صادق الخياط
المشاهد لما يدور حولنا من احداث ومتغيرات وعدوان على بلادنا وعدم استقرار العملية التعليمية ووجود كثير من الأطفال ممن دفعهم العدوان خارج نطاق المؤسسات التعليمية يثير تساؤلات كبيرة عن مصير ومستقبل ابنائنا في ظل ما تعيشه بلادنا الآن وما يمرون به من أزمات نفسية مختلفة وهم يشاهدون الدماء والدمار هنا تقع المسؤولية الكبرى على المعلم بعد الأسرة للتعامل السليم مع هؤلاء الأطفال وتهيئتهم وخلق جيل سليم قادر على بناء مجتمع متماسك رغم طفولته البائسة.
ما يقع على عاتق المعلم اليوم مسؤولية في غاية الصعوبة فهو يحمل أمانة كبيرة ورسالة هامة فهو المنوط به تربية جيل قادر على حمل المسؤولية وانتشال الطلبة من الشوارع وابقائهم على كرسي الدراسة بينما على الطالب النظر بعين الاحترام والاجلال لهذا المعلم الذي يعمل رغم كل الظروف الصعبة التي يواجهها وها هو المعلم اليمني اليوم يمارس عمله بكل امانة ويؤدي واجبه في التربية والتعليم متحديا كل العوائق والظروف المعيشية الصعبة.
ولا يخفى على احد ان تحالف العدوان عمل على افشال العملية التعليمية بداية من قصف المدارس والمرافق التعليمية وانتهاء بما خلف من قتلى وجرحى في صفوف الأطفال والطلاب فما يمر به أبناؤنا اليوم يخلق شعورا بالخوف عن مصيرهم وما سيكون حالهم مستقبلا فعليك عزيزي المعلم أن تتبع الطرق التربوية الصحيحة لجعل الأطفال يتلقون التنشئة الصحيحة يحسنون التصرف فالمسؤولية كبيرة امامك في ظل ما يمر به ابناؤنا الطلبة من ظروف وتعقيدات بالغة الصعوبة وتذكر ان العقاب ليس هدفا في حد ذاته بل هو اجراء الهدف منه تحسين سلوك الطلاب عليك ايها المربي ان تكون قريبا من طلبتك.
فمثلا يعرف أن الشاب في سن المراهقة، يريد اختبار قوته في الوسط المحيط به، ويريد أن يثبت لزملائه أنه لا يخاف من الآخرين الأكبر منه سنًا. كما يتذكر المعلم دومًا أن العقاب يجب أن يتناسب مع الخطأ، فالطالب الذي أحضر جوالاً، ليس مثل الطالب الذي أحضر معه سكينًا.
وما يجب أن يتأكد منه المعلم، هو أن الطلاب عندهم قدرة فائقة على استشراف رد فعل كل معلم، يعرفون المعلم الذي يهدد ويتوعد، ثم لا يفعل شيئًا، ويعرفون أن الملحوظة التي يكتبها المعلم في دفتر الدرجات، لا تغير من الأمر شيئًا، لأنه في كل مرة يتسامح، ويقسم أنها آخر مرة، ويعرفون المعلم الغاضب الثائر الذي يوزع شرر غضبه على الجميع، ولذلك فلا مبرر للالتزام بالأنظمة، مادامت النتيجة واحدة، كما يعرفون المعلم الذي يتصرف بصورة صبيانية مثلهم، ويشاركهم عبثهم.
إن تنمية الأبناء في المدارس وتوجيههم التوجيه السليم في مجتمعاتنا تحتاج إلى إدراك وإرادة واعية بأهمية اعتمادهم كمشروع حضاري مستدام تُجنى ثماره مستقبلاً، ذلك من خلال: تضافر جهود الأطراف المعنية بتربية وتعليم الطفل بما يرفع سويّة ما يقدَّم ويوجَّه له, ثم تنشيط المؤسسات والمدارس التربوية المختصة بتثقيف وتعليم التلميذ، بهدف خلق حركة فاعلة على جميع الأصعدة، واعتماد معايير سليمة تسعى لتطوير أدواتها ووسائلها، وترتقي بها باستمرار.
كما ينبغي الاهتمام الحقيقي بقدرات وابداعات التلميذ وتشجيع العمل في مضماره وخلق الإرادات القادرة على اعتماده كمنهج أساس في العمل الثقافي عموماً، من خلال: تشجيع الأدباء والرياضيين ومن لديهم اي مواهب في هذا الحقل ودعم الأبحاث التي تتناول سيكولوجيا شخصية الطفل، بهدف إنتاج جيل يلائم تطورات المجتمع القادم، ويساير طبيعتها. والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في هذا المجال وغيره وبما يُلبـِّي متطلبات بناء ثقافة النشء على مستوى جيد من المثالية والاحترافية ..كما لانغفل هنا أهمية التوعية الواسعة للمجتمع بالطرق التربوية السليمة في التعامل مع الأطفال ومنذ بداية نشأتهم حتى نستطيع بناء جيل قوي ومتماسك يترك بصماته الملموسة في بناء الأوطان لا الإسهام في تقويض أركانها.
فالأطفال بحاجة ماسة إلى تعاون المدرسة والأسرة جميعا لتوفير الدعم النفسي لهم فقد عاشوا الحرب رغم صغر سنهم وقد شوه العدوان داخلهم وأصبح الكثير منهم مصابين باضطرابات نفسية شديدة تؤثر على مستواهم الدراسي وتحصيلهم العلمي وسيطرة السلوك العدواني على حياتهم فوضع الأطفال إذا لم يتم معالجته قد تتخطى آثاره البعد الإنساني وسينتهي بعدم قدرتهم على الحصول على التعليم وعدم قدرة أسرهم على مساعدتهم .
* مختص تربوي
قد يعجبك ايضا