نداء سلام أم استسلام 2
عبدالجبار الحاج
منذ أن أطلقت مجموعة التسعة عشر مبادرتها بما يليق بنهج وتوجهات ملوك ورؤوس بلدانها وملوكها التي ما انفكت تروج لمكاسب السلام والاستسلام والتطبيع مع كيان صهيون وهو العدو الأول للأمة العربية وما تحقق من رخاء ورفاه وتحرر جراء صفقاتهم المخزية معه .. وبالتالي فإنها تريد من اليمنيين أن يصفحوا عن عدوهم ويمنحوه فرصة تعويض ما فشل عنه بالحرب وتسليمه طبق الأهداف بذريعة السلام وجعل العدو المحتل بطل سلام وراعيا ووصيا أمينا على اليمنيين ..
بالنظر للحمولة الشريرة على مركب المبادرة التي تعرضت لبنودها في تناولي السابق فإنها لم تتوان أبدا عن ركوب عربة السلام التي تتبلى اليمنيين وتتخذ السلام حصانا تسرع به تحقيق أهداف معركتها الموازية لتمضي إلى النقطة التي فشلت فيها خيول حربها عبر ركوب موجتها التالية التي تتوخى منها أن تتصيد فرصا أسرع لانتزاع نصر عبر مركب السلام هذه المرة !! .
تلقفت جهات يمنية ورحبت بهذه الدعوة، ببضاعتها التي تؤذن ببلاء اشد من بلاء الحرب قبل ان تكلف نفسها معرفة الحمولة والمركب وملاحيه وهي التي في نفسها شيء من حتى.. حتى لا يقال أننا ضد السلام … وهو تبرير مضحك ومثير للسخرية ولم تتوان أصوات المرحبين من كلا الضفتين أبدا عن ركوب الموجة والترحيب بالنداء ..
لو توقفنا أمام قائمة الـ 19 الذين أطلقوا المبادرة وإذا تعرفنا عرفنا مواقفها وتأكدنا انه لم يصدر على الأقل منهم بشكل شخصي موقف يرفض العدوان خلافا لسياسات حكوماتهم وكثير منهم لا زال مقررا أو من صناع القرار … ليكون هذا شفيعا نرفع عنه وبموجبه مظنة الاتهام أو الريبة ..
لنتعرف على بعض توجهات الموقعين على بيان ونداء مبادرة السلام التي أطلقت قبل أسبوع وساكتفي بتسليط الضوء على دور سلمي مشبوه وخاصة انه قادم من قيادات سياسية حكومية مثل الأردن والمغرب وهم قبل ذلك منظرو وعرابو اتفافات السلام والتطبيع بين الأردن والكيان الصهيوني وليست توجهات ملك المغرب إلا أولى الأنظمة العربية العميلة ذات الصلات الأسبق مع كيان صهيون ..وجلهم ينتمون إلى مدرسة واحدة ولنا أن نتعرف على قائمة الأسماء الموقعة من الأردن :فعبد السلام المجالي هو احد منظري ومنفذي سياسات التطبيع الاقتصادي والثقافي والتعليمي مع الكيان الصهيوني وهو من تولى رئاسة الوفد الأردني في اتفاقية السلام مع إسرائيل وهو من روج وسوق لما سماه بالفوائد الاقتصادية والثقافية العظمى من اتفاق وادي عربة .
وهو من تولى رئاسة الوزراء في ٩١ ..والثاني المهندس مروان الفاعوري :الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية والاعتدال !! المهندس مروان الفاعوري .. ويمنح جوائز عالمية وقد منحت للملك عبدالله والملك سلمان وهي جائزة خاصة تعطى لشخصيات قليلة ومجموعة من الأشخاص الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة . وقد كان أول مؤتمر أسند إليه أمر تأسيس المنتدى العالمي للوسطية هو (وسطية الإسلام بين الفكر والممارسة) الذي عقده منتدى الوسطية للفكر والثقافة في عمان عام 2004 . ويتواجد في خمس عشرة دولة فقط حتى الآن منها الأردن والسعودية طبعا كنماذج للإسلام المتسامح ..
وأما سمير حباشنة فممن تولوا وزرات عدة في الأردن أهمها الداخلية ورئيس ونائب مجلس إدارة كبرى الشركات التي تتعامل مع إسرائيل علنا ..ومن الأردن أيضا ؛محيي الدين المصري واحد من ترويكا النظام الأردني وآخر الوزارات التي يتولاها بداية العام الحالي حقيبتا وزير الدولة للشؤون البلدية ووزير النقل ..
وماذا عن الصادق المهدي ؟! لم يتجاوز موقفه البقاء تحت سقف لا يقترب من مجرد بيان بل هو يصف مشاركة السودان التحالف العدواني بالقول انه مجرد خطأ سياسي كبير .. وينظر للدور السعودي بأنه من مصلحتها رعاية حل بين اليمنيين !!
ولايتسع الحيز للمرور على القائمة الموقعة لكن أردت أن أقف أمام منهج في حكومات بلدان وتركيبة سياسية قادمة على مركب حكومات مشاركة في العدوان وعناصر بغالبيتها الساحقة هي ضمن خط سياسي عربي يتبنى نهج شن حروب إسرائيل وأمريكا وبريطانيا بالنيابة وهو مركب خيانات الشعوب العربية وحقوقها عبر التسوية الاستسلامية وتضيع الحقوق مع إسرائيل وقائمة من المواقف لا تخرج عن نهج سعود عدا شخصيات قليلة من بين الأسماء ربما حشرت أو استدرجت فهذا يعود لها في مثال حالة الشخصية الجزائرية صالح جوقيل .
..ويأتي اختيار شخصية من الجزائر وهي البلد الذي ظل موقفه السياسي واضحا في إدانة ورفض العدوان وتحالفه وربما المغزى من محاولة إيجاد نافذة من خلال الجزائر لا يغير من موقفها الثابت حكومة وشعبا لكنها محاولة لا تخلو من خبث ورغم محاولتي التماس العذر للمناضل صالح قو جيل الا انه هو وحده معني بالمضي إلى حيث يريد من هذا البيان الذي يدعو اليمنيين للاستسلام ويدعو متصدرة العدوان إلى الرعاية …
فصالح قوجيل فعلا مجاهد شارك في الثورة في الجبال اي انه كان في الميدان رجلا وطنيا ونزيها وهذا مايعرفه القريبون منه .. وبسبب موقع الرجل كمجاهد وكعضو في مجلس الأمة الجزائري ……ربما استدرج بحسن نية باعتباره نداء ..
الأخطر من المبادرة وتوجهاتها الترحيب والمرحبون..
فالترحيب ليس لهوا أو لعبة انتخابية انه أمر متصل بكرامة وطنية وحقوق شعب . ومالم يصدر عنهم خلاف ما تسرعوا فان مسارا تسوويا استسلاميا هو الذي يتحرك تحت الطاولة وهو ما يرفضه شعبنا الصامد وما لا تقبله تضحيات اليمنيين من اجل التحرير والسيادة والاستقلال والعدالة والتقدم …