51 عاما◌ٍ من التطور والتحديث



* تعتبر صحيفة الثورة التي تصدر عن مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر الصحيفة الأولى الأكبر والأوسع انتشاراٍ في اليمن منذ نحو نصف قرن.. عاصرت خلالها العديد من المراحل التي مر بها الوطن.
وصدر أول عدد من صحيفة الثورة ثالث أيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م أي في 29 سبتمبر وسميت بهذا الاسم تيمناٍ بالثورة التي أسست للنظام الجمهوري مدشنة بذلك عصراٍ جديداٍ للإعلام الجماهيري.
ونحن نحتفل بمرور 51 عاماٍ لإطلاق أول نسخة من صحيفة الثورة يوم 29 سبتمبر عام 1962م يذكر الأستاذ عبدالحليم سيف مؤرخ صحيفة الثورة في كتابه “40 عاماٍ صحافة.. الثورة النشأة والتطور” أن الثورة الصحيفة صدرت أول الأمر في مدينة تعز يوم السبت 29 سبتمبر 1962م الموافق 1 جماد الأول 1382هـ.. حيث طالع الناس في أول عدد المانشتات على الصفحة الأولى للجريدة تعلن “الثورة تشمل اليمن وزمام الأمور بيد الجيش” ليكون هذا المانشت هو أول نشر في صحيفة الثورة.
ويذكر الأستاذ عبدالحليم أن العدد الأول من صحيفة الثورة صدر تحت إشراف القيادة العسكرية في تعز كصحيفة أسبوعية سياسية جامعة حتى العدد 39 لتصدر الجريدة عن مصلحة الإعلام والإرشاد القومي ثم شعبة الإعلام والإرشاد القومي برئاسة الجمهورية.. وبعد انتظام صدور “الجمهورية” الأسبوعية و”الأخبار” اليومية في تعز ونظراٍ للحاجة الملحة إلى وجود صحيفة رسمية تصدر من العاصمة فكر القائمون على الإعلام بنقل جريدة “الثورة” إلى صنعاء”.. وكان أن بشرت بذلك في عددها رقم 73 الصادر في تعز وتاريخه 16 مايو عام 1964م بخبر “تعلن إدارة الصحيفة لقرائها الكرام بأن وزارة الإعلام قررت نقل الصحيفة إلى صنعاء حيث ستواصل الصدور بعد اتخاذ كافة الترتيبات اللازمة”.. وكانت الصحيفة تطبع في المطابع العثمانية القديمة.
ويشير الأستاذ عبدالحليم في كتابه إلى أن صدور العدد اليومي لصحيفة الثورة جاء بعد العدد 151 عام 1967م الصادر في صنعاء لتتحول إلى صحيفة تصدر يومياٍ في أربع صفحات.. لتخوض الصحيفة مراحل عدة من التوقف والاستئناف.. وقد تعاقب عدد من رؤساء التحرير لصحيفة الثورة منهم “لجنة من عشرة أشخاص 1962 أحمد طربوش الشرجبي 1962م وسالم زيد محمد السقاف 1963م لجنة من إدارة الصحافة والنشر بوزارة الإعلام 1964م عبدالله حمود حمران 1964م مالك محمد الإرياني 1965/1964م ومحمد أحمد الشرعبي 1965/1964م إدارة الصحافة والنشر 1965م محمد ردمان الزرقة 1969/1968/1967/1966م لجنة مكونة من ثلاثة أشخاص 1966 يوسف محمد الشحاري 1966م علي مهدي الشنواح 1968/1967/1966 هيئة تحرير مكونة من ثلاثة أشخاص 1967م عمر عبدالله الجاوي 1968/1968م محمود محمد الحكيم 1966م محمد حسين السنيني 1968م محمد عبدالجبار سلام 1976م حسين محمد عبدالله 1977م محمد ردمان الزرقة حتى 1998م علي ناجي الرعوي 2012-1999م ياسين المسعودي(2012م) عبدالرحمن بجاش 2012م فيصل مكرم 2013م.
ويعرض الأستاذ عبدالحليم في كتابه أقسى امتحان تعرضت له “الثورة” الصحيفة في تاريخها حيث كان حريق شركة الطباعة في يوم الأحد السابع عشر من مايو 1976م والذي استيقظ الشارع اليمني على انباء الحريق المروع والمدمر الذي التهم بدون رحمة المطبعة فحول كل شيء إلى رماد ليذهب حلم الصحفي أدراج الرياح يومها صدم المحررون والفنيون بما حل بالمطبعة وتحسروا لما لحق بصحيفتهم, ورغم الحدث الفاجع صدرت الصحيفة ففي العدد 2602 طالعت “الثورة” قراءها بخبر في صدر صفحتها الأولى بعنوان “حريق في شركة الطباعة” وبعد هذه الكارثة التي كانت بمثابة الحافز الأقوى للمضي قدماٍ نحو تطوير مؤسسة سبأ العامة للصحافة والأنباء التي كانت قد انشأتها الدولة في فبراير 1976م لتضم صحيفتي “الثورة” في صنعاء و”الجمهورية” في تعز و”وكالة سبأ” في مؤسسة واحدة وأصبح للجريدة مقر وإن كان متواضعاٍ.. وبعد قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م وإنشاء المؤسسات الوحدوية بدلاٍ عن الهيئات الشطرية السابقة وبموجب القانون رقم 35 لسنة 1991م بشأن الهيئات والمؤسسات والشركات العامة باتت مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر مؤسسة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية والاستقلال المالي والإداري وهي إحدى المؤسسات التابعة لوزارة الإعلام.
الحروف اليدوية
وبهذه المناسبة كان لا بد لنا من الحديث مع بعض من كان لهم الشرف بالعمل منذ وقت مبكر ومنهم العم يحيى أحمد الوزيزة –مدير إدارة تصوير الصحيفة متقاعد- الذي التحق بالعمل في مطابع الشركة اليمنية للطباعة والنشر آنذاك في بداية عام 1970م.. والذي يحدثنا أن الطباعة في العام الذي التحق فيه للعمل كانت عبارة عن حروف يدوية وآلات “ثيبو مهيد لبرج” ألمانية الصنع وبعدها تطور العمل طبعاٍ بعد حريق مطابع الشركة في شهر مايو 1976م وثم أصدرت الصحيفة من التوجيه المعنوي بحجم صغير وثم شراء آلات حديثة وتم الإصدار من عمارة في شارع القيادة.
ويواصل العم الوزيزة حديثه: بعد عام الحريق انتقلت الصحيفة إلى منطقة الجراف بعد شراء الأرض والبناء وتوريد آلات جديدة وحديثة تواكب العمل الصحفي في ذلك الوقت وهي فترة السبعينيات ,كان العمل الطباعي في كل الأقسام مرهقاٍ جدا ففي قسم الكمبيوتر كان يوجد آلات الجمع بالحروف الرصاص وعمل تنسيق لكل صفحة من صفحات الصحيفة بموجب الماكيت المعد من قبل الإخوة في قسم الإخراج.. وبعد إكمال إعداد الصفحة تطبع أول بروفة يدوية وتصحح تصحيحاٍ أولياٍ وبعدها تصحح مرة ثانية وثالثة أحياناٍ حتى تكون جاهزة للتصوير الأوفست وثم التصوير والتحميض وعمل الرتوش وإخراج عناوين شبكية وعناوين (نقتيف) أي أبيض وعلى أسود.. ويتم ربط كل صفحتين متقابلتين بحسب عدد صفحات الصحيفة.. وبعدها بسنوات وصلت مكائن جديدة وأجهزة كمبيوتر وتطبع على أشرطة ورقية رول ويتم عمل إخراج كل موضوع على حده بتفريغ صور إذا طلب إنزال صور.. ويتم تصوير ذلك طبعاٍ في قسم التصوير الأوفست والمونتاج.
ويتابع حديثه قائلاٍ: وتطور العمل الصحفي والطباعي في فترة التسعينات وما فوق حتى تسهل العمل بشكل كبير جداٍ.. أما الآن فقد تسهل كل شيء حتى إعداد المواضيع الصحفية من قبل الإخوة الصحفيين ويتم إرسالها عبر الأجهزة الحديثة ويتم إخراج الصفحات من أجهزة الكمبيوتر وإرسالها على أجهزة خاصة إلى البلايت مباشرة وثم إلى آلة الطبع الحديثة.
تطوير مستمر
كما تحدثنا مع مدير إدارة الطبع التجاري محمد علي النزيلي الذي عمل في مجال الطباعة منذ العام 1983م.. ويسترجع ذاكرته إلى ذلك العام قائلاٍ: كانت إمكانية الطباعة ضعيفة وكنا نطبع الصحيفة على آلة الجوس الأمريكي لونين أحمر وأسود فقط أما القسم التجاري فكانت لدينا ثلاث آلات هي آلة السورز لونين و(جي تي أو 46) لون واحد وآلة الكرس لون واحد ومقصان بولرد وعطافة وخرامة ولا زلنا نعمل على الخرامة إلى الآن بدون بديل.
وحول مرحلة الطباعة في القسم التجاري يتحدث النزيلي قائلاٍ: أما مراحل الطباعة في القسم التجاري فقد تم توريد آلة أربعة ألوان في عام 1985م وتم شراء دباستين واحدة رأسين والأخرى راس واحد وذلك عام 2000م وفي عام 1988م تم شراء قص مثلث وآلة تغرية وتغليف الكتب, وفي عام 1990م تم شراء (آلة جي تي أو 52 وفي عام 1992م تم شراء آلة (جي تي أو 52 وفي عام 2003م تم شراء آلة الجوس جديدة الفرنسية الصنع التي أدخلت الصحيفة مرحلة من الطبع الملون فآلة تطبع ثمان صفحات ملونة وسبعة وعشرين صفحة عادية بمجموع 32 صفحة من صفحات الثورة. وفي عام 2007م تم شراء آلة الرولند خمسة رؤس ألماني مع رأس ورنيش تعمل بالكمبيوتر مع مجفف حراري.. وفي عام 2009م تم شراء مقص الماني جديد بالكمبيوتر بطريقة الأوامر مع آلة (السي تي بي) الخاصة بطباعة البليتات حيث وهي تعمل من الكمبيوتر إلى الآلة فيخرج البليت للطباعة وعطافة حديثة وآلة سلفان.
ويواصل النزيلي حديثه قائلاٍ: وقد وصلت الطباعة في الوقت الراهن بمطابع مؤسسة الثورة إلى مستوى عالُ ومتطور سواء في القسم الصحفي أو القسم التجاري.. والمؤسسة تحتاج إلى آلة بصمة حرارية مع التكسير وآلة (سبوت يو في), فيما تم مؤخراٍ شراء آلة تخريم جديدة مع التكسير وآلة مكارشة وتعطيف وآلة تربيط.
ولا زال النزيلي يتذكر أيام عيد العمال قائلاٍ: أبرز ما أتذكره منذ عملي في المؤسسة هو عيد العمال حيث كانت المؤسسة تعمل حفلاٍ ورحلات وتجمع جميع الموظفين والعمال مع بعضهم في الرحلة والغداء والجلسة وكانت ذكريات لا تنسى أبداٍ.
ويسترجع نائب مدير المطابع علي الجرموزي ذكرياته وهو في الصف الخامس عندما دخل مجموعة من موظفي صحيفة الثورة بقيادة محمد العميسي يعرضون عليه وعلى زملائه العمل في الصحيفة في مجال الطباعة على الكمبيوتر.. فما كان منه إلا الموافقة مع زملائه سليمان الظاهري ومحمد غسان ومحمد حسين الشامي وآخرين.. ومنذ ذلك الحين تدرب على آلة “إن ترتيب” وعمل عليها مع محمد غسان وعلوان الحكمي وآخرين.. والآلة عبارة عن لوح خشبي يسمى “الكاسا” والتي كان يتم ترتيب الأحرف الرصاص عليها حتى تخرج صفحة مكتملة.
ويواصل العم الجرموزي حديثه: وبعد آلة “إن ترتيب” تم إدخال آلة “سي آر ترينك” الذي عمل عليهاٍ أيضا, الجرموزي حتى دخلت أجهزة الكمبيوتر الماكنتوش والذي يعتبر جهازاٍ للعمل والإخراج الصحفي.. عمل عليه أيضاٍ حتى ظهور أجهزة الـG4 والـG5.
ويقول الجرموزي إنه عين عام 79م رئيساٍ لقسم الكمبيوتر بصحيفة الثورة وحصل على درجة مدير عام في 92م وتدرج في عمله حتى وصل إلى نائب مدير المطابع منذ عام 2005م حتى الآن.. وقد مر بمراحل عدة صعبة أبرزها –كما يقول الجرموزي- مرحلة السبعينات أيام طبع الحروف الرصاصية التي أعتبرها مرحلة صعبة وعملاٍ صعباٍ كما أن الداخل المالي كان قليلاٍ إلا أن العامل النفسي كان جيداٍ.. ويتمنى علي الجرموزي أن يزور بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج.
الفرح.. أول مخرج
العم أحمد الفرح –مدير إدارة التنفيذ والتنسيق بالصحيفة- يعتبر أول مخرج صحفي لصحيفة الثورة يمني التحق بصحيفة الثورة في سبتمبر 1977م.. درس الإخراج الصحفي في الكويت ولأنه كان من أوائل الطلبة تم ابتعاثه لدراسة الإخراج الصحفي بتعمق في لبنان.. عينه وزير الإعلام يحيى العرشي خلفاٍ لمن كان يقوم بالإخراج الصحفي لصحيفة الثورة وكان مصري الجنسية ليصبح أول مخرج صحفي يمني.
يحدثنا الفرح عن مراحل عمله في الصحيفة قائلاٍ: التحقت بالإخراج الصحفي في صحيفة الثورة بتوجيه من وزير الإعلام العرشي الذي علم حينها بتخصصي في الإخراج الصحفي.. كنت أعمل مخرجا ومنفذا للصحيفة في نفس الوقت.. كان العمل في الفترة التي دخلت فيها صحيفة الثورة مكثفاٍ حيث كنا نعمل على تحديد معايير وحجم الخط وكتابة الأحرف في الرصاص على آلة “إن ترتيب” والتي كان يعمل عليها الأخ علي الجرموزي وآخرون.. ثم انتقلنا إلى مرحلة العمل على جهاز ” سي آر ترينك” وتم الاستغناء عن الأحراف الرصاص بأشرطة الأفلام التي كانت تحمض وكان يعمل على هذه الآلة مطهر المحاقري ومحمد غسان ومحمد عبدالله وأحمد الجعماني وآخرون.. ثم جاءت مرحلة الإخراج الصحفي على الكمبيوتر الماكنتوش.. وقد عملت كمخرج صحفي حتى عام 1999م ثم عملت في مجال التنفيذ حتى عام 2003م ثم أصبحت مشرفاٍ على العمل حتى اليوم.. وقد تدرجت في عملي حيث أصبحت رئيس قسم التنفيذ في الكمبيوتر عام 1996م ثم مدير إدارة التنفيذ والتنسيق عام 2013م.

قد يعجبك ايضا