القاضي احمد علي الضيعة
الحمد لله الذي أكمل هذا الدين بالولاية لتقام حدوده وفرائضه وتتنظم شؤون الأمة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وعسكرياً، قال تعالى ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ” ..لقد ربط القرآن الكريم قضية الولاية بإرادة المولى سبحانه وتعالى وأخبرنا القرآن بأن الذي سيقوم بهذه الولاية هو الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده خليفته ووصيه الإمام علي والدليل على ذلك أن النبي كان يتحين الفرص ويعلن للملأ بأن الإمام علي هو خليفته ووصيه من بعده.
ونلاحظ أن النبي بعد أن أرسى قواعد الدين الحنيف نزلت الآية الكريمة “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ” هنا جمع النبي القوم وصلى بهم العصرين ثم قام وأوصى الأمة بتقوى الله والاستقامة على الصراط المستقيم وأوصاهم بالعترة الشريفة قرناء الكتاب وسفينة النجاة وحذرهم من مخالفتهم ثم أخذ بيد علي وقال مخاطباً مائة وعشرين ألفاً “ألست مولاكم؟ قالوا: بلى” قال ألا من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأدر الحق معه حيث دار”.
وهذا حديث متفق عليه رواه ثمانون صحابياً ومائة وستون من علماء المسلمين، وعندما نتأمل الآية الكريمة ” يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ” نجد ان القرآن الكريم لم يغفل قضية الولاية بل إن الإسلام أعطاها أهمية عظيمة بحيث أن النبي إذا لم يبلغها لم يبلغ الإسلام كله لأن الولاية من أعظم الأمور في حياة الإنسان وقد بلغ النبي الكريم هذا الأمر وحذر من إهماله وبعد ذلك نزلت الآية الكريمة ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا “، ومن هذا نفهم أن الله سبحانه وتعالى أكمل هذا الدين العظيم بولاية الإمام علي، قال تعالى ” إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ” فالإمام علي هو الذي زكى وهو راكع ونواه زكاة وعقب الباري ذلك بقوله ” وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ “، وفي هذا السياق يقول العلامة محمد علي الشوكاني في تفسيره أن الإمام علي عليه السلام عاد يوماً من الجهاد هو وأصحابه فأشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي وقال: “والذي نفسي بيده أن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة”. وفي تفسير آية ” أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ” قال الشوكاني هم آل البيت وجاء في حديث آخر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: “أول من يدخل الجنة أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام”.