نُذر الحرب الاقتصادية وأسلوب المواجهة

 

أحمد يحيى الديلمي
على ما يبدو ان الفشل الذريع للتحالف والعملاء والمرتزقة في ساحات الوغى وميادين القتال بما رافقه من بطولات أسطورية وانتصارات عظيمة كل ذلك جعل ثقل الرهان ينتقل إلى جبهة الاقتصاد والتعويل أكثر على الضائقة المادية وضعف القدرة الشرائية لدى المواطن اليمني بفعل الحصار الجائر وانقطاع المرتبات لأكثر من عامين بسبب نقل البنك المركزي إلى عدن بمباركة الأمم المتحدة .
هذا الوضع المقلق وغير الطبيعي لاشك انه وفر الأرض الملائمة لتضييق الخناق على الشعب ومحاربته في أبسط مقومات حياته كأساس لتهييج الشارع وتجييش مئات العملاء بهدف تسويق الشائعات الممنهجة والدعايات المغرضة لإثارة الغضب بمبررات زائفة وأخبار ملفقة عن أسباب ومبررات ما يجري بأسلوب ماكر هدفه التأثير على معنويات المجاهدين الأبطال عبر هز ثقة الحاضنة الشعبية بالمجاهدين .
الحقيقة ان الأعداء عجزوا عن الوصول إلى هذه الغاية نتيجة وعي الشعب بغايات ومآرب المعتدين ، إلاّ أن قدرات الناس على التحمل محدودة وكما قال إمام المتقين ويعسوب الموحدين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (الجوع كافر)وقوله (لوكان الفقر رجلا لقتلته ).
ولابد من الوعي بخطورة استمرار هذه الحرب الشرسة وتداعياتها على المستوى المحلي ، وهو ما يحتم على حكومة الإنقاذ الوطني أن تكون أكثر إحساسا بالمسؤولية وأن ترفع مستوى الأداء إلى أعلى درجة، وان تتعاطى مع الموضوع بشفافية مطلقة لتوضيح الأسباب الحقيقية التي تضع المواطن في صورة ما يجري ومنع التأثير عليه من القوى المغرضة إلى جانب أن البحث عن حلول واقتراح البدائل للحد من التصاعد الجنوني للأسعار.
هناك أولويات يجب التركيز عليها وتتمثل في الآتي :
* فضح دور التحالف ومرتزقته
مما لاشك فيه ان أهم أسباب انهيار العملة الوطنية يكمن في استمرار ما تسمى بالشرعية في طبع مئات المليارات من العملة بدون غطاء وأن جزءاً كبيراً من هذه الأموال يُسخر لتجفيف السوق المحلية من العملات الأجنبية ،إضافة إلى أن السعودية والإمارات استولت على نسبة كبيرة من هذه الأموال وتقوم بصرفها للمرتزقة اليمنيين المقاتلين معها مقابل التفرد بتصدير النفط والغاز اليمني ومصادرة عائداتها من العملات الصعبة لصالح المحتلين .
* قرار تعويم النفط
اضطراب أسعار النفط وتهافت التجار على اقتحام السوق يضع أكثر من علامة استفهام على قرار اللجنة الثورية العليا بتعويم أسعار النفط ، الإشاعات تتحدث عن لوبي كبير من التجار مدعوم من متنفذين، هذا الكلام لا يزال في نطاق الإشاعة، قبل أن يصبح مسلمات ، لماذا لا تعيد الحكومة مناقشة القرار من حيث السلبيات والإيجابيات التي ترتبت عليه ، وليس عيبا التراجع عنه إن وجدت عدم جدواه ، والعودة إلى الآلية السابقة عبر شركة النفط وإلزامها بإبقاء الكميات في نطاق الإمكانات المتاحة والحرص على إعلان أدق التفاصيل عن الكمية المستوردة
( قيمة الشراء – تكاليف النقل – الإهلاك – نسبة الربح ) وأي غرامات أخرى حتى يكون المواطن على بينة تامة ويبادر من تلقاء نفسه إلى الحد من استهلاك المشتقات النفطية للإسهام في تعزيز الصمود وإفشال مؤامرات الاعداء .

* دور التجار
استفزني وأثار مشاعري منظر رجل مسن يبكي أمام إحدى الصيدليات لأنه جلب معه المبلغ الذي اشترى به العلاج لابنته قبل أسبوع ، لكنه وجد زيادة في السعر بـ1200 ريال فلم يجد سوى البكاء للتعبير عن الألم والحزن ، الموقف اختزال لمواقف مشابهة كثيرة أمام البقالات ودكاكين البيع في كل المستويات . ما أثار الفزع لدى الناس بداية الأسبوع الحالي أن تجار الجملة والوسط أوقفوا البيع وأغلقوا الدكاكين مما أدى إلى اختفاء الكثير من السلع ، الاشكالية أن هذا التصرف يتكرر والتجار يتصرفون على هواهم بحجة تعويض السلعة المباعة مما يُسهم في تصاعد الأسعار بشكل جنوني ، هذه الدعوى الباطلة أثقلت كاهل المواطن علماً أن فكرة العرض والطلب توظف لصالح التجار فقط ، أي سلعة يرتفع ثمنها لا تتراجع وإن تحسن سعر الصرف .
الموقف في غاية الخطورة والصعوبة ما يحتم على الحكومة المواجهة مقابل صحوة ضمائر التجار للإسهام في التخفيف من بشاعة العدوان والإسهام في التصدي للحرب الاقتصادية الجائرة التي قد تتفاقم معها الأزمات ويخرج المواطن عن نطاق الصبر والتحمل ، وهنا يحقق الأعداء غايتهم المنشودة لا سمح الله، والأمل أن يستيقظ الناس جميعاً لمثل هذه الحالات وأن يكونوا على درجة عالية من المسؤولية .. والله من وراء القصد .

قد يعجبك ايضا