مملكة الارهاب – 33
عبدالله الاحمدي
مذبحة الحرم :
اعتاد آل سعود على التضحية بالمسلمين في كل موسم حج، لكن مذبحة الحرم المكي في العام 1979 م كانت الأفظع.
في صلاة فجر العشرين من نوفمبر 1979 م ازاح جهيمان العتيبي شيخ الحرم محمد السبيل من إمامة الصلاة، وتقدم ليؤم المصلين، ويعلن ظهور المهدي المنتظر، ويقدمه للناس لمبايعته. وطلب من العرب البقاء في الحرم كجند، أما غير العرب فطلب منهم المغادرة.
اهتز عرش آل سعود، وهب الأمراء، بما فيهم وزيرا الداخلية والدفاع، ورئيس الاستخبارات لينشئوا قيادة عسكرية في مكة لمواجهة ثورة جهيمان.واقتحام الحرم.
كان علماء الوهابية بمن فيهم ابن باز يعلمون حقيقة ما يحدث في الحرم، فكل الذين في الحرم، وعددهم يبلغ حوالي المائتي فرد، هم تلاميذ لمشايخ الوهابية السلفية. كانوا يعلمون بالمخطط، وان المسألة هي انقلاب على حكم آل سعود، لذلك تأخروا في إصدار فتوى، أو بيان ضد تلاميذهم في الحرم. لمدة ثلاثة أيام.
كان جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي قد خطط، وحضر لهذا الانقلاب سنوات، وصنع فكرة المهدي المنتظر، وسماه من بين أصحابه، محمد بن عبد الله القحطاني، بل وصنع له نسبا يصله بالهاشميين. وخطط لإدخال السلاح الى الحرم بواسطة الجنائز.
قصة المهدي المنتظر كانت قد سبكت بأحكام عند أصحاب جهيمان، لقد نسجوا قصة، أن أخت المهدي رأت في المنام أن أخاها قابل الرسول محمد ( ص )، وعلى ذلك قام جهيمان بتطليق زوجته الأولى ، والاقتراح بأخت المهدي، ليصبح صهير المهدي المنتظر.
تقدمت فرق عسكرية خاصة لاقتحام الحرم، ولكنها فشلت، وأصليت الكعبة بالمدفعية والصواريخ، وهدمت المنارات التي كان القناصة يضربون الرصاص منها. وعجزت جيوش آل سعود عن تصفية المتحصنين بالحرم بعد أن نزلوا إلى الادوار السفلى.
عندها استدعى آل سعود خبرة أسيادهم الأجانب، وبالذات المخابرات الفرنسية، التي أمدت آل سعود بخبراء وغازات خانقة وقاتلة، ضربت على المتحصنين في الحرم، فسلبتهم قواهم، وفجرت الدماء من أنوفهم، وأفواههم، وعيونهم. عندها لم يقووا على الحركة، وحينها أصبح جيش آل سعود من الأبطال، فتم إخراج من بقي على قيد الحياة من المتحصنين في الحرم من جماعة جهيمان، بما فيهم جهيمان نفسه الذي كان مجروحا. وتم إحصاء من اخرجوا من الحرم بحوالي 63 شخصا بينهم عشرون من غير السعوديين، ونفذ الحكم بإعدامهم، جميعا. وقد بلغ عدد القتلى من الجيش السعودي 127 جنديا، والجرحى 411 جريحا. أما من جماعة جهيمان، فكان العدد 117 قتيلا، أما الجرحى فتم إعدامهم. وبقي مصير النساء والأطفال مجهولا. عند إعدام احد القادة في الرياض تقدم إلى السيف بكل شجاعة، متوعدا آل سعود بالزوال، لأنهم ظلمة ومستبدون. وهناك أفغاني كان يصرخ بأنه بريء. وقيل أن الأمير تركي الفيصل رئيس المخابرات زار جهيمان وهو جريح بالمشفى متشفيا، بينما كان جهيمان يطلب العفو.
لقد كانت حركة الحرم ثورة، ضد الأوضاع في السعودية، وبدلا من ان تقوم الأسرة الحاكمة بالإصلاحات، قامت بزيادة التشدد، وكبت الحريات، وخاصة في حق النساء، إذ منعت المراة من العمل، والظهور في التلفاز، أو الصحف، كما تم تغيير المناهج الدراسية بزيادة المواد الإسلامية، وإلغاء بعض المواد العلمية، وزيادة قبضة الشرطة الدينية الوهابية.
لقد أعدمت السلطة السعودية جهيمان، وقضت على أصحابه، لكنها جعلت من أفكاره السلفية نهجا لنظامها.