لهجرة النبوية.. تأسيس الدولة والمجتمع

اهاني الكبسي

الهجرة النبوية دراسة للتاريخ وللمواقف وللحاضر والمستقبل، فعلينا أن نعيد من خلال تذكرنا للهجرة النبوية قراءة تاريخنا من خلال رؤية منهجية واعية تخرجنا من دنس النفوس وسلبية المواقف.
الهجرة النبوية بالنسبة لنا كمسلمين أن نهجر العقول المتحجرة والحجرية كي تكون عقولاً واعية ومنفتحة وأن نهجر القلب الفاسد الملوث كي يكون قلباً سليماً نقبل به على الله سبحانه وتعالى ” يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ” وأن نهجر الذات التي تدور حول نفسها إلى أن تكون ذاتاً واعية تعيش مع العالم كله وتعرف مصالحه ومتطلباته ويكون الفرد منا إنساناً يعيش مع العالم أشبه بالهواء لكل الناس وأشبه بالشمس التي تشرق وتضيء للجميع.
الهجرة خروج من دائرة الغفلة إلى دائرة اليقظة والوعي بحقائق العصر وخروج من دائرة موالاة أعداء الأمة إلى موالاة الله ورسوله ومن أمرنا الله بتوليهم والخروج من دائرة الانحراف إلى دائرة الاستقامة ومن دوائر المعصية إلى دوائر الطاعة يقول الله جل شأنه لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم ” يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ*قُمْ فَأَنذِرْ*وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ*وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ*وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ” ويقول صلى الله عليه وآله وسلم ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه والمؤمن من أمنه الناس على حقوقهم” فعلينا أن نهجر المعاصي، نهجر الغيبة والنميمة والرشوة والانحراف العقائدي وأن نهجر المعاصي بشتى ألوانها وأنواعها ومصادرها الداخلية والخارجية، الهجرة خروج من دائرة الشح والبخل إلى دائرة التضحية ولهذا ضحى اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأموالهم وأنفسهم وممتلكاتهم في سبيل نصرة الله ورسوله ودينه.
الهجرة تعلمنا الحيطة والحذر وتعلمنا التخطيط فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج متخفياً، وهذا من الإعداد والتخطيط، ثم اتجه إلى جهة أخرى.
الهجرة النبوية من الأحداث التاريخية التي أعادت صياغة الواقع الإسلامي، وشكلت العقل المسلم ومنهجية الحياة واستشرفت المستقبل وأبرزت المعالم الأساسية في بناء الفرد وإقامة المجتمع، ونقلت الدعوة الإسلامية من مرحلة إلى مرحلة أخرى أكثر تقدماً. الهجرة أن تهجر كل ما لا يليق في ذواتنا وأسرنا ومجتمعاتنا، فالهجرة تدعونا إلى تطوير الذات والمجتمع.

قد يعجبك ايضا