يمانيون حول الإمام الحسين ( ع )

 

أمة الملك الخاشب
من المعروف أن أي حادثة تحدث في التاريخ مهما كانت عظيمة يكون مفعولها كبيراً ومؤلماً في وقت حدوثها وتتلاشى بالتدريج ويخف أثرها كلما مرت السنون , ويحدث هذا الأمر حتى على الشخص الذي عاش تلك الواقعة أو النكبة هو نفسه يشعر أن الصدمة كانت كبيرة عليه ساعة حصولها وتخف عليه الآثار مع مرور السنوات وهذا هو المعتاد والمتعارف عليه ولا يختلف عليه اثنان .
ولكن عكس ذلك الأمر المعتاد تماما يحدث كلما حلّت ذكرى استشهاد أبي عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام فكلما مرت السنون على ذكرى استشهاده كلما زاد أثر تلك الفاجعة على قلوب ملايين البشر من مختلف الأجناس والألوان ففي كل عام في ذكرى محرم الحرام يزداد عدد زوار الإمام الحسين ليصلوا لعشرات الملايين وكل عام تزداد تلك الملايين أكثر من العام الذي سبقه وهكذا .
هل فكر أحد المعارضين لإحياء ذكرى أهل البيت عليهم السلام وبالتحديد إحياء ذكرى كربلاء هل فكر أحدهم أو تأمل في لحظة تفكير صادقة مع نفسه وتساءل لماذا يا ترى ذكرى الإمام الحسين وحدها خالدة وتتجدد مع مر السنين ولا تمحيها ذاكرة التاريخ ولا تتلاشى ؟ لماذا وحدها ذكرى الحسين باقية وتحيا بها القلوب وتحيا بها الأمم وصنعت من ذكراها ثورات عظيمة ولدت من رحمها وامتدت إلى يومنا هذا ؟ هناك الآلاف في التاريخ ضحوا وقدموا وظلموا واستشهدوا وصنعوا ثورات وهم شهداء عظماء وكتب عنهم التاريخ ودون قصصهم ولكن لماذا لا تتجدد ذكراهم مثل أبي عبدالله الحسين ؟ لماذا يا ترى يتسابق الملايين من البشر سنويا لإحياء ذكرى فاجعة الطف ؟ فيا من أنت معارض لإحياء هذه الذكرى هل سألت نفسك يوما هل يعقل أن يكون كل أولئك البشر المحبين والعاشقين للحسين في ضلال مبين وأنت وحدك على الطريق المستقيم ؟ هل تحملهم عناء السفر والازدحام مجرد وهم يصنعونه ولا يجدون له أثراً في نفوسهم ؟ ولا أعني بكلامي أن كل من يزور الحسين قد عرف وأدرك السر في إكرام الله للإمام الحسين هذه الكرامة التي أكرمه الله بها دون سواه …فهناك ممن يزورونه لمجرد عادات اعتادوها وأصبحت عندهم روتيناً تقليدياً ولا يستشعرون عظيم أثر الزيارة في نفوسهم وهناك من يزوره عارفا بحقه وحبا فيه ويبكي دموعا صادقة قد تحول صاحبها لثائر حسيني ضد كل أشكال الظلم والذل لماذا قال الإمام الخميني كل ما لدينا من عاشوراء ؟ لماذا آلاف الشهداء في أماكن عديدة يصرخون قبل استشهادهم لبيك يا أبا عبدالله ؟ رغم وجود آلاف الشهداء من أهل البيت غير الإمام الحسين عليه السلام ؟ ولماذا تضحيات وبطولات قلة قليلة مؤمنة من أصحاب الحسين خلدها التاريخ ؟ ولماذا وصلت الأمة الاسلامية إلى أن تقتل ابن بنت نبيها ؟ ابحثوا عن الاجوبة وستعرفون أن الإمام الحسين أول ثائر ضد الظلم في تاريخ الاسلام وأول من خط طريق الكرامة والحرية والعزة لأمة جده فلولا ثورته وتحركه لما بقي للإسلام باقية فهذا هو معنى كلام رسول الله صلوات الله عليه وآله “حسين مني وأنا من حسين” فكيف يكون الرسول من الحسين ؟ الكلام يطول جدا حول الثورة الحسينية التي يستلهم منها كل أحرار العالم في كل زمان ومكان دروسا وعبر معينها لا ينضب وفي اليمن ونحن نعيش عدوان غاشم ووقعت في حقنا جرائم بشعة ارتكبها مجرمون ضربوا الرقم القياسي في درجة الخبث والاجرام والوحشية وشارك معهم مرتزقة هم أسوأ بكثير ممن شهروا سيوفهم في وجه الحسين , فليعلم الجميع أن اليمنيين ثاروا ضد الظلم من عهد الإمام الحسين عليه السلام فكانوا من أوائل الأصحاب الذين استشهدوا في واقعة الطف وقد يجهل الكثير من الناس أن اليمنيين كانوا من أنصار الإمام الحسين كما كانوا من أنصار الإمام علي عليه السلام واحتضنوا ذرية الإمام وناصروهم وكتب التاريخ تشهد بذلك .
برير بن خضير الهمداني هو أحد أصحاب الحسين الذين قتلوا معه في كربلاء وكان قارئًا ومعلمًا للقرآن ،وينتمي لقبيلة همدان، يعتبر برير من التابعين وعرف بسيد القراء، وكان يكثر من قراءة القرآن والعبادة في مسجد الكوفة، وله منزلة مرموقة في قبيلة همدان وعند أهل الكوفة بعد أن خطب فيهم الإمام الحسين في يوم عاشوراء قال برير :-
يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، تقطع فيك أعضاؤنا ، حتى يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعا لنا ، فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم ، وويل لهم ماذا يلقون به الله ، وأف لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنم .[8]
هذا كلام برير الهمداني اليمني سلام الله عليه وهناك غيره الكثير فمنهم نعيم بن عجلان الأنصاري وسوار بن منعم الهمداني وعبدالرحمن بن عبدالله الأرحبي وأبو عبدالله الحضرمي وأبو الحتوف بن الحارث الأنصاري وجناده بن كعب الأنصاري وعمير بن عبدالله المذحجي وجندب بن حجير الخولاني وعمرو بن الأحدوث الحضرمي وجنادة بن كعب الأنصاري وعمرو بن عبدالله الهمداني وغيرهم كثير ولكل واحد من هؤلاء الشهداء الأبرار موقف سجله التاريخ وفشلت كل المحاولات المتعددة لتغييب كربلاء وأبطالها من ذاكرة التاريخ ومن أراد أن يعرف المزيد من تاريخ أنصار الإمام الحسين الذين ذكرتهم فما عليه إلا البحث والقراءة فهنيئا لهم الفوز العظيم وسلام الله على كل الشهداء من أهل الإمام الحسين ومن أنصاره وحتى من الموالي الذين استشهدوا معه فتخلدت مواقفهم في التاريخ وفازوا برفقة الحسين وبمنزلة رفيعة لا ينالها إلا المفلحون .
اليمنيون لا يقبلون الضيم ويضحون بأرواحهم من أجل مبادئهم وقيمهم ولديهم من المقومات ما يجعلهم جديرين بأن ينتشلوا الأمة من حالة الذل والهوان التي تعيشها والأعداء يعلمون ذلك جيدا ولهذا يحاربونها وما صمود وتضحيات اليمنيين إلا مستلهم من تضحيات وصمود الحسين ومن لا يصدق فليذهب للجبهات ويسأل أحد المجاهدين ماذا يعني لك الحسين سيجيب لك بعفوية معنى ذكرى الحسين هي ( هيهات منا الذلة ) وهذا هو منهجنا ونحن اليمانيون محال أن نخضع أو نتنازل أو نذل أو نهان وما ثورة 21 سبتمبر إلا امتداد للثورة الحسينية لأنها تحمل نفس المشروع وهو مشروع التحرر من الظلم والهوان والتبعية السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى كل من سار على نهج الحسين وسلك طريق الحسين السلام عليهم ما بقي الليل والنهار.

قد يعجبك ايضا