كان الشهيد الرئيس نموذجا في مسيرة جهاده العظيمة ، لم يخضع ولم يتوان ولم يهن ولم يتراجع ، وكان كلما ازدادت التهديدات ازداد صموداً وصبراً ، وكانت فترة رئاسته للبلد في ظروف استثنائية حرجة وحساسة , ومشحونة بالتناقضات , لكنه اثبت انه رجل المرحلة الجدير بالنجاح والتحدي لم يضق صدره يوما ولم يفقد توازنه حتى في أشد الظروف وأحرجها .
أثبت الشهيد الصماد حكمته وسعة صدره ووطنيته بنهجه التوافقي في كل المواقف والظروف , وكان الحصن الآمن لكل اطياف الشعب وكل تياراته السياسية والفكرية والقبلية بلا استثناء ، وتجاوز بذلك كل الدسائس والمؤامرات الداخلية والخارجية ، وكان نموذجا في القيم والمبادئ المثلى والهوية اليمنية الإيمانية الجامعة .
ورغم إدراكه للمخاطر ، كان لا يخشى على حياته ، وقد قالها بنفسه قبل أيام من استشهاده : ” أرواحنا ليست أغلى من أرواح من أرواح من استشهدوا ، ودماؤنا ليست أغلى من دمائهم ، وحياتنا ليست أغلى ، ولو استشهدت غدا لن يجد أولادي مسكنا يأويهم ” .
كان قائدا شجاعا ، ورجل دولة على جميع المستويات ، يتنقل من جبهة إلى أخرى ، يعد العدة ويجهز الرجال ويرعى ويتابع كل ما تستلزمه معركة المواجهة القائمة والمحتملة على السواحل اليمنية وغيرها من الجبهات . وكان اهتمامه بالحديدة والساحل الغربي كبيرا ، نظرا لإدراكه بمخططات العدوان وأهمية الحديدة بالنسبة لحوالي عشرين مليون يمني ، يحاول العدوان أن يطبق الحصار عليهم بعد أن أغلق كافة المنافذ الأخرى . ولذلك كانت زياراته المتكررة الى الحديدة وحضوره المناورات ومشاركته في الدورات التدريبية والتأهيلية في مناطق الساحل الغربي بالنسبة له واجبا وطنيا مقدسا لا يحتمل التأجيل أو التهاون مهما بلغت المخاطر .. لقد كانت الشهادة أحد خياراته ، ونالها .. ارتقى الصماد شهيدا في أقدس المعارك وأنبلها وسيبقى خالدا ونبراسا للأجيال .
المجلس السياسي الاعلى ينعي الرئيس صالح الصماد
في الـ ٢٣ من أبريل ٢٠١٨م نعى المجلس السياسي الأعلى في اليمن في بيان له الشعب اليمني باستشهاد رئيس المجلس السياسي الاعلى صالح الصماد الذي استشهد في مدينة الحديدة إثر استهداف موكبه بغارة جوية نفذتها طائرات العدوان السعودي الأمريكي الخميس 19 أبريل 2018م . وجاء في بيان النعي : ” بكل فخر واعتزاز وقلوب يملأها الرضا والصبر والصمود والتحدي ..
ننعي للشعب اليمني وللأمة جمعاء استشهاد الرجل المؤمن المجاهد العظيم رئيس المجلس السياسي الاعلى الرئيس الشهيد / صالح علي الصماد بعد عمر حافل بالمآثر العظيمة من العمل والعطاء والنضال والجهاد والصبر والصمود في شتى المراحل والظروف والاوضاع وأقساها ..
وقد لقي الله تعالى مجاهدا بطلا وهو يتطلع الى لقاء ربه شهيدا ظهر يوم الخميس 3 / شعبان 1439هـ الموافق 19 ابريل 2018م في محافظة الحديدة إثر استهدافه بغارة جوية من قبل طيران العدوان الأمريكي السعودي وهو يؤدي واجبه الوطني”.
وأضاف البيان : ” ووفاءً لهذا القائد العظيم عهدا نقطعه وشعبنا اليمني العظيم ان نقابل الوفاء بالوفاء والصدق بالصدق وان نكون اوفياء له ولدمه الطاهر الذي قدمه مع ثلة من رفاق دربه وكل الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الله والوطن والحرية والقيم والإباء والشموخ وان نواصل الصمود والتضحية شعبا صامداً صماداً حتى تحقيق النصر. ” .
وتعهد بالسير على خطى الشهيد مواصلة دربه : ” كما عهدنا له ان الشعار الذي رفعه الشهيد ” يد تبني ويد تحمي” سيكون عنوانا للمرحلة القادمة وخارطة طريق نحو عمل مؤسسي بناء وتحرك جهادي شامل وفاعل لمقارعة قوى الغزو والاحتلال عهدا لن نفرط فيه وطريقا لن نحيد عنها مهما كان حجم التحديات .” .
وأكد بيان المجلس السياسي على استمرار صمود الشعب وقال : ” إن الأمة التي يقدم قادتها أنفسهم قرابين من اجل الله ودفاعا عن المستضعفين من عباده لهي امة عصية على الأعداء لا يمكن أن تركعها الأحداث أو تنحني أمام العاصفة وهي امة موعودة بنصر الله وتأييده ، وسنثبت لقوى العدوان أننا قيادة وحكومة ومؤسسات وشعبا أمة عصية لن نلين ولن نهون ولن ننكسر وسنواصل خطوات الصمود والنصر التي خطها الرئيس الشهيد بدمه وسنكون أوفياء لشهيدنا وقيادتنا وامتنا وشعبنا … “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.” .
ودعا المجلس السياسي الأعلى جماهير الشعب اليمني الى الحضور المشرف لتشييع الشهيد في الزمان والمكان التي تحدده اللجنة المنظمة ونعلن الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام وتنكيس الأعلام مدة أربعين يوما .
وشهدت العاصمة صنعاء في الـ 28 من أبريل حشودا لمئات الآلاف التي شاركت في تشييع جثمان الرئيس الشهيد صالح الصماد ، فيما كانت طائرات العدوان السعودي الأمريكي تفتح حاجز الصوت في محاولة لإرهاب المشيعيين ، تلى ذلك غارة على المشيعين سقط على إثرها عدد من الشهداء والجرحى ، لكن ذلك الإستفزاز وتلك الهمجية لم تؤد إلى المزيد من الحشد والصمود والتحدي .
السيد عبدالملك يحمل العدوان وعلى رأسه أمريكا مسؤولية الجريمة :
وفي خطاب مقتضب حمَل السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قوى العدوان وعلى رأسها الإدارة الأمريكية المسؤولية “القانونية” لارتكابها هذه الجريمة وكل الآثار والتبعات المترتبة عليها، مؤكدا أن تلك الجريمة وسائر الجرائم لن تمر دون محاسبة بحق شعبنا.
وقال في خطاب له عقب التشييع :إن “اغتيال الصماد جريمة ظالمة لأنها بحق رجل مسلم لم يرتكب ذنبا”، مؤكدا أن “المساعدة الأمريكية في اغتيال الصماد كانت أساسية في العملية” .
نصر الله : الجريمة دليل إضافي
وفي برقية عزاء بعثها للسيد عبدالملك الحوثي أعتبر السيد حسن نصرالله الجريمة بأنها تشكل دليلا إضافيا على مدى ظلامية ووحشية قادة هذا العدوان، وفي نفس الوقت على مدى صبر ومظلومية وحقانية هذا الشعب اليمني الغيور.
المشاط يؤدي اليمين الدستورية خلفا للصماد
اقر المجلس اختيار مهدي محمد حسين المشاط رئيسا للمجلس السياسي الأعلى وفقا للائحة الداخلية للمجلس. وفي ٢٥ من أبريل ٢٠١٨م ، أدى مهدي المشاط اليمين الدستورية أمام أعضاء مجلس النواب اليمني رئيسا للمجلس السياسي الأعلى في اليمن خلفا للشهيد صالح الصماد ، . وأكد المشاط في كلمته أمام مجلس النواب أن مشروع الشهيد الرئيس الصماد لبناء الدولة تحت شعار “يد تحمي ويد تبني” هو مشروع المرحلة المقبلة.
وعبر رئيس مجلس النواب عقب أداء اليمين الدستورية عن تمنياته لمهدي المشاط بالتوفيق والنجاح في أداء مهامه الجديدة، مؤكداً تعاون نواب الشعب مع المجلس السياسي الأعلى في تحقيق مهامه بما يخدم المصلحة الوطنية العليا للوطن والشعب اليمني.
وفي كلمة له أمام مجلس النواب بعد أدائه اليمين الدستورية ، قال الرئيس مهدي المشاط : هذا العدو من قبل ومن بعد اختارها حربا مفتوحة ولذلك سنكون جميعا معنيين كدولة وكجيش ولجان وقوى سياسية واجتماعية وملتزمين بإثبات أن ما فعله العدو كان خطأً فادحا ومكلفا للغاية فوق طاقتهم أيضا.
وحمل الرئيس المشاط الإدارة الأمريكية مسؤولية ما أقدم عليه النظام السعودي الذي يعمل بإشرافها ورعايتها وحمايتها وسلاحها في جريمة اغتيال الشهيد صالح الصماد وغيرها من الجرائم في عموم محافظات الجمهورية اليمنية.
المجلس السياسي يمدد للمشاط
ونظرا لما أبداه الرئيس مهدي المشاط من نجاح وكفاءة بالغة في قيادة البلاد في هذه المرحلة الحرجة ، أقرّ المجلس السياسي الأعلى في اجتماع استثنائي وبكامل نصابه بتاريخ 22 ديسمبر 2018م ، تمديد رئاسة مهدي المشاط للمجلس لفترتين رئاسيتين بحسب اللائحة الداخلية للمجلس. واستعرض الاجتماع التحديات التي واجهها المجلس السياسي الأعلى خلال الفترة الماضية وما أبداه المشاط من قدرة في قيادة البلد، وأقر مساندته والتعاون معه لإنجاح مهمته خلال فترة رئاسته الجديدة التي تبدأ من 24 ديسمبر 2018م وتنتهي في 24 أغسطس 2019م والعمل بما يحقق تطلعات الشعب اليمني.