الإبداع والابتكار جناحا طائر التنمية المفقود والمعالجات المطلوبة

أ. يونس السوسوة

مما لاشك فيه ان دول العالم سواء كانت متقدمة أو التي تحاول
اللحاق بالعالم الأول باتت تدرك أهمية الإبداع والابتكار في النمو
الاقتصادي وتعجيل عملية التنمية والتقدم العلمي والتكنلوجي
والصناعي والذي كان للأبداع والابتكار الاسهام الفاعل في عملية
النهوض للبلدان المتقدمة وباتت الدول النامية والمتأخرة أمام خيار
صعب يتمثل في ضرورة اللجوء إلى الاهتمام ورعاية ودعم الابداع
والابتكار من أجل تحفيز الاقتصاد وبالتالي خلق فرص عمل جديدة
تساعد على حل مشكلة البطالة التي اصبحت مشكلة عالمية إلا
أنها تتفشى في الدول النامية بصورة أكبر وأوضح.
ان الابداع والابتكار يساعدان على توطين التقنية ويساعدان
على الاستقلال الصناعي والاقتصادي، ليس هذا وحسب بل إن
اقتصاد المعرفة له جناحان يطير بهما هما الابداع والابتكار واللذان
بواسطتهما يتم الوصول إلى الاختراع.
من هذه المنطلقات اهتمت دول عديدة وخاصة الصناعية منها
بالسياسات التي تتلاءم وخصائص الاقتصاد القائم على المعرفة.
ولقد انبثق عن هذا الاهتمام اصلاحات متلاحقة ومترابطة انصب
أغلب اهتمامها على زيادة وتشجيع وتوسيع رقعة ومساهمة الإبداع
والابتكار في الفعاليات الاقتصادية التي تشمل النمو والانتاج
والتشغيل والصيانة وتقليل التكلفة وزيادة الجودة. ولعله من
البديهيّ أن نقول إن نشر التكنولوجيا والتعريف بكنهها وتبسيط
مفاهيمها وتسهيل عملية التعامل معها من أهم المحفزات التي
تدعو إلى الابداع والابتكار خصوصاً إذا كان ذلك مقروناً بتوسيع
دائرة التفكير من خلال التعليم المتجدد الذي يسابق الزمن في
متابعة كل مستجد على الساحة العالمية وايصال أفكاره بصورة
مبسطة إلى النشء الجديد وكذلك العاملين في المجالات المختلفة.
إن خلق الظروف والبيئات المناسبة للإبداع والابتكار هو المعول
عليه من الحكومة في تشجيع واكتشاف أعداد أكبر من المبدعين
والمبتكرين المغمورين أو شحذ موهبة أناس آخرين يتمتعون
بعقليات ابداعية وابتكارية واستغلالها وتفعيلها في التنمية
والنهوض بالاقتصاد خاصة في المجالات الإنتاجية والتصنيعية
والتقنية والتكنلوجية والمعلوماتية والتي شكلت عوامل الثورة
الصناعية لمعظم تلك البلدان المتقدمة والصاعدة.
إن الاختراع هو الابن الشرعي للأبداع، والابداع هو الابن الشرعي
للتكوين المعرفي وبهذين الانتماءين نستطيع أن نشخص سبب
التخلف الذي نعيشه في مجال الابداع والابتكار والاختراع.
إن عدم مقدرة المؤسسات التعليمية على اكتشاف وتنمية قدرات
المبتكرين والمخترعين هو المسؤول الأول عن واقع المجتمع المعرفي
والتكنولوجي المتدني والمغرق في التخلف
إن التراكم المعرفي اليوم في العالم المتقدم جاء نتيجة جهود حثيثة
بذلتها الدول المتقدمة في مجال التربية والتعليم وساعدها على ذلك
وجود قوى بشرية مدربة وامكانات اقتصادية قوية وفلسفة تربوية
متميزة وواضحة المعالم وهذا كله يعتمد على أن التخطيط يرتكز
على أطر موضوعية ووسائل تنفيذ متقدمة ومتابعة وتقويم دائمة
وتدريب مستمر.
من ذلك كله نستطيع أن نقول إن الطريق السوي إلى التقدم
والتطور الحضاري بجميع تفرعاته يعتمد على خلق أفكار جديدة
من خلال الأفراد والمؤسسات الذين يضعون نصب أعينهم النظر إلى
المستقبل والعمل على حلّ المشاكل الظاهرة والباطنة.
إن غياب ثقافة الابداع والابتكار والاختراع يعتبر من أهم مشاكل
التعليم التي يجب النظر إليها بجد وروية؛ ذلك أن تلك الثقافة
بمجملها هي التي تعبر عن سمات الأمة ومدى قدرتها على خلق
البيئة المناسبة لصناعة التقدم من خلال توسيع دائرة ثقافة الابداع
واخواتها والاهتمام بالمبدعين والمبتكرين وتوفير مراكز الأبداع
والابتكار في كل المجالات.
جهل كثير من المدراء والمسؤولين وجمود تفكيرهم وحبهم
للتسلط ناهيك عن الرضا بالواقع المتردي وعدم حب التغيير
ومواكبة التقدم والنمو ليس هذا فحسب بل إن وجود حواجز
بيروقراطية تمنع وصول الآراء الجيدة إلى من هو على رأس الهرم في
كثير من المؤسسات والدول من أكبر المعوقات .. وكل ذلك يقف حجر
عثرة أمام الاستفادة من ثقافة الإبداع والابتكار والاختراع
وختاما ينعكس الاهتمام الحكومي بالإبداع والابتكار في الوسط
المجتمعي والمؤسساتي والمجال التنموي والاقتصادي سلبا وايجابا
والذي يتحتم على الحكومة اليوم التركيز والاهتمام بهذا
المجال واعطائه الأولية في المهام والأهداف والخطط والسياسات
الحكومية من خلال تبني نشر ثقافه الابداع والابتكار في المجال
التعليمي على كل المستويات التعليمية وتوجيه تلك القدرات في
المراكز التخصصية التي تستوعب تلك الطاقات واستثمارها في كل
المجالات العلمية والاقتصادية.
إن عملية نشر ثقافة الابداع والابتكار والاختراع ويجب أن
تكون أوسع نطاقاً وأشمل توجهاً وأقوى تأثيراً وهذا لا يتأتى إلا
إذا اصبحت المؤسسات المهتمة بهذا الشأن ذات استقلالية ادارية
ومالية ، ولقراراتها قوة القانون بحيث تستطيع وضع خطة وطنية
للنهوض بثقافة الابداع والابتكار وتعميمها من خلال فرضها على
جميع مؤسسات الدولة ومطالبتها بتنفيذ السياسات المرسومة
لهذا الخصوص وهذا يعني توزيع الجهد وشمولية الحراك وتوسيع
دائرة الاهتمام وذلك لأن لكل قطاع اهتمامات ابداعية وابتكارية
تختلف عن القطاعات الأخرى فالإبداع والابتكار في مجال العلوم
والتطبيقات العسكرية والأمنية والمرورية والصناعية والطبية
والاقتصادية والسياسية وتحلية المياه وكذلك في مجال استزراع
الصحراء والحد من التصحر وترشيد استهلاك المياه ومحاربة
التلوث واستخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية والبحث عن
مصادر جديدة ومتجددة للطاقة والبحث عن مصادر دخل جديدة
من أجل تنويع مصادر الدخل كل ذلك يحتاج إلى أن يكون لدى كل
جهة من الجهات المهتمة بكل حيثية من تلك الحيثيات مركز رعاية
للأبداع والابتكار والبحث والتطوير والاختراع
السياسات والاستراتيجيات الحكومية المقترحة لدعم
وتشجيع الإبداع والابتكار:
يمكن أن نحدد أهم السياسات في الإطار العام والشامل
والتي تحدد المنطلقات كدور حكومي نحو دعم وتشجيع الأبداع
والابتكار ومد يد الإسناد للمبدعين والمبتكرين من خلال السياسة
والاستراتيجية التالية:
توفير بيئة العمل المحفزة على الإبداع والابتكار ابتداءً من المدارس
والجامعات واتهاءً بمراكز البحث العلمية.
توفير الموارد والأنظمة والأدوات اللازمة للإبداع والابتكار بدءا
من المدرسة وصولا الى مراكز البحوث والتطوير العلمية وانتهاء
بحاضنات الإنتاج المتنوعة والمتخصصة.
تأهيل وتشجيع وتحفيز المبدعين ورعاية الموهوبين على سبيل
المثال تبني سياسة حكومية عبر برنامج مسابقاتي لكافة المجالات
الإبداعية على كافة المستويات يتسنى من خلاله استقطاب تلك
الإبداعات واستثمار وتفعيل الابتكارات بالشكل الذي يحمي حقوق
الملكية الفكرية والاستثمار العادل
منح الفرص والإمكانات اللازمة لتجربة الإبداعات وتطبيقها من
خلال توفير الدعم المناسب لتلك التجارب والإبداعات وفق أسس
وضوابط علمية ومنهجية
التطبيق الأمثل لعمليات الإبداع والابتكار وفقاً لأفضل الممارسات
المحلية والدولية
بناء شبكة من الشراكات الفاعلة مع الجامعات ومراكز البحث
العلمي والمعنيين في القطاع الحكومي والخاص
حماية الملكية الفكرية للأفكار الإبداعية المطبقة واستثمارها
الاستثمار العادل
دور وزارة الصناعة والتجارة في رعاية الإبداع والمبدعين:
تم إنشاء الادارة العامة لحماية الملكية الفكرية للمبدعين
والمبتكرين والمخترعين وتسجيل ابتكاراتهم واختراعاتهم والإدارة
العامة لها ربط مع الحمايات الفكرية الدولية ويحظى أولئك بكافة
الحقوق القانونية للملكية الفكرية.
وقد أنشأت الوزارة أداره عامه للصناعات الصغيرة والتي تقوم
بإعداد البرامج والمشاريع والحاضنات الرعائية للأفكار والمشاريع
الإبداعية التي تتبلور الى منتجات تسويقية تعزز الصناعة والإنتاج
المحلي ومنها الاهتمام برواد الاعمال والمبدعين لإقامة مشاريعهم.
وحرصا من وزارة الصناعة والتجارة بهذه الشريحة الإبداعية.
قامت بإعداد برنامج وطني متكامل يلبي الاحتياج في الرعاية
الكاملة لهذه الفئة ابتداء من الأفكار وحماية ابتكاراتهم مرورا
بالرعاية الإنشائية من خلال احتضان أفكارهم ومشاريعهم عبر
حاضنة محاطة بالخدمات المتكاملة لولادة مشاريع افكارهم عبر
مراحل الإنتاج وولوجها السوق المحلي وتعزيز تسويقها للسوق
الدولي، وقد تم رفع البرنامج الى الجهات المختصة لإقراره وإن شاء
الله يخرج قريبا إلى العلن، بالشكل الذي يلبي كل ما يجول في
خواطر المهتمين كمرحلة أولى.
المرحلة الثانية: من البرنامج يهدف الى تقديم الرعاية المتكاملة
لتنمية وتطوير الإبداع والابتكار والاهتمام وتقديم الرعاية بالمبدعين
والمبتكرين من المراحل الأولى لنمو وتولد الإبداع وتميز المبدعين
من المدارس الابتدائية الى الجامعات إلى إنشاء المراكز المتخصصة
العلمية والتقنية والصناعية وباقي التخصصات حسب ميول
وتوجه المبدعين والمبتكرين. والله الموفق ،،،
مدير عام الصناعات الصغيرة
وزارة الصناعة والتجارة

قد يعجبك ايضا