كيف سيشكل هذا خرقاً لموازين القوى؟ ولماذا سيندم أعداء اليمن؟
معادلة الدفاعات الجوية اليمنية تدخل مسرح الحرب
جميل أنعم العبسي
بعد معادلة الصواريخ الباليستية واستهداف السعودية والامارات بالطائرات المسيرة أدخلت القوات اليمنية معادلة ردع جديدة للمسرح العسكري وهي معادلة الدفاع الجوي وباكورتها إسقاط أربع طائرات مقاتلة وتجسسية في أقل من ثلاثة أشهر كمرحلة “تجريبية” للسلاح الردعي الواعد كالتالي:
الأولى مقاتلة تجسسية من نوع MQ-1 في أجواء العاصمة صنعاء بتاريخ 22-3-2019م
والثانية مقاتلة تجسسية من نوع Wing Loong في أجواء محافظة صعدة بتاريخ 19-4-2019م
والثالثة مقاتلة تجسسية من نوع MQ-1 في أجواء العاصمة صنعاء بتاريخ 14-5-2019م
والرابعة مقاتلة تجسسية من نوع MQ-9 في أجواء محافظة الحديدة بتاريخ 6-6-2019م
وخلال أربع سنوات من العدوان تمكنت الدفاعات الجوية من إسقاط 25 طائرة حربية، و19 مروحية أباتشي، و240 طائرة استطلاعية وتجسسية، بحسب إحصائية رسمية أعلنها المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع في مؤتمر صحفي بمناسبة 4 سنوات من العدوان والصمود، وهي إحصائية لا تشمل عدد الطائرات والمروحيات المدمرة بعمليات قصف صاروخي ومدفعي على معسكرات العدوان في الداخل والعمق المعادي.
وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي أكد الأسبوع الماضي خلال اجتماع للجنة إعداد العقيدة العسكرية للجمهورية اليمنية أن “الصناعات العسكرية اليمنية تمضي قدما في إنجازاتها التسليحية والتقنية المتطورة المواكبة لمتطلبات ومقتضيات الدفاع عن سيادة ووحدة واستقلال الجمهورية اليمنية”.
ولفت العاطفي إلى أن القوات اليمنية باتت الآن في المراحل الأخيرة من إعادة جاهزية وتطوير وتصنيع الدفاعات الجوية المختلفة، مضيفاً بالقول: ”سنذهل المتكبرين والمتغطرسين والمعتدين على الشعب اليمني بالمفاجآت التي لن يتوقعوها على الإطلاق”.
المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع أكد أمس الأول أن “هناك تطويراً مستمراً للدفاعات الجوية حتى حماية كافة الأجواء اليمنية وتحقيق كامل السيادة”.
اهتمام القيادة بخرق موازين القوى جواً
اهتمام كبير توليه القيادة اليمنية بتطوير سلاح الجو المسير والدفاعات الجوية بحيث يسمح لها بناء بنية تحتية تكنولوجية وصاروخية محلية الصنع قادرة على منع سلاح الجو المعادي من تنفيذ عمليات معادية أو الحد منها على أقل تقدير، وقادرة على خرق موازين القوى الجوية لتشكل في النهاية ردعاً استراتيجيا أمام عدوان لم يراع الحد الأدنى من أخلاقيات الحرب.
اعتمد تحالف العدوان على اليمن من البداية وحتى اليوم بشكل رئيسي في إدارة عملياته العسكرية على سلاح الجو سواء بشن العمليات العسكرية الهجومية أو الدفاعية أو جمع المعلومات، ما يجعل أي خلل أو تعثر في أداء سلاح الجو المعادي يُحدث خرقاً للموازين العسكرية.
وشكَّل تطور قدرات سلاح الجو اليمني بالطائرات المسيرة الاستطلاعية والهجومية ونجاحها في عملياتها بنسب عالية اعترفت بها دول العدوان رغم تحفظها الكبير شكَّل خرقاً لموازين القوى، وسمح لقوات الجيش واللجان بتحرير مئات الكيلومترات المحتلة بعد إحداث اختراق كبير في جبهات عسكرية كبيرة واستراتيجية في مأرب والجوف والبيضاء والضالع، وأثَّر بشكل كبير على العدو في معارك الساحل الغربي قُبيل إتفاق السويد نهاية العام الفائت وفي كل الجبهات بشكل عام، ما أصاب قوى العدوان بشلل تام أو شبه تام -على أقل تقدير- في تحقيق أي إنجاز يُذكر منذ تدشين معادلات الجو على يد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في العام 2016م.
معادلة الجو ترجح موازين القوى لصالح الجيش واللجان الشعبية
أي خلل في قدرات سلاح الجو المعادي يعني خرقاً لموازين القوى وينعكس بشكل مباشر وملحوظ في الميدان بتراجع قوى العدوان وتقدم الجيش واللجان الشعبية وتحقيقهم إنجازات نوعية، وتكامل الدفاعات الجوية مع القوات الجوية سيعطي للقوات الجوية والدفاع الجوي اليمني يداً طولى في الميدان نتيجة الخبرة الميدانية للجيش واللجان واكتسابهم مهارات وقدرات مكنتهم من القتال في أي ظروف جوية معادية، ورأينا مؤخراً فشل سلاح الجو المعادي في إيقاف التقدم اليمني بإتجاه المواقع العسكرية السعودية في عمليات نجران الواسعة وعجزهم التام عن حماية أكثر من 20 موقعاً فضلاً عن تجنب الخسائر الجسيمة في الأرواح والعتاد، في المقابل نجح الجيش واللجان الشعبية في عملية الهجوم تلك، وفي عملية صد زحف الجيش السعودي والسوداني و7 ألوية من المرتزقة اليمنيين على صحراء ميدي مع فارق الإمكانيات عدداً وعتاداً وفارق البيئة الجبلية والصحراوية لصالح الجيش واللجان في الصد والهجوم وهي أمثلة أخيرة واضحة على ترجيح كفة الموازين لصالح الخبرة والتكتيكات القتالية المكتسبة.
في المقابل فإن قوى العدوان لا تستطيع التقدم لمسافات محدودة دون مساعدة جوية واسعة النطاق، وحتى تصل قوى العدوان لخبرة ومهارة الجيش واللجان فإنها ستحتاج إلى ظروف شبيهة بالظروف التي واجهها الجيش واللجان الشعبية طوال أربعة أعوام من العدوان بدون سلاح جو صديق وبإمكانيات بسيطة في مواجهة قدرات عسكرية كبيرة جواً وبراً وبحراً، ما يضع قوى العدوان في موقف لا يحسد عليه.
لماذا سيندم أعداء اليمن؟
هذا التطور لن يؤثر على مجريات المعارك في الداخل اليمني وتقتصر تداعياته على الإقليم بل ستصل التداعيات إلى تشكيل نظام عالمي جديد تنتهي فيه هيمنة القطب الواحد، أمريكا ستجد نفسها أمام واقع كابرت طويلاً الاعتراف به وسمحت لها شراهتها بجني الأموال بالتخلي عن سمعتها وسمعة سلاحها الذي يتعرض لكل أنواع الإذلال في اليمن فبعد مدرعات البرادلي ودبابات الإبرامز ستصبح الأباتشي وF16 والMQ9 في متناول ولاعات “قداحات” مقاتلي اليمن الذين لن يترددوا بإحراقها وإذلالها أو حتى سحلها على الحمير، وقد أصبحت كذلك بالفعل والدفاعات الجوية اليمنية ما زالت في طور التأسيس، وهي الآن في طريقها لتصبح أقوى عنفواناً.
إسقاط الطائرات بمسار متصاعد سيجعل قادة العدوان يحسبون ألف حساب والآتي أعظم كما يقول اليمنيون، وسيضع تحالف العدوان أمام خيارين أحلاهما مر إما الانسحاب من حرب باتت بوادر هزيمتهم فيها مؤكدة، وإما مواصلة الحرب للوصول إلى الهزيمة المؤكدة، وحينها لن يكون اليمن إلا قوة إقليمية تمتلك تكنولوجيا الجو وتكتيكات البر ولا نعلم ما الذي سيحدث في البحر.
مؤخراً نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تقريراً، أعده كل من “ديون نيسباوم” و “وارن ستروبل”، يقولان فيه بالنص: “إن الحوثيين في الشرق الأوسط دخلوا عصر حروب الدرون”، وينوه الكاتبان إلى أن “الحوثيين أظهروا براعة في استخدام الطائرات دون طيار، وأصبحوا خلال فترة قصيرة من الجماعات الأكثر مهارة في استخدام هذا السلاح، ما أثار جدلاً في واشنطن”. التقرير قال أيضاً أن “المخابرات الأمريكية توصلت إلى أن برنامج طائرات الدرون الحوثي محلي ولا يحتاج الحوثيون لأي مساعدة خارجية”.
ويبقى التساؤل حاضراً: هل يعي تحالف العدوان إلى أين تتجه به القافلة وماذا يعني عدم الخروج من الحرب وسريعاً، تساؤل كان في الحقيقة قد أجاب عليه قائد الثورة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي بالقول: “معجزة وثمرة عظيمة، سيندم الأعداء إن شاء الله تعالى، سيندمون مستقبلاً بأن بلدنا يطور وينتج ويمتلك قدرات عسكرية ليتبوأ مكاناً مهماً على مستوى التصنيع العسكري”. قالها في معرض حديثه عن تطور القدرات اليمنية بمناسبة مرور أربعة أعوام من العدوان.
ينتقل اليمنيون من معادلة إلى أخرى يزيد معها غرق حلف العدوان في المستنقع اليمني ما يؤكد دون أدنى شك قدرة الشعب على المواجهة والتضحية رغم المآسي والويلات التي سبّبها لهم العدوان، وفي مقابل استهلاك قوى العدوان جميع أوراقهم العسكرية والسياسية والاقتصادية فلليمنيين مروحة خيارات واسعة، وليس لديهم ما يخسروه سوى كرامتهم التي لن يساوموا عليها كما قال الرئيس الشهيد “صالح علي الصماد”، أما قوى العدوان فليهم الكثير والكثير ليخسروه.