> هادي يعبد الطريق للاحتلال السعودي في المهرة
> إحراق نقاط لقوات الاحتلال السعودي على ساحل المهرة تصعيد جديد لأدوات المقاومة
الثورة :
يواصل الرئيس الفار الخائن مهمته في شرعنة العدوان وتمكين قواته من احتلال المحافظات اليمنية ، وقد كانت ذريعته خلال السنوات الماضية هي ” التحرير واستعادة الشرعية ” . لكن ما تشهده محافظة المهرة منذ أشهر ، يسقط هذه الذريعة تماما ، ويكشف بما لا يدع مجالا للشك ، الدور الخطير الذي يلعبه الخائن هادي في تمكين السعودية وحلفها من احتلال المحافظات اليمنية .
في محافظة المهرة ، لا وجود لـ ” أنصارالله ” ولم يكن فيها قبل دخول القوات الإماراتية ثم السعودية سوى ” شرعية هادي ” . دخول القوات السعودية والإماراتية وسيطرتها على المحافظة ومرافقها الحيوية ، وتحكم تلك القوات بحياة المواطنين في المحافظة ، استفز أبناء المهرة الذين طالبوا بـ ” استعادة الشرعية ” التي يفرط بها هادي وحكومته لصالح السعودية والإمارات ، وهذه مفارقة مثيرة تكشف مدى تورط هادي وحكومته في خيانة اليمن شمالا وجنوبا .
أغلقت ” الشرعية ” آذانها وعيونها ، ولم تلق بالا لمطالب المهريين ومخاوفهم ، فاضطر المواطنون في المحافظة إلى مواجهة التواجد السعودي الإماراتي على طريقتهم .. حيث نظموا مسيرات احتجاجية ، واعتصامات على مدى أشهر
الاحتلال السعودي يستعين بهادي
خلال الأسبوع الماضي صعد المهريون من مقاومتهم ، وأحرقوا عددا من النقاط العسكرية تابعة للقوات السعودية على سواحل المحافظة أثناء خلوّها من عناصرها، مهدِّدين بأنه «في حال عدم خروج القوات التي تعوق حياة سكان المهرة، فسوف نضطر إلى إخراجها بالقوة».
وقد أتت المقاومة المهرية أكلها ، واضطرت الجانب السعودي إلى تقديم وعود بسحب قواته من المهرة ، بعد اتفاق شخصيات مهرية وقيادات سعودية ، وبناء على ذلك ، وافق المهريون على تعليق الاعتصام لمدة شهرين .
مساء السبت الماضي، أصدر هادي قرارَين أطاح بموجبهما بوكيل محافظة المهرة لشؤون الصحراء علي سالم الحريزي، ومدير أمن المحافظة أحمد محمد قحطان، وعيّن بدلاً منهما توالياً كلاً من مسلم بن زعبنوت ومفتي نهيان سالم. والحريزي واحد من أبرز مشايخ المهرة وأهم شخصياتها الاجتماعية، وقد سبق له أن أعلن وقوفه إلى جانب المعتصمين، غير متحرّج في وصف وجود القوات السعودية والإماراتية في المحافظة بأنه «احتلال»، ومؤكداً أن «أبناء المهرة يريدون استعادة سيادتهم على أرضهم». أما قحطان فيُرجِع إليه سكان المحافظة الفضل في حفظ مناطقهم من الاختلال الأمني السائد في ما تُسمّى «المحافظات المحررة»، وهو بنفسه من تولّى قيادة المفاوضات مع الجانب السعودي، والتي أدت إلى توقيع الاتفاق بين الطرفين والذي نصّ على تنفيذ مطالب «المهريين».
وجاءت تلك القرارات عقب لقاء جمع الرئيس المستقيل بمحافظ المهرة، راجح باكريت، الذي لعب دوراً رئيساً في تعبيد الطريق أمام السعودية لتعزيز وجودها في المحافظة الواقعة أقصى شرق اليمن، قبل أن يرفع عصا التهديد بوجه المعتصمين، ما دفع الأخيرين إلى المطالبة بإقالته في وثيقة شرف أصدروها الجمعة الماضي.
أثارت القرارات التي اتخذها هادي في شأن محافظة المهرة، شكوكاً إضافية حول الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه مع المعتصمين. ورافق تلك الشكوك ارتفاع منسوب الحذر لدى مُنظِّمي الاعتصام الذين تحدثوا عن ضغط سعودي خلف القرارات، مقلِّلين في الوقت نفسه من قدرتها على إخماد زخم احتجاجاتهم .
وينظر الكثيرون إلى قرارات هادي وكأنها محاولة سعودية لتجريد المعتصمين من أذرع القوة التي يتسلحون بها، تحسباً لأي خطوات مستقبلية قد يقدمون عليها، في حال تملّص «التحالف» من التزاماته حيالهم. رسالة يعزّز طابعها السلبي أنها جاءت عقب لقاء جمع الرئيس المستقيل بمحافظ المهرة، راجح باكريت، الذي لعب دوراً رئيساً في تعبيد الطريق أمام السعودية لتعزيز وجودها في المحافظة ، قبل أن يرفع عصا التهديد بوجه المعتصمين، ما دفع الأخيرين إلى المطالبة بإقالته في وثيقة شرف أصدروها الجمعة الماضي.
السعودية تراجع
الأربعاء الماضي تراجعت السعودية عن الاتفاق وقامت باستحداث نقاط عسكرية بالمحافظة مستخدمة عدداً من الآليات والمدرعات وبغطاء من طيران الأباتشي.. وفي أول رد من أبناء المهرة على هذه التطورات قال الشيخ عبدالله بن عيسى آل عفرار أن ما قامت به السعودية يعد عملاً مؤسفاً وغير مقبول، ودعا بن عفرار أمس في تصريح لـ”الجزيرة نت” السعودية إلى العودة للاتفاق واحتواء الموقف.
الجانب السعودي مطالب بتنفيذ الاتفاق
وينصّ الاتفاق الذي وقّعه من الجانب السعودي قائد القوات السعودية في المهرة، ومن الجانب اليمني مدير أمن المحافظة وممثل عن اللجنة التنظيمية، على إعادة تشغيل مطار الغيضة كمطار مدني بعد انسحاب القوات غير اليمنية منه، وتسليم ميناء نشطون ومنفذَي شحن وصرفيت للسلطة المحلية، ورفع القيود المفروضة على الحركة التجارية في الميناء والمنفذين، والمقصود بها حظر دخول الأسمدة الزراعية والمواد الكبريتية والكربونية والمواسير وهياكل الدراجات النارية وسيارات «الشاص» إلى المهرة بدعوى استخدامها في العمليات الحربية من قِبل «أنصار الله». ويشكّل المطلبان الأخيران المحك الرئيس الذي سيظهر جدية الالتزام السعودي من عدمه؛ على اعتبار أن الخلاف الأساسي يتمحور حول الميناء والمنافذ الحدودية، لا حول المطار، الذي لم يمانع الجانب «المهري» قصر الانسحاب منه على المنشآت المدنية، مع بقاء قوة مراقبة سعودية لـ«منع تهريب الأسلحة» كما يدعي الجانب السعودي .
مخاوف وشكوك
ورغم أن الإجراءات التنفيذية لذلك الاتفاق سرعان ما بدأت بانسحاب الجنود السعوديين من مطار الغيضة، إلا أن ظلالاً من الشك لا تزال تحوم حول الاتفاق، في ظل مخاوف من أن تكون الخطوة السعودية مجرد محاولة لاسترضاء المحتجين، من دون أن تتبعها خطوات أخرى تظهر جدية «التحالف» في ترك المحافظة الواقعة أقصى شرقي اليمن وشأنها.
وتؤكد مصادر محلية في المهرة، أن القوات السعودية بدأت، بالفعل، الانسحاب من مطار الغيضة، الذي اتُّفق على تسليمه لقوات الأمن اليمنية العاملة في المحافظة. لكن المصادر نبّهت إلى أن عملية الانسحاب هذه تبدو مطلوبةً سعودياً بالدرجة الأولى، بالنظر إلى خشية الرياض من عمليات تستهدف جنودها، خصوصاً بعدما عمد مسلحون قبليون، قبل يومين من الاتفاق ، إلى إحراق نقاط عسكرية تابعة للقوات السعودية على سواحل المحافظة أثناء خلوّها من عناصرها، مهدِّدين بأنه «في حال عدم خروج القوات التي تعوق حياة سكان المهرة، فسوف نضطر إلى إخراجها بالقوة». ومن هنا، تتقدم تساؤلات عن طبيعة الخطوة التالية، وما إذا كان الجانب السعودي سيلتزم تنفيذ بقية بنود الاتفاق، أم أنه سيكتفي بالانسحاب من المطار كإجراء احترازي ريثما يسكن غضب الناس. ولعلّ تلك الهواجس هي التي دفعت اللجنة التنظيمية للاعتصام إلى عدم رفعه بالمطلق، بل الاكتفاء بتعليقه (بدءاً من الجمعة قبل الماضية) إلى حين تلبية المطالب كافة.
السلطة المحلية .. أدوات سعودية
رئيس اللجنة التنظيمية للاعتصام ، عامر سعد كلشات، أكد في تصريحات تلفزيونية، أن مطالب المعتصمين «صارت مطالب الشعب عامة»، مشدداً على ضرورة تنفيذها، وواصفاً المُعيَّنين الجدد بأنهم «موجودون في مناصب خاوية ومسلوبة الصلاحيات». وأرجع عضو اللجنة الإعلامية للاعتصام، أحمد بلحاف، من جهته، قرارات هادي الأخيرة إلى ضغط سعودي، هدفه «الالتفاف على الاتفاق الذي تم توقيعه مع المعتصمين»، لافتاً إلى أن السعودية «لم تفِ بعهد أو اتفاق»، متهماً إياها بـ«تعيين أدواتها في المحافظة لتتمكن من السيطرة عليها».
وتفيد مصادر من داخل اللجنة التنظيمية بأن اللجنة ترصد كل تحركات «التحالف» والسلطة المحلية «التي تُعدّ أداة في يده مهمتها ذر الرماد في العيون». واعتبرت المصادر أن إرفاق هادي قرارَي الإقالة بقرار بإنشاء «جامعة المهرة للعلوم والتكنولوجيا» – في نسخة جديدة من قرارات مماثلة طاولت محافظات عدة و«لم ترَ النور حتى اللحظة» – إلا جزء من تجليات تلك المهمة. وتقلّل المصادر من شأن خطوة الإطاحة بالحريزي وقحطان، معتبرة أنها «لن تؤثر في الاعتصام بل ستزيده زخماً، وستجعل الشخصيات المستهدفة أكثر قرباً من المعتصمين، وتمسكاً بدعمهم اعتماداً على الثقل الاجتماعي». ولعلّ فائدة ما أقدم عليه هادي، بدفع سعودي، أنه سيُحرّر المعتصمين ومسانِديهم من عبء مجاملة «الشرعية»، التي حرصوا على تحييدها – أثناء تحركاتهم – بعيداً من شعاراتهم ومطالبهم.
حضرموت وسقطرى نموذجان
ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن رئيس المكتب السياسي لـ«الحراك الثوري الجنوبي»، فادي باعوم قوله : «هناك اتفاق يقضي بخروج قوات الاحتلال السعودي من محافظة المهرة، إثر احتجاجات سلمية خاضها أبناء المحافظة دفاعاً عن سيادتهم وكرامتهم في أرضهم»، مضيفاً أنه «في المقابل، لا يزال مطار الريان الدولي في ساحل حضرموت مغلقاً… فضلاً عن إغلاق مطار الضبة، ومنع الصيادين من الاصطياد في بحرهم، وكذا سيطرة الإمارات على منابع النفط والموانئ»، متابعاً بأن «كل ذلك يحدث ولا حياة لمن تنادي في حضرموت». ولئن وجد البعض في أحداث المهرة فرصةً لحضّ أبناء بقية المحافظات الجنوبية على استنساخ التجربة المهرية في مقاومة الاحتلال .
ويرى مراقبون ، أن الأحداث التي شهدتها محافظة سقطرى قبل نحو شهرين تستدعي التريث في الحكم على مآل احتجاجات «المهريين». إذ إن القوات الإماراتية لم تنسحب، حينذاك، من كامل الجزيرة، بل أخلت بعض المواقع فيها لتحلّ محلّها قوات سعودية. كذلك تفيد المعلومات الواردة من الأرخبيل بأن الإماراتيين لا يزالون يتحكمون بموارد «السقطريين» وثرواتهم، ومن ذلك إنشاؤهم مصنعاً (مُجهَّزاً بآلات حديثة وشاحنات وسيارات) لاستقبال منتَج الصيد المحلي، بهدف التغطية على أسطول تابع لهم يقوم يومياً بتصدير عشرات الأطنان من الأسماك إلى الإمارات .
سوابق
وسبق للرئيس الفار الخائن ورئيس حكومته أن مكنا السعودية من التواجد في جزيرة سقطرى إلى جانب التواجد الإماراتي ، وذلك من خلال ” التمثيلية السياسية ” التي كان بطلها أحمد بن دغر ، حينما دعا إلى إنهاء النفوذ الإماراتي في الجزيرة ، واعتبر التواجد الإماراتي في الجزيرة بمثابة احتلال ، مع أنه قدم إلى الجزيرة وتجول بها لأيام بموافقة الجانب الإماراتي وبالتنسيق معه .
لكن مطالبه بإنهاء التواجد الإماراتي ، كان مجرد مدخل للتدخل السعودي المباشر في الجزيرة ، حيث بدأت السعودية بالتدخل كوسيط لإنهاء الخلاف بين ” الشرعية ” والإمارات ، وانتهى بإرسال قوات سعودية إلى الجزيرة إلى جانب القوات الإماراتية التي لم تغادر الجزيرة كما ادعت بعض وسائل الإعلام التابعة للتحالف أو” الشرعية ” .