استهداف نازحي الدريهمي
فهمي اليوسفي
بدون أدنى شك، المجزرة التي تعرض لها نازحو الدريهمي يوم الخميس الماضي في محافظة الحديدة تؤكد شعور دول العدوان بالهزيمة وليس مؤشرا على النصر .
لم يتوقف هذا السلوك الإجرامي لدول العدوان، خصوصا السعودية، عند استهداف المدنيين، بل أصبحت جرائمها شبه يومية ولا حصر لها وكأن ذلك حالة إدمانية لدى هذه الدول .
هذه المجزرة راح ضحيتها 32 مدنياً معظمهم أطفال لكنها تضاف لسجل جرائم آل سعود والتي تصنف وفقا للمواثيق الدولية بأنها جرائم حرب محرمة دوليا ولا تسقط بالتقادم .
كل ذلك يكشف الوجه الإجرامي للكيان “النهيوسعودي” الذي يتمادى ويضرب بالقوانين والمواثيق الدولية عرض الحائط وتسانده اللوبيات الإمبريالية وتحديدا (واشنطن ولندن ) سواء من خلال التسليح أو الغطاء الدولي أمام الهيئات الأممية باعتبارهما من هندس العدوان تخطيطا وتنفيذا بغض النظر عن الغطاء الخليجي.
السؤال الذي يطرح نفسه جليا: ماهي الأسباب التي تدفع التحالف إلى الاستمرار بارتكاب مثل هذه المجازر بحق المدنيين؟
للإجابة باختصار نوضح أن دول العدوان بقيادة الكيان السعودي تشن حرب إبادة على اليمن وأبنائه منذ 4 سنوات وحتى اليوم وفقا لآليات متعددة منها القتل المباشر من خلال الترسانة العسكرية أو من خلال القتل البارد، لكن ذلك في مجمله يصب في الإبادة الشاملة لليمن وأبنائه.
مع أن التحالف السعودي الامريكي لا يخوض حربا بأخلاقيات رجال الحروب بل العكس، حيث برهن واقع التجربة المستمرة قتاليا على مدى 4 سنوات أنه عندما تتلقى دول العدوان ضربات بالستية موجعة أو تتساقط من قبضتها مواقع عسكرية بيد المجاهدين من اللجان الشعبية وتترتب عليها خسائر في قوتها القتالية، يكون ذلك عاملا لارتفاع درجة الهستيريا لدى التحالف، فيشعر بالهزيمة ويولد لديه رد فعل جنوني فيلجأ لاستهداف مدنيين .
لذا الجرائم التي ترتكبها السعودية والإمارات بحق المدنيين في اليمن كما في الساحل الغربي هي بلا شك جرائم ممنهجة تندرج ضمن حرب الإبادة الشاملة، والمجازر الأخيرة في الساحل الغربي التي طالت الصيادين والمستشفيات وصولا لهذه المجزرة تحمل أهدافاً عميقة منها باعتقادي الآتي:
– الضغط على القوى المضادة للعدوان لإيقاف الضربات البالستية التي حاول إيقافها بشتى الوسائل بعد أن عجز عن إيقاف توغل الجيش واللجان الشعبية في نجران وجيزان وعسير . .واستنفد كافة الأوراق لكي يصل لهذا الهدف .
– إفراغ الساحل التهامي من السكان بحيث لا يساهم أبناء تهامة بالمشاركة في التصدي للعدوان ويفضي إلى نزوح شامل يشكل ضغطا على المحافظات الأخرى خصوصا الخاضعة لسيطرة القوى المناهضة للعدوان ويشكل بنفس الوقت ضغطا على القوى المضادة لأمريكا والسعودية بحيث يتسنى للتحالف استكمال سيطرته على شريط تهامة برمته .
– تأمين التواجد العسكري لقوى العدوان في المياه السيادية اليمنية خصوصا البحر الأحمر بما يمكنها من إحكام قبضتها على الجزر اليمنية وبناء قواعد عسكرية في هذه الجزر لصالح الغرب وإسرائيل مع تحقيق مطامعها التوسعية في حوض البحر الأحمر مع الأخذ بعين الاعتبار أن التوجه الغربي من الماضي للحاضر يحاول السيطرة على المضايق المائية في الشرق الأوسط لأهداف استراتيجية وتحديدا امريكا وبريطانيا.
– يدرك الغرب وإسرائيل أن وجود قوى رافضة للمخطط الإمبريالي والرجعي في حوض البحر الأحمر يشكل تعطيلا لمطامعهم ويخشى “الناتو” تكرار ما حدث لإسرائيل عام 73م عندما تم إغلاق باب المندب في وجه البوارج الإسرائيلية مع أن التحالف العربي وإثيوبيا في ذلك الحين منها اليمن الجنوبي ومصر، والصومال والسودان كان عاملا لانسحاب إسرائيل من جزيرتي تيران وصنافير وعودتها للسيادة المصرية، وها هو المخطط الغربي يعود من جديد لكن بديكور سعودي إماراتي بعد أن بدأت التهيئة لتنفيذه من الماضي حتى الحاضر وما يتعرض له اليمن راهنا هو إحدى حلقات تلك المطامع الغربية .
– إضعاف القوى المضادة للعدوان بأكثر من جبهة قتالية مع تمييع الجرائم السابقة التي تحصد مدنيين .
– محاولة تحالف آل سعود تحقيق أي انتصارات في معركة الساحل الغربي وإيقاف زحف القوى المضادة للعدوان في تلك المنطقة خصوصا بعد أن بدأت ملامح المعركة تتحول من دفاع إلى هجوم وإخفاق قوى العدوان في هذا الشريط الساحلي رغم فارق التسليح .
– تحصين الكيان الصهيوني من تنامي القوى المضادة للإمبريالية بالمنطقة مع الحرص على استكمال برنامج العزل لأي مصالح روسية أو صينية في هذا المربع.
كل ذلك دل عن أن الجريمة التي طالت نازحي الدريهمي من قبل التحالف تسير نحو حرب إبادة شاملة على اليمن وأبنائه ولنفس الأهداف سالفة الذكر.