الثورة نت/ إبراهيم الوادعي
دخل العدوان على اليمن عامه الخامس، وقد استنفذ جل أوراقه إن لم يكن جميعها، أوراق شرع في استخدامها منذ اللحظات الأولى للعدوان، وتدرج في بعضها قساوة لمخادعة العالم بانسانية زائفة يحملها، ولعدم توقعه بان يبدي الشعب اليمني صمودا كالذي يراه العالم اليوم بعد أربع سنوات.
حرب الاقتصاد واستخدام سلاح التجويع، مثل أحد الأسلحة القذرة التي لجأ اليها التحالف منذ اللحظات الأولى لشن العدوان في الــ 26 من مارس 2015م ، فااجبر العدوان الشركات الأجنبية العاملة في قطاعي النفط والغاز والذي يمثل 70 % من موارد الدولة على مغادرة اليمن، فتوقفت القطاعات النفطية في حضرموت وشبوة عن العمل، وفي مارب الذي كان تحت سيطرة المرتزقة عند بداية الحرب.
وسجل عامي 2015 و2016 م استهدافا مكثفا بالقصف الجوي للمنشئات الاقتصادية والجسور والمصانع والمزارع بالغارات الجوية، وكل ما يتصل بمفاصل الاقتصاد اليمني العام والخاص، لتعطيل سوق الاعمال ودفع عشرات الآلاف من العاملين في قطاعات صناعية وزراعية نحو البطالة .
لقد كشفت الحرب الاقتصادية عمن يدير التحالف ضد اليمن حينما هدد الأمريكي بنقل البنك المركزي وتحطيم العملة اليمنية بحيث لا يساوي الحبر الذي يكتب به خلال مفاوضات الكويت 2016م، وهو ماحدث تباعا.
في السنة الثالثة للعدوان ورغم الاتفاقات التي كانت مبرمة مع الأمم المتحدة بتحييد الاقتصاد عمد إلى نقل البنك المركزي إلى عدن موقفا رواتب القطاع العام ودافعا بشريحة كبيرة من الاسر نحو العوز والفاقة بشكل كامل في المناطق غير المحتلة ، وهادفا لخلق فوضى عارمة في أوساط الناس، فطنت لذلك الأجهزة الأمني فضبطت عددا من الخلايا المعدة لذلك في حينها، عدا عن ان نقل البنك المركزي نقل مركز التحكم بإدارة الاقتصاد والعملة كلية ما ألحق ضرر اكبر بالاقتصاد الوطني حيث تضاعفت معدلات الركود بشكل غير مسبوق.
أوراق الحرب الاقتصادية التي شنت على الدولة في صنعاء تعددت من سحب للعملة اليمنية، وطباعة كميات مهولة وفائضة من العملة، والتلاعب بسعر الصرف للريال مقابل الدولار ، ناهيك عن الاستمرار في سياسة تجفيف الموارد لحكومة الإنقاذ على شاكلة تفريخ كيانات غير شرعية في قطاعي الاتصالات والانترنت، وإلزام الشركات بفتح اعتماد مستندية عبر بنك عدن المسيطر عليه كلية من العدوان.
كان مقدرا للعدوان العسكري والحصار المفروض على دولة فاشلة كاليمن وفق لوضعها وتقارير دولية تصف حالتها قبيل ثورة 21 سبتبمر أن تنهار في الأسابيع الأولى، فصوامع الغلال ومخازن الدواء وخزانات النفط، اطلقت أجراس إنذار بخلوها منذ الأسابيع الأولى .
ووفقا للمتحدث باسم وزارة الصحة العامة الدكتور يوسف الحاضري فإن مخازن وزارة الصحة خلت من الادوية المنقذه للحياة واصناف عديدة بعد أسابيع فقط من بدء العدوان المفاجئ، مشيدا بشجاعة من أمسكوا بزمام القطاع الصحي آنذاك، وفي حينها لم تكن آلية المساعدة الأممية تبلورت بعد، كون المنظمات الأممية والدولية لم تكن مستعدة لوضع طارئ وناشىء بالحجم الذي أفرزه العدوان والحصار الخانق في الأسابيع الأولى فقط.
تفيد البيانات والإحصاءات في جانب الأزمة الإنسانية صحيا بأن الحرب الاقتصادية جعلت آلاف الاسر اليمنية عاجزة عن شراء الدواء، وأن السوق اليمنية تفتقد اليوم مايقرب من 400 صنف دوائي منقذ للحياة .
وفي جانب الغذاء تقول الإحصاءات الأممية أن ملايين اليمنيين يعيشون الآن تحت خط الفقر الشديد، وأن نحو مائة ألف طفل يمني يموتون في العام بسبب الجوع الوخيم.
يمكن القول بأن العادات والتقاليد اليمنية التي تمتاز بالتكافل والتعاطف والتراحم وخاصة في الريف حيث يتشكل 70 % من النسيج اليمني قد ساهم في تخفيف حدة سلاح التجويع واوراق الحرب الاقتصادية بالشكل الذي شهدناه خلال السنين الأربع الماضية، وهي قيم عادت بقوة الى المدن اليمنية بعد أن كادت تتلاشى في العقود السابقة نتيجة الوضع الاقتصادي والثقافة الاجتماعية الدخيلة.
وفي المدن كان للمبادرات الخيرية كالمطابخ والمخابز إثرها في فل سلاح التجويع وإشاعة مناخ التراحم المطمئن لعامة المجتمع..
وإلى هذا المجهود الميداني يضيف العلامة محمد الوجية عضو رابطة علماء اليمن أن توفر عنصر الثقة في القيادة التي تعرف ماتريد فاندفعت نحو بذر عوامل الاكتفاء الذاتي، وتطوير قدراتها العسكرية لهزيمة العدوان، أثره على تولد السكينة الشعبية، فالشعب ادرك بأن ما يتوجب عليه هو الصبر على نقص الأموال والثمرات ورفد الجبهات حتى يأتي النصر. .
وفي ذات السياق يقول عضو مجلس الشورى خالد المداني إن سلاح الوعي مثل حجر الزاوية في صمود اليمنيين أمام سلاح التجويع، فما دون الكرامة والاستقلال سقوط لا قاع له.
في ساحات الصمود تدشينا لعام خامس من مواجهة العدوان ، وفي مواجهة الحرب الاقتصادية وسلاح التجويع العامل الديني حاضر باثره ،، فصمود الرسول محمد صلى الله عليه وآله في شعب أبي طالب لسنوات أمام حصار الغذاء والدواء المفروض من قريش شكل انموذجا لدى اليمنيين الشعب الاكثر ارتباطا بالنبي محمد وآله ، ويرون أن العدوان بما يمثله من جاهلية أخرى لايختلف عن الجاهلية الأولى إلا في قساوته واستهدافه شعبا بأكمله، تجيبك الحشود ..
وباجمال ما سبق يمكن أن نفهم كيف أمكن لدولة محاصرة قطعت عنها مواردها أن تصمد ويلتف حولها شعبها، وأمكن لشعب أن يقاوم سلاح التجويع الذي بلغ ثنايا كل بيت وجوف كل طفل ورجل وامراة، في أقذر عدوان تشهده وتشارك فيه البشرية، حديثا على الأقل