في ظل غياب ضمانات لبقائها

هل ستنجح الآلية المالية الجديدة لأوروبا في كسر العقوبات على إيران

 

 

عواصم/ وكالات
لم يكن يوم الخميس الماضي الذي توافق مع آخر أيام الشهر الأول من السنة الميلادية الجديدة، يوماً عادياً , إذ ضجّت الصحف العالمية والمحلية بخبر إنشاء آلية مالية أوروبية جديدة لمواصلة التجارة مع إيران، وحمل معه هذا الخبر بارقة أمل نحو الحفاظ على الاتفاق النووي قدر المستطاع، وجرت قراءة الحدث بعدة طرق، البعض كان متفائلاً والبعض الآخر رأى أن أوروبا تريد مسك العصا من المنتصف.
الآلية المالية الأوروبية لمواصلة التجارة مع إيران والتي وعرفت بـ “آلية دعم المبادلات التجارية” أو “إنستكس” (INSTEX)، لا تشمل جميع دول أوروبا وإنما اقتصرت على ثلاث دول فقط ” ألمانيا وفرنسا وبريطانيا”، ووزّعت الدول الثلاث الوظائف والمسؤوليات على الآلية بينها، إذ تستضيفها باريس، وترأسها ألمانيا من خلال رئيس مجلس الإدارة السابق لمصرف “كورس بنك” الألماني بيير فيشر، وتشرف بريطانيا على هيئة الرقابة في الآلية.
ومن المقرر أن تعمل هذه الآلية على تفادي الشركات الأوروبية العقوبات الأمريكية المفروضة على قطاعات طهران الاقتصادية، كما أن هذه الآلية المالية هي آلية للتسوية والدفع تستطيع بها إيران بيع سلعها النفطية وغير النفطية إلى دولة أوروبية في إطار هذه الآلية، وبتحويل الأموال بين الدول الأوروبية فقط، والتي ستقوم بتسوية التزاماتها مثل شراء السلع والخدمات من دول أوروبية أخرى.
وتبدي بعض الجهات داخل إيران عدم ثقة بهذه الآلية، حيث لا يمكن لإيران عبر هذه الآلية سوى شراء البضائع الأساسية والخدمات الإنسانية مثل الغذاء والدواء، لذلك وصفها البعض بأنها “تساوي الصفر” أو “لا شيء”.
وأوضح نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية عباس عراقجي قائلاً: الآلية المالية لن تقتصر فقط على الغذاء والدواء، بل تهدف إلى مواجهة العقوبات، لكنها ستبدأ بالمواد الغذائية والطبية.
ويرى سياسيون أن توقيت أن طرح فكرة القناة المالية جاء قبل عقد مؤتمر وارسو بأسبوعين في 13 و14 فبراير الحالي، والذي يمثّل تصعيداً أوروبياً وأمريكياً مشتركاً إزاء إيران، ما يعني أن الترويكا الأوروبية تريد من الآن احتواء ردة الفعل الإيرانية على مشاركة شركاء الاتفاق النووي الأوروبيين في المؤتمر، وما يمكن أن يتمخّض عنه، وضبط إيقاعات تداعياته من خلال تقديم “آلية دعم المبادلات التجارية”.
كما يرى السياسيون والباحثون أن العيب الأبرز في إطلاق الآلية المالية الجديدة تمثل بكونها جاءت مبهمة وناقصة ومحدودة للغاية، وإنها تعتبر كـ”إبرة مهدّئ” للحكومة الإيرانية وبإطلاق وعود لا يعلم أحد متى وكيف سيتم تنفيذها وهل ستسمح أمريكا بذلك أم ستعرقل هذه الآلية مثلما عرقلت سابقاتها من خلال الضغط على الشركات الأوروبية وتهديدها بالعقوبات؟! يضاف إلى ما سبق أن الثلاثي الأوروبي أعلن أن عمل هذه الآلية سيستغرق وقتاً، فقد رأينا أن الإعلان عن الآلية أخذ 9 أشهر، ما يعني أن عملها ربما سيستنفد صبر أيوب.
واعتبر جزء كبير من المحللين أنه بعد كل هذا التأخير “المقصود” لإطلاق هذه القناة المالية، فإنها جاءت بشكل لا يرتقي إلى المستوى المطلوب الذي كانت تنتظره إيران للالتفاف على العقوبات الأمريكية، وترحيبها بالخطوة الأوروبية كان على أساس أنها “الأولى”، وينبغي أن تعقبها خطوات عملية أخرى، وليس لأن الآلية تمثّل كل المنتظر المطلوب.
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية رحّبت بإعلان الاتحاد الأوروبي إطلاق الآلية، بينما طالبت الدول الأوروبية بتعويضها عن الخسائر جرّاء التأخير في إطلاقها.
ومن جانبه رأى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن تسجيل الآلية الأوروبية “خطوة أوروبية أولى متأخرة جداً”.
وكشف الخبير في العلوم السياسية والحقوق الدولية في جامعة طهران،يوسف مولائي أبرز تحديات الآلية المالية الأوروبية (INSTEX) والأبعاد القانونية والتقنية للآلية، قائلاً: “يبدو أن هذه الآلية ليس لديها ضمانات فعّالة، حيث لا يمكن لإيران إلقاء المسؤولية على الاتحاد الأوروبي في حال لم يتم تنفيذها لأسباب معينة.. في الواقع يبدو أن تنفيذها أمر طوعي أكثر من أن يكون التزاماً قانونياً بموجب القانون الدولي، وإذا لم تقم هذه القناة المالية بتفعيل تعهداتها أو تم تحديدها ومنعها، فإنه لا يحق لإيران الاحتجاج، ولا يمكنها المطالبة بالتعويضات، بالإضافة إلى ذلك فإن تشغيل القناة مشروط بانضمام إيران إلى اتفاقية مكافحة غسل الأموال، واتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (CFT ومعاهدة باليرمو، في إطار من مجموعة (FATF).

قد يعجبك ايضا