الوضع الإنساني في اليمن يكشف زيف المنظمات “الإنسانية”

تحقيق/ سارة الصعفاني
تلقت منظمات المجتمع المدني الفاعلة في السنوات الماضية من الحكومة قرابة 400 مليون ريال سنوياً وتمويلاً خفياً من مانحين وقوى خارجية، في حين تشير تقارير دولية إلى أن 20 مليون مواطن بحاجة للإغاثة الإنسانية حيث يعيشون أوضاعاً مأساوية بعد ما يقارب 3 سنوات من العدوان والحصار والفقر المدقع، لكن وبدلاً من مضاعفة جهودها اختفت متجاهلة دورها الإنساني والوطني ، ليست وحدها فحتى منظمات عالمية تتشدق بحقوق الإنسان زيفت الحقائق واكتفت بالفرجة والضحك على معاناة وأوجاع النازحين والفقراء وجرحى صواريخ وقنابل تحالف العدوان.
وفقا لتقارير أممية فإن 3 ملايين ونصف المليون نازح يعيشون حياة بائسة لا يملكون شيئاً للبقاء على قيد الحياة فيما 11 ألف منظمة مجتمع مدني لا تحرك ساكناً ولا تمد يد العون الإنساني بما فيها المنظمات الإغاثية، وغيابها في ظل ظروف كارثية في كل اتجاه يؤكد أن هذه المنظمات أنشئت بهدف التكسب المادي والسياسي فقط في ظل رقابة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محدودة الصلاحيات حيث لا يتعدى دورها إلغاء المنظمات المخالفة للقانون ورقياً من الكشوفات وإغلاق المنظمة احترازياً أحياناً.
تمويل خفي ومنظمات بلا مقرات، (جمعيات -اتحادات – نقابات ) ظلت لعقود تستلم 400 مليون ريال سنوياً من الخزينة العامة ولم تقدم خدمة مجتمعية حقيقية أو مبادرة وطنية حينها ولا حتى في زمن الحرب والمجاعة والفقر.
دعم المنظمات الدولية
مراقبون يؤكدون ان آلاف المنظمات في كشوفات وزارة الشؤون الاجتماعية التي تمنح تراخيص إنشاء منظمات لمن أراد لكن لا وجود لهذه المنظمات في الواقع كونها غير قادرة على استيفاء شروط المانحين أو إدارة المنظمة أو حتى دفع إيجارات مقراتها ومنها منظمات توقفت لمغادرة قيادات الحزب إلى خارج الوطن.
فيما المنظمات الدولية تسيرها أجندات قوى خارجية تتحكم في مصير الدول لكن بإمكان المنظمات المحلية استيفاء شروط المانحين والحصول على 786 مليون دولار كمثال كان مخصصاً للمنظمات قبل عامين صرف منه مليون دولار فقط.
هديل العميسي ناشطة في مجال منظمات المجتمع المدني تحدثت عن توقف المنظمات وتجاهل أهدافها الإنسانية بالقول : ليس غريباً أن تتوقف المنظمات في ظروف عدوان وحروب فنشاطها كان يقتصر على إقامة دورات تدريبية وفعاليات لم تكن يوماً تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية باستثناء ‘ كسوة العيد ‘ ، وعدد كبير من المنظمات يخص الأحزاب السياسية والدينية المالكة لهذه المنظمات فأوقفت الدعم المالي نظراً لسفر قياداتها خارج الوطن وخوفاً من مصادرتها.
400 مليون
من جهته قال مدير عام الجمعيات والاتحادات بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، حميد معوضه : إن الوزارة لم تف بالتزاماتها الرقابية نتيجة عدم اعتماد وزارة المالية مخصصات للمتابعة والرقابة الميدانية على منظمات المجتمع المدني البالغ عددها 10067 منظمة حتى نهاية 2016م ما بين فاعلة ومتعثرة ومجمدة لكنه اعتبرها جميعاً صادرة بعد حصولها على التراخيص ،وأشار إلى أن القانون سهل إنشاء المنظمات وأعطاها صلاحيات وتتلقى منظمات المجتمع المدني دعماً حكومياً وتمويلاً خارجياً دون معرفة الوزارة مصدر التمويل، مضيفاً : كنا نصرف 400 مليون ريال كاعتماد سنوي لعدد من منظمات المجتمع المدني لكن هذا الاعتماد توقف عام 2014م، ولا نعرف المبالغ المالية التي تحصل عليها المنظمات من المانحين حيث لا تقوم المنظمات بإبلاغ الوزارة بمصدر التمويل في تجاوز للقانون ، ويجب أن يكون هناك تنسيق مشترك بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والتخطيط والتعاون الدولي كون الأخيرة مختصة بالمنظمات الدولية المانحة .
لا يمكن إلغاء أي منظمة نهائياً إلا بحكم قضائي هذا ما قاله عبدالقادر الحليلي- مدير الرقابة المالية والقانونية في وزارة الشؤون الاجتماعية، مشيراً إلى أن المصروفات القضائية المخصصة من وزارة المالية لا تتجاوز 200 ألف ريال، هذا المبلغ لا يكفي لمقاضاة 4 منظمات حيث يجب مقاضاة كل منظمة في دائرتها القانونية ، فطالبنا وزارة العدل بتحديد محكمة متخصصة لكن لم يتم ذلك فلجأنا لشطب وتجميد 1480 منظمة مخالفة من سجلات الوزارة فقط.
إلغاؤها عبر القضاء
واستناداً إلى رؤيته القانونية كمدير للرقابة المالية والقانونية يفسّر الحليلي لماذا اشترط القانون إلغاء المنظمات المخالفة للقانون عبر القضاء، حيث قال : وضع المشرع القانون رقم 1 لسنة 2001م بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية وفي تصوره أن يكون هناك مجتمع مدني فحرص على حمايتها فمنع الحكومة من أن تقوم بأي إلغاء إلا عبر القضاء وبحكم قضائي بات ، بمعنى لابد أن تستنفد كل درجات التقاضي ، وبالتالي بإمكاننا فقط إغلاقها مؤقتاً كإجراء احترازي.
وعن شكل الرقابة المخولة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل يقول : كرقابة على دور المنظمات من حق وزارة الشؤون الاجتماعية الإشراف على كل المنظمات الأهلية، وهناك رقابة ميدانية ومكتبية بحيث تأتي إلينا المنظمات كل نهاية عام لتجديد وثائقها وعرض تقريرها المالي والإداري وحساباتها الختامية وتقارير أنشطتها.

قد يعجبك ايضا