يوم القدس العالمي .. والغدة السرطانية
عبدالفتاح علي البنوس
في20 رمضان من العام 1399هـ الموافق 15أغسطس 1979م أعلن قائد الثورة الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني رحمة الله عليه عن مبادرة يوم القدس العالمي ، حيث دعا إلى إحياء آخر جمعة من شهر رمضان من كل عام وأطلق عليها اسم يوم القدس العالمي وذلك في خطوة تهدف إلى جعل القدس وفلسطين حية في قلوب الشعوب العربية والإسلامية وربط الأجيال المتعاقبة بالقضية المركزية والمصيرية للعرب والمسلمين وتحصينهم من محاولات التدجين والتهجين بالثقافة والفكر الوهابي الصهيوني الذي يذهب لمهاجمة إيران والإمام الخميني ويوم القدس العالمي إرضاء للأمريكان والصهاينة ، حيث نجد حالة من الكراهية والحقد والإساءة والتشهير تجاههم لأنهم يذكرون الشعوب العربية والإسلامية بفلسطين والقدس الشريف وهذه بالنسبة لسلمان ونجله المهفوف والحاخام السديس ، والحبر آل الشيخ ومن لف لفهم جريمة كبرى ومعصية منكرة ، فالعدو عندهم هو إيران والإمام الخميني ويوم القدس العالمي ، أما ترامب ونتنياهو و أمريكا وإسرائيل فهم رسل سلام وقادة عظماء ينشدون لنا الخير والسلام والأمن والاستقرار .
هذه هي الثقافة التي يريدون أن تتربى عليها الأجيال المتعاقبة وأن تتأقلم معها الشعوب العربية لتقبل بصفقة القرن التي يسعى الأمريكان والصهاينة بالتنسيق مع ملوك وأمراء الخليج وسيسي مصر لتمريرها ، لذا لا غرابة أن نشاهد كل هذا الهجوم على يوم القدس العالمي كونه جاء بدعوة من الإمام الخميني وهذا لا يجوز من وجهة نظر الوهابية السعودية ، فلا يليق بهم الانصياع لدعوته ، أما الاحتفال بعيد الحب وعيد المرأة وعيد العمال وعيد الشجرة وغيرها من الأعياد والمناسبات التي فرضها علينا الغرب فهي عند سلمان ونجله وأحبار الوهابية من السنن المؤكدة ، والاحتفال بها من الفضائل ولا يوجد فيها حتى شبهة بدعة ، فالبدعة والمنكر عندهم إيران والاحتفال بيوم القدس العالمي .
هذه هي الوهابية السعودية ، وهذا هو الحقد الدفين على كل ما يربط الأمة بفلسطين والقدس الشريف ، يتوددون لأمريكا وخليفتهم ترامب ويطلبون وده ، وينشدون رضاه عنهم وهو الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقام بنقل سفارة بلاده إليها ، وهو الذي أظهر يهودته وكراهيته لفلسطين وقضيتها العادلة ، وليتهم اكتفوا بذلك ، بل ذهبوا لضخ الأموال له ومكافأته على هذا الإنجاز وأظهروا حالة من التودد تجاه الكيان الإسرائيلي وصلت إلى مستويات ومراحل متقدمة من التطبيع ، وفوق ذلك كانوا في مقدمة المباركين والداعمين والمساندين لما يسمى صفقة القرن ، والتي يراد لها أن تكون الضربة القاضية للقضية الفلسطينية .
ولذلك فإن الاحتفال بيوم القدس العالمي هذا العام يكتسب أهمية كبرى كونه يأتي في ظل المتغيرات والمستجدات التي شهدها الملف الفلسطيني بما في ذلك مظاهرات الغضب الأسبوعية المطالبة بحق العودة والتي قوبلت بحالة من الصلف والإجرام الإسرائيلي المصحوب بصمت عربي وإسلامي ودولي باستثناء الشعوب والأنظمة والحركات المقاومة للهيمنة والغطرسة الأمريكية الإسرائيلية والتي كانت وما تزال وستظل حاضرة للدفاع عن القدس وفلسطين باعتبار ذلك من مبادئها وثوابتها التي لا يمكن المساس أو التفريط بها أو المساومة عليها ، بالأمس قلنا للعالم بأن القدس قضيتنا الأولى وأن فلسطين حاضرة في قلوبنا وفي تحركاتنا وفي مواقفنا رغم كل ظروفنا ومعاناتنا إلا أننا لن ننساها وستظل حاضرة وبقوة .
إن احتفالنا بيوم القدس العالمي رسالة ثبات وجهاد لن نتخلى عنها ، وهي ثقافة غرست في نفوسنا ولن تؤثر فيها حركات وجماعات النفاق التي تسعى للنيل من فلسطين والقدس الشريف وتحويلنا إلى مجرد أدوات تطبل وتروج لمشروع الهيمنة والغطرسة الأمريكية الإسرائيلية ، هذا المشروع الذي تكفلت السعودية والإمارات بإنفاذه في المنطقة ، وإذا كانت أمريكا وإسرائيل والوهابية السعودية قد تمكنت من الضغط على الأنظمة العربية بعدم التفاعل مع دعوة الإمام الخميني لإحياء يوم القدس العالمي خلال الفترة الماضية ، فإنها اليوم غير قادرة على الضغط على الأنظمة والشعوب الحرة المقاومة والممانعة لمشروعها في المنطقة ، وسيظل يوم القدس العالمي خالدا في قلوب ووجدان كل أحرار العرب والمسلمين ، وستظل إسرائيل كما وصفها الإمام الخميني الغدة السرطانية التي لا بد لها من الإستئصال مهما طال الزمن أو قصر .
صوما مقبولا ، وذنبا مغفورا ، وعملا متقبلا ، وإفطارا شهيا .