*في أحدث التقارير الاقتصادية:
*توقعات بتحقيق السلام نمواً ايجابياً واستئناف الصادرات والخدمات والمرتبات
الثورة/ أحمد الطيار
كشف خبراء اقتصاد محليون عن آفاق جديدة للاقتصاد الوطني في 2018م لكنهم رسموا سيناريوهين مختلفين تماما لكل منهما إذ يطغى عليهما التوقع في الجانب السياسي وهو ما يمكن أن يفاقم الآمال في تحسن الاقتصاد طالما وهو مايزال مرتبطا بالسياسة والسياسيين.
وقال التقرير الأخير الصادر عن قطاع الدراسات والتوقعات في وزارة التخطيط والتعاون الدولي “إن هناك سيناريوهين للاقتصاد الكلي اليمني في 2018م وتطبيقهما يقوم على استقراء الوضع السياسي، يفترض الأول التوصل لتسوية سياسية شاملة والثاني بقاء الحرب والصراع “.
سيناريو السلام
ورغم التفاؤل بالسيناريو الخاص بالسلام وتحقيق تسوية فإن الاقتصاديين يتوقعون وصول الانكماش الاقتصادي في اليمن إلى القعر عام 2017م وأن الاقتصاد سيبدأ باستيعاب الصدمة والتكيف تدريجياً بما يسمح بتحقيق نمو موجب محدود جداً مدفوعاً بتحسن المساعدات الخارجية، ودفع مرتبات موظفي الدولة جزئياً. كما يتوقع وجود رؤية أفضل لدى الحكومة والمانحين للتخفيف من الأزمة الاقتصادية والإنسانية.
وبنى الخبراء في السيناريو الأول والمسمى “سيناريو السلام” افتراضات سلمية للبلد سينجم عنها مجموعة من الإجراءات منها التوصل لتسوية سياسية سريعة عام 2018 ، وتحقيق تحسن تدريجي في الاستقرار السياسي والأمني في مختلف المحافظات ومعالجة أزمة السيولة النقدية.
ويؤكد الخبراء أن هذا السيناريو سيكون له انعكاسات إيجابية كبيرة منها زيادة الطلب الكلي وتحريك عجلة الأنشطة الاقتصادية وتغطية النفقات العامة الضرورية وخاصة انتظام دفع مرتبات موظفي الدولة والتحويلات النقدية للفقراء ونفقات تشغيل الخدمات الاجتماعية الأساسية، من خلال الإيرادات النفطية والضريبية ودعم المانحين.
ويرى الخبراء أنه في حالة التوصل إلى سلام فإن استئناف صادرات النفط والغاز وإزالة القيود على حركة التجارة الخارجية ستكون أولوية قصوى خصوصا لتوفير الوقود وغاز الطبخ والغذاء والدواء بأسعار مناسبة.
على أن عودة التيار الكهربائي من الشبكة العامة سيكون وفق الخبراء دون شك إحدى الثمار الرئيسية للسلام بالاضافة لتدفق تدريجي للمنح والمساعدات الخارجية للأغراض الإنسانية وإعادة الإعمار وسيكون هناك تحسن الثقة في الجهاز المصرفي والعملة الوطنية ، وسيتم وضع الترتيبات الفنية والمؤسسية لبرامج إعادة الأعمار.
سيناريو الحرب
أما في سيناريو استمرار الحرب وعدم التوصل لتسوية سياسية خلال عام 2018م فيؤكد الخبراء تفاقم شحة السيولة المتاحة للموازنة العامة، ولن يكون هناك انتظام في دفع مرتبات موظفي الدولة والنفقات الضرورية الأخرى وتمويلها جزئياً من خلال الإصدار النقدي الجديد.
كما يتوقع الخبراء تفاقم محدودية الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية في التعليم والصحة والمياه ، واستمرار غياب التيار الكهربائي من الشبكة العامة في معظم مناطق البلاد ، كما أن المنح والمساعدات الخارجية ستقتصر بدرجة رئيسية على الجانب الإنساني.
ومن المؤكد بنظر الخبراء في حالة استمرار الحرب وعدم التوصل لسلام أن تستمر شحة النقد الأجنبي، وصعوبة تمويل واردات السلع الأساسية كلياً عند سعر صرف رسمي ثابت. مما يزيد الضغوط على سعر الصرف، في حين ستتعثر حركة التجارة الخارجية وتستمر أسعار سلع الوقود والغذاء والدواء عند مستويات مرتفعة.
تفاقم الانكماش
قُدر انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بحوالي 10.9 % عام 2017 ، متأثراً بالأضرار التي خلفتها الحرب الجارية على رأس المال المادي والبشري والنزوح الداخلي لملايين اليمنيين، وهجرة الكفاءات، وتزعزع الثقة في مستقبل الاقتصاد.
ومن أهم العوامل المستجدة التي عمقت الانكماش الاقتصادي، يرصد الخبراء أزمة السيولة الحادة في الجهاز المصرفي والموازنة العامة التي تفاقمت أواخر عام 2016 واستمرت طوال عام 2017 تاركة معظم موظفي الدولة والمتقاعدين من دون مرتبات، وسط تعثر برامج الخدمات العامة، وتعطل كثير من الأنشطة الاقتصادية وعلى رأسها الكهرباء والنفط والغاز التي كانت تمثل شريان الحياة للاقتصاد الوطني.
وقُدر الانخفاض التراكمي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بحوالي 47.1 % خلال الفترة 2015 – 2017 م.
خسائر متزايدة
وبالقيمة المطلقة، يتضح أن الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قدرت بحوالي 32.5 مليار دولار خلال نفس الفترة ، وما يؤسف له بنظر الخبراء أن الخسائر الاقتصادية مرشحة للتزايد مالم يتحقق السلام.
وبالنتيجة يؤكد خبراء الاقتصاد انكماش متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من حوالي 1247 دولاراً عام 2014 إلى 485 دولاراً عام 2017 ، بمعدل تغير تراكمي بلغ – 61.1 %. وهذا يعني انزلاق مزيد من السكان تحت الخط الوطني للفقر المقدر بـ 600 دولار للفرد في العام.
اتساع الفقر
وتظهر تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء ارتفاع نسبة الفقر بصورة ملحوظة إلى 78.8 % عام 2017 مقارنة بـ 49 % عام 2014م.
ويتضح من التحليل الاقتصادي للتقرير وجود تدن مزمن في نصيب الفرد اليمني من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية مقارنة بمتوسط دخل الفرد في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي دول مشابهة مثل ليبيا والسودان وتونس تعتبر الموازنة العامة أداة أساسية لمكافحة الفقر، وتعزيز التوازن الاجتماعي، وتحفيز النمو الاقتصادي.
وكان القطاع الحكومي والعام يلعب دوراً ريادياً في تحريك عجلة النشاط الاقتصادي في اليمن حيث كان يساهم بما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي 45.3 % ويوظف 31 % من السكان العاملين حتى عام 2014.
تراجع الإيرادات
وخلال عامي 2015 – 2016 ، تراجعت الإيرادات العامة بحوالي 60.6 % عام 2016 مقارنة بعام 2014 متأثرةً بتعطل الإيرادات النفطية التي كانت بمثابة شريان الحياة للموازنة العامة، وتعليق دعم المانحين للموازنة العامة، وانخفاض الإيرادات الضريبية بفعل الأضرار التي تعرض لها الاقتصاد الوطني.
وتحت ضغط انهيار الإيرادات العامة، انكمشت النفقات العامة بحوالي 36 % عام 2016 مقارنة بعام 2014م وحدث انخفاض في جميع البنود الرئيسية للنفقات العامة باستثناء مدفوعات الفائدة على الدين العام، فتلاشت نفقات دعم الوقود والنفقات الرأسمالية وتقلصت بشدة نفقات تشغيل مرافق الخدمات العامة، وتوقف دفع إعانات الرعاية الاجتماعية لـ 1.5 مليون حالة (أسرة) من الفئات الأشد ضعفاً وفقراً.
Prev Post