شمولية الاستهداف الصهيوني للمنطقة ” البحر الاحمر نموذجا “
عبد الحميد الغرباني
قبل قرن من الآن كان النداء الذي تصايح به اليهود ” ادفع دولارا تقتل عربيا ” من هنا كانت البداية لسرقة فلسطين وإخضاعها بالنار والحديد والتواطؤ لاحتلال صهيوني يضمن المصالح غير المشروعة لأمريكا والدول الغربية ، بداية حرصت على أن يشترك الجميع منهم في تنفيذ المؤامرة ثم مضوا بشكل سافر يخبر الجميع أن المخطط شامل ولا يستثني أحدا ويكفي لتأكيد شمولية الاستهداف الصهيوني للعالم العربي والمنطقة أيضا أن واحدة من الخطوات الأولى التي اتخذها العدو الصهيوني بعد عام 1948 أي بعد احتلال فلسطين كانت احتلال قرية أم الرشراش الأردنية عام 1949، والتأسيس على أنقاضها ما يعرف بـ “ميناء إيلات” المجاور لميناء العقبة الأردني في شمال البحر الأحمر وهنا مربط الفرس ، فالعدو الصهيوني أسس بذلك لاختراق كل البيئة الجغرافية المحيطة بـ الأراضي المحتلة من فلسطين وكسر السياج العربي العريض الذي يخنقه ويحاصره ثم قفز إلى عمق البحر الأحمر الذي شكل بكل مميزاته الجيوسياسية ونقاط التحكم الاستراتيجي فيه أبرز مواضع الصراع العربي الصهيوني قبيل أن يحرف هذا المسار ويربط التوجه العربي الرسمي بعدو وهمي لا صلة له بالسياسة الاستعمارية في المنطقة وفي المقابل نشطت الصهيونية لإلغاء الصفة العربية عن البحر الأحمر وطورت استراتيجية اقتصادية عسكرية في القارة السمراء ” افريقيا” والتي توصف بـ “القارة البكر” عن طريق احتلال بعض الجزر المتناثرة في القسم الجنوبي من البحر الأحمر رواجيات ومكهلاوي وحالب وفاطمة وديميرا ودهلك الواقعة قريبا من مضيق “باب المندب “وغيرها من الجزر والموانئ كعصب ومصوع تحت عنوان استئجارها وإقامة قواعد عسكرية جوية وبحرية حولت معها البحر الأحمر إلى ثكنة عسكرية صهيونية مدججة بالأساطيل العسكرية والزوارق المسلحة بالصواريخ وقذائف الأعماق ومنصات التجسس والرصد فضلا عن أن أكثر من نصف قوات العدو الجوية تتمركز قريبا من البحر الأحمر في قواعد “النقب” وتقوم بدوريات وطلعات فوق البحر حتى مدخله الجنوبي ، كما أن تمزيق السودان وإضرام النيران الدائمة في الصومال وغيرها يأتي في سياق فرض الهيمنة على البحر الأحمر ، أما الأهداف التي وضعها الصهاينة والقوى الاستعمارية ضمن مخططهم وقد تحقق بعضها فتتلخص في الآتي:
ضرب نقاط القوة التي يملكها العالم العربي في معادلة الصراع
تأمين نقاط قوة وازنة ونقاط تجسس ورصد للأنشطة العربية المختلفة لمواجهة أي حصار عربي فيما لو اندلعت أي مواجهة مباشرة
التحكم بحركة الملاحة الدولية وتعطيل الدور الفاعل للدول العربية على سواحل البحر الاحمر وفرض الاتصال بين البحر الاحمر والمتوسط من جهة وجنوب شرق اسيا والقارة الاسترالية للقوى الاستعمارية وأنشطتها العدائية تجاه البلدان والشعوب المختلفة
ترتيب إمكانات الهجوم المباشر على أي من الدول العربية في آسيا وافريقيا وبسط السيطرة على مياه وسماء البحر الأحمر
توفير أكبر مساحة ممكنة في افريقيا لتأمين العمق الكافي لحرية الأنشطة العدائية .
ويعود فشل الدول العربية في توظيف المقومات الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية للبحر الأحمر إلى ارتهان الانظمة الرسمية وفي مقدمتها نظاما القاهرة والرياض للمشروع الصهيوني والأمريكي كما إن الإفادة من البحر الأحمر عربيا تحتاج إلى قوة فاعلة وغير مستلبة وهو ما يخشاه العدو الصهيوني والأمريكي ومن هنا تؤكد الأحداث سابقا ولاحقا أن الغاية الاستراتيجية من العدوان على اليمن هي تثبيته ضمن محور التبعية العمياء للسياسة الأمريكية السعودية باعتبار هذا المحور شرطي الهيمنة الصهيونية على الميزات الجيوسياسية لمنطقة البحر الأحمر كما نجد أن مشاريع النظام السعودي والإماراتي على البحر الأحمر ” الساحل الغربي لليمن ” تتقاطع مع مشاريع الكيان الصهيوني في التوسع واحتلال الأراضي العربية وإسقاط كل المزيات والمقومات الاستراتيجية للعرب والتي يملك اليمن نسبة كبيرة من هذه المقومات ناهيك عما يملكه من مقومات أخرى ترتبط بالإنسان والهوية اليمنية وترتبط بانحيازه لفلسطين انحيازا كاملا وحقيقيا .