صندوق النشء والشباب .. “حج وحاجة ومقضى غرض”

 

حسن الوريث

يروى – والعهدة على الراوي – أن وزارة الشباب والرياضة توصلت مع المسؤولين على صندوق رعاية النشء والشباب إلى اتفاق بوضع آلية لعملية صرف مخصصات الوزارة والأندية والاتحادات واعتمادات للأنشطة الرياضية والشبابية بعد ضغوط مارستها الاتحادات والأندية على الوزارة التي بدورها أحالت الأمر إلى لجنة الصندوق، وبعد جلسات تفاوض طويلة وافقت اللجنة على أن تقدم الاتحادات برامجها للوزارة لتقديمها إلى اللجنة وبعدها يتم النظر في الصرف من عدمه.
بالتأكيد أن هذه العملية المعقدة التي لجأت إليها ما تسمى لجنة صندوق رعاية النشء والشباب تأتي بحسب وجهة نظرها في إطار الإجراءات الهادفة إلى الحفاظ على أموال الصندوق الذي ظل على مدى سنوات طويلة بوابة مشرعة للفساد دون رقيب أو حسيب، وهذا يحسب لهذه اللجنة، على اعتبار أن الكثير من الاتحادات والأندية نائمة في العسل ولا تمارس أي نشاط حقيقي، والبعض من هذه الاتحادات يظهر في نهاية الموسم مع ما يسمى بموسم إخلاء العهدة بنشاط “سندويتشي” أو ما نسميها بطولات إخلاء العهدة وربما بأوراق وفواتير وعقود إيجارات يتم تجهيزها كما جرت العادة لاستكمال عملية الصرف مثلها مثل الكثير من الأندية التي تظهر وقت عملية الصرف، وكما شاهدنا في الفترة الأخيرة ظهور تلفزيونياً مكثفاً لأنشطة الكثير منها وهمي ولم تحقق الغرض وعلى سبيل المثال لا الحصر ما يسمى بطولة الموهوبين والقياس على ذلك في الكثير من البطولات التلفزيونية .. وبالتالي فهذا التحايل هو الذي جعل هذه الألية تفشل وهي التي كان يراد منها أولاً ضبط عملية الصرف وتوجيهها في محلها، وثانياً استمرار الأنشطة بالشكل المطلوب.
مما لاشك فيه أن هذه الآلية التي تم إعدادها بهذه الطريقة تؤكد أننا مازلنا بعيدين عن العمل الإداري المنظم وهو ما أوصلنا إلى هذا الوضع السيء على اعتبار أنها بعيدة عن الواقع وأعادت الأمور إلى مربعها الأول وربما تفشل من أول اختبار حقيقي لها، فعملية الصرف بهذه الطريقة جعلت الاتحادات والأندية تنفذ أنشطة خاوية لا ترتقي إلى المستوى المطلوب والمأمول لأنها جاءت بهدف الخروج بما أمكن من أموال الصندوق وليس من أجل النشاط نفسه، بينما الوزارة ضمنت لنفسها ولمسؤوليها من أعلى الهرم إلى نهايته مستحقات شهرية مكافآت وحوافز – على جهود شبه معدومة، وهذا ما جعل الوزارة تتحمس للموضوع وتتابعه من اجل نفسها وكما يقول المثل الشعبي: “حج وحاجة ومقضى غرض” وليس من أجل مصلحة الرياضة والرياضيين لأن الموضوع لو كان كذلك لكان الأمر تغير ولكانت هذه الآلية مختلفة تماماً.
رغم أن موضوع صندوق رعاية النشء والشباب أنشئ لأهداف محددة وواضحة وكان يراد منه المساعدة في دعم تمويل الأنشطة الرياضية والشبابية ورعاية النشء والشباب وتنفيذ بعض مشاريع البنية التحتية ودعم المبدعين من الشباب والرياضيين لكنه سرعان ما تحول عن أهدافه وأصبح دجاجة تبيض ذهباً لقليل من الناس بعضهم لا علاقة له بالرياضة والشباب إطلاقاً، كما انه تم تحميل الصندوق ما لا يطيقه من الالتزامات حتى عجز عن الوفاء بالكثير منها.
لقد تحدثنا كثيراً عن ضرورة تقييم أداء الصندوق وآلية عمله وأين أخفق وأين نجح ومواطن الضعف والقوة فيه من قبل خبراء ومختصين في الرياضة ومحاسبين قانونيين، وبالتالي وضع تصورات جديدة تتمثل في كيفية رفد الصندوق بموارد جديدة وحسن اختيار مسؤوليه ووضع لوائح مالية وإدارية تنظم عمله، إضافة إلى ضرورة إلزام الاتحادات والأندية الرياضية بالبحث عن موارد خاصة بها لتمويل أنشطتها وبرامجها وأن لا تظل تعتمد فقط على الصندوق، كما تفعل كل الأندية والاتحادات الرياضية في العالم، لأن الاتحادات ستبقى تراوح مكانها ولن تنفذ أي برنامج أو نشاط محترم طالما أنها تعتمد على غيرها وستبقى الرياضة اليمنية في آخر سلم تصنيفات الرياضة العالمية لأن الكثير من مسؤولينا لا يفكرون أبعد من أنوفهم والبعض يفكر في مصلحته فقط.

قد يعجبك ايضا