دكتاتورية الارتزاق الحمقاء
سعاد الشامي
تتدفق صور الحقارة البشرية على مجرى السنين وتزخر بها الأوراق السوداء من صفحات التاريخ؛ لتستحوذ حروف الذم في زمننا الحاضر وعصرنا الحديث على أولى تلك الصفحات الملطخة بوحل الانحطاط حد القتامة بما يمثله المرتزقة اليوم ؛ والكتابة عن هذه الفئة من اليمنيين اليوم ، والذين تحولوا إلى خلايا ارتزاقية متورطة في صناعة المآسي اليومية وتدمير البنى التحتية وتمجيد إنجازات الطواغيت الوحشية وإشباع رغبات عشاق الجريمة بالكثير من أنهار الدماء وجثث الأبرياء من أبناء وطنهم!
وللأسف، يسلك المرتزقة دروب الخيانة وهم لا يدركون بأن هذه الإجراءات هي خطوات الشيطان التي تحجب عنهم سبل الوعي والإدراك وتجلب لهم الدمار الكلي لكينونتهم البشرية وفطرتهم الإنسانية حتى يتحولوا إلى أمساخ شياطينة وكائنات غريبة معطلة وفارغة من كل المحتويات القيِّمة والمعطيات الإيجابية.
وهنا تكتسح صور التعجب والاستغراب لوحة المشهد العام والمدى اللامتوقع الذي وصل اليه المرتزقة وذلك في أعين الكثير من أبناء الشعب اليمني الأحرار ممن لم تدنس مبادئهم الوطنية برجس الخيانة تجاه تلك المواقف المقززة التي يتباهى بها عتاولة الارتزاق من أبناء جلدتهم وبدون إدراك منهم لما وصلوا إليه من حالات السقوط المتهاوي والانحطاط الفاحش وتتوالد تلقائيا العديد من التساؤلات..
فكيف لمرتزق امتلاك جرأة التغني بحب الوطن وهو يرتمي في أحضان من دمروه ويقتات من فضلاتهم بما يكفي لبيع وطينته وكرامته وعزته في مزاد الخزي والعار؟!
وكيف لمرتزق أن يتحدث عن استقلال وسيادة الوطن وهو المرتهن العبد الذليل الذي أباح بلاده بجوها وبرها وبحرها ورمي بنفسه في مستنقع المهانة لتدوسه أقدام الغزاة ذهابا وإيابا؟!
وكيف لمرتزق أن يتحدث عن شرف الوطن وهو الذي تنازل عن شرفه وسافر إلى بلاد أخرى ليقبض ثمن الهتك والاستباحة؟!
وكيف لمرتزق أن ينسب نفسه إلى وطن هان عليه وجحد فضله وهو الذي ولد فيه وترعرع وتربى في شوارعه وحاراته وأكل من خيراته وتعلم في مدارسه وجامعاته؛ ليمد يده بخنجر الغدر ويطعنه في خاصرته بينما يده الأخرى تمتد لتصافح الأعداء وتساندهم في احتلال الوطن؟!
ومهما استقرت كيف في مضمار تساؤلاتنا ستبقى المفارقات والتناقضات ترافقها في كل مساراتها واتجاهاتها؛ ففي دكتاتورية الارتزاق لن نرى إلا فاقدي الصواب من المغفلين و الحمقى ؛ المختومة قلوبهم بطابع الذل ؛ والمأسورة عقولهم في دئراة الجمود ؛ والمغطاة أبصارهم بغشاوة الحقد والكراهية؛ والذين لن يشملهم قانون العفو الوطني ولن يسقط عن كاهلهم جرم الخيانة ولن تكف أرواح الشهداء عن ملاحقتهم.