بلقيس علي السلطان
لطالما ضللونا بلحاهم الطويلة وثيابهم الناصعة البياض ، والتخاطب بالفصاحة والتهويل والمزايدة وذرف القليل من دموع التماسيح من أجل إتقان الدور، لم نكن نعلم أن كل ذلك مجرد مسرحية هزلية كانت تخفي وراءها الكثير والكثير من الأهداف والغايات .
يعلم الأعداء جيدا مدى ارتباط المسلمين بدينهم وبعلمائهم الذين يرون فيهم ورثة الأنبياء ، بعد أن أبعدوا المسلمين عن أعلام الهدى من آل بيت رسول الله وطمسوا معالم فكرهم وعلمهم ، واستبدلوا عوضا عن ذلك مجموعة من المتعولمين والذين جعلوا منهم مطية للوصول إلى أهدافهم ومصالحهم في تدمير الأمة الإسلامية برمتها.
كان من خبث حكام الخليج وغيرهم من الحكام العرب والمسلمين أن روضوا بعض العلماء ومشائخ الدين من أجل تنفيذ سياساتهم وهيمنتهم على شعوبهم المستضعفة ، ولن يتسنى ذلك إلا بفتاوى ترضخ المواطن المستضعف لما يأمر به الحاكم لاعتبار أن ذلك أمر مرتبط بالدين ولا مجال للفصال فيه ، فكثير ما كنا نستمع في نهاية خطب الجمعة إلى الدعاء لولي الأمر بأن الله يوفقه لما يحبه ويرضاه ! والدعوة إلى طاعة ولي الأمر ولو خلس ظهرك !
فما بيد الشعوب سوى الرضوخ لتلكم الفتاوى والأوامر دون النطق ببنت شفة ، كيف لا وذلك العالم المعروف بالورع والزهد – كما يظهر للناس- هو من يطلق تلكم الأحكام والأوامر .
قبل فترة كبيرة من الزمن وعبر إذاعة الـ”BBC” الناطقة بالعربية استمعت إلى تقرير مفاده أن علماء السعودية ومشائخها هم الأكثر أرصدة بعد الملوك والأمراء!
يومها سخرت من ذلك وقلت في قرارة نفسي إنها مجرد أحقاد لصرف الناس عن العلماء وجرهم إلى عدم تصديق فتاواهم وإرشاداتهم ،، لتأتي الأيام لتبرهن صدق ما قيل وتكذب قرارة نفسي .
ما تشهده اليوم مملكة الرمال الهالكة من تخبط باسم الدين، أصبح يثير الاشمئزاز في النفوس وسخطاً على أولئك الذين جعلوا من الدين ألعوبة لتبرير أفعال حكامهم بدءاً بتبرير سفك الدماء وتدمير البلدان ، وانتهاءً بتحليل ما حرامه بيّنٌ وواضحٌ وضوح الشمس ، فلا عجب ولا استغراب في تحليل ما قد تم تحريمه وتحليل ما هو محرم لا محالة ، فبعد فتاوى عدة على تحريم قيادة المرأة للسيارة صدرت فتوى أخرى بتحليلها ، والأمّرُ والأنكى من ذلك إباحة البارات وغيرها بأنها حلال !
لا أظن أنه يوجد جديد في ذلك سوى أن ما كان يحدث تحت الطاولة أصبح فوقها ومشرعناً من علماء البلاط ، والعتب كل العتب هو على الشعوب المسيَّرة التي باتت تقاد كالدواب دون أي ردة فعل تذكر !
وكذلك الانجرار والغوص في تلكم الأوساخ ، ولا يظنون أنهم سيكونون بمنأى عن العقاب الإلهي ما لم تكن لهم مواقف تذكر ، فمن عقر ناقة ثمود كان واحداً ولكن العذاب عم الجميع.. والله من وراء القصد.