الإداري‮ ‬الذي‮ ‬كان بمثابة رئيس وزراء ونائب لواء المكلا أمين العاصمة القعيطية‮.‬
أما القادة الذين حضروا الاجتماع فطلبوا مهلة للتشاور فرفضنا ذلك وقلنا إما أن تكونوا مع الجبهة القومية أو ضدها‮ ‬وفي‮ ‬هذا الاجتماع رتبنا أمور القيادات ووضعنا خطة لمواجهة الموقف عند وصول السفينة المقلة للسلطان وكنا قد طبعنا بيان القوات المسلحة في‮ ‬يوم‮ ‬15‮ ‬سبتمبر وشكلنا‮ ‬غرفة للعمليات مكونة من حسين مسيلم المنهالي‮ ‬أركان حرب الجيش البدوي‮ ‬والضباط حسين القطيبي‮ ‬وسلمان التكلوي‮ ‬وعبدالله محمد باقردان‮.‬
تحقيق الأهداف
‮> ‬وحول تواجد جيش البادية داخل المكلا‮ ‬يوم‮ ‬17‮ ‬سبتمبر‮ ‬1967م فيما مهامه حماية الحدود وتفسيره لهذا الأمر أوضح المناضل سعيد العكبري‮ ‬بالقول‮: ‬أولا جيش البادية صحيح أن مهامه حراسة الحدود وكانت لديه سرية في‮ ‬العبر وسرية ثانية في‮ ‬ثمود وأخرى مقسمة ما بين زمخ ومنوخ ورابعة في‮ ‬المهرة والغيظة وكانت لديه قوة في‮ ‬المكلا إلا أنه في‮ ‬ذلك اليوم‮ ‬17‮ ‬سبتمبر‮ ‬1967م وفي‮ ‬تلك اللحظة بدأ الفكر العسكري‮ ‬يختلف وبدأت الأهداف تختلف وبدأت التوجيهات أيضا تتخلف ما فيش حاجة اسمها جيش البادية وجيش النظام والشرطة في‮ ‬حاجة اسمها جيش وأمن فقط ثم إن القوى التي‮ ‬أرسلتها إلى الميناء قوة مشكلة من الوحدات‮ .. ‬ثم إن الخطة البديلة التي‮ ‬رسمناها لإسقاط حجر قبل‮ ‬يوم‮ ‬17‮ ‬سبتمبر واجهت مقاومة من النائب حسين بن حطبين واستمر إطلاق النار مع النائب‮ ‬5‮ ‬أيام ولم‮ ‬يتسلم وكان خالد باراس مصراٍ‮ ‬على أن‮ ‬يسلمه المنطقة فكان‮ ‬يرد عليه حسين بن حطبين‮ «‬لو باتنتكس فوق تحت ما باستسلم ولن أسلمك المنطقة‮» ‬وفي‮ ‬17‮ ‬سبتمبر أرسلنا برقية من المكلا بتوقيعي‮ ‬وتوقيع المنهالي‮ ‬أو الطبيبي‮ ‬إلى حسين بن خطبين صيغتها التالية‮: ‬يا حسين بن حطبين سلم السلطة لخالد باراس عد وادخل المكلا سالما أمنا معززاٍ‮ ‬مكرماٍ‮».‬
بالإضافة إلى أن قوة الشرطة المسلحة في‮ ‬المدينة صغيرة قوامها موزع في‮ ‬مختلف ألوية السلطنة ومن‮ ‬غير المعقول أن نعتمد على الشرطة المدنية التي‮ ‬لا تملك أسلحة سوى العصي‮ ‬ولهذا كان الرهان على قوى جيش البادية بهدف إحداث نوع من الرهبة والإبهار بإرسال دبابتين إلى الميناء ولإبراز سالم علي‮ ‬الكندي‮ ‬ممثل الجبهة القومية في‮ ‬موقف القوة وهو‮ ‬يحمل الإنذار للسلطان بالتنازل عن السلطة‮.‬
وأنا الذي‮ ‬رسم الخطة وخالد عبدالعزيز كتب صيغة التنازل ومهمة الكندي‮ ‬حمل الإنذار للسلطان وليس للتفاوض معه وهذا ما تم ووقع السلطان وكتب بخط‮ ‬يده في‮ ‬وثيقة التنازل التي‮ ‬أضاف فيها عبارة نتمنى لكم التوفيق‮ ‬كما حمل الكندي‮ ‬معه رسالة مطبوعة من‮ ‬غرفة العمليات التي‮ ‬أديرها موجهة إلى قائد السفينة تطالبه بمغادرة ميناء المكلا قبل الساعة‮ ‬11‮ ‬من ظهر‮ ‬يوم‮ ‬17‮ ‬سبتمبر‮ ‬1967م‮.‬

قد يعجبك ايضا