وفاء الكبسي
ينعم أطفال العالم بطفولتهم، بينما يعيش الطفل اليمني ظروفاً نفسية صعبة، ولا يزالون يعانون الحرمان من أبسط حقوقهم في التمتع بطفولتهم البريئة، وحقهم في الحياة، جراء انتهاكات العدوان المتواصلة بحقهم. هذا العدوان السعيو أمريكي يستهدفهم في كل لحظة، ويدمر كل شيء من حولهم، فقد هدم مساكنهم على رؤوسهم وقتل أهاليهم ودمر مدارسهم والطرقات، فلم يبقِ ولم يذر حتى الحجر والشجر.
كل هذا فاقم من معاناتهم، ولكنه لم يكسر من عزيمتهم ولا من إرادتهم، فأطفالنا يذهبون للدراسة رُغم أن مدارسهم أصبحت مهدمة ورُغم صعوبة الطريق، فهم يعبرون مئات الأميال مشياً على الأقدام لأن العدوان استهدف الطرقات ورُغم كل هذه المعاناة والأحزان ولكنهم عادوا للدراسة متحدين العدوان بالحياة!
في كل صباح يتجه أكثر من 400ألف طالب وطالبة في جميع المراحل التعليمية من الصف الأول وحتى الثانوية العامة بزيهم الدراسي المميز نحو مدارسهم رُغم أنها أصبحت مهدمة ومستهدفة ولكنهم يمشون نحو العلم متحدين دوي الصواريخ الذي يكاد أن يصم أذانهم وأزيز الطائرات ومشاهد القتل والدمار التي يشاهدوها أمام أعينهم كل يوم .
لم يتوقف الطلاب والطالبات عن الدراسة، فمثلاً طلاب مدارس صعدة وخصوصاً ضحيان رُغم استهداف إخوانهم من الطلبة، ولكنهم مازالوا يدرسون بكل تحدٍ وشجاعة، كذلك طلاب وطالبات مدارس سعوان التي استهدفها العدوان قبل أسابيع قليلة، هاهم يؤدوون الامتحانات بكل عزيمةٍ وتحدٍ، وقاموا بكتابة أسماء إخوانهم الطلاب والطالبات الشهداء في جدران مدارسهم تخليداً لذكراهم وبأنهم لن ينسوهم أبداً .
أطفالنا قصص من الصمود والكفاح والبطولة بكل ما تعنيه كلمات الشجاعة والثبات والصبر ولكن كان لهذا العدوان آثار سلبية على بعض الأطفال، خلفت صدمة ناجمة عن مشاهدة حالات القتل المروعة والجثث المشوهة وآثار الدمار والخراب وصوت الصواريخ وأزيز الطائرات واستهداف مدارسهم وهم فيها .. كل هذا أثر على قدراتهم العقلية وتسبب في مشكلات عصبية ونفسية ممتدة مثل الحركات اللا إرادية وقلة الشهية والابتعاد عن الناس والميل للوحدة واضطرابات في النوم .أطفالنا بحاجة إلى علاج نفسي من الصدمة النفسية التي خلفها العدوان، خصوصاً الأطفال الذين تهدمت بيوتهم وفقدوا أهاليهم ووجدوا أنفسهم في حالة تشرد وفقر تفوق قدرتهم واستيعابهم لدرجة أن البعض منهم فكر فعلياً في الانتحار. قد يسهل علينا الحديث عن الآثار التي تصيب الأطفال من العدوان ولكن المعايشة هي أصعب من الحديث، يجب أن نستشعر هذا، فالآثار السلبية للعدوان على أطفالنا تكاد تكون أمراً مسلماً بها ولكن إلى جانب تلك السلبيات لن ننسى بأن هناك ايجابيات؛ لأن هذا الجيل الذي عانى من العدوان سيكون أكثر قوة وقدرة على التحمل؛ لأنهم لا يملكون سوى إرادتهم وعزيمتهم حتى صاروا كباراً.
كبروا قبل الأوان وبقوة العنف والحرمان شاخت طفولتهم، ماذا يفعلون إذا كانوا يرون بأم أعينهم مشاهد القتل والدمار التي يحدثها العدوان في كل قرى ومدن اليمن؟!..فكل هذا أكسبهم شجاعة وقوة لا يمكن إطفاؤها، ولاكسرها في قلوبهم.