السعودية.. تاريخ توسع وقتال
يسلم حسين
تاريخ نشوء الدولة السعودية يكشف بوضوح أنها دولة توسعية بامتياز ليس على مستوى اليمن وإنما على مستوى دول الجزيرة والخليج وحتى هي كدولة اعتمدت القتل والتشريد والتخريب منذ تأسيسها والتاريخ يحدثنا إنها دولة حروب وصراعات حدث هذا في ذات الأرض نفسها يملكها المؤسس وتحالفه مع محمد عبد الوهاب كغذاء ديني يمكنه من سحل البشر وقتلهم وسلبهم إرادتهم وحريتهم ومقدساتهم .فلم يقيموا وزنا لمساجد أو مقابر، هي شواهد تاريخية وآثار عظيمة استطاعوا محوها بفكر توسعي وصل مداه إلى قضم أراض يمنية وخليجية، اليوم التاريخ التوسعي للمملكة يعيد نفسه بوقاحة لا قبل لأي منتم إلى الأرض بها .
فما يحدث في المهرة من عسكرة القبائل واحتلال غاشم للمنافذ البرية والبحرية إنما يستهدف الدولة والمنطقة بنفوذ توسعي بعد أن عمدت المملكة إلى إنهاك الدولة اليمنية وإفقادها القدرة على اتخاذ الموقف الذي يجب والذي من الممكن أيضا رغم الضعف أن يتخذ موقفا لو كان هناك جدية من قبل الشرعية مهما كانت قساوة الظروف فثمة أرض يريد الآخر السيطرة عليها بما لديه من إمكانيات كبيرة يستغلها في النفوذ والاحتلال كثقافة تشربت عليها السعودية وانتهجتها من وقت مبكر من خلال شراء الذمم وإيجاد موالين لسياستها التوسعية ومرتهنين ومن خلال القوة وإضعاف النظام السياسي باختراقه عبر أدوات نافذة.. هذا ما يشتغل عليه النظام السعودي، لا يعرف احترام حق الجوار ولا مساعدة الشقيق لشقيقه والوقوف معه في المحن التي تلم به بل يزيدها توسعا ويتخذ منها مدخلا لتنفيذ فعل المؤامرة بمزيد من قضم الأراضي.
هكذا هي الدولة السعودية تكوينها السياسي قائم على استعداء الآخر وخلق التناقضات في المجتمع الواحد وإيجاد الموالين لنهجها التوسعي من الوجاهات الاجتماعية والقبائل ومنحهم امتيازات مقابل الارتهان ليشكلوا حاضنة للتخريب والفرقة والانقسام ومدخلا مهما للاحتلال .
هذا ما نراه اليوم تماما في المهرة التي تعمد السعودية إلى السيطرة عليها كطموح قديم جديد وجدته اليوم كما في ذهنيتها، إنه قابل للتحقق في حين أن الواقع خلاف ذلك تماما فالمجتمع المهري يعرف جيدا مخطط المملكة ومن يقف زاعما ومساندا للاحتلال السعودي ويدرك جيدا أنه اليوم أمام مفترق طرق يكون أو لا يكون، لذلك اتخذ الموقف الذي يجب المقاوم للسياسة التوسعية الرافض لأي تواجد عسكري في أي شبر من الأرض المهرية وله خياراته كمجتمع حضاري في رفض الاحتلال ومقاومته سلميا وعبر فعاليات مجتمعية يشتغل عليها كل القوى المهرية المنتمية إلى أرضها الرافضة لأي أجندة أخرى تحاول إنجازها السعودية عبر ثلة منتفعين.
هكذا نحن إزاء قوى تنتمي للأرض وتعبر عن إيمانها العميق الراسخ في مقاومة المحتل ومن معه من القوى الهزيلة التي ارتضت لنفسها الوقوع في حبال المؤامرة تجند نفسها بطريقة مقززة تعبر عن تنازل مخيف في الوجود وفي قيم الحرية والانتماء وما يجب أن تدركه السعودية وأدواتها أن المواجهة لهذا الاحتلال ستكون على درجة عالية من التنسيق بين كل المهريين في الداخل والخارج ومعها القوى الحرة في أرجاء المعمورة وأن عليها أن تحفظ الدرس الذي ستجده من المهريين جيدا فهم أرباب هذه الأرض وأسيادها ولهم قدم راسخة لا تزحزحها رياح المؤامرة ومن يقف معها ولهم مع كل ذرة رمل وقطعة صخرة ومياه بحر ولاء لا حدود له وهو الكفيل بمحق عسكرة أرضهم وطرد الغازي من نوافذها البرية والبحرية والجوية .
هذا عهد ووعد يقطعه المواطن المهري على نفسه ولن يتنازل عنه قيد أنملة، وللسعودية ان تدرك بدقة أن ما دأبت عليه من سياسة توسعية منذ نشأتها كدولة عداء مع الآخرين وحتى اليوم وما اتخذته كمنهج في الحكم اساسه الاستقواء والسيطرة والاستعلاء وشراء الذمم كل ذلك مجرد خبط عشواء وقبض ريح لدى الإنسان المهري .فهل تدرك السعودية هذا جيدا وتأخذ عساها وترحل أم ستبقى حتى الفشل الذريع وتقديم نفسها للعالم دولة مارقة معتدية توسعية تشتغل على الفرقة والانقسام ولا تقيم وزنا للجوار ولا لحق السيادة والاستقلال .السعودية إذا ما بقيت في هذا المخطط يقينا أنها ستفقد احترام المجتمع الدولي وأحرار العالم وستعرف أنها ارتكبت حماقة قد لا تستطيع معالجتها أخلاقيا وسياسيا في قادم الأيام .وفي كل الأحوال ما زلنا نتطلع إلى أن تكف السعودية عن أذاها للمجتمع المهري وأن تنتهج سياسة أخرى أساسها الاحترام المتبادل. وأن تتخلص من موروثها التوسعي وخلق الفوضى والتشبث بأعذار واهية..عليها أن تعتذر عما أقدمت عليه من عسكرة واحتلال منافذ وفرقة وانقسام بين أبناء القبائل، عليها أن تمتلك الشجاعة القيمية وأن تبادر إلى الانسحاب وتترك أي معالجة أخرى للسلطة المحلية في المحافظة .فهل تفعل ذلك؟ أم ستبقى في الغي حتى الهزيمة؟!..سؤال الإجابة عليه تكمن في قادم الأيام.