ادرك اليمنيون خطر مؤامرة تمزيق وطنهم فثاروا لإنهاء الوصاية والتبعية
ثورة 21 سبتمبر .. الثورة اليمنية الخالصة ولم يشوبها أي تدخل خارجي
عطلت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر مخطط امريكا ودول الهيمنة في اقلمة وفدرلة اليمن
حين اتسعت دائرة الخطر، وبات اليمن مسلوب القرار والإرادة، وإدخاله تحت الوصاية المطلقة، أدرك الشعب اليمني حجم ذلك الخطر، الذي كاد أن يهوي باليمن إلى حافة الانهيار، على المستوى السياسي والجغرافي، ويمزقها كل ممزق، فخرج اليمنيون على قلب رجل واحد واجتمعوا على كلمة سواء، فصنعوا في 21 سبتمبر 2014م، ميلادا جديدا مشرقا لليمن، يرفض الوصاية والعبودية والتبعية، وأسسوا منهاجا زاخرا بالحرية قولاً وفعلاً، لتتشرب منه الأجيال القادمة، وتؤكد أن ضريبة الحرية غالية جداً، وفاتورتها دماء سفكت وأرواح ازهقت.
الثورة / محمد الفائق
يمنية خالصة
وفي ذكراها الخامسة يحتفي أبناء اليمن بثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، كثورة ناصعة وهاجة مضيئة لا تشوبها شائبة، ليست ثورة تبعية أو مدعومة أو ممولة خارجيا، بل كانت وستبقى ثورة يمنية خالصة، جاءت بعد أن بلغ السيل الزبى، وتحكم الأغراب في دهاليز الحكم ومفاصل الدولة في مختلف المستويات حتى وصل الأمر لأن يكون مصيرنا ومصير بلدنا بأيديهم وعلى رأسهم سفراء الدول العشر بقيادة أمريكا.
استشعار الخطر
خرج اليمنيون في 21 سبتمبر 2014م، من كل حدب وصوب ليقولوا للعالم انتهى زمن الوصاية، انتهى زمن التبعية، انتهت مؤامراتكم وخططكم التدميرية، حيث يلخص السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة اليمنية، مراحل مخاض ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، بنظرة المواطن اليمني الذي استشعر بالخطر قبل فوات الاوان ، مؤكدا أن اليمن شهدت قبل التصعيد الثوري سعيٌا دؤوبٌا لتجزئة اليمن وتقسيمه وكانت على قدم وساق، ضمن الوضع الكارثي الذي كان الأعداء يخططون فيه أن نذهب نحن كيمنيين برغبتنا بإرادتنا باختيارنا إلى الهاوية، مشيراً إلى أنهم كانوا يريدون أن يأخذوا بأيدي الجميع، وليس بالأيدي فقط، إنما أرادوا أن يمسكوا باللجام، يحولونا إلى حيوانات، يأخذوا باللجام ويذهبوا بنا نحو الهاوية، ارادوا أن يوصلونا إلى الخضوع رسمياً وعلى نحو معلَن، وباعتراف وتقبل الكثير من القوى السياسية، للوصاية الأجنبية الواضحة، وتحت البند السابع، وهذه مسألةٌ واضحةٌ ومعروفة، أخضع فيها بلدنا للوصاية الأجنبية بشكل رسمي صريح واضح معلَن.
مصادرة القرار السياسي
صودر القرار السياسي اليمني على مرأى ومسمع العالم، وأصبحت القيادة السياسية آنذاك واغلب القوى الوطنية وكلاء للسعودية وأمريكا وبريطانيا وفرنسا، حيث كشف قائد الثورة للشعب اليمني عن ما كان يحدث من خلف الكواليس وكيف صادر سفراء دول الهيمنة والاستكبار، القيادة السياسية حينها القرار والإرادة، حيث يؤكد قائد الثورة أن سفراء الدول العشر ، وعلى رأسهم السفير الأمريكي، كانوا المعنيين الرئيسيين بكل شؤون اليمن، قبل أي طرف يمني، موضحا أن السفير الأمريكي كان تُدرَسُ معه كُلّ شؤون هذا البلد، من كُلّ الجهات ذات المسؤولية في مُؤَسّسات الدولة، على رأسها عبدربه نفسه، الذي كان يناقش مع السفير الأمريكي أهم المسائل والقرارات والمواقف.
يمن جديد ممزق
لم يكتف أعداء اليمن بهذا القدر من الخبث في وضع البلد تحت البند السابع، بل تجاوزوا ذلك بكثير ووصل بهم الحال إلى أن يرسموا ملامح يمن جديد ممزق ومتشظ، وكانوا في إطار تثبيت ذلك المخطط، الذي افشلته ثورة 21 سبتمبر حينها، إلا أن أعداء الوطن وأدواته الداخلية لا يزالون يتبنون ذلك المخطط من خلال تمزيق اليمن وتقسيمه ولعل ما يحدث في عدن والمحافظات الجنوبية المحتلة خير دليل، وهو ما أكد عليه قائد الثورة سابقا، مشيرا إلى أن جهود التوافق السياسي قبيل 21 سبتمبر انحرفت إلى منعطف خطير كاد يودي بالوحدة الوطنية إلى مستنقع التفكك والتشرذم والتمزيق، التي كان يراد بهذا البلد من خلال تمرير خطط ومشاريع سفراء دول الغرب والخليج بمسميات الاقلمة والفدرلة، فضلا عما صوروه للشعب اليمني في أن مجمل إشكاليتنا كانت في وحدتنا، ولا يوجد لدينا تحديات أخرى وأولويات ذات اهتمام أكبر.
رفض الوصاية
لقد جاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، لتوقف ذلك العبث الذي كان يتعرض له اليمن ومصيره السياسي والوطني، لتحقق ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر اهدافها التي قامت من اجلها وابرزها رفض الوصاية وإنهائها، حيث عطلت ثورة 21 سبتمبر عمليا الوصاية الإقليمية على اليمن عندما تم تجاوز المبادرة الخليجية التي أعادت إنتاج النظام السابق بآلية إشرافية إقليمية ودولية مستدامة (الوصاية) ، بانتصار ثورة 21 سبتمبر وسقوط حكومة المقاسمة التي تنص عليها المبادرة الخليجية، وفقا للمحلل السياسي حميد رزق، الذي يؤكد أيضا أن ثورة 21 سبتمبر أسقطت عمليا القدرة الكاملة الامريكية الإقليمية لتجزئة اليمن وتدمير شعبه بواسطة رعاية الفساد والفلتان الأمني وتغذية الصراعات والاغتيالات وغيرها ولم يستطع الفصل السابع ولا مجلس الأمن أو أمريكا حماية حكومة التحاصص التي عصفت بها ثورة 21 سبتمبر وجاءت على أنقاضه بوثيقة السلم والشراكة التي تنص على تشكيل حكومة كفاءات وشراكة وطنية بالإضافة الى محاربة الفساد واستعادة موارد البلاد من أيدي العابثين والناهبين، وحدت من التدخلات الخارجية وإن لم يكن بشكل كامل في هذه المرحلة ولكن بشكل كبير وعمليا يعجز الخارج عن تنفيذ اجنداته وتدخلاته، وجوبهت ثورة 21 سبتمبر بالكثير من المؤامرات، وحاول الاعداء القضاء عليها في المهد، وأنشأوا تحالفا عدوانياً للقضاء عليها لأنها افقدتهم مصالحهم بل وباتت تهدد مشاريعهم وتم القضاء من خلالها على أيديهم وعملائهم في الداخل فحاولوا إعادة هؤلاء عن طريق القوة والآلة العسكرية لكنهم لم يستطيعوا القضاء على هذه الثورة، فالثورة مازالت مستمرة ومنتصرة الى اليوم وستنتصر لأنها تستند على شعب لم يعد الخنوع والخضوع، الاستسلام شأنهم فقد رفضوه وسيرفضونه الى الأبد.
مراحل وشواهد
ولعل مسار ثورة 21 سبتمبر 2014م، حمل معه الكثير من الشواهد والمراحل، حيث يكشف لنا عضو الوفد الوطني المفاوض حميد عاصم، عن الجزئية الأبرز في مسيرة ثورة 21 سبتمبر، مؤكداً أنه بعد استلام هادي للسلطة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني مناصفة بين المشترك وشركائه والمؤتمر وحلفائه وبدء الحوار الوطني الشامل الذي استمر فترة طويلة وانجز المتحاورون رؤية شبه كاملة القضايا الوطنية وقبل الإنجاز اتفق المتحاورون على تشكيل هيئة وطنية لمتابعة مخرجات الحوار من كل الأطراف، إلا أن هادي قام بتشكيل اللجنة وفقا لهواه ولرغبات امريكا وآل سعود واعترضت قوى سياسية على ذلك التشكيل ولكن دون جدوى.
موضحا أن أنصار الله كانوا مستمرين في اعتصامهم في ساحة التغيير ولم يرفعوا اعتصامهم منذ فبراير 2011م، وعند الاقتراب من إنهاء الحوار الوطني تفاجأ الجميع بمحاولة هادي ومن معه من القوى فرض تقسيم اليمن إلى ستة اقاليم دون التوافق على ذلك الأمر.
وتابع قائلاً: حاول احمد عوض مبارك كأمين عام لمؤتمر الحوار ان يذهب إلى هادي للتوقيع على الرؤية النهائية لمخرجات مؤتمر الحوار قبل التوافق عليها ومحاولة فرض واقع يمني لا يلبي طموحات أبناء اليمن، وعندها تحرك الشعب اليمني وعملوا على إجهاض تلك المؤامرة التي تستهدف اليمن أرضا وإنسانا ووحدته وتصاعد الحراك الشعبي الرافض لسياسات الحكومة وفشلها في إدارة البلاد وانتشار الفساد واختلال الوضع الامني واغتيال كثير من الكوادر القيادية مدنية وعسكرية وعجزها عن الايفاء ببرنامجها وتعهداتها مما ادى إلى تزايد الأزمة الاقتصادية وفرض جرع اقتصادية قاتلة وغير مدروسة الأمر الذي ادى إلى احتشاد الجماهير في العاصمة صنعاء ومداخلها مطالبين بإلغاء الجرع واقالة الحكومة ومحاسبة الفاسدين، فاستقالت حكومة محمد سالم باسندوة وتم الحوار بين المكونات السياسية والذي افضى إلى التوقيع على اتفاق السلم والشراكة وتشكيل حكومة خالد بحاح لإدارة الدولة، على أن تستمر القوى السياسية في الحوار حول القضايا المختلف بشأنها ومنها شكل الدولة ودستورها ونظام الحكم وأثناء ذلك ادركت القوى الخارجشية المعادية للثورة وأدواتها في الداخل أن مشاريعها وخططها ستفشل في حالة وصول أبناء اليمن إلى اتفاق وطني جامع شامل، وبادرت تلك القوى إلى افتعال الأزمات ومحاولة تعطيل الحوار الذي اوشك على الاستكمال برعاية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر ، وبادرت حكومة بحاح إلى تقديم استقالتها، وبعد سويعات قدم هادي استقالته كمؤامرة لإرباك المشهد السياسي لإيجاد واقع فوضوي في الساحة اليمنية ينهي اتفاق السلم والشراكة والذي أتت به ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الموقع من كل الأطراف السياسية.
مسار تصحيحي
إجمالاً.. يمكننا القول إن ثورة 21 سبتمبر 2014م، التي نحتفي اليوم بذكراها الخامسة، أتت كمسار تصحيحي، لإسقاط كل مشاريع الهيمنة وسد الأبواب التي كانت تفتح لتكريس الوصاية على القرار اليمني، ولإفشال مشروع تقسيم اليمن إلى أقاليم متناحرة، وهو ما دفع بأمريكا والسعودية ومختلف دول تحالف العدوان على اليمن، أن تظهر بشكل مباشر في عدوان بربري وحشي في 26 مارس 2015م، من أجل تمرير مخططاتها التآمرية ومحاولات فرض وصايتها وإملاءاتها وتنفيذ أجندتها التي تصب في مصالحها.