الثورة/ عبدالباسط النوعة
تتواصل جرائم العدوان الغاشم على حضارة وتاريخ اليمن السعيد بصورة لم تتوقف منذ ان بدأ هذا العدوان قبل أكثر من عامين ونصف العام دمر خلالها الكثير من المعالم والمواقع التراثية والحضارية ولايزال هذا المسلسل التدميري والعبثي مستمراً كان آخر مشاهده استهداف القصر الجمهوري بصنعاء مساء الاثنين الماضي بغارات عدة اتت عليه ودمرت أجزاء واسعة منه بل وانتهى هذا القصر التاريخي الشامخ الذي كان يمثل احد رموز العمارة اليمنية الصنعانية الأصيلة .
كان هذا القصر يحمل بعدين هامين فهو واحد من المعالم الذي يمثل قيمة سياسية وتاريخية لهذا الشعب فقد كان رمزا للسيادة والدولة ونظام الحكم ولكن ما يهمنا في هذه الأسطر هو البعد الحضاري والتراثي الذي يمثله هذا القصر والذي ربما يجهله الكثيرون.
ولمعرفة هذه الأهمية أو هذا البعد اتجهنا الى الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية باعتبارها المعنية بالمعالم التاريخية الحية بحسب القانون ؛ وتحدثنا مع المهندس نبيل منصر نائب رئيس الهيئة والذي أوضح ان هذا المعلم هو من اختصاص هيئة الآثار فلم يتم العمل بالقانون ولازالت القصور والقلاع التاريخية من اختصاص هيئة الآثار.
وحول القيمة التاريخية والمعمارية قال منصر وهو مهندس في المعمار التقليدي القديم :إن القصر الجمهوري وان كان يعود تاريخ بناءه الى فترات زمنية قريبة إلا انه يعد معلماً تاريخياً فأي معلم يزيد عمره عن خمسين عاماً يعتبر معلماً تاريخياً بحسب القانون وقد بني القصر الجمهوري الذي يفوق عمره أكثر من مائة عام بطراز معماري صنعاني جميل وبديع للغاية وكل المباني والمعالم الموجودة في حمى صنعاء القديمة أو في حدودها مثل بير العزب أو القاع أو التحرير تعد معالم حضارية هامة من الناحية التاريخية وقصف احد منها يمثل خسارة فادحة جدا للحضارة اليمنية سيما القصر الجمهوري الذي يمتاز بطراز معماري بديع للغاية تم مراعاة الخصائص والعناصر المعمارية التقليدية فيه.
مشيرا إلى أن الاعتداء والتدمير لهذا القصر أوجع كل اليمنيين سيما المعنيين أو المختصين بالتراث والذين يدركون جيدا القيمة الحضارية لهذا القصر المهيب الذي يحكي تفاصيل رائدة جزئيات معمارية فنية متقنة فضلا عن السرد الذي يقدمه لحقب تاريخية وسياسية هامة لليمن أرضا وشعبا.
زخارف وتقسيمات داخلية بديعة
وبدورنا وجهنا اسئلتنا عن هذا القصر وقيمته التاريخية والحضارية وما يمثله تدميره من خسارة لهذا الشعب وحضارته الى الهيئة العامة للآثار والمتاحف وتحدثنا الى الأخ عبدالكريم البركاني مدير عام حماية المواقع والممتلكات الأثرية والذي أوضح ان تدمير هذا القصر بهذه الصورة الهمجية بغارات متتالية حاقدة بلغ عددها سبع غارات تعبر عن مدى الإصرار على استهداف كل ما يمثل قيمة لهذا الشعب فهذا القصر التاريخي يمثل رمزا من رموز الحضارة اليمنية العريقة.
وقال : يمتاز هذا القصر الذي يعود تاريخه الى عهد الإمام يحيى حميد الدين بمعماره الذي بني بنفس النسيج المعماري لمدينة صنعاء القديمة بل ويتمتع بفن زخرفي بديع جعل منه واجهة حضارية يمنية عريقة جدا وواحدا من انماط العمارة اليمنية التاريخية احتوى على جميع عناصر ومقومات الفن المعماري اليمني الأصيل من حيث التقسيمات الداخلية وشكل البناء والزخرفة الخارجية ورغم الحداثة التي أدخلت عليه إلا انه كان يحمل الجانب التاريخي بشكل اكبر بكثير ولم يؤثر عليه أو يشوه تلك الاستحداثات في معماره وهذا ما جعلنا نشعر بأسى كبير لفقدان هذا المعلم التاريخي الهام وتدميره بشكل كامل.
وأشار الى انه حتى وإن تم إعادة بناء هذا القصر بنفس نمطه المعماري الذي كان عليه فلن يتم ارجاع تلك الفنيات البديعة التي ابدعها المعماري الذي ابدع بأنامله هذا القصر الفريد.