*في مثل هذا الشهر من العام 2015 م
*عشرات المواقع والمعالم والقلاع والمتاحف تم قصفها وتدميرها
الثورة / عبدالباسط النوعة
يستمر العدوان الغاشم بارتكاب الجرائم والمجازر البشعة بحق هذا الشعب وأطفاله ونسائه ولعل آخر تلك الجرائم قبل يومين في العاصمة صنعاء عندما استهدفوا الحي المجاور لمكتب رئاسة الجمهورية الواقع في تقاطع شارع علي عبدالمغني وشارع الزبيري ؛ ولعل آخر جرائمه التي استهدفها بحق تراث اليمن الثقافي أواخر شهر إبريل الماضي عندمت استهدف حصن مسار التاريخي في حراز وتعرض أجزاء من هذا الحصن للدمار .
وإذا ما عدنا قليلا إلى الوراء وتتبعنا ما ارتكبه العدوان من جرائم بحق التراث اليمني على مدى أكثر من ثلاث سنوات سنلاحظ أن شهر مايو من العام 2015 م من أكثر الأشهر الذي تعرضت فيه مواقع التراث اليمني للقصف والتدمير من قبل طائرات العدوان حيث استهدفت العديد من المواقع في محافظات يمنية عدة ، وها هو العام الثالث من عمر هذا العدوان البشع أكمل شهره الأول إلا أن آثار الدمار ما زالت تملأ تلك الأماكن التي ينبعث منها التاريخ والحضارة الممزوجة برائحة الباروت العفنة التي لم تحترم قدسية هذه الأماكن لتمثل لعنة لكل دول العدوان ومن ساندهم وأيدهم من عملاء الداخل .
ولعل أبشع جرائم العدوان بحق التراث اليمني تلك التي استهدفت واحدا من أهم وأبرز المتاحف اليمنية التي كانت تحوي الآلاف من القطع الأثرية النادرة والتي لا تقدر بثمن ففي شهر مايو 2015 م وتحديدا في 21 منه ارتكب العدوان أبشع جريمة حضارية حيث استهدف بغارات عدة متحف ذمار الاقليمي وأدت هذه الغارات الى تدميره بشكل كامل بل وتسويته بالأرض وتدمير معظم محتوياته من القطع الأثرية القيمة التي يؤكد المختصون أنها تزيد عن (12) ألف قطعة أثرية لم تنج منها سوى بضع مئات فقط والبقية تطايرت وتناثرت وانتهت بين الركام الذي وصل إلى مسافات بعيدة ، هذا المتحف الذي ظل أبناء ذمار ومعهم الشعب اليمني بأكمله ينتظرونه طوال عقد ونصف من الزمن لم يتركهم العدوان يهنأوا به في صورة يعتبرها المعنيون تعبر عن حقد دفين لدول العدوان وعلى رأسها مملكة آل سعول ضد التراث اليمني الذي يمتلك من الثراء والقيمة ما يجعلهم بشعرون بالحسد ، ولهذا يمعنون القصف لمواقع التراث اليمني منذ انطلاق عدوانهم وحتى اليوم وقد انهى العدوان عامه الثاني .
قلعة تواجه الصواريخ
قلعة القاهرة بتعز هذه القلعة العظيمة والشامخة والعريقة كانت قد تنفست الصعداء بعد عقود من الإهمال ، وسنوات تجاوزة الأربع بعد العشر من الترميم والصيانة أنفقت فيها مليارات أربعة ، أطلت بحلة جميلة وزينة فريدة وبهاء وكمال ترنو إلى المستقبل بإشراقة الماضي المجيد ، انقشع عنها غبار الزمن وأوساخ السنين التي كانت فيها مهملة ، لكن فرحتها وفرحة ابنائها بها وسعادة مدينتها بعودتها تاجا حضاريا يشع وهجاً وضياء لم يدم ، عام من الفرح لم يكتمل فهناك من حول باحتها إلى أكواب من الخراب .قلعة القاهرة بتعز كانت في مواجهة مباشرة مع عدوان يضمر لها الحقد والكراهية لأنها تمثل قيمة عظيمة لهذا البلد ، لم يكتف العدوان بما تواجهه هذه القلعة على الأرض من مواجهات مسلحة منها وإليها لأنه رآها صامدة ولهذا وجه طائراته نحوها فصبت عليها صواريخ حقدها غارات عدة في مثل هذا الشهر من العام الماضي .
ففي مايو من العام قبل الماضي قصف العدوان ولأيام متتالية (11، 12 ، 13 ، 17) قلعة القاهرة بتعز وهي القلعة الشامخة والاهم على مستوى اليمن ككل والتي ظلت ولأربعة عشر عاما تحت الترميم والصيانة وبعد افتتاحها بعام جاء العدوان ليدمرها من الداخل وبشكل كبير وبصورة وحشية أدت إلى تدمير مبناها الرئيسي في أعالي القلعة والذي كان قد جهز وافتتح ليكون متحفا احتوى على الكثير من القطع الأثرية التي تم اكتشافها خلال سنوات الترميم ولكن العدوان أحال المبنى بما فيه إلى ركام .
تفاوت الأضرار
واستمر العدوان في قصفه الممنهج لتراث اليمن, ففي الثاني عشر من مايو من العام ذاته عمد العدوان على قصف محيط مدينة زبيد التاريخية والحق في العديد من مبانيها أضرار متفاوتة ، وقبلها بيوم واحد قصف العدوان جرف أسعد الكامل في مدينة القفر محافظة إب ودمره بشكل كامل ، وفي 13 مايو 2015م تم استهداف قلعة نقم التاريخية بصنعاء وأيضا قلعة القفلة بساقين محافظة صعدة ودمر أكثر من 50% منها.
ولم ينته الأمر عند هذا الحد في مثل هذا الشهر من العام قبل الماضي فقد كانت مدينة صعدة القديمة على موعد مع قصف شديد ومباشر في التاسع من مايو وقع بالقرب من الجهة الشرقية لجامع الإمام الهادي وتحديدا في السوق ودمر ما يزيد عن 55 محلا تجاريا فضلا عن أضرار بالغة لحقت في البوابة الشرقية للجامع ومنازل تفاوتت أضرارها تمثل قيمة تاريخية فريدة ، وبعد تدمير متحف ذمار الإقليمي بثلاثة أيام فقط أي في الرابع والعشرين من مايو قام العدوان بقصف قلعة الشريف بباجل محافظة الحديدة ودمر معظم اجزائها ، وقبل أن ينتهي الشهر بيومين فقط قصف العدوان حصني المنصورة والنعمان بمدينة حجة ، ولم يتوقف العدوان عن القصف حتى آخر يوم من مايو العام قبل الماضي ففي 31 من الشهر نفسه استهدف المصرفين الشمالي والجنوبي لسد مارب القديم الذي يعود تاريخه إلى العصر السبئي وتحديداً إلى الألف الأول قبل الميلاد ونتج عن هذا القصف تدمير معظم معالم هاذين المصرفين .
اذن شهر مايو 2015 يعد هو الأشد على تراثنا الثقافي في ظل هذا العدوان البربري الغاشم وفي هذا الشهر سجل التاريخ الكثير من الجرائم ضد حضارة تعد من أرقى وأقدم وأثرى الحضارات الإنسانية ولكن هذا لا يعني أن مواقع التراث اليمني لم تتعرض للقصف والتدمير الممنهج في شهور وأوقات أخرى بل أن القصف كان مستمراً طوال أشهر الأعوام التي تلت بدء العدوان على اليمن .