أنقرة/
حمى الحرب الكلامية بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تعود من جديد ما يمثل تصعيدا جديدا بين البلدين قد يدفع لتأزم العلاقات مجددا.
منذ بداية شهر نيسان الماضي بدأت شرارة الحرب الكلامية بين اردوغان ونتنياهو على خلفية مهاجمة الأخير للمظاهرات التي كانت تخرج حينها قرب حدود قطاع غزة، والتي واجهها نتنياهو حينها بعنف شديد، حيث اطلق الرصاص الحي على المتظاهرين وقتل حينها ما لا يقل عن 16 فلسطينيا اقتربوا من السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل وأصيب أكثر من 1400 بجروح بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة.
ليعود نتنياهو ويهاجم اردوغان على خلفية عملية غصن الزيتون التي تشنها تركيا في سورية، وقال إن القوات التركية المشاركة في تلك العملية “تمارس الظلم ضدّ الأبرياء في منطقة عفرين” بريف محافظة حلب السورية، ليرد عليه اردوغان واصفا اياه بـ”الارهابي” وقال إردوغان “أنتم دولة إرهابية. معروف ما فعلتموه في غزة وما فعلتموه في القدس. لا يوجد من يحبكم في العالم”.
ليتبع ذلك مواجهات كلامية مماثلة وقعت سابقا بين الرئيس التركي ومسؤولين إسرائيليين على خلفية الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، وفي يوليو الماضي رد أردوغان على صدور قانون القومية الإسرائيلي، ووصف إسرائيل بأنها أكثر “الدول صهيونية وفاشية وعنصرية في العالم”.
وفي مطلع الاسبوع الحالي عادت الحرب الكلامية بينهما ليهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رافضا أن يتقمص دور الواعظ مع أنه يرتكب مذابح في حق النساء والأطفال في القرى الكردية داخل تركيا وخارجها.
وقال نتنياهو في فعالية أقيمت في متحف “البالماح” في تل أبيب بمناسبة رأس السنة الجديدة، حضرها جنود مسيحيون يخدمون في صفوف الجيش الإسرائيلي: “نفتخر بكم.. الشعب أجمع يفتخر بكم.. أنتم تنتمون إلى أكثر جيوش العالم أخلاقية.. هناك من لا يشاطرني هذا الرأي.. تم إطلاعي قبل قليل على التصرفات الجنونية التي يمارسها بشكل يومي الطاغية المعادي للسامية أردوغان”.
وأضاف “إنه مهووس بإسرائيل.. إنه يعلم تماماً ما هو الجيش الأخلاقي، وما هي الديمقراطية الحقيقية خلافا لجيشه، الذي يذبح النساء والأطفال في القرى الكردية.. دولته تصبح أكثر طغيانية يوما بعد يوم.. إنه مهووس بإسرائيل”.
ومساء الأحد الماضي رد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلا إنه طرق الباب الخطأ، وقال الرئيس التركي، مخاطبا نتنياهو: “لقد طرقت الباب الخطأ.. أردوغان هو صوت المظلومين، أما أنت (نتنياهو) فإنك صوت الظالمين، وتمارس إرهاب الدولة”.
وكان نتنياهو كتب في تدوينة له بموقع “تويتر مساء السبت الماضي: “أردوغان الذي يحتل شمال قبرص وجيشه يذبح النساء والأطفال في القرى الكردية داخل تركيا وخارجها لن يعطينا دروسا في الأخلاق”.
أولاً: نتنياهو يمر بظروف داخلية وخارجية صعبة وبالرغم من قوة حزبه وحمايته له إلا أن الامور تقترب من الخروج عن السيطرة بالنسبة له، ففي سوريا استطاع محور المقاومة أن يخنق نتنياهو ومخططاته ويقضي على جميع الفصائل التي دعمها نتنياهو طيلة سنوات الأزمة السورية، لتخرج سوريا منتصرة من حرب أريد لها أن تنهار وتصبح دولة فاشلة لا قيمة لها في المنطقة، ثم وجد نتنياهو أن مشاركة “حزب الله” اللبناني قد تسرع من القضاء على الحزب وتفتيه في الداخل السوري عبر قتل قياداته وعناصره ولكن ما حصل كان العكس فقد أصبح الحزب أقوى وعناصره اكثر تدريبا وصرح بإمتلاكه صواريخ حديثة سيكون لها وقع كبير في اي مرحلة مقبلة.
نتنياهو وبناء على هذه التطورات اخترع كذبة “حرب الانفاق” أو ما اسماها عمليات “درع الشمال” ليجد نفسه انه يعيش وهما في هذه العمليات اكبر من وهم دولته، فلم يصدقه أحد على الرغم من انه حشد لهذه العملية كل وسائل الاعلام العالمية والمحلية ومع ذلك لم يقتنع بذلك أحد ليذهب بعدها إلى مجلس الأمن ويقدم شكوى في هذا الخصوص ولكن دون جدوى.
ثانياً: نتنياهو يريد أن يغطي على حملة الفساد التي تلاحقه في الداخل الاسرائيلي وتكاد تطيح به، فبعد فشله في تحقيق نصر في سوريا للتغطية على الأمر اخترع “قضية الانفاق” لتفشل بدورها ويتجه بعدها نحو الحرب الكلامية مع اردوغان والتي لن يأتي منها شيء سوى تفريغ الحقد والفشل الذي يجري في عروق نتنياهو، هذا القاتل الذي تسبب في موت مئات الفلسطينيين خلال العام الماضي ووجهت طائراته صواريخها القاتلة نحو المدنيين السوريين عبر 200 طلعة جوية نفذتها طائراته.
بكل الاحوال قد تتطور هذه الحرب الكلامية إلى تصرفات عملية ينجم عنها أزمة في العلاقات الاقتصادية والسياسية وربما نشهد قطعاً للعلاقات بينهما على اعتبار أن أردوغان يحاول الدفاع عن القضية الفلسطينية ويتبنى مواقفا رافضة لأي قرار يضر بمصلحة الفلسطينيين وتتبنى بلاده مؤتمرات للدفاع عن القضية الفلسطينية في مقابل ذلك يسعى نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء عليها بأي وسيلة كانت.