ما لم يَتّبع السعوديون حلاً سياسياً سيُتْركون لوحدهم في حرب لا يمكنهم الفوز بها
معهد واشنطن: سحب القوات الإماراتية قد يعزل السعودية في اليمن ويفاقم التوتر بين الدولتين
> وول ستريت جورنال: انسحاب الإمارات من اليمن تعقيد جديد للحرب السعودية
> القوات الإماراتية تشكّل 100 % في مارب و 80% في الساحل الغربي وحوالي 75% في قاعدة العمليات المتقدمة في عصب
> انسحاب الإمارات تم بدون تنسيق مع “حكومة الفنادق” وقوات سعودية تحل بدلاً عنها في مارب
الثورة/..
قال معهد واشطن للدراسات إن سحب دولة الإمارات العربية المتحدة قواتها من اليمن قد يؤدي إلى عزل المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا عسكريا على اليمن منذ مارس 2015م.
ويأتي تقرير معهد واشنطن بعد نشر وكالة “رويترز” الأسبوع الماضي خبراً عن انسحاب القوات الإماراتية من اليمن، نقلاً عن أربعة مصادر دبلوماسية غربية.
الانسحاب الإماراتي من اليمن أكدته مصادر في “حكومة الفنادق” لقناة الجزيرة وقالت أنه تم بدون تنسيق معهم، وأكدت انسحاب جميع القوات الإماراتية من مقر قيادة تحالف العدوان في مارب فجر الاثنين الماضي، وقال المصدر إن الإمارات سحبت منظومة الدفاع الصاروخي “باتريوت” من مارب وكذلك وحداتها في الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة الجوية الالكترونية.
وذكر المعهد في تقرير له صدر الثلاثاء الماضي أن الإماراتيين المنهكين من الحرب يغادرون اليمن مما يؤكد ضرورة إجراء محادثات بين السعوديين وأنصار الله.
ووفقا للمعلومات التي أوردها معهد واشنطن، فإن القادة العسكريين في الإمارات غالبًا ما يقولون إن شعارهم هو “إصلاح مشكلة أو الخروج”- من وجهة نظرهم- فإن الخيار الأسوأ يتمثل في الإبقاء على خطر الوقوع في مستنقع عندما تمنع الظروف الحل العسكري.
يقول المعهد في التقرير الذي أعدته الكاتبة “إيلانا ديلوزير ” إن المعركة الأساسية لدولة الإمارات وقعت في الحديدة غربي اليمن، ومع توقف القتال هناك، وتركيز الأمم المتحدة على المفاوضات، ينظر الإماراتيون إلى استمرار وجودهم في اليمن على أنهم عالقون في قضايا يريدون تجنبها، وتبعا لهذا فقد بدأوا في سحب قواتهم عن عمد من معظم الأنحاء التي يتواجدون فيها، باستثناء قوات مكافحة الإرهاب.
ويضيف التقرير: “من غير المرجح أن تعلن أبو ظبي عن هذا الرحيل بدون أي شروط رسمية بالنظر إلى الحساسيات مع جارتها وشريكتها في التحالف” السعودية” والتي تصاعدت بعد الهجمات الأخيرة على البنية التحتية الحيوية للمملكة، بما في ذلك خطوط الأنابيب والمطار، لكن العديد من المسؤولين الإماراتيين أعلنوا ذلك بشكل خاص واستباقي”.
أين يحدث الانهيار؟
وفقا لمعلومات المعهد تزعم المصادر الإماراتية أن الوحدات الإماراتية ستنسحب بنسبة 100% من مارب ، و 80%من الحديدة ، وتبدأ في الانسحاب من عدن، تاركة الإشراف المحلي على القوات اليمنية التي دربتها (أي الحزام الأمني وقوات النخبة).
وحسب التقرير تؤكد مصادر يمنية مقربة من “الحكومة الموالية للرياض” أنه تم على الأقل سحب جزء من القوات الإماراتية في عدن، وبالمثل انخفض عدد الموظفين الإماراتيين في قاعدة العمليات الأمامية الرئيسية في عصب “إريتريا” بنحو 75 % في الشهرين الماضيين، بما في ذلك الأفراد الذين دربوا القوات اليمنية.
وتابع التقرير بالقول : الإنسحاب ليس واضحا في بعض المناطق؛ فعلى سبيل المثال، تزعم مصادر يمنية أنه لا يوجد انسحاب واضح في محافظة شبوة، حيث القتال مستمر في مناطق النفط في بيحان، علاوة على ذلك فإن المرتزقة الذين تمولهم الإمارات، بما في ذلك ما لا يقل عن 10 آلاف مقاتل سوداني مدعومين من قاعدة عصب سيظلون على استعداد لدعم التحالف السعودي.
وتوقع معهد واشنطن أن قوات الإمارات ستستمر في إدارة عمليات مكافحة الإرهاب من قاعدتها في المكلا، – المدينة التي حررتها من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في عام 2016م ” – وكما هو معلوم فإن ذريعة مكافحة الإرهاب مجرد شماعة للتدخل في شؤون الدول، وهي هنا تعني أن الإمارات لا تزال تبقي على تواجدها بأشكال مختلفة”.
وأوضح التقرير أن الإمارات تجادل بأن سحبها ليس فقط بسبب إرهاق الحرب، ولكن أيضًا لأن مهمتها كاملة انتهت إلى حد كبير في الجنوب، وأن الصراع مع ” أنصار الله” أصبح الآن في أيدي مفاوضي الأمم المتحدة وليس قوات التحالف العسكرية.
وحسب المعهد اقترح أحد الدبلوماسيين الأمريكيين السابقين ممن لديهم خبرة في المنطقة أن الانسحاب من المرجح أن يكون “اعترافًا مترددًا لكنه عملي برغم أنهم لا يستطيعون الاستمرار -عسكريًا وماليًا – والأهم من الناحية السياسية- أنه لم يعد في حالة الجمود الدامي الحالية”.
وذكر التقرير أن “المتخصصين العسكريين الأمريكيين ذوي الخبرة البرية في اليمن ليسوا متفائلين بقدرات القوات المحلية، ويشعر الكثيرون أيضًا بالقلق من أن المدربين العسكريين الإماراتيين قد أنشأوا أساسًا قوة عسكرية مؤيدة لاستقلال الجنوب لا تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية، وهو وضع قد يؤدي إلى نزاع مستقبلي في الجنوب”.
الاحتكاك مع السعوديين
وأكد التقرير الذي نقله إلى العربية “الموقع بوست” أن قرار دولة الإمارات قد يتسبب في توترات مع الرياض التي يجب عليها الآن إعادة التفكير في مقاربتها للحرب، و في السابق ابتلع الإماراتيون إرهاق الحرب، وظلوا على الطريق للحفاظ على جبهة موحدة مع السعوديين.
يقول التقرير: “كانت تلك العقلية تتماشى مع الاستعدادات الثقافية المعتادة حول الدقة، ولكن يبدو أنها تغيرت لسبب أو لآخر، مهددة بفضح الخلافات وتسبب توترات إضافية خلال فترة الحساسية المتزايدة في الخليج”.
ودعا معهد واشنطن المسؤولين الأمريكيين للتواصل بنشاط مع الطرفين ” السعودية والإمارات وحكومة الفنادق” للمساعدة في صياغة طريق متفق عليها للمضي قدماً ودرء أي نزاعات إماراتية سعودية طويلة الأجل محتملة، ولفت إلى أن مثل هذا الخلاف بين الشريكين الخليجيين سيكون مثار قلق، ولكن ليس مفاجئًا.
وأردف: “على الرغم من الحفاظ على وجه عام مشترك، فإن قوات الدولتين في اليمن لا تعملان بشكل عام جنبًا إلى جنب، بل تقاسمان المسؤوليات، وعادة ما يدير السعوديون عمليات في الشمال بينما يدير الإماراتيون عمليات في الجنوب، وعندما يدخل أحدهما إلى المنطقة المقابلة يغادر الآخر”.
وذكر أنه عندما تولى الإماراتيون عمليات في الحديدة انحدر السعوديون إلى حضور رمزي وعندما دخل السعوديون محافظة المهرة غادر الإماراتيون، حتى وجود ضباط الاتصال في وحدات بعضهم البعض غالبا ما يبدو رمزا.
ويمضي التقرير بالقول: “تبدو حقيقة أن القوتين لا تعبران المسارات في كثير من الأحيان متعمدة، ما يثير تساؤلات حول وجهات نظر الإماراتيين في الكفاءة العسكرية السعودية”.
وحول التهديدات الإقليمية يشير التقرير إلى أن أبوظبي والرياض تشتركان في نفس النظرة العامة للتهديدات الإقليمية، لكنهما أعطتا الأولوية لتلك التهديدات بشكل مختلف، بما في ذلك في اليمن، لافتا إلى أن الإمارات تركز على محاربة جماعة الإخوان المسلمين أكثر من السعودية، وتبدو أقل قلقًا بشأن تمكين الانفصاليين الجنوبيين.
وقال معهد واشنطن: إن الوجه العام الموحد للدولتين بدأ في التلاشي، فقد تتفاقم الخلافات القديمة بين الحكومتين، ولذلك ينبغي على الولايات المتحدة العمل مع حلفائها الخليجيين بشكل أكثر نشاطًا لضمان ألا تؤدي هذه الاختلافات إلى مشاكل إضافية، سواء في حل “النزاع اليمني” أو في مواجهة إيران.
ماذا بعد لليمن؟
يواصل معهد واشنطن بالقول: “من المرجح أن يتم التوصل إلى حل في اليمن من خلال عملية سياسية أكثر من كونها عملية عسكرية، خاصة أن الكونغرس الأمريكي يكثف الضغط في هذا الاتجاه وتراجع الإمارات، معتبرا “أن القيود العسكرية في الرياض تعني أن الحل السياسي قد يكون الخيار الوحيد الآن”.
وأضاف أنه لا يمكن للسعوديين أن يحققوا نجاحًا كبيرًا في أهدافهم العسكرية، مشيرا إلى أن أنصار الله ما زالوا يتعرضون لحدودهم، بينما فشلت قواتهم في استعادة العاصمة نيابة عن الرئيس المنتهية ولايته، ويعلق على ذلك بالقول: “للمضي قدماً، فإن استعداد الإمارات لمواصلة دعم الغارات الجوية التي تقودها السعودية وغيرها من الأنشطة العسكرية الشمالية غير واضح”.
وتابع: “إذا لم يتبع السعوديون حلا سياسيًا بشكل أكثر استباقية، فإنهم يخاطرون بأن يُتركوا لوحدهم لخوض حرب لا يمكنهم الفوز بها”.
ويمضي التقرير قائلاً “يجب على الولايات المتحدة دفع الرياض إلى التفكير في إعادة فتح المحادثات المباشرة مع أنصار الله على غرار تلك التي عقدت في عام 2016م، مع إيجاد طرق لجعل مثل هذه المفاوضات مقبولة لدى “الحكومة الموالية للرياض” ينبغي على واشنطن أيضًا تشجيع عملية الأمم المتحدة وتعزيز محادثات مباشرة بين الطرفين اليمنيين، بهدف إيجاد حل للبلد كله، وليس فقط الحديدة.
وخلص معهد واشنطن في تقريره إلى أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن جريفيث سيبقى في مأزق إذا لم تتفاعل الأطراف مع بعضها البعض بقوة أكبر.
تعقيد جديد للحملة السعودية
من جهتها نسبت صحيفة وول ستريت جورنال لمسؤولين أميركيين وخبراء قولهم إن سحب الإمارات قواتها من اليمن سيضيف تعقيدا جديدا للحملة التي تقودها السعودية في اليمن ، وسيثير مخاوف واشنطن والرياض من أن يُفهم أن ذلك انتصار “للحوثيين”.
ومضت الصحيفة الأميركية تقول إنه ليس من الواضح كيف ستستجيب السعودية أو التحالف العسكري الذي تقوده للخطوة الإماراتية، خاصة أن الإمارات كانت أهم حليف للرياض في التحالف، حيث انضمت إلى الحملة الجوية في اليمن وجمعت المعلومات الاستخباراتية ونفذت بعض العمليات العسكرية وقدمت الدعم الحيوي للقوات المدعومة من التحالف.
وأوضحت وول ستريت جورنال أن الخلافات بين السعودية والإمارات حول الاستراتيجية التي يجب اتباعها في اليمن خلقت شقوقا في تحالفهما.
ونسبت إلى المتخصص في الشؤون اليمنية مع مجموعة الأزمات الدولية بيتر ساليسبري، قوله إن من المؤكد أن الخطوة الإماراتية ستضيف تعقيدا جديدا وتكشف للعلن بعض الانقسامات بين بعض المجموعات المناوئة لأنصارالله، وإنها أيضا إشارة واضحة إلى أن الإمارات تريد التركيز على الدبلوماسية وإخراج نفسها من حرب اجتذبت معارضة واسعة.
ونسبت الصحيفة إلى مسؤولين أميركيين وآخرين تم إبلاغهم بخطة الانسحاب الإماراتي، أن أبو ظبي شعرت بوطأة المعارضة المتزايدة في الكونغرس لحملتها العسكرية في اليمن، وتخشى أن تكون هي بين أول أهداف الرد الإيراني إذا أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتنفيذ ضربة عسكرية على إيران. وقالت الصحيفة إن الإمارات ترغب في تركيز جهودها في اليمن على محاربة تنظيمي القاعدة وداعش وغيرهما من الجماعات “المتطرفة”.
ونقلت عن مسؤولين إماراتيين قولهم إنهم لا يستطيعون التعليق على انسحاب بلادهم من اليمن الذي أورده مسؤولون غربيون، مضيفة أن مسؤولين سعوديين قالوا لها إنهم أيضا لا يستطيعون التعليق.
قلق بواشنطن والرياض
وقال المسؤولون الأميركيون للصحيفة إن هذه الخطوة أثارت مخاوف من شركاء أبو ظبي في واشنطن والرياض من أن يُفهم هذا الانسحاب على أنه انتصار للحوثيين وأنصارهم الإيرانيين.
وكانت وكالة رويترز قد نقلت الأسبوع الماضي عن أربعة مصادر دبلوماسية غربية قولها إن دولة الإمارات -العضو الرئيسي في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن- بدأت تقلص وجودها العسكري هناك بسبب التهديدات الأمنية الناتجة عن تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
وذكر اثنان من الدبلوماسيين للوكالة أن الإمارات سحبت بعض القوات من ميناء عدن الجنوبي ومن الساحل الغربي لليمن، وهي مناطق شكلت فيها قوات ” من المرتزقة المحليين والأجانب ” تقود القتال على ساحل البحر الأحمر.