صراع المرتزقة في عدن
عبدالفتاح علي البنوس
عدن تغرق في وحل الفوضى والانفلات الأمني ، اشتباكات ومواجهات مسلحة عنيفة بين مرتزقة الإمارات ومرتزقة الدنبوع الموالين للمحتل السعودي ، تصفيات جسدية واغتيالات وتناحرات بين أدوات العدوان وقوى الغزو والاحتلال ، يدفع ثمنها أبناء عدن الذين وقعوا ضحية بين سندان الغزاة ومطرقة المرتزقة ، شوارع وأحياء عدن تحولت إلى ساحات للمواجهات والاشتباكات المسلحة ، لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص والمدافع والرشاشات ، كل طرف يريد أن تكون له الغلبة ، وأن تكون له السيطرة على مفاصل الحياة وسلطة القرار في عدن مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات.
الإمارات دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة وأعطت الضوء الأخضر لمرتزقتها لتفجير الأوضاع هناك واستكمال السيطرة على ما تبقى من مؤسسات الدولة التي لم تخضع بعد لسلطة الحاكم بأمره الإماراتي وفي مقدمتها قصر المعاشيق الرئاسي الذي يبدو أنه بات هدفا منشودا للمحتل الإماراتي وزبانيته من خلال المواجهات الدائرة في مناطق متفرقة من المدينة ، من جانبه دفع الدنبوع هادي بتعزيزات عسكرية مدعومة سعوديا إلى عدن والتي يبدو أنها تشهد ما يشبه التصفيات الأخيرة بين قطيع العمالة والارتزاق للوصول إلى النهائيات والتي ستحدد الفائز بالسلطة والثروة ، والذي لن يكون طرفا يمنيا مطلقا ، كون الأطراف اليمنية مجرد أدوات رخيصة ومبتذلة تنفذ مخططات السعودية والإمارات ، والفائز من الصراع والدموية الحاصلة في عدن هي السعودية والإمارات وإن كانت الإمارات تمني نفسها بأن تكون الفائز الوحيد وتحلم بأن يكون الكأس من نصيبها.
صراع المرتزقة الدامي في عدن مدعاة للحزن والحسرة والألم ، فالأرواح التي تزهق ، والدماء التي تسفك ، كلها يمنية ، والسلاح الذي تقتل به سعودي إماراتي المصدر ، أمريكي وفرنسي الصنع ، الأهالي في حالة فزع ورعب ، مما دفعهم إلى البقاء داخل منازلهم حفاظا على أرواحهم التي باتت رخيصة جدا في نظر المتصارعين من المرتزقة ، الجثث في الشوارع والمدينة تحولت إلى منطقة عسكرية ، وسط تحركات للسعودي والإماراتي لتعزيز مرتزقتهما من خلال إرسال المزيد من المرتزقة والسلاح والذخيرة ، لا من أجل احتواء المواجهات وايقاف نزيف الدم اليمني المستباح بدم بارد من قبلهما بواسطة أدواتهما في المنطقة.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : هل يدرك مرتزقة السعودية والإمارات خطورة وفداحة ما يقومون به في عدن ؟!! وهل من العقل والمنطق التقاتل والتناحر من أجل المال المدنس والذي قد يكلفهم حياتهم ؟! أين عقولهم ؟! أين ضمائرهم ؟!! ما ذنب أهالي عدن حتى يتم إقلاق أمنهم واستقرارهم وتهديد حياتهم بالخطر ؟!! قال السعودي ومن قبله الإماراتي بأنهم جاءوا إلى عدن من أجل تحريرها وتحويلها إلى مدينة عصرية تنافس الرياض ودبي ، فإذا بهم يسعون لتحويلها إلى مقديشو جديدة ، أين الوعود البراقة والأحلام الوردية التي منحوها لأبناء عدن بالحياة الرغيدة ، والتطور المضطرد والمستقبل الواعد بالخير ؟!!
بالمختصر المفيد، ما يحصل في عدن نتاج طبيعي للمخطط السعودي والإماراتي الذي يستهدف اليمن قاطبة والمحافظات الجنوبية على وجه الخصوص ، الإماراتي جاء طامعا ، والسعودي جاء غازيا طامعا ، صحيح هناك تقاطع في بعض المصالح بينهما ، ولكن كل طرف لديه أهدافه ومشاريعه الخاصة التي يسعى لتنفيذها بمعزل عن الطرف الآخر ، والأخيرة هي السبب وراء تفجير الأوضاع الأمنية ، فالمحتل الإماراتي يرى الفرصة سانحة لبسط كامل نفوذه على محافظة عدن ، لذلك دفع بكل أوراقه ، وخصوصا بعد أن لمس تحرك منافسه السعودي عبر الدنبوع وشرعيته المزعومة في عدن وقيامه بإرسال تعزيزات عسكرية ، وهو ما ينذر بصيف ساخن ينتظر عدن وأهلها في ظل سطوة مرتزقة الاحتلال وهيمنتهم على كافة مفاصلها وتقاسم السلطة الأمنية بين مليشيات الدنبوع السعودية الدعم والتمويل والولاء ، وما يسمى بقوات الحزم الأمني الإماراتية الدعم والتمويل والولاء ، ولن يرعوي الغزاة وأدواتهم وأذنابهم إلا بالتحرك الشعبي الذي يوقف عبثيتهم وإجرامهم ، تحرك يقوده أحرار وشرفاء الجنوب وسيلتف حولهم كل أحرار وشرفاء اليمن من مختلف المحافظات.