*العدوان يدمر الرمز السيادي والسياسي الأهم في المعمار اليمني
*مراقبون: ليدرك اليمنيون أن الرياض هي عدو نظامهم الجمهوري وبنية دولته ومؤسساته
إدارة التحقيقات
في سابقة لا مثيل لها في أعراف الحروب البشرية التي لا تبرر استهداف المآثر المعمارية مهما بلغت رمزيتها خصوصا حين تكون محاطة بأحياء سكانية لآلاف الاطفال والنساء والكهول.. اقدمت دول تحالف العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني على قصف مبنى القصر الجمهوري في قلب العاصمة صنعاء المأهولة بثلاثة ملايين ساكن ومليوني نازح من كل محافظات ومديريات وعزل اليمن..
صحيفة “الثورة” تسلط الضوء في هذا الاستطلاع الدلالات السياسية والعدوانية الحاقدة لهذه الجريمة.. على البعد التاريخي لهذا المعلم اليمني العربي العالمي، مركزة على الابعاد الكارثية والحقوقوية لهذه الجريمة وغيرها من القضايا… إلى التفاصيل:
ما يقرب من العشر الغارات العدوانية شنتها طائرات تحالف عدوان عاصفة الهدم على الرمز السيادي والسياسي الاهم لدولة الجمهورية اليمنية واهم المآثر المعمارية الناريخية اليمني.. الأكثر غرابة ان استهداف هذا الرمز الفارع للنظام الجمهوري اليمني يأتي تحت شعار حماية النظام الجمهوري.. ومن قبل من ؟ من قبل مملكة آل سعود التي تقود تحالفاً إماراتياً أمريكياً صهيونياً، طال اليمن بشرا وحجرا وشجرا.. وهاهو يطول هذه المرة بعشر غارات عدوانية على اهم قصور الجمهورية اليمنية التاريخي بل وقصور صنعاء.. وهو القصر الجمهوري الكائن وسط قلب العاصمة صنعاء في ميدان التحرير، ليدمره بشكل شبه كلي، مع مرفقاته وبواباته التاريخية التي عرف بها القصر التاريخي الذي يزيد عمره على 200 عام، ليقضي على أحد أهم قصور صنعاء التاريخية… إذ يُعَد تُحْفة معمارية يمنية، وأحد المباني التاريخية التي تم بناؤها وفق الخصوصية اليمنية وبمواد بناء يمنية تقليدية.. كما زخرف بطرق هندسية من الداخل وتم نقش أحجاره وعقوده التقليدية التي شيدت بأعجوبة لكبر حجمها.
وله عدة أبواب تاريخية كأبواب صنعاء القديمة، ومن أسماء بواباته «بوابة باب السباح» و«بوابة حي بئر العزب» ومن الغرب «بستان شارب».. وكان قبل خمسين عاماً محاطا ببساتين متعددة من الاتجاهات الأربعة، أما اليوم فيقع القصر الذي تغيّر اسمه بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م من «دار الوصول» إلى «القصر الجمهوري»، في أحياء سكنية وتجارية.
دلالات حاقدة
مراقبون سياسيون محليون ودوليون استغربوا هذه الهجمة الحاقدة التي تشنها مملكة آل سعود في صورة مغايرة لأعراف الحروب البشرية إذ يعد القصر آخر قصور الجمهورية اليمنية ورمز نظامها الجمهوري والمأثرة المعمارية الأهم التي تستهدفها طائرات «التحالف» منذ 26 مارس 2015م، ويأتي استهدافه ضمن مسلسل ممنهج من «التحالف» لاستهداف المباني والمنشآت التاريخية اليمنية.
وأكد المراقبون أن هذه الجريمة بكل تفاصيلها الشنعاء تعيد الى الذاكرة فصول ومشاهد الحرب الأهلية اليمنية التي جرت ومن ورائها السعودية الداعم بالمال والسلاح عقب قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1967م لإسقاط النظام الجمهوري خوفا من امتداد ثورته الشعبية الى ارض الحجاز ونجد وبالتالي اسقاط الملكية السعودية الفردية المستبدة. .. مشددين على ضرورة ان يدرك اليمنيون ان الرياض هي العدو الحقيقي للجمهورية اليمنية ونظامها الجمهوري وبنية دولتها ومؤسساتها.. بل هي المحرك الكامن بالمال والسلاح والدسائس وراء كل الصراعات والنزاعات المسلحة بين اليمنية
البناء والحضور السياسي
تشير المراجع التاريخية إلى ان القصر الجمهوري شُيّد لأول مرة في عهد الحكم العثماني في اليمن قبل 200 عام، وتفيد المصادر التاريحية بأن القصر بناه أحد الحكام الأتراك ويدعى الباشا الوسيم التركي في عام 1873م، إلا أنه عندما غادر اليمن باعه لأحد المشائخ بصنعاء ويدعى علي يحيى الهمداني..
وبعد الحرب العالمية الأولى نجح الإمام، يحيى حميد الدين، في طرد العثمانيين وأجبرهم على الاعتراف به إماماً مستقلاً على شمال اليمن في التاسع من أكتوبر 1911م، في ما يعرف بصلح دعان بين الإمام يحيى حميد الدين والحكومة العثمانية. في خمسينيات القرن الماضي اشترى الإمام أحمد حميد الدين، الذي خلف والده في الحكم عام 1948م، القصر من الشيخ الهمداني بمبلغ 33 ألف ريال فرانسي (ماريا تريزا)، ونظراً لما يحتله القصر من موقع استراتيجي في قلب العاصمة أمر الإمام أحمد بهدم الدار السابق وبناء دار الوصول وخصصه لاستقبال كبار الضيوف.
وبحسب المصادر التاريخية فإن مراحل بناء قصر الوصول سابقاً والقصر الجمهوري حالياً بدأت في العام 1955م، وانتهت الأعمال في العام 1961م. يقال بأن الإمام كلّف كلاً من القاضي علي عبدالله العمري وأحمد حزام الحزوره، وناصر الزوبة وعلي قاسم الأهنومي بالإشراف الميداني اليومي وعين السيد علي زبارة أميناً للصندوق لصرف أجور العمال على أن تصرّف كل يوم خميس من كل أسبوع، كما تم إنشاء ملاحق خاصة بالقصر من الجهتين الشمالية والغربية.
لم يكتب للإمام أحمد حميد الدين، أن يمارس الحكم من قصر الوصول كما أطلق عليه، بل كان مقراً لولي عهده البدر، يستقبل فيه كبار الضيوف، وبعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م التي أطاحت بنظام الإمامة في اليمن الشمالي وإعلان قيام دولة اليمن الجمهورية المستقلة، أعد القصر لاستقبال كبار الضيوف من ملوك ورؤساء وسفراء ووفود ومقراً للحكم.
وحين عاد الدكتور عبدالرحمن البيضاني، الذي شغل حينذاك منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة اليمنية ونائب رئيس الجمهورية، ألقى فيه أول خطاب هجومي ضد المملكة العربية السعودية، واتهمها بالتآمر على الثورة اليمنية والعمل على إجهاضها والوقوف ضد إرادة الشعب اليمني.
تم تطوير القصر وبناء عدد من الملاحق له في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، حيث كلف الحمدي، أحمد جابر عفيف، والمهندس عبدالله الشرفي، بالإشراف على بناء دار الضيافة غرب القصر الجمهوري، وفي ساحته الداخلية بالإضافة إلى جامع شمال القصر، ثم ألحقت ساحة بئر البهمه شرق القصر، وأضيفت إلى القصر الجمهوري إلى جوار البوابة الرئيسية الأولى بوابة باب شرارة بميدان التحرير.
وفي عهد الرئيس السابق الراحل علي عبدالله صالح، تم بناء نُوَب الحراسات حول القصر من كافة اتجاهاته وكذلك تجديد سور القصر.
تصوير/ فؤاد الحرازي