أطفال اليمن.. ضحايا العدوان وحرب التجويع

> مأساتهم وصمة عار في جبين العالم الأخرس

> 3 سنوات من الصمود تجسد نموذجا أسطوريا في اليمن فقط

> الأمم المتحدة : آلاف القتلى والجرحى من الأطفال في اليمن بقصف الطيران وملايين الجوعى والمرضى جراء الحصار

الثورة/ سارة الصعفاني
أطفال في عمر الزهور يعيشون على هامش الحياة في وطن يرزح تحت العدوان والحصار ، في انتظار قدوم المستقبل لعله يأتي زاهراً بعد أن تجرعوا المعاناة والحرمان، شهدوا هول الدمار وأنين الفراق، وفاجعة الموت.
صغار يتضورون جوعاً، يتكورون على أجسادهم النحيلة من قسوة البرد والفقر والعدوان والحصار، يبحثون عن بقايا ممتلكات لم تحترق، يفتشون في الشوارع عن مخلفات كوقود لتحضير الأرز ورغيف خبز ، وينتظرون في طوابير الغاز والمياه تحت شمس الظهيرة وفي ذروة ليالي الشتاء الباردة كسباً للمال .. وهناك من يقتات من النفايات وفقاً لواقع فقر مدقع، وتوثيق حي بالصوت والصورة بثته وكالة رويترز في يناير ليشاهده بشر يفتقرون للإنسانية.
وحتى المنظمات الحقوقية والإغاثية الدولية تبيع ضميرها وتنسف أهداف وجودها بحفنة مال سعودي مدنس في ما تشرع الدول قوانين ومواثيق لصون ” الحقوق والحريات” ظاهرياً لكنها تقتل الإنسان وتنتهك حقه في الحياة إن تعارضت مع سياساتها الخبيثة.
ولكن ماذا بعد أن يموت الأطفال جوعاً في وطن غني بالثروات انهكه الحصار ودمار العدوان المتواصل منذ 3 سنوات!

70 % انعدام الغذاء
فاقم العدوان والحصار المفروض على اليمن الوضع الإنساني إلى مستويات خطيرة بعد تدهور النشاط الاقتصادي، وارتفاع الأسعار بما يفوق القدرة الشرائية للمواطنين، وانهيار قيمة العملة الوطنية، وتعثر الرواتب حد التوقف ، وتجاوز نسبة البطالة 60 %، وتجاوز نسبة انعدام الأمن الغذائي 70 %.
كان اليمن ما قبل الحصار الخانق يستورد نحو 90 % من الغذاء في حين تفبرك قنوات تأييد العدوان تقارير عن رفع الحصار وتقديم مساعدات إنسانية فيما لا أحد يقدم شيئاً وإن رفعوا لافتات الإنقاذ الزائفة.
أفقر دول العالم
ويصنف اليمن ضمن أفقر ست دول من أصل 118 دولة في العالم وفقاً لتقرير الجوع العالمي 2016م الصادر عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، وجاء ترتيب اليمن في المركز 160 من بين 188 دولة، وفقاً لتقرير التنمية البشرية 2015م.
وكانت الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني قد وعدت أواخر ديسمبر الماضي بتخصيص مبلغ 2.96 مليار دولار في 2018م لإنقاذ حياة الفقراء في اليمن الذين يعانون للبقاء على قيد الحياة، وتنفيذ برامج إنسانية في أماكن تجمعات النازحين والأحياء الفقيرة التي تشكو من قصف طيران العدوان المباشر ، وتعاني من المجاعات، وتفشي أمراضٍ مزمنة، وأوبئة قاتلة ، وحرمان مهلك.
أسوأ أزمة إنسانية
المنسق المقيم للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة جيمي ماكغولدريك كان قد أكد أن اليمن تشهد أسوأ أزمة إنسانية يفتعلها بشر، وقال :إن المساعدات الإنسانية ليست الحل لكنها شريان الحياة المتبقي، موضحاً في بيان أن جيلا كاملا ينشأ في ظل المعاناة والحرمان حيث أن مليونين ومائتي ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد والخطير، فيما بلغ معدل سوء التغذية المزمن (التقزم) 47 %؛ وهو ما يؤثر على نمو الطفل وقدراته العقلية ويدفعه لًحافة الموت لضعف مناعته حسب تحذيرات الأطباء.
22 مليوناً بحاجة لمساعدات
وتشير وثيقة صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن نحو 22 مليوناً و200 ألف نسمة من أصل 27 مليوناً بحاجة مساعدات إنسانية طارئة، من بين هؤلاء يعاني ثمانية ملايين و400 ألف مواطن من انعدام الأمن الغذائي الحاد، إذ يواجهون مخاطر متزايدة بالإنزلاق إلى هاوية المجاعات بفعل عدوان يرتكب آلاف المجازر، دون أن يحرك ما يحدث من توحش، إنسانية 7.6 مليار إنسان.
تواطؤ دولي
وحتى المنظمات التي لطالما تشدقت بحقوق الإنسان وتلقت دعماً كبيراً من المانحين الدوليين تبخرت وكأنها لم تكن فيما تحاول الأمم المتحدة أحياناً تلميع صورة السعودية أمام التاريخ والمستقبل – بعد ارتكابها مجازر شنيعة راح ضحيتها الآلاف بصواريخ الدمار الشامل في تجمعات مجالس عزاء وأسواق شعبية وأحياء سكنية منهم 6 آلاف طفل رغم دعوة مجلس الأمن لإجراء تحقيق للتأكد مما تسميه “ادعاءات” ارتكاب السعودية جرائم حرب، وكأن مجلس الأمن غافل عن كل ما يجري ولا يعرف شيئاً عن بيع أمريكا وبريطانيا أسلحة محرمة دولياً للسعودية، وترفض دول مجلس الأمن وفقا لمراقبين إجراء التحقيق باعتبار الكيان السعودي حليفاً أساسياً لليهود حيث أنه مسيطر على مناجم الذهب وحقول النفط وداعم الإرهاب ومشارك في تدمير الشرق الأوسط واحتلال ونهب ثروات الوطن العربي.
إعاقة الاغاثة
تظل الحقائق واضحة كضوء الشمس في وضح النهار رغم ترسانة التزييف والإرهاب ومن لم يحرك ساكناً في المجازر لن يحرك منظماته الإغاثية باستثناء دور محدود لمنظمات دولية لم تبع إنسانيتها وضميرها كلياً لكنها تتفاجأ أن هناك من يعرقل وينهب مساعداتها الإنسانية وسط تبادل اتهامات التخوين بين الطرفين وحصار عدو لا يلتزم بالمواثيق ولا يعترف بحقوق الإنسان، واحتياج هائل يفوق أضعاف ما بحوزة المنظمات من مساعدات غذائية ودوائية كما أن منظمات الأمم المتحدة تقر بأن المستشفيات في اليمن تكاد تكون خالية إلا من المرضى والجرحى وجثث الموتى بعد أن بلغ العجز في الإمكانيات مستويات خطيرة حد إغلاق أغلبها بعد خروجها عن الخدمة كلياً وبعد تعرضها للقصف المباشر أو تضرر أغلبها جراء الغارات وتبعات حصار دول العدوان وحربها الاقتصادية.
ورغم شحة المساعدات الإغاثية الغذائية والدوائية والإيوائية إلا أنها المنقذ لمن يحتضرون في زمن غابت فيه العدالة الدولية، ومات ضمير الإنسانية ، وبات القانون الدولي والمواثيق الأممية مجرد شعارات زائفة تتداولها المنظمات الدولية ، ليواصل آل سعود ومعهم المجرمون واللصوص ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية بحق اليمنيين داخل الوطن وخارجه .. لكنها لن تسقط بالتقادم، وستبقى وصمة عار في جبين الإنسانية، وسيبقى أطفال اليمن الانموذج الأسطوري والفريد للصمود في هذا العالم “الميت”.

قد يعجبك ايضا