> مواطنون تعرضوا للمساءلة الجنائية عن جرائم ارتكبها أشخاص استخدموا أرقام هواتفهم دون علمهم
الثورة / حاشد مزقر
مواطنون تعرضوا للمساءلة الجنائية عن جرائم ارتكبها أشخاص استخدموا أرقام هواتفهم دون علمهم
بمجرد فقدان أي مواطن لجواله أو حصوله على رقم مميز أو انتهاء الرصيد يفقد علاقته عمليا برقمه السابق تماما ومن دون إشعار شركة الاتصال المختصة برغبته في التخلي عن رقمه هذا ويصل به الأمر إلى أنه لا يعلم شيئا عن مستخدمه الجديد وهو ما يزال مقيدا باسمه في شركة الاتصال.. فيما يتساهل البعض في هويته الشخصية ويسمح لغيره باستخدامها في قطع شرائح اتصال معتقدا بأنه يقدم خدمة جليلة لأصدقائه وزملائه غافلا في نفس اللحظة بأنه قد يتسبب في أذية غيره من المواطنين في حال وقوع هذه الشريحة بأيدي احد المجرمين الذي قد يمكنه أيضا من استخدامها في ارتكاب جرائم جنائية كبيرة كالعمليات الإرهابية أو القتل أو النهب وحتى معاكسات بعض الشباب للفتيات..في التحقيق التالي نسبر أغوار هذه المشكلة الشائكة.. فإلى التفاصيل :
نظراً لقلة وعي بعض المواطنين بمخاطر التساهل في التعامل مع شرائح أرقام الجوال والتي يحصلون عليها بموجب صورة البطاقة الشخصية التي تعتبر عقدا رسميا مع شركات الاتصالات مقابل الحصول على هذه الخدمة فقد وقع الكثير منهم في مشاكل دفعوا ثمنها غاليا ففي الغالب يقوم الكثير بشراء شريحة اتصال باسمه وتحمل بيانات بطاقته الشخصية وفي حال فقدانه لهاتفه الجوال لا يفكر قطعا بإبلاغ الشركة بذلك أو حتى قطع شريحة رقم بدل فاقد ويكتفي بشراء غيرها مستهترا وغير آبه بخطورة هذا التصرف..ومن الحالات الأخرى أيضا انتهاء رصيد شريحة لشخص ما وهو غير قادر على السداد أو حصل على رقم جديد أعجب به فيقوم تلقائيا برمي الشريحة السابقة في أي مكان دون اكتراث وقد تصل لأي شخص غير سوي يقوم باستغلالها في ارتكاب بعض الجرائم..كثيرٌ هم الذين طرحنا عليهم السؤال ماذا يصنعون بشريحة الاتصال بالهاتف النقال حينما يفقدونها أو يستغنون عنها فتطابقت إجابات الغالبية العظمى منهم بالقول : إذا فقدتها اشتري واحدة أخرى وإذا استغنيت عنها أرميها.
أرقام بأسماء آخرين
وذكر الكثير من هؤلاء أنهم يستخدمون أرقاما ليست بأسمائهم فهي إما بأسماء أقاربهم أو أصحابهم والبعض منهم لا يعرف هوية صاحب الرقم الحقيقي كونه وصل إليه من صديق أعطاه له صديق آخر وهكذا.. وأكدوا أن الحصول على رقم جوال أمر سهل للغاية ويجدونه في إحدى نقاط بيع الشرائح لأي شركة اتصالات.
مخاطر جسيمة
المهندس بشار الجندبي تحدث عن تلك المخاطر من وجهة نظر علمية قائلاً: المؤسف حقا أن نجد هذه المشكلة منتشرة بشكل كبير ولا يوجد من يوعي الناس بمخاطرها لا رسميا ولا حتى مجتمعيا والحقيقة أن إهمال أرقام الهواتف المحمولة من قبل المواطنين يهدد الأمن المجتمعي فمثلا في السنوات الأخيرة تزايدت حدة الهجمات الإرهابية وظاهرة الاغتيالات للأكاديميين والعسكريين وحتى المواطنين ولم تتمكن الدولة من ضبط الجناة وذلك لأن من يقومون بهذه العمليات هم عصابات ومنظمات إرهابية يستخدمون للتواصل مع أفرادهم عند تنفيذ عملياتهم لأرقام هواتف نقالة ليست بأسمائهم وهو ما يجعل الأمر سهلا حتى على دول تحالف العدوان السعودي في التواصل مع بعض خلاياهم الذين يقلقون الأمن والسكينة العامة وربما ينفذون بعض مخططات هذا العدوان الغاشم على اليمن.
ما قاله المهندس بشار أكده محمد صبر ضابط بحث جنائي سابق والذي قال: إن جرائم عدة تكون الخيوط الموصلة لها شريحة الاتصال والتي غالبا ما يكون مالكوها الحقيقيون بعيدين عنها تلك الجرائم ونظرا لتوسع ظاهرة استخدام الناس لأرقام ليست بأسمائهم فقد توسعت دائرة الجرائم المجهولة..من جهة أخرى هناك مواطنون يقدمون شكاوى على أرقام بعينها تأتي منها ممارسات غير أخلاقية وإزعاجها لهواتف بناتهم وعندما تقوم الجهات المختصة بالتحقيق في القضية تتوصل إلى طريق مسدود فصاحب الرقم الحقيقي في الغالب يكون قد استغنى عن الرقم منذ فترة ويستخدمه حاليا شخص لا يمكن التوصل إليه وهذا الأمر يعمق الجرح الأمني في البلد ويهدد عملية السلم الاجتماعي لكن بالمقابل إذا ما تم القضاء على ظاهرة الأرقام المجهولة فمن المؤكد أن الأمن سيتمكن من كشف هوية الجناة للكثيرة من الجرائم.. ومن القصص الواقعية التي تثبت خطورة الأرقام المجهولة قصة المواطن محمد جميل الذي أوضح قائلاً: إن عراكاً حدث بين شخصين بالأسلحة البيضاء ( الجنابي) في مكان خال من السكان وقتل احدهما الآخر وكان قد سقط جوال القاتل دون أن ينتبه وعند جمع الأدلة الجنائية اكتشف أن الرقم يحمل اسمي فكانت العيون الجنائية تتهمني بالقتل ولولا وجود أدلة جنائية أخرى اهتدوا بها للقاتل الذي سرعان ما اعترف لكنت أنا الضحية.
تمرد أخلاقي
بعيدا عن الجرائم الجنائية تعد الأرقام المجهولة إحدى وسائل الانحراف الأخلاقي عند بعض الشباب الذين يستخدمونها للمعاكسات وإيذاء بعض الأسر وأكد الناشط الاجتماعي إيهاب عبدالكريم رئيس حملة مناهضة العنف المنزلي أن استغلال الشباب للأرقام المجهولة من جهة وسهولة الحصول عليها من جهة أخرى قد سبب مشاكل جمة للكثير من الأسر اليمنية وقال : من المعروف أن المجتمع اليمني يعد من المجتمعات المحافظة من الدرجة الأولى ويأتي ذلك في الوقت الذي أصبحت الهواتف النقالة من الحاجات الضرورية في العصر الحالي للمجتمع ككل رجالاً ونساء وشباباً وشابات.. الأمر الذي يجعل أرباب الأسر في حالة ترقب دائم للهواتف التي تستخدمها بناتهم أو زوجاتهم وقيام بعض الشباب بمعاكسات الفتيات سواء بالاتصالات المتكررة أو الرسائل النصية أو عن طريق الوتس آب فتدخل تلك الأسر في مشاكل عصيبة تتطور أحيانا إلى ما هو أبعد من ذلك، وذكر إيهاب أن حالات عدة من هذا النوع قد عرضت الفتيات لمشكلة فقدان الثقة بينهن وبين الآباء وترتبت على ذلك مشاكل أسرية عميقة هذا فضلا عن أن الكثير منهن قد تعرضن لحالات نفسية وتم منعهن من استخدام الجوال.
أسباب
عبدالجبار البدوي مسؤول في قسم المبيعات بشركة يمن موبايل تحدث بما هو أبعد من ذلك وشرح الأسباب وحذر من الظاهرة فقال : هناك مجموعة من الإجراءات تتخذها الشركة عند رغبة المواطن في الحصول على خدمة الاتصال (الشريحة)وفي مقدمتها أن يحضر الشخص الراغب في ذلك بنفسه وأن يقدم البطاقة الشخصية لإثبات هويته كي يبرم العقد بينه وبين الشركة بصورة مباشرة وهذا ما يحصل الآن..البدوي لم ينكر وجود اختلالات ولم يقلل من خطورة المشكلة لكنه أوضح ذلك بالقول : صحيح هناك اختلالات تحدث من وقت لآخر كأن يتم قطع بدل فاقد أو عملية نقل ملكية رقم محدد للشخص غير المالك للرقم مسبقا ولكن هذه المشاكل لا تحدث في مقر الشركة أو فروعها فهي تحدث عن طريق نقاط البيع والتي يشرف عليها الوكلاء إلا أننا قمنا باتخاذ إجراءات صارمة وهو ما جعل كل موظفي نقاط البيع يلتزمون بإجراءات سليمة عند بيع الشرائح إلا أن مشكلة تخلي بعض المشتركين عن أرقامهم لأناس آخرين هي ما يضاعف من حدة هذه المشكلة وهذه ليست مسؤوليتنا وإنما تقع على عاتق المشترك نفسه.
تدني الوعي المجتمعي
محمد العريض مسؤول في العلاقات والإعلام بالمؤسسة العامة للاتصالات أكد أن هذه القضية هي قضية توعوية بحتة وقال : حل أي مشكلة يجب أن يكون بناء على حلحلة أسبابها وباعتقادي أن المشكلة هنا تكمن في تدني الوعي المجتمعي حول مخاطر الأرقام المجهولة وعليه يجب أن تتضافر جهود الجميع لرفع مستوى الوعي المجتمعي في هذا الجانب.
تجاهل وكارثة
المؤسف جدا أن الأرقام المجهولة تعد ــ بلا أدنى شك ــ من مهددات الأمن القومي للبلد من جهة والسلم الاجتماعي من جهة أخرى إلا أن المشكلة لم تأخذ أدنى حيز من الاهتمام الرسمي عبر وسائل الإعلام والمدارس والجامعات فيجب أن يعمل الجميع على نشر التوعية والتحذير من خطورة الأرقام المجهولة وعدم التفريط في أي شريحة ورميها والاستغناء عنها بطريقة خاطئة.