أضخم حملة اعتقالات في تاريخ مملكة آل سعود

 

بأمر من بن سلمان وقبيل حراك 15 سبتمبر:

 

مع تكثيف الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للمشاركة في حراك 15 سبتمبر أي اليوم رفضا للسياسات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية الجائرة في السعودية، رفعت سلطات المملكة من وتيرة اعتقالاتها وتوقيفاتها لعدد من الدعاة والمشايخ والشخصيات.
السلطات استقبت أيّ تحرّك مناوئ لها بتهديد كلّ من يشارك في الفعاليات إمّا على مواقع التواصل أو على الأرض، داعية مواطنيها إلى الإبلاغ عمّا تصفه بـ”أنشطة تحريضية” باستخدام تطبيق على الهواتف المحمولة.
وقالت وزارة الداخلية السعودية في رسالة على حسابها على “تويتر”: “عند ملاحظتك لأي حساب على الشبكات الاجتماعية ينشر أفكارًا إرهابية أو متطرفة يرجى التبليغ فورًا عبر تطبيق “كلنا أمن”، الذي أطلقته العام الماضي، ونشرت صورة توضح خطوات الإبلاغ عمّا وصفتها بـ”الجرائم المعلوماتية”.
وبعد ساعات، نشر حساب النيابة العامة على “تويتر” المادة الأولى من نظام جرائم الإرهاب وتمويله والتي تنص على أن “تعريض الوحدة الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها من الجرائم الإرهابية”.
ولم يقف الوعيد عند هذا الحدّ، فالسلطة حثّت مفتي المملكة العام عبد العزيز آل الشيخ على التصريح للتحذير من مغبّة المشاركة في الحراك المقرّر اليوم، مدعّيًا بأن “هدف الحراك زرع الفتنة وسفك الدماء”.
وفيما دعا معارضون سعوديون يعيشون في المنفى إلى خروج مظاهرات يوم غدٍ الجمعة لتحفيز المعارضة للأسرة الحاكمة، ذكرت وكالة “رويترز” أن السلطات اعتقلت على الأقلّ عشرة من رجال الدين والمفكرين والنشطاء البارزين هذا الأسبوع من بينهم الشيخ سلمان العودة.
تهم تبرير الاعتقالات
بدورها، زعمت صحف آل سعود أن العلماء والدعاة والمفكرين الذين ألقي القبض عليهم خلال الأيام الماضية يواجهون تهمًا بالتجسّس ودعم كيانات “إرهابية” والإضرار بأمن الدولة لصالح 3 تيارات مختلفة هي تنظيم “داعش” وجماعة “الإخوان المسلمين”، والاستخبارات القطرية.
وخلال الأيام الماضية، كشف موقع “الخليج الجديد” أن السلطات السعودية شنّت حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 20 داعية وشخصية بارزة، وذلك قبل أن تعلن رئاسة أمن الدولة، أنها تمكنت خلال الفترة الماضية من رصد أنشطة استخباراتية لمجموعة من الأشخاص لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة ومصالحها ومنهجها ومقدراتها وسلمها الاجتماعي بهدف إثارة الفتنة والمساس باللحمة الوطنية، وفق ادّعائها.
وبحسب صحيفة “الوطن” السعودية، فإن المتهمين استخدموا “جمعياتهم الخيرية في دعم الإرهاب وتمويله، وأنهم كانوا يستترون خلف منصات التواصل الاجتماعي بدعوى الإصلاح”، على حدّ قولها.
من ناحيتها، ذكرت صحيفة “المدينة” أن النيابة العامة ستباشر استلام ملفات أعضاء الخلية الاستخباراتية، مشيرة إلى أن رئاسة أمن الدولة ستزود النائب العام بجميع الأدلة والقرائن والمستندات التي تم رصدها وتحريزها خلال فترة التحري عن أعضاء الخلية من السعوديين والمقيمين بعد رصد أنشطتهم الاستخباراتية مع جهات خارجية تعمل ضد أمن المملكة.
وزعمت الصحيفة أنه سيتم توجيه 9 تهم للدعاة، منها التحريض بشكل مباشر وغير مباشر ضد الوطن ورموزه، والمشاركة بشكل مستمر في المؤتمرات واللقاءات والندوات المشبوهة، والتغرير بالشباب واستدراجهم بالمال والمخدرات لتبني منهجهم، بالإضافة إلى تحريضهم للشباب للانخراط في نشاطات معادية.
ومن التهم المقرر توجيهها أيضا إلى الدعاة، ارتباطهم بدعم مباشر وغير مباشر بتنظيمات تستهدف المملكة، والتواصل والإسهام في أنشطة مشبوهة تضر بأمن الدولة واللحمة الوطنية، وتكرار أنشطتهم وعدم التزامهم بالتعهدات رغم العفو عنهم سابقًا، واستمرارهم وتماديهم في أنشطتهم العدائية ضد الدولة والمجتمع.
وعلى الرغم من عدم ذكر أسماء من تم اعتقالهم أو حتى الإشارة إلى مناصبهم، إلا أن صحيفة “عكاظ” قالت إن أحد الأشخاص الذين تم القبض عليهم من قبل رئاسة أمن الدولة، يعتبر أحد أشهر وجوه جماعة الإخوان، زاعمة أن هذا الشخص يقوم بدور خفي في تنظيم الأنشطة الضخمة التي يرعاها في تربية الشباب على الثورة، وإعدادهم لقيادة المظاهرات والاعتصامات في دول الخليج وخاصة السعودية.
صحيفة “الحياة” أفادت نقلًا عن مصادر أن أعضاء “الخلية الاستخباراتية” سبق إيقافهم والتنبيه عليهم بإيقاف أنشطتهم العدائية ضد السعودية.
ووفق صحيفة “المدينة”، فإن المتهمين سيعاقبون بقانون «مكافحة الإرهاب وتمويله»، وتنتظرهم عقوبة السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على عشرين سنة.
وكانت مصادر حقوقية من داخل المملكة قد قالت إن “حملة الاعتقالات جاءت بناء على رفض هؤلاء الدعاة توجيهات من الديوان الملكي بمهاجمة قطر، حيث تلقوا اتصالات من المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني المقرب من ولي العهد محمد بن سلمان بالإضافة لمدير قناة “العربية” الإعلامي السعودي تركي الدخيل يطلبان منهم مهاجمة قطر فورا، فكان ردهم الرفض وقال أحدهم نصا: “بكرة تتصالحوا ويسود وجهنا نحن”.
يأتي ذلك في ظل تصاعد الحديث عن قرب تنصيب ابن سلمان ملكًا، ورغبته في عدم وجود أيّة معارضة داخلية لهذه الخطوة، بحسب مراقبين.
ماذا يقول مجتهد؟
بموازاة ذلك، قال المغرد السعودي الشهير مجتهد إن الاعتقالات التي تنفذها السلطات السعودية بحق شيوخ ومغردين وشخصيات عامة “هي حملة مخطط لها مسبقاً للقضاء على الإسلام السياسي داخل السعودية”.
وأضاف في حديث لموقع “هاف بوست عربي”، إن الحملة تعكس رغبة محمد بن سلمان في إزالة مظاهر ارتباط الدولة بالدين وتحجيم النشاط الديني إلى المستوى الشخصي ودور العبادة فقط.
وربط “مجتهد” بين ما تشهده المملكة من تطورات وما وصفها بـ”أسباب تعود لتسلُّم محمد بن سلمان القرار”، على الرغم من تأكيده أن القرار المرتقب بتنازل الملك سلمان عن العرش لنجله يثير “مقاومة داخل العائلة، لدرجة أن ابن سلمان تلقى تهديدًا من شخصيات مهمة جدًا في العائلة بإعلان رفضهم القرار بصوت مرتفع، أو ربما حتى على شكل تمرد”.
وطالت موجة الاعتقالات شيوخًا ومفكرين، مثل الداعية المعروف سلمان العودة، غير أنها وصلت إلى شخصيات غير إسلامية، ومغردين من المؤثرين على “تويتر” مثل المحلل الاقتصادي عصام الزامل، والكاتب والمؤلف عبد الله المالكي.
واللافت في أسماء المعتقلين، أنهم يمثلون فئات عمرية مختلفة، الشباب مثل عصام الزامل وعبدالله المالكي، والشيوخ مثل عوض القرني وسلمان العودة. وأيضًا، الدكتور علي العمري وهو صاحب قنوات “فور شباب”؛ كما تحدّثت أنباء عن اعتقال الداعية الدكتورة رقية المحارب والدكتورة نورة السعد، وكلتاهما من ذوات التوجه الإسلامي المحافظ ويعملان أستاذتين جامعيتين.
وأبدى الكاتب جمال خاشقجي، وهو الذي مُنع مؤخراً من الكتابة مرة أخرى في صحيفة “الحياة”؛ بسبب تغريدة عن إلصاق تهمة الإرهاب بكل ما له علاقة بالإخوان المسلمين، استغرابه من اعتقال عصام الزامل في هاشتاغ يحمل اسم الزامل، فيما رفضت المعارضة الأكاديمية مضاوي الرشيد ما يعتقده النظام بأن كل معارضة سببها دول مثل قطر وإيران.
تسريبات التوقيفات
على صعيد التسريبات المتداولة على “تويتر”، تحدّثت المعلومات عن اعتقال خالد بن فهد العودة وعبدالله المالكي ومحمد موسى الشريف والشيخ عبدالعزيز العبد اللطيف ومتعب بن عبدالله والكاتب عبدالله المزهل والصحفي سامي الثبيتي والمغرّد البناخي.
ويقول ناشطو حراك 15 سبتمبر إن تحركاتهم تهدف إلى “معالجة الفقر والبطالة وأزمة السكن، ورفع الظلم عن المرأة، وتحسين مستوى الخدمات، وإطلاق المعتقلين”.
ويقول هؤلاء النشطاء إن “تعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد يدفعنا إلى مضاعفة الجهد للحراك ، حماية لبلادنا من هذا الطائش الذي يورد بلادنا المهالك”.
ولم تقتصر دائرة تأييد تلك الدعوات على الرموز “الإخوانية” التي عادة ما تتحمس لتحركات كهذه، بل اتسعت لتشمل شخصيات مستقلة، من مثل الإعلامي غانم الدوسري، الذي شهد التفاعل مع منشوراتها المناوئة للنظام السعودي قفزة ملحوظة في الأشهر القليلة الماضية، حتى اليوم أحد أبرز الوجوه المؤثرة في شريحة الشباب ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.
عن موقع العهد الاخباري

 

قد يعجبك ايضا