*مجلس الشيوخ يقترب أكثر من »توبيخ« ترامب بشأن السعودية
منذ أكثر من شهر يعكف أعضاء بالكونجرس الأمريكي على صياغة مشروع قانون ينهي الدعم الأميركي للسعودية في الحرب على اليمن، مساء الخميس الماضي صوت 60 نائباً في الكونجرس لعرض مشروع القانون للتصويت مقابل 36 عضواً وقد أجريت سبعة تعديلات على المشروع على أن يجري التصويت النهائي على المشروع مساء الجمعة.
وفي هذا السياق قالت صحيفة The Hill الأميركية، إن أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي يقتربون من التوصُّل إلى اتفاقٍ نهائي حول مشروع قانون يتحدى موقف الرئيس دونالد ترامب من السعودية، في الوقت الذي يزداد فيه الدعم لتبنّي إجراءات أشد إزاء مقتل الصحافي السعودي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة، جمال خاشقجي. وبحسب الصحيفة، فمن شأن هذا الاتفاق الوليد أن يسفر عن تصويتٍ الأسبوع المقبل على مشروع قانون يأتي برعاية من الحزبين -الديمقراطي والجمهوري- يُلزِم الرئيس ترامب بسحب القوات الأميركية التي تشارك أو «تؤثر» في الحرب باليمن في غضون 30 يوماً، باستثناء تلك التي تقاتل تنظيم القاعدة. ويقول المشرِّعون الأميركيون المشاركون في المفاوضات حول هذا الاتفاق إنَّه نظراً لأنَّ مشروع القانون بشأن اليمن سيُطرَح للنقاش في الكونغرس تحت مظلة «قانون سلطات الحرب»، ولأنَّه يستلزم تحقيق أغلبية بسيطة فقط في التصويت، فإنَّ الموافقة على تمرير مشروع القانون «مضمونة» تقريباً.
سيمثل خلافاً كبيراً بين المشرعين وترامب
من جانبه، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور الجمهوري عن ولاية تينيسي بوب كوركر، «لن أدعم مشروع القانون، لكنه سيُمرَّر». ومن شأن توجيه توبيخ تشريعي بهذا الحجم لترامب أن يُمثِّل خلافاً كبيراً في علاقات المشرّعين مع الرئيس، الذي يهدد باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد هذا الإجراء، وكان قال سابقاً «ربما لا نعرف أبداً جميع الحقائق» الخاصة بمقتل خاشقجي.
وتمر العلاقات الأميركية السعودية حالياً بواحدة من أسوأ مراحلها في الكونغرس، وذلك عقب جلسة إحاطة عقدتها مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) جينا هاسبل هذا الأسبوع، انتهت باقتناع أعضاء مجلس الشيوخ بأنَّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو المسؤول عن مقتل خاشقجي.
ولم تعلن قيادة مجلس الشيوخ متى تعتزم بدء بحث مشروع القانون، وكان المجلس قد صوت الأسبوع الماضي بأغلبية 63 مقابل 37 صوتاً لصالح طرح مشروع القانون -الذي يستهدف وقف الدعم الأمريكي للحرب في اليمن- للنقاش في المجلس. وتوقع كوركر أن تُعقَد جولة التصويت القادمة يوم الأربعاء 12 ديسمبر.
معركة ربما تكون “فوضوية”
لكن لا تزال هناك عدة مسائل لم تُحسم بعد من شأنها أن تتسبَّب بإبطاء سرعة إخضاع مشروع القانون المتعلق باليمن لتصويتٍ نهائي، تتمثل هذه المسائل في ما إذا كان بوسع المتفاوضين والقيادة في مجلس الشيوخ الاتفاق على شروط النقاش لتجنُّب «معركة فوضوية» في المجلس.
فيما قال السيناتور جون كورنين عن ولاية تكساس، وهو ثاني أبرز عضو جمهوري رتبةً في مجلس الشيوخ الأمريكي: «لا أعتقد أنَّ أياً من الجانبين يرغب في التصويت على مشروع القانون بنداً بنداً، حيث لا يكون هناك أي معيار ذي صلة، ويمكن أن يطرح الأعضاء أي شيء وكل شيء يريدون التصويت عليه باعتباره تعديلاً ويجب علينا التصويت عليه». ومن دون وجود اتفاق محدد حول إجراء النقاش في مجلس الشيوخ، يُحذِّر الأعضاء من أنَّهم سيضطرون إلى «التصويت بنداً بنداً»، وهو ما قد يستنزف وقت المجلس الثمين ويجبر أعضاءه على خوض عمليات تصويت صعبة بشأن أي مسألة، بما في ذلك المسائل ذات الطبيعة السياسية الجدلية. ويُعَد تحوُّل جولة النقاش إلى ساحة غير متوقعة مفتوحة على مصراعيها هو تحديداً السيناريو الذي تسعى قيادة مجلس الشيوخ لتجنّبه عبر إحكام قبضتها على مسار النقاشات داخل المجلس. ويواجه أعضاء مجلس الشيوخ إلى حدٍ كبير المجهول في ما يتعلّق بالمعركة الدائرة حول قانون سلطات الحرب، لكنَّهم يتوقعون أن يتمكّنوا من الدفع بإجراء تصويتٍ على مشروع القانون هذا، واشتراط أن تكون كافة التعديلات ذات صلة بموضوع مشروع القانون.
وقال مينينديز: «إذا عُقِدَت جلسة تصويت تشترط تمرير مشروع القانون بالأغلبية، وهو ما أعتقد أنه سيحدث، فسيصبح لديك عدد محدود جداً من التعديلات التي يمكن طرحها».
وتوقع كوركر أن يُصوِّت عددٌ كاف من «رجال الحكم الرشيد» في المعسكر الجمهوري إلى جانب الديمقراطيين لتقييد التعديلات التي يمكن طرحها، حتى لو أنَّ هؤلاء الأعضاء الجمهوريين لن يصوتوا في النهاية لصالح مشروع القانون المتعلق باليمن.
وقال كريس ميرفي، السيناتور الديمقراطي من ولاية كونيتيكت وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إنَّه لن «يفترض مسبقاً» أنَّ داعمي مشروع القانون لديهم ما يكفي من أصوات لتقييد عملية إدخال تعديلات على مشروع القانون.
وأضاف: «أخشى أن أمنحك رأيي دون أن تدلي القيادة بدلوها. تحدثتُ إلى الكثير من الأعضاء حول رغبتهم في تحديد النقاش (حول مشروع القانون)، لكنَّني لم أسمع رداً قاطعاً من زعيم الأغلبية ولا من زعيم الأقلية في المجلس».
لكنَّه أعرب عن ثقته بشأن عملية تمرير مشروع القانون في النهاية. فقال: «لدينا بالتأكيد 51 صوتاً تدعم مشروع القانون الأخير».
مقترحان آخران نهاية العام
وإلى جانب احتمال تمرير مشروع قانون اليمن برعاية ميرفي والسيناتور المستقل من ولاية فيرمونت بيرني ساندرز والسيناتور الجمهوري من ولاية يوتاه مايك لي، يحاول أعضاء مجلس الشيوخ معرفة ما إذا كانوا يستطيعون تمرير مقترحين آخرين بحلول نهاية العام. يشترط أحد هذين المقترحين، الذي قدمه ميرفي والسيناتور الجمهوري من ولاية إنديانا تود يونغ، توقيع عقوبات خلال فترة 30 يوماً على أي شخص متورط في مقتل خاشقجي، بما في ذلك «أي مسؤول في الحكومة أو فرد في العائلة الملكية السعودية» يَثبُت تورطه. وسيشترط أيضاً تقديم تقرير خلال 30 يوماً حول سجل حقوق الإنسان في المملكة. وسعياً لمواجهة الأزمة اليمنية، سيُعَلِّق هذا المقترح مبيعات الأسلحة للسعودية، وسيمنع الجيش الأميركي من إعادة تزويد طائرات التحالف السعودي في اليمن بالوقود.
أما المقترح الثاني، الذي يرعاه السيناتور الجمهوري من ولاية ساوث كارولينا ليندسي غراهام، فهو مشروع قانون غير ملزم يصف ولي العهد باعتباره «متواطئاً» في مقتل خاشقجي. وأعرب كوركر عن تطلعه لعقد جلسة للجنة العلاقات الخارجية الأسبوع القادم للنظر في المقترح المُقدَّم من مينينديز ويونغ والنظر في إمكانية إدخال تعديلات عليه أو إعادة صياغته. وقال كوركر، السيناتور الجمهوري من تينيسي والذي سيتقاعد الشهر المقبل، إنَّه يخوض مناقشات مع مينينديز ويونغ حول استحداث تعديلات على تشريعهما المقترح، يقول إنَّها لن تمس «جوهر» التشريع. وأوضح كوركر أنَّه إذا وافق السيناتوران على تعديلاته، فسيؤيد مشروع القانون.
وأقرَّ مينينديز ويونغ أنَّهما يفكران في اقتراحات كوركر، لكنَّهما لم يقررا بعد ما إذا كانا سيلتزمان بإدخالها على مقترحهما.
وإذا كان كوركر يريد عقد جلسة مناقشة وتعديل وإعادة صياغة مطلع الأسبوع القادم، فسيحتاج إلى موافقة مينينديز على ذلك. لكنَّ السيناتور الديمقراطي قال إنَّه لم يوافق بعد على عقد هذه الجلسة. لكن حتى لو طرحت اللجنة مقترح مينينديز ويونغ، فمن غير المؤكد ما إذا كان سيستطيع نيل موافقة مجلس الشيوخ قبل نهاية العام الجاري. وقال أعضاء في المجلس إنَّهم لا يعتقدون أنَّه يمكن دمجه بمشروع القانون المتعلق باليمن، لأنَّ مقترح مينينديز ويونغ يمتد لموضوعات خارج النزاع الدائر في إطار «قانون سلطات الحرب».
وتساءل كوركر: «إذاً ما الذي يمكن أن نفعله؟ هل هناك مشروع قانون للإنفاق يمكن أن ندمج المقترح به؟ أهناك شيء آخر يمكنك أن ترفقه به ليصبح قانوناً؟».
فيما أضاف مينينديز أنَّه يبحث عن «وسيلة» لجعل مشروع القانون يُنظَر هذا العام.
الإدانة دون تخريب العلاقة مع السعودية
من جانبه، قال كورنين إنَّ أعضاء مجلس الشيوخ عليهم إدانة مقتل خاشقجي من دون تمزيق العلاقات الأميركية السعودية، ما قد يجعل مشروع قانون غراهام هو المسار الصحيح. وأضاف كوركر أنَّ مقترح غراهام يُعد بداية جيدة، لكنَّه يناقش حالياً مشروع قانون حول مقتل خاشقجي «يزيد عن (مشروع قانون غراهام) ببعض النصوص» ويتصف بـ»التوازن المطلوب». وتابع أنَّهم إذا تمكّنوا من الخروج بمشروع القانون على النحو الملائم، فـ»من الممكن» أن يطرحه ماكونيل مباشرةً على المجلس، حيث يعتقد أنَّه سيحصل على تأييد 90 صوتاً. وقال كوركر: «أعتقد أنَّه من المهم لنا تمرير شيءٍ ما في مجلس الشيوخ يدين بقوة دور ولي العهد هذا في مقتل الصحافي. «خصوصاً لأنَّه فعلها حقاً.