إلى من يهمه الأمر

 

 

أشواق مهدي دومان
النت صناعة استهلاكية،وإن لم يستثمر بحدود وقيم القرآن تحوّل إلى سرطان ينخر مجتمعنا الإيماني ، وأصبح إلى جانب استهلاكيته للمادة ، مستهلكا ومهلكا للعقول والقلوب ،فكان خنجرا مسموما يرتدّ بعنف على صاحبه..
يروعني ويهولني ما أسمعه وأراه من استدراج للقيم الأسمى ،فباسم الصّداقة يتعارف الرّجل بالمرأة ليس تعارفا قيميا محصورا في صفحة عامّة يتم فيها نقاش جماعي كأنّه في محاضرة أو درس في صرح علمي مقدّس أصدق ما فيه أنّه لا يكون في الظلام ؛ فكل شيء في الظلام يكون فيه الشيطان حاضرا ، فالشيطان يخشى النّور والله نور السّماوات والأرض ، والله هو من حرّم الخلوة بين الغرباء ، ووسائل التواصل الاجتماعي باب من أبواب الخلوة غير الشرعية (بين الرجال والنساء الغرباء) ففيها تختلي الأرواح ،والروح مربط الفرس ،فالجسد ما هو إلا موظّف بسيط يأتمر بما تمليه عليه الروح..
وباعتبار خلوة أي رجل غريب بامرأة غريبة عنه من خلال النت غيرشرعية (من نظري ) مصيبة ، تبدأ بتقزيم نهج الله وتصغير للعظيم وتحقيره من خلال الأحاديث الجانبية التي تسمّى نجوى وتناجي فلو تناجى اثنان فثالثهما الشيطان ، وبالخلوة الفيسبوكيّة يتمّ تمزيق كل قيمة جميلة ،فعند اختلاء الأرواح ببعضها يكون مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ،ليس من الجنّة ولكنّه سراب يخيّل لهما وما هو إلا هلام عالم الجنّة ، فهناك علاقات وهمية عن طريق شيطان أخرس اسمه الماسنجر والواتس آب والتلجرام والانستغرام والتانجو و…و…الخ ..
وهناك يتم التعارف اللاشرعي،وتبادل التصابيح والتّماسي بالورد وشقائقه ،ويتم الانجرار للعشق الممنوع ، فرجل غريب يحادث امرأة غريبة باسم الصداقة تارة ،و باسم الزمالة تارة، وباسم العمل ، وباسم وباسم …إلخ.
وكلها مبررات تخرج النفس اللوّامة من دائرة اللوم والإحساس بالذنب، ورقابة الذات إلى تهوين واستخفاف بقيم العفاف ، والنّأي عن مواطن المروءة ؛ حيث تبدأ العلاقة وتنحو وتستظل تحت عناوين منها :
1-أعجبت برقة مشاعرك
2-أعجبت بقوة شخصيتك
3-أعجبت بصورك المنتقاة المعبّرة
4-أعجبت بالروح التي تحملها أو تحملينها ، وفي النّهاية قد تعلقت روحي بك وافتتنت بها ،،وأنا الأعزب الذي أبحث عن زوجة وفتاة أحلامي التي عافت نفسي أسلوب زواج جدّي وجدتي التقليدي الذي ما عاد يناسبنا في عصر التكنولوجيا ..
أريد أن أختار شريك-شريكة حياتي بنفسي ،فالنّية للزواج موجودة ،وما أجمله بعد قصّة حبّ تسهرنا الليالي وتبكينا وتعذبنا ؛ فالحبّ عذاب وإن لم يكن عذابا فليس حبا ولكنّه ملل ، وزواج تقليدي متخلّف على طريقة زمان …
يتعارفان في عالم خيالي واسع يتم فيه التجميل والغرر و…الخ ،فقد تعلقت الروح بالروح وماعاد إلا خطبة ،ونتمنى التوفيق وصلاح الّشأن بزواج مقدّس وإن كانت العفة والحياء قد نزعت كلّ بركة ومباركة من الله ، فموجبات العشق لا تخلو من ألفاظ الرّومانسية ،والهيام، والغرام الذي يكسر كل سياج الحياء والعفّة والطّهر ، فيتم التواعد باللقاء للاطمئنان للآخر ،ومن موعد لموعد ومن رومانسية إلى رومانسية لتذوب كلّ قيم القرآن،،
وباسم الحبّ والسعي للزواج يطلب فارس الأحلام من أميرته (التي شغف بها وشغفت به ) أن ترسل صورتها ويرسل صورته خاصّة واسمه في الفيس ملفت واسمها كذلك وكلاهما يضع صورة أجمل مايكون ، وعليه فقد تخيل كلاهما صاحبه بأنّه روميو وهي جوليت ، ولو تمّ ذلك فندعو الله لهما بتمام زواج شرعي مقدّس ، وأن يغفر لهما تواصلا غير شرعي مثله كمثل الرّبا وقد أحل الله البيع وحرّم الرّبا الذي به غرر ونصب،وسرقة واحتيال فقد احتال كلاهما على الرقيب الجبار الصبور الذي يمهل ولا يهمل ،
نعم : قد يتم زواج ومبارك لو كان، ولكنّ مابعد الزواج ،قد تنتهي تلك الرّومانسية وتبدأ حياة جهنميّة ،ففيها
قد يعمل الوسواس في أحدهما أو كليهما ويبدأ الشّك يزلزل ذلك الحبّ وبحديث النفس المذنبة التي تفقد ثقتها بذاتها حين كانت البداية خطأ ، فمراسلات وعشق في الظلام تم فيه خيانة الله، والذات، والأب، والأم ،وكل سنوات تربيتهما في مجتمع يمني، محافظ ،متمسك بالحياء،والحشمة ،والصون ،ولكنّ الشّك القاتل الذي بعثه تجاوز الخطوط الحمراء لأوامر الله ونواهيه وتعدي أعراف هذا المجتمع الذي يعتز بالقبيلة والشهامة ، التي راحت مع التجاوز لــ :
1-أن تأتوا البيوت من أبوابها
2-لا تواعدوهن سرّا
3- عفّوا تعفّ نساؤكم
4- لاترمِ بيوت الناس وبيتك من زجاج
5- راسلتني أو راسلني يعني قد راسل أو راسلت غيري ،و قد كانت،أو كان سهل الاستدراج،إذن سأراقب هاتفها – هاتفه ، فقد تخونني وقد خانت تربية والدها حين تسلسلت وتماهت معي فأنا لن أعطيها ثقتي أبدا ،وهي كذلك ،فتبدأ الاتهامات والتجريح والشّك وتبادل التهم والشكاوى وقد يكون ثمرة زواجهما طفل تصرعه عواصف الشّك بين أبويه اللذين كان الطلاق آخر العلاج لهما كروحين لم تستطيعا تجاوز النزعة البشرية في سوء الظن الذي بعضه إثم، وبهذا تنتهي قصّة بتفكّك أسرة ، وهذه مصيبة
وأما الأفظع منها ،والأقبح، والأحقر أن يجمع النت رجل متزوج وامرأة متزوجة وهنا قمة الخبث والنكران فهو يبخل بكلام الحب لزوجته ويخرج ما اختزنه فؤاده من غرام لصديقته الفيسبوكية التي تتظاهر بالمظلومية ولو كانت عزباء فهي خائنة لنفسها ولوالديها ولدينها ،ولو كانت متزوجة فهي الأشنع والأحقر وكلتاهما خائنة ، لنعود إليها فقد خانها الزمن وجار عليها وقد وجدت من تبوح له بهمومها ،ويبدأ عشق مجرم ، ويكون الطلاق العاطفي بين الأزواج ؛ فهو يهجر زوجه ،ويشح بعاطفته نحوها؛ ويشبع عاطفة صديقته المحرومة من الحنان ،وهكذا تمرّ حلقات مفرغة تدور بالهلاك والضياع الذي يتبعه ضياع، وخسران يتلوه خسران ،فتعلم زوجته بالأمر فترحل إلى بيت أهلها تاركة أولادها لرجل عاشق لغيرها ،وكثيرا مايرمي زوجته ليتزوج صديقة الفيس بوك ويرمى فلذات الأكباد للقهر والزمن والهجر والضياع والتفكك وكما يقال يضيع الأبناء و(يسيروا بين الدّقتين )، وتضيع مع القيم المجتمعات التي كانت متماسكة لا يعرف فيها الرجل حبيبة له سوى زوجته التي تزوجها على طريقة جده وجدته باطمئنان لاختيار أمه أو غيرها حين كانت العفة معيار القبول بعيدا عن هلام وضياع صناعة النت الخبيثة لمن انجر وراء الخلوة غير الشرعية وأضاع أمةً كاملة ..
ندائي لعلماء،ووجهاء ومفتين وفقهاء :
انطقوا بالحق ولا نريد سواه ،أخبروهم وأخبروهن أنّ التواصل الاجتماعي بعيدا عن أعين النّاس هو خلوة غير شرعية وهي محرّمة ،لو آمنتم بما أؤمن به ، ولتقنعوني (ومن على شاكلتي) إن كانت نظرتي قاصرة أو متزمتة فتصدروا فتوى تحلل تواصلا في ظلام الخلوة وتقنعونني بأن النفس البشرية نفس ملائكية لا تنجرّ وراء الهفوات..
أيها المسؤولون عن الأمة : افتونا في الأمر فالمجتمع ينهار أخلاقيا والعدو متربّص بنا ريب المنون ،،
ومنّي لكم التّحية والسّلام..

قد يعجبك ايضا