الأسرة / خاص
التربية مهمة خطيرة وحساسة وتحد هائل أمام الأمهات والآباء إزاء أطفالهم، فأي هفوة أو خطأ في طرق ووسائل هذه التربية قد تؤدي الى نتائج عكسية يدفع ثمنها الأطفال في حياتهم المستقبلية.وينصح الأخصائيون التربويون بتجنب استخدام العنف والتوبيخ في التربية والاستعاضة عن ذلك بمنح الحنان الذي يكون له مفعول السحر في تقويم سلوك الأطفال والوصول بهم بسلام الى سن الرشد، وبالتالي تجاوز مخاطر المراحل التالية من حياتهم وخاصة مرحلة المراهقة التي تعد من أهم وأخطر المراحل العمرية في حياة الطفل .
فما هي أفضل الطرق للتربية وكيف يمكن للأهل تنشئة أطفالهم بالطرق المثلى مع المحافظة على حقوقهم الإنسانية
تقول الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والتي صادقت اليمن عليها، :إن الاهل يلعبون الدور الأهم في تنشئة الأطفال، فالأهل هم المعلمون والقدوات والمرشدون الأهم بالنسبة لأطفالهم، غير أن الأطفال ليسوا ملكية للأهل، فمبادئ حقوق الإنسان تضمن انه لا يجوز لأي شخص أن يكون ملكا لشخص آخر. وتضمن الاتفاقية للأطفال الحق في البقاء على قيد الحياة والنمو الكامل لإمكاناتهم والطعام الملائم والمسكن والمياه النظيفة والتربية والرعاية الصحية والتسلية والترفيه والأنشطة الثقافية والمعلومات عن حقوقهم والكرامة والحق في الحماية من العنف والاستغلال والحق في المشاركة في اتخاذ القرارات من حيث التعبير عن آرائهم واحترامها وابداء رأيهم في المسائل المتعلقة بهم وإتاحة المعلومات لهم والترابط بحرية مع الآخر.ضغوطات وانفعالاتيشير أخصائيو التربية إلى أن الأهل يمرون بلحظات فيها التحدي أكبر من أن يتخطوه، ففي بعض الأحيان يجهل الأهل ببساطة ما يجب القيام به وفي أحيان أخرى يبدو وكأن كل ما يفعلوه غير صحيح وأحيانا تسيطر عليهم جميع الضغوطات الأخرى في حياتهم.
والحقيقة أن معظم الآباء يتعلمون التربية من خلال قيامهم بهذا الدور، وبما أن معلوماتهم حول نمو الطفل قليلة فإنهم يعتمدون على غرائزهم أو على تجاربهم الشخصية في مرحلة الطفولة غير أن كثيرا ما تكون غرائزهم في الواقع مجرد ردود فعل عاطفية وغير مدروسة بشكل جيد وأحيانا تكون تجاربهم الشخصية في مرحلة الطفولة سلبية أو حتى عنيفة.ونتيجة لذلك يعتقد كثير من الأهل أن التأديب يقوم على مجرد التأنيب والضرب، ويستاء آخرون من أنفسهم إذا فقدوا السيطرة على أحاسيسهم فيما يشعر البعض الآخر بتأنيب الضمير. يؤكد المختصون وجود طريقة للتأديب غير الضرب والتأنيب وهي في الواقع “التعليم ” والتعليم يقوم على تحديد غايات التعلم والتخطيط لمقاربة فعالة وايجاد حلول ناجحة.
مزاج الوالدين
وتقول اختصاصية علم النفس عبير الصنعاني :إن مزاجنا عامل مهم بالنسبة الى سلوك طفلنا واستجابتنا له، فإذا كنا نشعر بالتعب أو الضغط النفسي أو القلق أو الغضب من أمر ما نميل أكثر فأكثر الى الشعور بالغضب من طفلنا وأحيانا يلقي الأهل بالإحباط على أطفالهم وحينها يشعر الطفل بعدم الأمان، وعندما يتجاهل سلوكا ما في أحد الأيام ويغضبون من السلوك نفسه في يوم آخر يشعر الأطفال بالضياع وعندما يغضب الأهل من الأطفال لأنهم قلقون بشأن أمور أخرى يشعر الأطفال بالاستياء لمعاملتهم بطريقة غير عادلة، وعندما يصاب الأهل بالغضب أو يتعكر مزاجهم غالبا يشعر الاطفال بالتهديد والخوف.
وتضيف: مزاج الأهل يؤثر على سلوك الأطفال لذلك من المهم أن يتنبه الأهل إلى مزاجهم، فيجب أن يتجنبوا تفجير مزاجهم على أطفالهم، كذلك من المهم أن يحصل الأهل على قسط كاف من النوم وأن يتناولوا الكثير من الأطعمة المغذية لكي يتزودوا بالطاقة من أجل مواجهة جميع ضغوطات الحياة، فإذا وجدنا أننا كثيرا ما نغضب أو نحزن أو نقلق أو نشعر بالضغط النفسي، فيجب أن نتجه إلى دعم أحد من الأصدقاء أو أفراد الأسرة لأنه من المهم أن نحل مشكلاتنا بطريقة بناءة لا تؤذي أطفالنا.
طرق فاعلةوتشير الاختصاصية عبير الى بعض الطرق التي يمكن للأهل أن يصلوا الى غايتهم من التربية على المستوى القريب والبعيد، ومن أهمها تذكر: بتوفير الحنان والمبادئ التوجيهية لهما معا.
وتقول: والحنان هو الأمان العاطفي والمحبة ومراعاة احتياجات الطفل وقول كلمة احبك وإظهار محبتهم للأطفال والقراءة لهم ومعانقتهم ومواساتهم عندما يجرحون أو يخافون والإصغاء إليهم ومدحهم واللعب معهم ورؤية الموقف من وجهة نظرهم والضحك معهم ودعمهم عندما يواجهون التحديات والاعتراف بجهودهم ونجاحاتهم وإظهار الثقة يثقون بهم وأيضا المرح معهم. وتضيف: أما المبادئ التوجيهية، فهي توقعات معلنة بوضوح وأسباب مفسرة أيضا بوضوح ودعم لمساعدة الطفل على النجاح وتشجيع التفكير المستقل لدى الطفل والتفاوض معه، والمبادئ التوجيهية تساعد الطفل على تعلم ما هو مهم، فهي تساعده على فهم أخطائه والقيام بما في وسعه لتصحيحها، وتعطي المبادئ التوجيهية للطفل المعلومات التي يحتاج إليها للنجاح في المرة المقبلة، فهي تعطيه الأدوات التي يحتاج لحل المشكلات عندما لا يكون الأهل متواجدين معه وتظهر له كيفية حل الخلافات مع الآخرين بطريقة بناءة وغير عنيفة. قواعد تعامل في هذا السياق تشير الاختصاصية عبير الصنعاني إلى الطرق التي يمكن للأهل أن يوفروا المبادئ التوجيهية لأطفالهم، وأنها تكمن في : شرح الأسباب الكامنة وراء القواعد ومناقشة القواعد معهم والاصغاء الى وجهة نظرهم، ومساعدتهم على ايجاد طرق لتصحيح أخطائهم بطريقة تساعدهم على التعلم والتصرف بعدل، والمرونة والتحكم بالغضب وشرح وجهة نظرهم والاصغاء الى وجهة نظر الطفل. وتضيف إلى هذه الطرق: تعليمهم عن آثار أفعالهم على الآخرين، واعطائهم المعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ القرارات الجيدة والتكلم معهم، وتجنب التهديد بالضرب أو الحرمان من المحبة أو الأمور الأخرى التي يخاف منها الأطفال، والتصرف كقدوة ايجابية وكمرشد، فالأطفال متعلمون وهم يتعلمون بشكل أفضل عندما يزودون بالدعم والمعلومات، وبالطبع يحتاج الأطفال الى أنواع مختلفة من الدعم والمعلومات باختلاف أعمارهم.